فى الذكرى الثانية لرحيل أخى الحبيب "نبيل"، والتى حلت يوم الجمعة الماضى استدعيه بعد أن غيبه الموت بعد مسيرة حافلة من العطاء، لأقول له: ( سلام عليك وأنت فى ذمة الرحمن). سلام عليك بعد أن كرّست حياتك لخدمة الوطن الذى عشقته حتى الثمالة، وحاربت من أجله فى معركتين. معركة تحرير الأرض عندما شاركت فى حرب السادس من أكتوبر 73، ومعركة تكوين العقل من خلال احتضان فكرة تأسيس هذا الصرح العظيم وهو معهد تكنولوجيا المعلومات الذى كنت أحد مؤسسيه فى عام 1993 والذى كان مظلة كبرى لعدد متنوع من التخصصات، ومن بينها هندسة البرمجيات، وتخصص الذكاء الاصطناعى.
إنه أخى اللواء أركان حرب الدكتور" نبيل سعيد" أحد الآباء المؤسسين لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. تخرج في الكلية الحربية، وشارك فى حرب أكتوبر. حصل على درجة الدكتوراة من أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية. وبعد التقاعد من الخدمة العسكرية بدأت معه مرحلة بالغة الأهمية عندما عين مديرًا لمركز التدريب على تكنولوجيا المعلومات التابع لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ليتحول بعدها هذا الكيان الجديد إلى صرح ضخم يحمل اسم "معهد تكنولوجيا المعلومات"، ويلتحق به خريجو الجامعات من أجل تدريبهم، وتأهيلهم لخوض ميدان العمل. ونجح أخى فى إدارة العمل حيث كان رحمه الله مترفعًا عن الصغائر، معتز بكرامته، يدير العمل بمنتهى الانضباط والجدية.
فى ذكرى مرور عامين على رحيله أقول له: ( لن أنساك ما حييت. رحمك الله يا أخى وأسكنك جنات النعيم ). كنت ألجأ اليك فى كل وقت. واليوم أشعر بفراغ قاتل لكوني بدون وجودك معى. أشتاق إليك أخى الحبيب. صحيح أنك رحلت عن الدنيا ولكنك ما زلت معي، ففى كل مكان طيفك لا يفارقني. كنت بلسمًا لى. واليوم ومنذ رحيلك تساقطت كل الأشياء أمامى كأوراق الشجر فى الخريف. رحمك الله وأسكنك جنات النعيم. اليوم أشعر بفراغ قاتل لكونك لست معى. أشتاق إليك شوقًا لا يضارعه أى شوق فى الوجود، شوق لا تطفئه السنين.. بفقدك فقدت الأب والصاحب، والمعين والسند فى الحياة. إنها قصة ألم تمر بى منذ رحيلك. ألم الفراق للغالى الذى اوجعني رحيله. بيد أن صورتك فى عيونى دومًا، فهى لا تغيب عنى أبدًا. ونبرة صوتك معى تحيط بي في كل مكان.
أخى الراحل إلى السماء تركت شوقًا لا تطفئه السنين، وذكرى لا تمحوها الأيام. أعلم أنك لن تعود إلى دنيانا، ولكنى أرجو من الله جل شأنه أن يجمعنى معك فى الجنة، وأن أراك ضاحكًا مستبشرًا بما حباك الله من نعيم الإيمان، وترف الرضا عليك. سأظل أروى روحك بالدعاء إلى أن ألقاك فى الجنة بإذن المولى عز وجل. رحمك الله يا أغلى الأحباب رحمة واسعة تجيرك من النار، وتدخلك فى رحاب جنة الفردوس.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
حكم الشرع في تلقين الميت بعد دفنه
يُسنّ تلقين الميت بعد الدفن؛ لما رُوي عن راشد بن سعد وضمرة بن حبيب وحكيم بن عمير -وهم من قدماء التابعين من أهل حمص- قالوا: "إذا سُوي على الميت قبرُه وانصرف الناس عنه كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره: يا فلان، قل: لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، ثلاث مرات، يا فلان، قل: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ثم ينصرف" رواه سعيد بن منصور في "سننه".
حكم تلقين الميت بعد الدفنورُوي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: "إذا أنا متّ فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نصنع بموتانا؛ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «إِذَا مَاتَ أَحَدٌ مِنْ إِخْوَانِكُمْ، فَسَوَّيْتُمِ التُّرَابَ عَلَى قَبْرِهِ، فَلْيَقُمْ أَحَدُكُمْ عَلَى رَأْسِ قَبْرِهِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: يَا فُلَانَ ابْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُهُ وَلَا يُجِيبُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانَ بْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَسْتَوِي قَاعِدًا، ثُمَّ يَقُولُ: يَا فُلَانَ ابْنَ فُلَانَةَ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: أَرْشِدْنَا رَحِمَكَ اللهُ، وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ. فَلْيَقُلْ: اذْكُرْ مَا خَرَجْتَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا؛ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّكَ رَضِيتَ بِاللهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، وَبِالْقُرْآنِ إِمَامًا، فَإِنَّ مُنْكَرًا وَنَكِيرًا يَأْخُذُ كُلّ وَاحِدٌ بِيَدِ صَاحِبِهِ وَيَقُولُ: انْطَلِقْ بِنَا مَا يُقْعِدُنا عِنْدَ مَنْ لُقِّنَ حُجَّتَهُ، ويَكُونُ اللهُ تعالى حُجَّتَهُ دُونَهُمَا». فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أُمَّهُ؟ قَالَ: «ينْسُبُهُ إِلَى أُمِّهِ حَوَّاءَ، يَا فُلَانَ بْنَ حَوَّاءَ» رواه الطبراني في "الكبير" وابن شاهين وغيرهما.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وإسناده صالح، وقد قوّاه الضياء في "أحكامه".
وقال الإمام النووي في "الروضة" (2/ 138، ط. المكتب الإسلامي-بيروت): [والحديث الوارد فيه ضعيف، لكن أحاديث الفضائل يُتسامح فيها عند أهل العلم من المحدِّثين وغيرهم، وقد اعتضد هذا الحديث بشواهد من الأحاديث الصحيحة، كحديث: (اسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ) ووصية عمرو بن العاص رضي الله عنه.. ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا التلقين من العصر الأول وفي زمن مَن يُقتدَى به] اهـ.
دفن الميت
وقد قال تعالى: ﴿وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الذاريات: 55]، وأحوج ما يكون العبد إلى التذكير في هذه الحالة.
وقال ابن القيم في كتاب "الروح" (ص: 13، ط. دار الكتب العلمية-بيروت): [جرى عليه عمل الناس قديمًا وإلى الآن، والحديث وإن لم يثبت فاتصال العمل به في سائر الأمصار والأعصار من غير إنكار كافٍ في العمل به، وما أجرى الله سبحانه وتعالى العادة قط بأن أمة طَبَّقَتْ مشارق الأرض ومغاربها وهي أكمل الأمم عقولًا وأوفرها معارف تُطْبِقُ على مخاطبة من لا يسمع ولا يعقل، وتستحسن ذلك لا ينكره منها منكِر، بل سَنَّهُ الأولُ للآخر، ويقتدي فيه الآخرُ بالأول] اهـ.