“بثينة وردينة”…فتيات في تعز يقاومن قسوة الحصار بصناعة النجاح
تاريخ النشر: 13th, February 2024 GMT
يمن مونيتور/ من هبة التبعي
تشهد اليمن في الآونة الأخيرة موجة من الإبداع والتطور في مجال افتتاح مشاريع جديدة تترأسها النساء في مختلف المجالات.
وبرزت المرأة كشخصية مستقلة وقوية فيها، تسطع بروح الريادة رغم التحديات الصعبة التي تواجهها، وتصنع من هذه الظروف إنجاز يُحتفى به ويعود عليها وعلى أسرتها والمجتمع بالنفع والفائدة، ومن بين هؤلاء النساء الرائدات، تبرز بثينة وردينة محمد الجرادي، صاحبتا فكرة مبتكرة ومشروع فريد.
بثينة وردينة، بعمرهما الشاب (27 و22 عامًا)، قررتا تحقيق حلمهما بإطلاق مشروع استثنائي يستحق الإشادة والإعجاب، وقامتا بتأسيس متجر “أيلول” في وادي القاضي بمحافظة تعز، وهو متجر فريد يتخصص في تنظيم حفلات الزفاف والمؤتمرات.
متجر “أيلول
“منذ نعومة أظفارنا، تعلمنا من والدينا العزيزين أهمية الاعتماد على أنفسنا، وهذا ما دفعنا دائمًا للتفكير في مشاريع صغيرة تمكننا من تحقيق دخلاً مناسبًا. وبفضل هذا التفكير الريادي، نجحنا في إنشاء متجر “أيلول” الذي يعد حلمنا المتحقق”، تشارك بثينة الجرادي موقع “يمن مونيتور” بهذه الكلمات.
وبعد تخرج بثينة من قسم المالية المصرفية في عام 2020، عملت في شركة “ابن آمين” للصرافة، بينما درست أختها ردينة هندسة الشبكات وعملت في مجال الدعاية والإعلان والطباعة منذ تخرجها من الثانوية.
وتتمتع بثينة بشغف في مجال الجرافيكس والتصميم، وتهوى التنسيق والديكور والأعمال اليدوية. ولم يكن اهتمام أختها بعيدًا، حيث قررتا مشاركة هذا الشغف المشترك وفتح صفحات شخصية على منصة فيسبوك لتقديم خدمات تنسيق الهدايا والتصاميم وتنظيم الحفلات. وبدأت الأسرة والأصدقاء الأقرب يتوجهون إليهما للاستفادة من خدماتهما.
وقررت بثينة التوقف عن عملها كصرافة، وقرار مماثل اتخذته أختها ردينة، حيث جمعتا مدخراتهما لتصبحا رأس مال لمتجر “أيلول” في العالم الحقيقي. وبفضل التفاني والاجتهاد، استطاعتا جذب انتباه العملاء وتوافدهم على المتجر بشكل متزايد.
عبق الإبداع
متجر “أيلول” من المتاجر النادرة جدًا في محافظة تعز، حيث يقدم خدمات كثيرة متكاملة من الصعب أن تجدها كلها تحت سقف واحد، والعجيب أن كل هذا تقوم به الأختان بثينة وردينة.
وتبهر ردينة الموقع بتفاصيلها، قائلة: “نحن نهتم بتصميم دعوات الزفاف، والإعلانات، وكل مستلزمات الحفلات والمناسبات، ونقدم خدمات تنسيق وتنظيم شاملة. بالإضافة إلى ذلك، لدينا زوايا مخصصة للتصوير ولورود طبيعية ساحرة. إننا العاملتان الوحيدتان في هذا المجال في متجرنا.”
وبابتهاج، تضيف ردينة: “كانت رحلتنا رحلة تحديات ومثابرة، ولم نتوقع أن يتجاوب العملاء بهذه القوة والترحيب بفكرتنا. نحن ممتنتان لله على جهودنا المستمرة للتطوير واكتساب المهارات والحرف التي رسختنا في هذا المشروع”.
صناعة من الصفر
إدراكًا منها للأهمية، رأت بثينة ضرورة امتلاكهما مشروعًا خاصًا يمكنهما استثمار مهاراتهما المكتسبة بشكل أفضل. وبعد التوافق مع شقيقتها، قررت إطلاق متجر “أيلول” كوسيلة لتحقيق الربح وتحقيق نقطة تحول مادي لهما.
تشرح بثينة: “حصلنا على تشجيع وترحيب من والدانا لفكرة مشروع المتجر، ولكننا واجهنا صعوبة في توفير مصادر المنتجات المناسبة للمتجر، وأيضًا لم يكن لدينا ما يكفي من المال لصنع الديكور والأثاث الفريد للمتجر في المحافظة.”
لذلك، قامت بثينة وردينة بصناعة الديكور بأنفسهما وبجهودهما الشخصية، بدءًا من الطلاء والتزيين وتنسيق الأثاث، وصولًا إلى صنع بعض العناصر يدويًا. قامتا أيضًا بزراعة أنواع نادرة من الورود بعد بذل جهود كبيرة للحصول على بذورها. وبفضل هذا الجهد المبذول، تمكنتا من تحقيق نتيجة مذهلة وأصبح مشروعهما ناجحًا.
متجر الغد
تتطلع بثينة وأختها إلى توسيع نطاق متجرهن “أيلول” وافتتاح فروع في المحافظات الأخرى، بهدف تشجيع النساء الأخريات على العمل والاعتماد على أنفسهن. يطمحن أيضًا إلى توظيف عاملات يعملن تحت إدارتهن.
وتعبّر ردينة بحماس: “أرى أن متجر أيلول سيكون مؤسسة كبيرة واستثنائية في السنوات المقبلة، مع توسعنا وتحت إدارتنا، سنحقق أرباحًا أخرى تمكننا من تأسيس مشاريع متنوعة يكون فيها النساء هن العاملات.”
بثينة تسعى لنشر رسالتها لكل امرأة، مطالبة إياهن بالعمل وتحقيق نجاحهن، دون تردد أو خوف من الفشل أو ردود الفعل السلبية من المجتمع، طالما أنهن يسلكن الطريق الصحيح نحو الاستقلالية والتميز.
وتعد النساء في اليمن رمزًا للقوة والإرادة في مواجهة التحديات والصعوبات الناتجة عن النزاعات المستمرة في البلاد.
وعلى رغم هذه التحديات الهائلة التي تواجهها نساء اليمن إلا أنهن أثبتن جدارتهن وعملن جاهدات لتحقيق النجاح والتغيير وتحسين ظروفهن وظروف مجتمعهن.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: تعز صناعة النجاح مشروع إيلول
إقرأ أيضاً:
“طلّت البارودة”… حين يغيب الرجال وتبكي البنادق دماً
صراحة نيوز ـ في زحمة الحكايات الفلسطينية المنسية، تقف أغنية “طلّت البارودة” شاهدة على عصرٍ من الألم والصمود، تعود أصولها إلى زمن الثورة الفلسطينية الكبرى ضد الاحتلال البريطاني ما بين عامي 1936 و1939، حيث كانت النساء يُغنينها تعبيرًا عن الفقد، وانتظار الغائب الذي ربما لن يعود.
الأغنية التي حفظها الوجدان الجمعي الفلسطيني، تقول في مطلعها:
طلّت البارودة والسبع ما طل
ما يْبنيك وبيِّنك سلسلة وِرْد
وبين رُحِت غادي يا أعرْ جْهادي
يا بوز البارودة من دمو مرتاش
حمرا يا أصيلة وبين رُحت غادي
في كلماتها، تتجلى المأساة اليومية للنساء اللواتي ودّعن أبناءهن وأزواجهن وأحبتهن إلى جبهات القتال، وغالبًا ما عدن وحدهن، يحملن البارودة كتذكار دامٍ، وكسلاح لم يعد لصاحبه. كانت الأغنية طقسًا جنائزيًا وشكلًا من أشكال الحداد الشعبي، تُغنّى حين تعود البندقية بلا جسد، ويُزفّ الرفيق إلى تراب الوطن.
يظهر من كلمات الأغنية وشرحها، أن هذا اللحن الشعبي كان يصوّر بدقة مشهد المرأة وهي تنتظر عودة الرجال، ثم تنهار حين تعود البنادق محمولة دون أصحابها. وبحسب ما ورد في التوثيق، فإن الناجين من المعارك كانوا يحملون أسلحة رفاقهم الشهداء ويعيدونها لعائلاتهم، في تقليد مؤلم يُعرف بـ”رجعة السلاح”.
“طلّت البارودة” ليست فقط أغنية، بل مرآة لذاكرة حزينة، تلخّص وجع الأمهات الفلسطينيات في مواجهة الموت، والفقد، والوطن المغتصب. هي نشيد من دم، لزمن كانت فيه البارودة تطل، ولا يطلّ الرفيق.