"أحفاد شعب اضطُهد يتحولون لمضطهِدين".. الفيلسوف الفرنسي إدغار موران يستنكر صمت العالم تجاه مأساة غزة
تاريخ النشر: 15th, February 2024 GMT
يمثّل الفيلسوف المُعمّر إدغار موران زعيم اليسار الإنساني في العالم بلا منازع، ولطالما دعا إلى "عدم نسيان القضايا العادلة"، واتخاذ موقف إنساني تجاه أولئك الذين يعانون "وفي الوقت الحالي هم في غزة" حسب قوله.
في الدورة الثانية لمهرجان مراكش للكتاب الإفريقي، وتحت عنوان "إدغار موران، شاهد على قرنين من الزمن، وبوصلة لزمننا الراهن"، نُظم لقاء مع الفيلسوف وعالم الاجتماع الفرنسي لاستحضار مواقفه من عدة قضايا راهنة، بما في ذلك العلاقات بين الشمال والجنوب، والعلاقة الخاصة التي تجمعه بالقارة الأفريقية.
وألقى مؤلف كتاب "ثقافة أوروبا وبربريتها" كلمة مؤثرة عن "المأساة المروعة" الجارية في غزة مستنكراً "صمت العالم".
وقال: "أنا مندهش وغاضب في نفس الوقت من أن أولئك الذين يمثلون أحفاد شعب تعرض للاضطهاد على مدى قرون لأسباب دينية أو عنصرية، أحفاد هذا الشعب هم اليوم صنّاع القرار في دولة إسرائيل، وهم لا يقومون فقط باستعمار شعب بأكمله وطرده جزئياً من أرضه، بل يسعون لطرده إلى الأبد".
وأضاف المفكر البالغ من العمر 102 عاماً: "بعد 7 أكتوبر، انخرطوا في مذبحة حقيقية بحق سكان غزة، مذبحة واسعة النطاق تستمر بلا هوادة".
ويُعرَف الفيلسوف الفرنسي ذو الأصول اليهودية الإسبانية (السفرديم) بمواقفه المؤيدة لحق الفلسطينيين في إقامة دولة خاصة بهم، وتسبب مقال نشره في صحيفة "لوموند "ندد فيه بالسياسة الإسرائيلية، إلى مثوله أمام المحكمة الفرنسية عام 2004.
ولطالما دعا موران لما سماها "عدم كراهية العدو" وقال "أنا خضت الحرب العالمية الثانية من دون كراهية للألمان. كنت أكره النازية وأيديولوجيتها، لكنني أعتقد أن المسألة الحقيقية هي عدم الاستسلام لهذه العملية الحتمية التي تؤدي إليها الفكرة الخاطئة بأننا نواجه وحوشاً دائماً، أو أناساً من الطبقة السفلية، أو حيوانات".
"تشات جي بي تي" ينال علامة "مقبول" عقب اختباره بمادة الفلسفة في فرنساشاهد: كان يفترض أنها آخر ملاذ آمن لهم.. شهادات فلسطينيين بعد ليلة دامية في رفح وحدها الولايات المتحدة القادرة على منع كارثة مقبلة في رفح ومنع إسرائيل من اجتياحها.. فلماذا لا تفعل؟وبخصوص الحرب على غزة، استنكر "صمت الولايات المتحدة، حامية إسرائيل، والدول العربية، والدول الأوروبية التي تدعي أنها مدافعة عن الثقافة الإنسانية وحقوق الإنسان".
وأضاف: " أعتقد أننا نعيش مأساة مروعة لأننا أيضاً عاجزون عن مواجهتها. لكن علينا على الأقل أن نكون شهوداً، الشهادة على ما يحدث هي المقاومة الوحيدة المتبقية لنا، علينا ألا ننخدع، وألاّ ننسى، ونتحلى بالشجاعة الكافية لمواجهة الأمور وجهاً لوجه".
???? Explorez en images les temps forts de la troisième journée du FLAM 2024.
Posted by Festival du Livre Africain de Marrakech - FLAM on Sunday, February 11, 2024جدير بالذكر أن إدغار موران متزوج بالباحثة المغربية صباح أبو السلام، ويُعرف بنصائحه المستمرة للأجيال الأصغر سناً، خاصة في كتابه "دروس قرن من الحياة" (2023)، الذي يقدّم أدوات فكرية وحججاً أخلاقية لتفكيك أزمات الإنسان المعاصر، ومحاولة رسم مسالك بديلة.
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية شاهد: قتلى وجرحى في قصف على مركز تجاري في بيلغورود الروسية شاهد: شاطئ غزة.. متنفس المحاصرين بين وحشة النزوح ومآسي الحرب قضية بيغماليون: الحكم على الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي بالسجن لمدة عام فرنسا قطاع غزة فلسفة الصراع الإسرائيلي الفلسطينيالمصدر: euronews
كلمات دلالية: فرنسا قطاع غزة فلسفة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل روسيا قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس الحرب في أوكرانيا فلاديمير بوتين احتجاجات طوفان الأقصى غزة فلسطين إسرائيل روسيا قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس الحرب في أوكرانيا یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
كريم وزيري يكتب: العدو الجديد يرتدي كودًا برمجيًا
هل نحن في سلام؟ أم أن الحرب تغيرت فقط شكلًا، وتسللت إلينا في صورة إشعار على الهاتف، أو عطل مفاجئ في محطات الكهرباء، أو إشاعة تشعل الرأي العام؟ ذلك السؤال لم يعد تنظيرًا فكريًا، بل صار واقعًا يوميًا نعيشه دون أن نشعر أننا نعيش تحت نيران نوع جديد من الحروب.
لم تعد الجيوش وحدها من تخوض المعارك، أنت أيضًا على الجبهة، سواء كنت طالبًا أو موظفًا أو حتى طفلًا يتصفح يوتيوب.. فأهلًا بك في عالم الحروب الجديدة… حيث لا طلقات، لكن الجثث حقيقية.
في الحروب القديمة، كان العدو يرتدي زيًا عسكريًا وتحمله دبابة، واليوم، العدو قد يكون هاكر يجلس في قبو مظلم على بُعد آلاف الكيلومترات، يدخل إلى شبكة الكهرباء، ويغلق مدينة كاملة في دقائق، أو ربما هو "بوت" مزروع على مواقع التواصل، يصنع انقسامات مجتمعية ويدفع الناس إلى صدامات أهلية دون أن يُطلق رصاصة.
مايكروسوفت نفسها أعلنت أنها تتعرض لـ 1000 محاولة اختراق يوميًا، فما بالك بدول كبرى؟ أو حتى اقتصادات ناشئة بلا حماية إلكترونية كافية؟ وحين اشتعلت الحرب الروسية الأوكرانية، انضمت وحدات إلكترونية عالمية إلى المعركة، من بينها مجموعات متطوعة مثل "أنونيموس". لم يكونوا جنودًا على الأرض، بل جنودًا خلف شاشات، يهاجمون مواقع حكومية، ويبثون رسائل دعائية، ويخترقون بث التلفزيون الروسي.
هذا النوع من الحرب يثبت أننا مقبلون على عصر يكون فيه الهكر أقوى من الجنرال… والمعلومة أخطر من القذيفة.
وتخيل أن دولة تُهاجِم دولة أخرى بالكامل باستخدام طائرات دون طيار، لا طيار، لا شهود، لا بصمة بشرية وهذا ما حدث في أذربيجان وأرمينيا، حين استخدمت باكو أسطولًا من درونز تركية وإسرائيلية الصنع، وحققت نصرًا خاطفًا في إقليم ناغورني كاراباخ.
الدرونز الآن تطير، ترصد، تقصف، وتعود… دون أن تُرصد، وأسوأ ما في الأمر؟ أنها رخيصة الثمن… متاحة حتى للجماعات المسلحة، لا فقط للدول.
وفي الحرب الحديثة، لا تكسب المعركة على الأرض فقط، بل في عقول الناس من يملك القصة… يملك الانتصار ولهذا، فإن السوشيال ميديا لم تعد وسيلة ترفيه، بل ساحة حرب نفسية.
الإشاعة الآن قادرة على إسقاط وزير، أو إشعال فتنة طائفية، أو حتى الضغط على دولة لتغيير سياستها الخارجية وكل ذلك يتم عبر حسابات وهمية، و"تريندات" مصنوعة، ومقاطع فيديو مُفبركة بدقة الذكاء الاصطناعي.
أمريكا، الصين، روسيا، الهند… كلهم يتنافسون على تسليح الفضاء والأقمار الصناعية أصبحت أعين الجيوش وآذانها. ومن يتحكم في السماء، يستطيع أن يرى كل شيء، ويضرب في أي لحظة، والصراع الآن لم يعد فقط من سيملك الأرض، بل من سيحكم المدار.
حتى أن أمريكا أنشأت رسميًا فرعًا جديدًا في جيشها باسم "قوة الفضاء"، ليس فقط للاستكشاف، بل للدفاع والهجوم الفضائي.
مياه، غذاء، طاقة… ثلاثي بدأ يُشعل صراعات من نوع جديد، سد النهضة في إفريقيا، أزمة الغاز في شرق المتوسط، جفاف الأراضي الزراعية في جنوب آسيا… كل ذلك مؤشرات على أن الحروب المستقبلية ستكون على الموارد، لا على الأيديولوجيا والمقلق أن التغير المناخي يزيد من حدة هذه الأزمات، ويجعل الصدام مسألة وقت، لا احتمال.
وسابقا كان السلاح النووي رادعًا لأنه يؤدي إلى "نهاية العالم" واليوم، يتم تطوير رؤوس نووية صغيرة Tactical Nukes، يمكن استخدامها في ساحة المعركة دون تدمير شامل، لكن بأثر نفسي هائل، والمخيف؟ أن بعض الدول تدرس استخدامها كسيناريو واقعي… لا خيالي.
وبالتالب المعركة القادمة لن تطلب منك حمل السلاح، لكن قد تطلب منك كلمة سر قوية لحسابك البنكي لن تستدعيك للخدمة، لكنها قد تسحب منك الكهرباء، الإنترنت، أو الحقيقة.
في زمن الحرب الجديدة، أنت الجندي حتى لو لم تكن تدري ولذلك، فالمعادلة الآن تغيرت، الدفاع لا يعني فقط حدود محمية، بل عقول محصنة، ووعي يقظ، وذاكرة لا تُخدع.