كاتبة أمريكية: نازحو رفح لا إلى مصر ولا إلى ديارهم.. هل ستلقيهم إسرائيل في البحر؟
تاريخ النشر: 16th, February 2024 GMT
ما يحدث في قطاع غزة فيما يتعلق بنزوح السكان داخليا بسبب العدوان الإسرائيلي غير مسبوق في الصراعات على مستوى العالم، فبينما كان هناك متنفس للنازحين في الصراعات العالمية للتحرك داخل إقليم الحرب أو خارجه عبر الحدود، فإن سكان غزة لا يوجد لهم مكان آخر يستطيعون الذهاب إليه خارج منطقة الحرب، بسبب الحصار المشدد المفروض عليهم من إسرائيل ومصر، ما أسفر عن وضع متفرد ومؤلم من المعاناة.
ما سبق كان خلاصة تقرير كتبته كيلسي نورمان، مديرة برنامج حقوق المرأة وحقوق الإنسان واللاجئين في معهد بيكر للسياسة العامة، ونشره "المركز العربي واشنطن دي سي".
وتقول كيلسي إن عدد النازحين داخلياً على مستوى العالم قد تضاعف تقريباً ليصل إلى 63 مليوناً، ومع ذلك، فإن حالة النزوح الداخلي في غزة اليوم غير مسبوقة، بحسب ما ترجمه "الخليج الجديد".
اقرأ أيضاً
تحذير أممي من هجوم إسرائيلي على رفح: سيؤدي إلى مذبحة وكارثة إنسانية
معاناة فريدة من نوعهاوتضيف: لا يرجع ذلك فقط إلى حجم النزوح، حيث يضطر 80% من سكان القطاع (1.9 مليون شخص) إلى مغادرة منازلهم، كما أنها فريدة من نوعها من حيث أن سكان غزة ليس لديهم، بالمعنى الحرفي للكلمة، مكان يذهبون إليه.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وما تلاها من قصف إسرائيلي وغزو بري لغزة، لم يتمكن سوى نحو 400 من مواطني غزة مزدوجي الجنسية وحفنة من الفلسطينيين المصابين بجروح خطيرة من العبور إلى مصر.
أُجبرت الغالبية العظمى من سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة لأول مرة على الفرار إلى النصف الجنوبي من القطاع في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وأحيت مشاهد نزوحهم صور نكبة الفلسطينيين التاريخية، تقول الكاتبة.
وبعد أن تركز النازحون في خان يونس، جنوبي القطاع، دهمهم جيش الاحتلال الإسرائيلي في أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأجبرهم على النزوح مجددا إل أقصى الجنوب في رفح في حراك استمر حتى يناير/كانون الثاني الماضي.
اقرأ أيضاً
بيان مشترك.. كندا وأستراليا ونيوزيلندا تدعو لوقف النار بغزة وتحذر من ضرب رفح
وتحت ضغط من الحكومة الأمريكية لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين، أصدرت إسرائيل "خريطة منطقة الإخلاء" التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي والتي قسمت القطاع إلى شبكات وأخبرت الفلسطينيين النازحين بالمناطق التي يجب الانتقال إليها ومتى.
وتقول الكاتبة إنه كان من الصعب للغاية قراءة الخريطة على أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة - خاصة مع الانقطاع الدوري للكهرباء والخدمات الخلوية في غزة - وتبين أن تعليمات الخريطة صعبة الفهم أو متناقضة، حيث كانت المناطق التي يُزعم أنها تعتبر آمنة عرضة للقصف الجوي.
كارثة رفحوتستضيف رفح الآن، الواقعة على الحدود المصرية، أكثر من 1.3 مليون شخص يمثلون أكثر من نصف سكان قطاع غزة، في الوقت الذي كانت فيه المنطقة يعيش بها قبل الحرب 280 ألف نسمة فقط، وقد أدى اكتظاظها الحالي إلى نقص حاد في المأوى والغذاء والمياه ومرافق الصرف الصحي.
غزة وحماة وسراييفووتقارن الكاتبة ما يحدث في غزة بما حدث في مدينة حماة السورية عام 1982 عندما اجتاحها جيش رئيس النظام السوري حافظ الأسد لقمع الإخوان المسلمين داخلها، وسواها بالأرض خلال ثلاثة أسابيع، لكن الأسد أمهل السكان فترة للفرار خارج المدينة، قبل اجتياحها واعتبر أن من سيبقى داخلها عقب تلك المهلة هو من الإخوان.
وتقول الكاتبة إن ذلك الخيار حتى لم يتح لأهالي غزة الذين لم يسمح لهم بالفرار خارج القطاع.
اقرأ أيضاً
نتنياهو يتوعد بعملية قوية في رفح ويؤكد: لن نخضع لشروط حماس
وتضيف: خارج الشرق الأوسط، أدى الحصار الذي فرضه الجيش الصربي على سراييفو في الفترة 1992-1996 إلى حصار السكان المدنيين، وأغلبهم من عرقية البوشناق، وعرضهم للقصف والقتل المستهدف من قبل القناصة.
ومثلها كمثل غزة اليوم، عانت سراييفو أشهراً من دون غاز أو كهرباء أو ماء خلال مراحل مختلفة من الحرب، وفي نهاية المطاف تشير التقديرات إلى أن ما يقرب من 10 آلاف شخص قُتلوا أثناء الحصار.
ولكن خلافاً لما حدث في غزة، فإن "نفق الأمل" في سراييفو ــ وهو ممر تحت الأرض يمتد من داخل المدينة، تحت مطارها، إلى ما وراء المنطقة المحاصرة ــ سمح للأفراد المصابين وغيرهم بالفرار إلى بر الأمان.
لهذا كان الوضع في غزة "فريدا من نوعه"، على حد وصف الكاتبة.
اقرأ أيضاً
كاتبة تهاجم الأمم المتحدة بسبب تفاعلها مع مجزرة رفح: متواطئة في تهجير الفلسطينيين وقتلهم
خيار صعبوما بين رغبة إسرائيل في إخلاء غزة من سكانها كهدف سياسي وأمني استراتيجي ورفض مصر لهذا الهدف بإصرار، يجد النازحون في رفح أنفسهم أمام خيار شديد الحساسية والصعوبة، كما تقول الكاتبة.
لذلك، تبدي كيلسي تعجبها من اقتصار التحليلات على بحث مستقبل غزة سياسيا وليس إنسانيا، معتبرة أن مستقبل القطاع على المستوى الإنساني هو الذي يجب أن يشغل الجميع الآن.
وتتساءل الكاتبة: إلى أين سيدفع جيش الاحتلال الإسرائيلي هذه الأعداد الضخمة من النازحين عندما يغزو رفح بريا؟، في ظل استمرار رفض قيادات بالاحتلال لإرجاعهم إلى مناطق الشمال والوسط في القطاع، هل سيرميهم في البحر المتوسط؟
المصدر | كيلسي نورمان / المركز العربي واشنطن دي سي - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة رفح نازحين تهجير حرب غزة معاناة اقرأ أیضا فی غزة
إقرأ أيضاً:
الكاتبة الأردنية ميرڤت الأحمد .. اكتب لإيماني بقوة الكلمة وقدرتها على التغيير وإضاءة الطريق
#سواليف
بين #الكلمات تتشكل #العوالم والأحداث ، وفي عمق #السرد تولد الأسئلة… من الكتاب من يعبرون بالحكاية، وآخرون ينسجون #الحكاية لتكون مرآةً لفكر أكثر عمقا وجرأة
الكاتبة الأردنية #ميرڤت_الأحمد، صاحبة القلم المبدع والتي لها القدرة على الإمساك بخيوط اللغة لتغزل بها نصوصًا تتجاوز الجمال السردي وتغوص في دهاليز الفلسفة والوجدان. لغتها مفعمة بالإيحاء، وسردها منساب بعذوبة، تكتب من الداخل، من حيث يتقاطع الواقع مع الخيال، والتجربة مع التأمل.
كاتبة تُجيد الإنصات لما لا يُقال، ثم تعيده إلينا بحروف مشعة، باسلوب سردي قوي وحبكة محكمة. كتاباتها تمنحنا أدبًا لا يُكتفى بقراءته، بل يُعاد التفكير فيه.
وقد بدا هذا الحس الأدبي العميق واضحًا في إجاباتها خلال هذا الحوار؛ حيث الوضوح ، والجمال ذاته الذي تكتبه على الورق. حوار مختلف مع كاتبة تُشبه كتاباتها: صادقة، وذات رؤية .
الكاتبة والروائية ميرڤت الاحمد نرحب بك في البداية أود ان تخبرينا
١- كيف تصفين علاقتك بالكتابة:
اهلا بك وشكرا على الاستضافة
الكتابة بالنسبة لي هي المساحة الحرة التي نعبر من خلالها عما في الداخل، فهي وسيلتي لفهم الواقع و إعادة تشكيله، اكتب لإيماني بقوة الكلمة وقدرتها على التغيير وإضاءة الطريق ..
٢- ما رأيك في التحديات التي تواجه الكتابة العربية اليوم.
بالطبع، هناك الكثير من التحديات على أكثر من مستوى: النشر، التسويق، الترجمة، وحتى تقبّل الفكر الجريء والمختلف من المتلقي. لكن هناك دائمًا فرص جديدة، خاصة مع انتشار المنصات الرقمية. ويبقى التحدي الأكبر هو الحفاظ على الصدق الإبداعي والمهنية وسط كل هذا الصخب، دون الانجراف وراء التوجهات السريعة أو إرضاء الذوق السائد على حساب العمق وصدق الكلمة.
٣- هل تعتبرين الكتابة واجبًا ورسالة أكثر، أم أنها إلهام يأتي بشكل عفوي؟
هي مزيج من الأمرين، ويعتمد ذلك على الجنس الأدبي بالطبع: شعر، قصة، أو رواية. بالنسبة لي، أفضل أن أكتب فقط عندما تختمر الفكرة تمامًا وتُلِحّ للخروج. لا أحبذ الاستعجال أبدًا، ولا أركّز على الكمية أو عدد الأعمال إطلاقًا
4- في أعمالك، نلمس قدرة مميزة و لافتة على المزج بين الواقع، والفانتازيا، والفلسفة بطريقة انسيابية محكمة . هل هذا الأسلوب خيار متعمّد تحبذين اتباعه، أم أنه نتيجة تلقائية تنبع من تلقائية الكتابة وصدقها؟
أشكر لك هذا الوصف. في الحقيقة، هذا الأسلوب ليس نتيجة خطة مسبقة أتبِعها، بل هو اللغة التي أجد نفسي فيها، والتي تَشكّلت نتيجة قراءات وأفكار معينة. فكل ما نقرأه يتسرّب إلى خلفياتنا الذهنية ويؤثر في طريقتنا وأسلوبنا في الطرح دون أن نشعر.
تخرج الكلمات تلقائيًا حين أبدأ في الكتابة، دون أن أفكّر فيها كثيرًا، حتى لا يبدو الطرح متكلّفًا وأفقد صدق التعبير.
لا أكتب لأصف الواقع كما هو، بل لأعيد تأمّله عبر مرآة الخيال، ولأضيء زواياه المعتمة.
أما الفانتازيا، فليست بالنسبة لي هروبًا من الواقع، بل وسيلة لقراءته بطريقة أكثر تجردًا وعمقًا، ووسيلة لمنحي مساحة أوسع للتعبير عن القضايا التي أؤمن بها دون أن أكون مقيّدة بحدود الواقع المباشر.
٥- مؤخرا شاركتي في مؤتمر دولي في مدينة فالنسيا الاسباينة وقدمت ورقة علمية ما الخط المشترك بين الكتابة الادبية والبحث العلمي:
اعتقد انها كلها تصب بنفس المكان والرواية تشبه البحث العلمي في جوانب معينة فكلاهما قائمة على السعي لتحقيق هدف معين لكن بأسلوب مختلف في البحث تحاول العودة للمصادر ومراجع واختبار الواقع وهي قائمة على الادلة و البراهين وفي الرواية خصوصا التاريخية منها عندما تتحدث عن مكان وزمان معين لابد من قراءته والاضطلاع على ظروفة جيدا حتى تكون روايتك اكثر مصداقية وكلاهما رحلة نحو الاضافة الجيدة لعالمنا
٦-روايتك “زُوَّار” لاقت إعجابًا نقديًا لما تحمله من طابع فلسفي وخيال إنساني مميز. ما الذي ألهمك لكتابة هذه الرواية؟
“زُوَّار” جاءت من تأمل عميق في الواقع، ومن شخصيات قابلتها بالفعل، عبّرت لي بطريقتها عن مفهوم الغربة، لا بمعناها الجغرافي فحسب، بل بمعناها الوجودي أيضًا. كنت أفكر كثيرًا في الهويات التي نحملها، وفي الجوهر المشترك بيننا كبشر رغم اختلافاتنا الظاهرة. وعبرت الرواية عن تساؤلات عدة مثل: من نحن فعلًا؟ وماذا لو كنا “زُوَّارًا” في هذا العالم؟ الرواية هي محاولة لإعادة طرح هذه الأسئلة بأسلوب أدبي وخيالي، ومحاولة لتسليط الضوء على جوهر الإنسان، وانتماءه الحقيقي والمصدر الذي يستمد منه قوته باختلاف معتقداته وانتماءاته وتنوع أطيافه.
٧- سر حضور قضايا اللجوء واللاجئين في روايتك “زُوَّار” والمجموعة القصصية “قلب من أراكان”، التي عُرضت في العديد من المعارض والمحافل عربيًا وفي الخارج
كما أخبرتك سابقًا، الأدب في رأيي رسالة قبل أن يكون متعة، ويجب أن يتطرق إلى القضايا الإنسانية خصوصا الملحة، وعلى رأسها قضايا اللجوء والاغتراب، لما تحمله من معاناة مركّبة تمسّ الإنسان في كرامته وهويته وانتمائه.
في “زُوَّار” و”قلب من أراكان”، حاولت أن أُعبّر عن تلك الأصوات ، لا من باب الشفقة أو التعاطف ، بل من باب اخذ موقف ودور ولو كان بسيطا فيما يتعرض له الانسان من محاولة لقمعه واخذ حقه وانتهاك حريته. واللجوء طبعا ليس فقط انتقالًا من وطن إلى آخر، بل هو أيضًا حالة وجدانية يعيشها الإنسان حين يشعر بالغربة عن ذاته أو عن العالم من حوله،، وهذا ما أردت أن أستحضره في نصوصي وقد كانت هذه الشخصيات رغم ظروفها مصدرا مشعا بالقوة والأمل.
٨-:هل ترمز شخصيات روايتك إلى قضايا أو مفاهيم معينة، وهل تعمّدت تركها مفتوحة لتأويل القارئ؟
كل شخصية، حتى وإن بدت بسيطة، تحمل بداخلها قضية أو رمزًا معيّنًا. أحاول أن أجعل الشخصيات مرآة لحالات إنسانية مختلفة، بعضها يمثل التشتّت، أو الغربة، أو البحث عن الذات. لا أقدّم الرموز بشكل مباشر، فالمجال متروك للقارئ وحرية تأويله. أعتقد أن المعنى الحقيقي يتبلور في المسافة بين الكاتب والنص، وبين القارئ وتأويله.
فنتاشا في رواية زُوَّار قد ترمز إلى نفس كارما المشتتة، وحين وجدتها في نهاية المطاف ، وجدت ذاتها التائهة.
٩- في أعمالك كأنك تأكدين على أهمية تقبل الآخر وهذا يقودني للسؤال هل أنت مع حوار الحضارات أم حوار الثقافات خصوصا في ظل الثورات العربية ؟
أنا مع كِليهما ، فكمل منهما مكمل للآخر.
فنحن نحتاج إلى حوار الحضارات في ظل التغيرات الأخيرة حيث أن قضايانا تتجاوز التفاصيل اليومية إلى قضايا أكبر منها كقيم العدالة، وحقوق الإنسان، وموقعنا في العالم. هذا النوع من الحوار يُسهم في فتح آفاق لتفاهم إنساني أوسع.
وفي نفس الوقت لا يمكن انكار أهمية حوار الثقافات لأنه يُقرّب بين الشعوب، ويثريها ويزرع الاحترام المتبادل من خلال الفنون، واللغة، والممارسات الاجتماعية.
الثورات كشفت عن حاجة ملحة لإعادة فهم الذات والتواصل مع الآخر، والحلم بمستقبل مشرق أكثر.
١٠- هل من الممكن أن تؤدي الرواية دورًا سياسيًا أو اجتماعيًا؟
بالتأكيد، لكن بطريقة غير مباشرة. في حقيقة الأمر، الرواية ليست منشورًا سياسيا في نهاية المطاف، لكنها تستطيع أن تضيء أماكن معتمة. شخصيات الرواية قد تقول وتفعل ما لا نجرؤ على قوله أو فعله صراحة، وقد يجد القارئ نفسه في حوار داخلي أثناء، بل وبعد، قراءة النص، وقد تجده يُحلّل ما وراء السطور، خصوصًا إذا ما لامس صدقًا في الطرح
١١-وهل من جديد قادم؟
مرفت الأحمد: نعم، بإذن الله، هناك بعض الأفكار التي تدور في الذهن، لكنها ليست ضمن خطة قريبة. يمكن القول إن هناك ما يُحضَّر داخليًا، لكن ليس الآن.
١٢- أخيرًا، ما هي رسالتك للقارئ العربي؟
الأحمد:
أقول للقارئ بشكل عام: لا تتنازل عن السؤال، ولا تقف حياديًا فيما يتعلق بنصرة الحق، ولا تكتفِ بالإجابات الجاهزة. الأدب ليس للمتعة فقط من منظوري، بل هو وسيلة ومحاولة لفهم الذات والكون، والانفتاح على الآخر ولنُصرة القضايا العالقة، خصوصًا في عالمنا العربي المليء بالتحديات.