رئيس مرصد حقوقي للجزيرة نت: إسرائيل تسهّل تهجير كفاءات غزة
تاريخ النشر: 14th, December 2025 GMT
غزة- كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عمّا وصفها بـ "تحركات نشطة" لتسهيل مغادرة أفراد ممن لديهم مهارات علمية ومهنية من قطاع غزة، منهم أطباء وصحفيون وأكاديميون وباحثون، بآليات رسمية وغير رسمية، وغالبا وفق إجراءات غير واضحة.
وقال رئيس المرصد الدكتور رامي عبدو للجزيرة نت، إن هذه التحركات تأتي على شكل منح تأشيرات خاصة أو تسهيلات عبور، وترتيبات لتأمين ممرات أو خروج، وبعناوين منح دراسية أو فرص عمل، أو لم شمل وإجلاء عائلات.
وتحدث الناشط الحقوقي الفلسطيني المقيم خارج غزة منذ سنوات عدة عن تركيز هذه التحركات على تسهيل سفر أطباء، وأوضح "تابعنا تواصل جهات (لم يسمّها) مع أطباء في تخصصات دقيقة ويحتاجها القطاع، لتقديم تسهيلات لهم بالسفر ووعود بعقود عمل وغيره".
مخطط ممنهجوأشار كذلك إلى تسهيلات نسبية في سفر الصحفيين، وقال "لو نظرنا لوجدنا أن أغلبية الصحفيين المرموقين والأساسيين في وسائل الإعلام الدولية تمكنوا من مغادرة غزة وأخذ مكانهم آخرون جدد".
وعند التوقف أمام الاستهداف الإسرائيلي المنظم للمنظومة الصحية والمستشفيات وقتل الطواقم الطبية واعتقال المئات منهم، تتضح خطورة تسهيل سفر ما تبقى من طواقم، وتكون المشكلة أكبر عندما يتعلق الأمر بخبراء علاج مصابي الحروب مثل الأوعية الدموية وغيرها، وفقا لرئيس المرصد الحقوقي.
ويضع عبدو تحركات تهجير الكفاءات واستهدافها في عمليات اغتيال مباشرة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة ضمن "مخطط واحد وممنهج"، ويؤكد أن الربط بينهما واضح، فمن جهة "انتهج الاحتلال قتل الكفاءات وقد وثقنا اغتيال نحو 200 من أساتذة الجامعات وعشرات الخبراء في المجالات المختلفة، ومن جهة أخرى يتم تسهيل سفر من نجا".
وهذا يؤشر -وفقا له- إلى سعي إسرائيلي مدعوم من أطراف دولية لإعادة هندسة المجتمع، "فمن ينجو من القتل يهجّر، ويبقى المجتمع هشا بدون نخب مؤثرة قادرة على التغيير وقيادة النضال والتوجيه".
إعلانوحسب توثيق هيئات فلسطينية محلية، فإن قوات الاحتلال قتلت منذ اندلاع الحرب عقب 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 زهاء 1670 من الطواقم الطبية، و257 صحفيا وصحفية، و830 معلما ومعلمة وموظفا في سلك التعليم، إضافة إلى 13 ألفا و500 طالب وطالبة.
طرق غامضةولا يوجد لدى المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إحصاء محدد ودقيق لعدد الكفاءات وذوي المهارات العلمية والمهنية التي غادرت غزة، إلا أن عبدو يقدر أن المئات منهم قد غادروا فعلا، لافتا إلى أن " الأمر الخطر أن جزءا كبيرا من ذلك جرى بطرق غامضة وغير واضحة ما يثير الشكوك في الدوافع".
ويعتقد أن تحركات سفر ذوي المهارات والخبرات تدار كسياسة ممنهجة تصب في الاتجاه ذاته الذي تسعى من خلاله إسرائيل إلى تدمير فرص الحياة والعيش والبقاء في القطاع، بتسهيل هجرة من تبقى من العقول، بعد استهداف هذه الفئة بشكل ممنهج خلال حرب الإبادة.
ويرفض رئيس المرصد محاولات وضع تحركات تسهيل السفر في سياق المغادرة الطوعية، ويقول "عندما يدمر الاحتلال سبل العيش وكل مفاصل الحياة تصبح المغادرة قهرية وليست طوعية، وتتحول إلى ممارسة تهجير قسري محرم دوليا".
ويفرّق بين مساعي إجلاء الأفراد ضمن ظروف منظمة لحماية حياتهم أو لتقديم رعاية طبية لهم، و"هذا أمر لا ينافي القانون الدولي، في حين أي سياسات أو مشاريع تؤدي إلى خروج ممنهج للفئات والكفاءات العملية أو للسكان تندرج في سياق التهجير وتخضع لحظر صريح في اتفاقية جنيف".
وتحفّظ على الكشف عن أسماء السفارات والقنصليات "المتورطة" في هذا المخطط، وقال "بغض النظر عن الاسم، فإن ممارسة الأدوار والتحركات والتسهيلات تتم بطريقة انتقائية أو متزامنة مع نهج إسرائيلي لتدمير آفاق الحياة، ووفق سياسات تهدف لتقويض قدرة المجتمع المحلي على الصمود والبقاء، بقتل العقول وتسهيل سفرهم".
مسؤولية الجميعوحسب عبدو، فإن مواقف وسياسات الدول تجاه غزة وتدخلاتها لسفر كفاءات أو حتى مواطنين عاديين ليست واحدة أو متماثلة، فمنها من تتركز تحركاتها على مساعي سفر رعاياها الذين يحملون جنسيتها أو لَمّ شملهم مع عائلاتهم، غير أنه يشير إلى أنها أحيانا تتجاهل هذه الفئة لصالح تسهيل سفر كفاءات في مجالات مختلفة وغالبا يتم ذلك تحت غطاء منح دراسية.
وأكد أن مساعي إفراغ غزة من طاقاتها العلمية والمهنية تنشط في مقابل غياب مبادرات حقيقية وجادة لحماية سكانها، ودعم حقهم في عدم التهجير تماما كحقهم أيضا في حرية الحركة والسفر والتنقل.
وعن جهد المرصد الأورومتوسطي لفضح مخططات التهجير وإفشالها، لفت عبدو إلى سعيهم وحرصهم على تسليط الضوء على ما يجري ووضع الجميع أمام مسؤولياتهم انطلاقا من التأكيد على أن الحق في السفر والأمان مكفول، مع حماية المواطنين من التهجير القسري بما في ذلك الناجم عن فرض بيئة غير قابلة للحياة.
وشدد على أن المطلوب لتعزيز البقاء مسؤولية الجميع فلسطينيا وإقليميا ودوليا، خاصة مع الواقع المعيشي المعقد والصعب الذي فرضته الحرب، حيث إن القطاع مدمر، ونحو مليوني إنسان نازحون بلا مأوى، والمنخفض الجوي الأخير كشف عمق المأساة.
إعلانويفرض هذا الواقع متطلبات متعددة الأبعاد، بدءا بالحماية والإيواء والإغاثة والصحة وصولا إلى حق تقرير المصير، بما يضمن بقاء الفلسطيني على أرضه، بحسب رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات المرصد الأورومتوسطی رئیس المرصد تسهیل سفر
إقرأ أيضاً:
أستاذ علوم سياسية: التحرك المصري أنقذ القضية الفلسطينية من سيناريو التصفية وفرض التهجير
أكد الدكتور إسماعيل التركي، أستاذ العلوم السياسية، أن الدور الذي لعبته مصر في التعامل مع تطورات القضية الفلسطينية خلال العامين الماضيين كان دورًا محوريًا لا يمكن تجاهله، موضحًا أن القاهرة تصدت لمحاولات خطيرة استهدفت تغيير جوهر الصراع وفرض واقع جديد على الأرض.
وخلال مداخلة على قناة «إكسترا نيوز»، أشار التركي إلى أن السياسات التي انتهجها اليمين الإسرائيلي المتطرف سعت إلى تقويض حل الدولتين وإغلاق أي أفق سياسي للقضية الفلسطينية، إلا أن الدولة المصرية تحركت بثبات لتشكل خط الدفاع الأول سياسيًا ودبلوماسيًا، عبر نشاط مكثف على المستويين الإقليمي والدولي، حال دون تمرير هذه المخططات.
وأوضح أن المواجهة لم تكن عسكرية فقط داخل قطاع غزة، بل امتدت إلى ساحة أخرى لا تقل أهمية، تمثلت في معركة الروايات داخل المحافل الدولية، حيث واجهت مصر الخطاب الإسرائيلي القائم على تبرير العدوان، برواية قانونية وإنسانية تستند إلى الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وهو ما أسهم في تغيير المزاج الدولي تجاه إسرائيل.
وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن هذه الجهود أدت إلى تآكل ملحوظ في صورة إسرائيل على الساحة الدولية، بعدما واجهت انتقادات غير مسبوقة وإجراءات عقابية من دول كانت تعد من أقرب حلفائها، مؤكدًا أن هذا التحول جاء نتيجة عمل دبلوماسي منظم كشف حقيقة الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين.
وفي السياق ذاته، شدد التركي على أن تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه وصموده في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية كان عنصرًا حاسمًا في إفشال مخططات التهجير، مشيرًا إلى أن الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة وصلت إلى مستويات كارثية، خاصة داخل مخيمات النزوح، ما يستدعي تحركًا دوليًا عاجلًا لتخفيف المعاناة.
وأكد أن المرحلة الراهنة تتطلب تكثيف الجهود لإدخال المساعدات الإنسانية، وعلى رأسها الخيام والمساكن الجاهزة، مع ضرورة ممارسة ضغوط دولية حقيقية لإلزام إسرائيل بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه ضمن ترتيبات وقف الحرب، التي جرى التوصل إليها برعاية مصرية وبمشاركة دولية.
واختتم التركي بالتأكيد على أن مصر لم تتخل يومًا عن القضية الفلسطينية، وأن الاعتراف المتزايد من دول العالم بالدولة الفلسطينية يعكس نجاح تحرك مصري عربي مشترك أعاد القضية إلى صدارة الأجندة الدولية، رغم حجم التضحيات الإنسانية، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية ستظل حاضرة في الوعي العالمي ولن تسقط بالتقادم.