نقاط الاشتباك العصبي.. مفتاح فهم اضطراب التوحد
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
سلط علماء في جامعة "نورث وسترن" الأمريكية - بالتعاون مع عدد من المؤسسات البحثية في الولايات المتحدة- مزيدًا من الضوء على جين "أنك - 3" والبروتين المنتج له، والمعروف باسم "أنكيرين - جي"، ودورها في مخاطر الإصابة بالتوحد.
يعرف "التوحد" بأنها حالة تؤثر على كيفية تواصل المريض وتصرفه، وقد يولد الإنسان مصابًا بالمرض، حيث يعد الأولاد الأكثر إصابة به مقارنة بالفتيات، وعادة ما تبدأ العلامات الإصابة في مرحلة الطفولة المبكرة، حيث يعاني طفل من بين 59 طفلا من مرض التوحد.
وأوضحت الدراسة أن أدمغة البشر معقدة وتتكون من العديد من الأجزاء الصغيرة تسمى "خلايا الدماغ"، وتتواصل الخلايا مع بعضها البعض من خلال اتصال يعرف باسم" نقاط الاشتباك العصبي" وهو اتصال ضروري بالنسبة لآلية التفكير والتعلم والتصرف لدى الإنسان، وعندما يولد الطفل تبدأ خلايا الدماغ في إجراء الكثير من هذه الروابط، وهو أمر جيد لأنه يعني تحقيق اتصال أفضل بين الخلايا، لكن عند حدوث اضطراب في هذه الآلية ينتج عنه زيادة مخاطر الإصابة بمرض "التوحد".
التغيرات في جين "أنك -3" كانت مرتبطة بأمراض الدماغقبل هذه الدراسة، عرف العلماء أن التغيرات في جين "أنك -3" كانت مرتبطة بأمراض الدماغ بما في ذلك التوحد.. لكن الدور الدقيق لهذا الجين وبروتينه في الدماغ لم يكن واضحًا بصورة كاملة.. لذلك، توصل الباحثون إلى نتيجة اكتشفوا أن بروتين "أنكيرين-جي" يلعب دورا حيويا في تطوير التشعبات، والتي هي مثل الأسلحة الصغيرة التي تستخدمها خلايا الدماغ للوصول والتواصل مع الخلايا الأخرى.. هذه الاتصالات هي ما تشكل نقاط الاشتباك العصبي.
ومع ذلك، لا يستطيع بروتين "أنكيرين – جي" القيام بعمله بمفرده.. ويحتاج إلى مساعدة من شريك، وهو إنزيم يدعى "يو إس بي 9 إكس".. يعد هذا الإنزيم بمثابة الحارس الشخصي لبروتين "أنكيرين - جي"، ما يضمن بقاءه مستقرا حتى يتمكن من مساعدة خلايا الدماغ على تكوين هذه الروابط المهمة.. وعندما يعمل عنصر بصورة سليمة وطبيعية، تتمكن دماغ الطفل من تطوير شبكة من الاتصالات، ما يسمح بالتواصل السلس بين خلايا الدماغ.
ومع ذلك، وجد الباحثون مشكلة محتملة.. ففي حال عدم عمل إنزيم "يو إس بي 9 إكس" بشكل صحيح، يمكن أن تنخفض مستويات بروتين" أنكيرين-جي"، حيث قد يحدث هذا الانخفاض مباشرة بعد ولادة الطفل، ما قد يؤدي إلى مشاكل في الدماغ.
لمعرفة ما يحدث عندما لا يعمل إنزيم "يو إس بي 9 إكس" بشكل صحيح، نظر العلماء إلى الفئران التي تعاني من نفس المشكلة، حيث واجهت هذه الفئران مشاكل في الخلايا العصبية، وأظهرت سلوكيات مختلفة مقارنة بالفئران النموذجية.
ويعتقد العلماء أن هذه المشاكل كانت بسبب وجود عدد أقل من نقاط الاشتباك العصبي لدى الفئران، ما يعني تواصلا أسوأ بين خلايا دماغهم، وأن الاستنتاج الذي توصلت إليه هذه الدراسة هو أن المشاكل التي قد تطرأ على إنزيم "يو إس بي 9 إكس" قد تكون أحد أسباب التوحد.. يعد هذا البحث خطوة كبيرة على طريق فهم مرض "التوحد" بشكل أفضل، ومع ذلك، أكد الباحثون على أنه مجرد البداية، وهناك حاجة إلى مزيد من البحث لفهم هذه النتائج وتأكيدها بشكل كامل.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: خلایا الدماغ
إقرأ أيضاً:
كيف ينظف النوم عقولنا؟
توصّل فريق من الباحثين من بريطانيا والولايات المتحدة إلى كشف مذهل حول ما يحدث في أدمغتنا أثناء النوم، واصفين العملية بأنها “تشبه تشغيل غسّالة الصحون والاستيقاظ على دماغ نظيف.
وأُجريت الدراسة على فئران مخدّرة، إذ لاحظ العلماء أن جذع الدماغ يطلق موجات صغيرة من مادة النورأدرينالين كل 50 ثانية تقريباً.
هذه المادة، التي تُفرز أيضاً من الغدد الكظرية وتُعرف بكونها هرمون التوتر، تلعب دوراً رئيساً في ما وصفه الباحثون بعملية “الغسل الداخلي”.
وكل دفعة من النورأدرينالين تتسبب بانقباض الأوعية الدموية تحت القنوات الدماغية لثوانٍ، ثم تعود لتتوسع، ما يدفع بالسائل النخاعي – أو ما يُعرف بسائل الغسل – إلى التدفق تدريجياً داخل القنوات نحو العُقد اللمفاوية القريبة خارج الدماغ، التي تُعد جزءاً من نظام التصريف في الجسم.
وأوضح الباحثون أن “هذه الآلية تمثل وظيفة حيوية تُنَفَّذ بانتظام خلال النوم، وقد تكون لها علاقة مباشرة بصحة الدماغ على المدى الطويل”.
اللافت في الدراسة أن الفريق لاحظ تراجعاً كبيراً في هذه العملية لدى الفئران التي تناولت عقار “زولبيديم”، وهو منوّم شهير.
ورغم أن هذه الفئران دخلت في النوم بسرعة، فإن نشاط النورأدرينالين انخفض بشكل ملحوظ، ما قلّل من فاعلية “غسل الدماغ” الليلي.
ورغم أن التجربة أُجريت على فئران، فإن الباحثين يرجّحون أن الآلية نفسها تنطبق على البشر، لكنهم أكدوا الحاجة إلى مزيد من الدراسات لتأكيد النتائج.
وهذه النتائج قد تفتح الباب لفهم جديد لتأثير الأدوية في جودة النوم، خصوصاً لدى من يعانون اضطرابات النوم المزمنة.
كما تسلط الضوء على أهمية النوم الطبيعي في تعزيز صحة الدماغ وتنقيته من “الفضلات” العصبية