التعليم عن بُعد ملاذ الفلسطينيين بالضفة في ظل التصعيد الإسرائيلي
تاريخ النشر: 18th, February 2024 GMT
في ظل التصعيد الإسرائيلي بالضفة الغربية وتزايد اعتداءات المستوطنين، سرعان ما تحولت عشرات المدارس إلى التعليم عن بُعد، مستفيدة من تجربتها خلال انتشار فيروس كورونا عام 2020.
فمن جهة شكّلت التجربة حبل نجاة وملاذا للطلبة من رصاص الاحتلال، ومن جهة أخرى حبل نجاة للحكومة غير القادرة على دفع رواتب كاملة لموظفيها بمن فيهم المعلمون.
ووفق تقرير لوزارة التربية والتعليم، فإن 46 طالبا استشهدوا، و294 أصيبوا، و91 اعتقلوا، في الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و13 فبراير/شباط الجاري، فيما جرح 6 معلمين واعتقل أكثر من 71، وتعرضت 46 مدرسة لاعتداءات جيش الاحتلال والمستوطنين خلال الفترة نفسها.
تعد تجربة المدارس في البلدة القديمة بالخليل التي تنتشر فيها البؤر الاستيطانية، نموذجا حيا على أهمية التعليم عن بُعد في تغطية ولو كان جزءا من احتياجات الطلبة التعليمية، خصوصا أن المدارس فيها تخضع لحظر تجول في أغلب الوقت منذ تاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
يقول مدير التربية والتعليم بمدينة الخليل عاطف الجمل للجزيرة نت إن "4 مدارس يلتحق بها ما لا يقل عن 600 طالب وطالبة، لم تتمكن من الانتظام في التعليم الوجاهي (في المدارس) نتيجة إغلاق البلدة القديمة".
وأضاف أن تلك المدارس لجأت للتعليم الإلكتروني فكان ملاذا بالنسبة للطلبة والمعلمين لتجاوز إجراءات الاحتلال، لكن ذلك "لا يغني تماما عن التعليم الوجاهي لمساندة التعليم عن بُعد، وضرورة عودة الحياة إلى طبيعتها ومنها المدارس".
ووفق وزارة التربية والتعليم فإن مئات آلاف الطلبة يخوضون تجربة التعليم المدمج، إلكترونيا في بعض الأيام ووجاهيا في أيام أخرى، فيما تحولت بعض المناطق الواقعة قرب نقاط التماس والاحتكاك مع الاحتلال إلى التعليم عن بُعد بشكل كامل.
ويقول الناطق باسم وزارة التربية والتعليم صادق الخضور للجزيرة نت إن الوزارة اضطرت مع بدء العدوان على غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى التحول للتعليم عن بُعد، في آخر شهرين من الفصل الدراسي الأول (نهاية 2023).
وأضاف أن "التجربة مستمرة بالكامل مع نحو 30 ألف طالب وطالبة، في حوالي 100 مدرسة تقع في مناطق التماس، بهدف توفير الأمان للطلاب وإبعادهم عن مناطق الاحتكاك مع جيش الاحتلال والمستوطنين".
وقال إن "التجربة أتاحت للوزارة التحقق من مدى الجاهزية في حال استمر العدوان أو امتد لمناطق أخرى في الضفة، وهو ما حصل خلال الاقتحامات الإسرائيلية واجتياحات جنين وطولكرم وغيرهما".
تحديات وصعوباتورغم أهمية التجربة، يشير الخضور إلى جملة تحديات، منها تدمير البنية التحتية وشبكات الاتصال خلال الاقتحامات، ووجود عدد كبير من الطلبة في الأسرة الواحدة؛ ما يعني حاجتهم لمزيد من الأجهزة، فضلا عن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الضفة، وتفاوت التزام الطلاب بحضور دروسهم.
ويقر المسؤول الفلسطيني بأن "عدالة التعليم لا تتحقق في التعليم عن بُعد كما في التعليم الوجاهي، نظرا لارتفاع نسبة الغياب".
أما من ناحية المعلم، فيقول الخضور إنه "شكّل علامة فارقة، وإنه أهل للعطاء سواء في التعليم الوجاهي أو عن بُعد"، ويضيف أن المعلمين "راكموا على خبرتهم التي اكتسبوها في فترة كورونا، وباتت الأمور أسهل، مع وجود بعض الإشكاليات الناتجة عن وجود طلبة ومعلمين جدد، ونسيان البعض إجراءات العمل على برامج التواصل".
وتابع أن "الوزارة تسعى لتبني التعليم الوجاهي قدر الإمكان، واللجوء للإلكتروني عند الضرورة وفي الظروف الميدانية أو الجوية الصعبة".
من جهته، يقول زياد الدرابيع، وهو مدير مدرسة جنوبي الخليل، إن "التعليم الإلكتروني ضرورة، وهو الحل الوحيد في حال كون المنطقة التي تقع فيها المدرسة غير آمنة، وتخضع لإجراءات الاحتلال أو انتشار المستوطنين، أو تمنع الحواجز فيها وصول الطلاب أو المعلمين".
ومع ذلك، يشير في حديثه للجزيرة نت إلى وجود "عقبات كثيرة من بينها وأهمها أن معظم المعلمين غير جاهزين للتعليم عن بُعد، لأن برامج التواصل بحاجة للتحضير واستخدام وسائل وطرق تعليم وتعلّم غير تقليدية من فيديوهات ورسومات، وهذا يتطلب تدريبا وإتقانا".
وأشار المدير إلى مشكلة "انقطاع خدمة الإنترنت أو ضعفها في كثير من المناطق، كما أن بعض الأسر والمعلمين غير قادرين على دفع رسوم الإنترنت بسبب الأوضاع الاقتصادية"، موضحا أن هناك "عدم التزام من قبل الطلبة بنسبة تصل إلى 50% أحيانا".
ومع تأكيدهم على أهمية التعليم الإلكتروني، يربط معلمون تحدثوا للجزيرة نت بين توجه الوزارة للتعليم عن بعد، وبين عدم قدرة الحكومة على صرف رواتب المعلمين كاملة من جهة، وقطع الطريق على أي إضرابات أو احتجاجات في حال إصرارها على التعليم الوجاهي من جهة أخرى.
ووفق معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2022، فإن نحو 93% من الأسر الفلسطينية في الضفة تصلها خدمة الإنترنت، فيما بلغت نسبة الأفراد الذين يستخدمون الإنترنت من عمر 10 سنوات فأكثر وفي أي مكان نحو 92%.
وعلى صعيد الأجهزة، بلغت نسبة الأفراد الذين يمتلكون هاتفا ذكيا بعمر 10 سنوات فأكثر 83% في الضفة الغربية، فيما بلغ عدد خطوط الهاتف الثابت بما في ذلك المنزلي والتجاري والحكومي في كل فلسطين نحو 457 ألفا و700 خط.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: التربیة والتعلیم للجزیرة نت فی التعلیم من جهة
إقرأ أيضاً:
مراسل بريطاني: لم أتوقع أن تكون حياة الفلسطينيين بالضفة بهذا السوء
كشف مراسل صحفي بريطاني بعد زيارته الضفة الغربية أن الحياة اليومية للفلسطينيين تدهورت بشكل كبير وأن اليأس أصابهم، وقال إن إسرائيل ومستوطنيها سيطروا على حياة الفلسطينيين.
وقال المراسل إيوين ماك أسكيل لصحيفة الغارديان البريطانية إنه زار الضفة الغربية الشهر الماضي لأول مرة منذ 20 عاما، وكان يتوقع أن تكون أوضاع الفلسطينيين سيئة، لكن ليس بهذا السوء، كما أنه لم يكن ينوي الكتابة عن رحلته للضفة، إلا أنه غيّر رأيه بسبب الصدمة الكبيرة التي شعر بها عندما رأى كيف تدهورت الحياة اليومية للفلسطينيين.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبير عسكري: اشتباكات تايلند وكمبوديا فرصة لـ"تنافس" أسلحة قوى كبرىlist 2 of 2عائلات من الفاشر للوموند: الدعم السريع قتل الناس من مسافة صفرend of listومن جهة أخرى، تدرس الولايات المتحدة الأميركية فرض عقوبات على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بسبب مزاعم ارتباطها بأنشطة إرهابية، وأوضحت صحيفة جيروزاليم بوست أن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أجروا مناقشات معمقة بشأن العقوبات المحتملة.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن القرار أثار مخاوف قانونية وإنسانية داخل وزارة الخارجية الأميركية، مشيرة إلى أنه لم يتضح بعد ما إذا كانت العقوبات ستشمل الوكالة بأكملها أم ستستهدف مسؤولين محددين أو أجزاء معينة من عملياتها، كما لم يتم تحديد نوع العقوبات التي قد تفرض على الأونروا.
وفي موضوع سوريا، يرى ريان كروكر الدبلوماسي الأميركي والسفير السابق في دمشق أن سوريا تمر بعد عام على سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بمرحلة حاسمة في انتقالها السياسي وإعادة إعمارها الضخمة التي تتجاوز-حسبه- قدرات الحكومة الجديدة.
ويعتقد كروكر -في مقال له على موقع ذا هيل الأميركي- أن "الانتقال سيكون هشا وقابلا للانكسار بدون قيادة أميركية جدية مستمرة لتفادي أي تهديد لاستقرار الشرق الأوسط والأمن القومي الأميركي"، ويضيف أن واشنطن بإمكانها أن تقود وتوسع نقاط الدعم لإنعاش سوريا وتعزز التزامها الإنساني وما يترتب على ذلك من مسؤوليات مع دول العالم.
أسوأ أزمة إنسانيةمن جانب آخر تواصل الصحافة العالمية الاهتمام بالشأن السوداني، إذ نشرت صحيفة الواشنطن بوست الأميركية مقالا جاء فيه أن الحرب الأهلية في السودان أدت إلى أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وذكّر بتصريح للمدير التنفيذي لمعمل البحوث الإنسانية بجامعة ييل، ناثانيال رايموند، قال فيه إن "وتيرة القتل في مدينة الفاشر لا تضاهيها إلا الإبادة الجماعية في رواندا".
إعلانكما أورد المقال ما قاله الرئيس الدولي لمنظمة "أطباء بلا حدود" جافيد عبد المنعم من أن الموت والدمار ينتشران بسهولة متناهية بسبب امتناع العديد من الحكومات عن استخدام نفوذها للضغط على الأطراف السودانية المتحاربة لوقف القتل أو وصول المساعدات الإنسانية.