استبعد اقتصاديون التزام المؤسسة العسكرية السودانية بالخروج من النشاط الاقتصادي المدني، ما لم يتبعه قرار رسمي بتصفية شركات الجيش وطرح أسهمها في البورصة ليتم تحويلها إلى شركات مساهمة عامة. وقالوا لـ”العربي الجديد” إن قرار تعليق أنشطة بعض شركات المؤسسة العسكرية يختلف عن قرار التصفية المأمول، والذي سبق أن طالب بتطبيقه مختصون عبر وضع وزارة المالية يدها عليها بصورة كاملة ونهائية، مؤكدين أن تلك الشركات هي المتسبب الأول في الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.


وعلق الجيش السوداني، الأسبوع الماضي، نشاط عدد من شركاته، من بينها مطبعة حديثة في الخرطوم، وشركتان تعملان في مجال التعدين بولاية نهر النيل، وتضمن الإيقاف أيضاً تعليق أعمال شركات تابعة للجيش وجهاز المخابرات والشرطة تعمل في الإنشاءات والاستيراد، بما في ذلك الأدوية والوقود حسب مصدر عسكري، كما شمل الإيقاف المطبعة الخاصة بالجيش في الخرطوم بحري.

وتضم استثمارات الجيش تحت مظلة منظومة الصناعات الدفاعية، نحو 300 شركة تدر حوالي ملياري دولار سنوياً، وخضعت المنظومة الدفاعية أخيراً لعقوبات فرضتها الولايات المتحدة الأميركية، كما تشمل استثمارات الجيش شركة سودان ماستر تكنولوجي، وتضم عدة أذرع أهمها شركة جياد الصناعية التي تُعتبر أكبر المدن الصناعية في البلاد.
ولم يفلح اتفاق بين المكونين المدني والعسكري عام 2021، في تخطي عقبة الشركات الأمنية والعسكرية، وكان الاتفاق آنذاك يقضي أن تؤول الشركات للدولة وإشراف وزارة المالية، مع احتفاظ الجيش بالشركات ذات الصبغة التصنيعية العسكرية فقط. وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي، عادل عبد العزيز، إن “التوجه الذي ينبغي أن نعمل عليه، هو الدفع نحو إدراج كل المؤسسات الاقتصادية الكبرى في السودان، بما فيها المملوكة للجيش وللقوات النظامية الأخرى، لأن تكون مسجلة في سوق الخرطوم للأوراق المالية بحيث تصبح مفتوحة لمساهمات المواطنين والمستثمرين، وتعرض حساباتها في شفافية حسب قانون السوق”.
إلا أن الخبير الاقتصادي، الفاتح عثمان، يقول: “من المبكر الاستنتاج أن الشركات التي تعمل في أنشطة بعيدة تماماً عن المجال العسكري، والتي صدر قرار بإيقافها عن العمل هو التزام من المؤسسات العسكرية بالابتعاد عن ممارسة أنشطة اقتصادية مدنية تنافس القطاع الخاص، وهو أمر سبق أن تمت مطالبة الجيش به، والسبب هو أن قرار الإيقاف لبعض الأنشطة يختلف تماماً عن قرار التصفية، وبالتالي قد يتم إلغاء قرار الإيقاف في أي لحظة لأنه قرار يجمد العمل، لكن يبقي الموظفين والعاملين في تلك الشركات في مناصبهم، ولا يوقف دفع الشركات للمرتبات وأموال التسيير”.
وأضاف أن “تحويل شركات الجيش إلى شركات مساهمة عامة يوفر أموالاً للحكومة السودانية، وسيزيد أموال الجمارك والضرائب بسبب الشفافية التي ستعمل بها تلك الشركات، وهو أمر مطلوب للاقتصاد السوداني لأنه سيزيد من التنافسية، وسيفتح الباب واسعاً للجميع وفق الكفاءة”.
ومن جانبه، يقول الاقتصادي، أحمد خليل، لـ”العربي الجديد”، إن السبب الحقيقي وراء تحويل هذه الشركات وخصخصتها جعل بعضها مدخلاً للفساد الإداري والمالي، كما أن معظمها يتحصل على إعفاءات، ما يجعلها في منافسة كبيرة وغير متكافئة مع شركات القطاع الخاص. ويضيف أن “تعليق النشاط ليس قراراً حاسماً، بل فضفاض يمكّن من عودتها مرة أخرى وهذا في اعتقادي من النشاطات الهدامة للاقتصاد السوداني”.

وفي المقابل، استبعد الاقتصادي، أحمد محمد الشيخ، فرضية انتهازية تلك الشركات. وقال إن أموال وشركات المؤسسة العسكرية تتمتع بنظام مالي متقدم كثيراً على أنظمة الدولة، لما تمتلكه من شفافية ومراجعة لوجود ضباط ماليين في كل وحدة، كما أنها تخضع لرقابة شديدة أكثر من الشركات المدنية. وأوضح أن هناك أمثلة عالمية لامتلاك مؤسسات عسكرية في دول أجنبية استثمارات كبيرة وتشترك جميعها في الشعار الموحد “تعمير في السلم وتدمير في الحرب”. كما تلعب أدواراً اقتصادية كبيرة لأنها تُعتبر جزءاً من الدولة، حسب الشيخ.

العربي الجديد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: تلک الشرکات

إقرأ أيضاً:

بسبب الوضع الكارثي في غزة.. المفوضية الأوروبية تقترح تعليق تمويل الشركات الإسرائيلية الناشئة

قدّمت المفوضية الأوروبية توصية بتعليق تمويل شركات إسرائيلية ناشئة ضمن برنامج "هورايزن" احتجاجًا على الوضع الإنساني في قطاع غزة، مما أثار رفضًا حادًا من إسرائيل التي اعتبرت القرار غير مبرر. اعلان

اقترحت المفوضية الأوروبية يوم الاثنين 28 تموز/يوليو تعليق تمويل شركات إسرائيلية ناشئة في إطار مبادرة "هورايزن" للبحث العلمي، وذلك بسبب الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة. وتأتي هذه الخطوة في ظل تصاعد المخاوف من تفشي مجاعة في القطاع الذي دمرته الحرب، وسط دعوات من عدة دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي لاتخاذ إجراءات ملموسة ضد إسرائيل.

وأوضحت المفوضية في بيان أن "رغم إعلان إسرائيل هدنة إنسانية يومية واحترامها بعض التزاماتها، فإن الوضع في غزة لا يزال خطيرًا". وأضاف البيان أن التعليق المقترح هو إجراء محدد الهدف ويمكن الرجوع عنه في المستقبل. من المقرر أن تناقش الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي هذا الاقتراح يوم الثلاثاء، حيث يحتاج إلى موافقة أغلبية الدول لكي يدخل حيز التنفيذ.

يواجه الاتحاد الأوروبي صعوبة في اتخاذ قرارات موحدة بشأن النزاع في غزة بسبب الانقسام الحاد بين دول تدعم إسرائيل وأخرى تميل إلى دعم الفلسطينيين. وفي هذا السياق، عرضت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، مجموعة من الخيارات لمعاقبة إسرائيل بعد تقرير للمفوضية الأوروبية خلص إلى أن إسرائيل انتهكت المادة الثانية من اتفاق التعاون المبرم مع الاتحاد والمتعلقة بحقوق الإنسان.

Related لمواجهة الرسوم الجمركية الأميركية.. المفوضية الأوروبية تجهز قائمة تعريفات بقيمة 72 مليار يورودموع لا تجفّ في غزة: وداع مؤلم لضحايا الغارات الإسرائيلية الأخيرةبين التجويع والإنكار: إسرائيل تصعّد تهديداتها وتنفي حدوث مجاعة في غزة

وعلى صعيد آخر، أعلن الاتحاد الأوروبي أنه أبرم اتفاقًا مع إسرائيل يسمح بدخول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، مشيرًا إلى أن إسرائيل اتخذت خطوات لتنفيذ بعض التعهدات، إلا أن المزيد من الجهود لا يزال مطلوبًا.

ويُعد التعليق الجزئي لمشاركة إسرائيل في مبادرة "هورايزن" من الإجراءات المحدودة التي يمكن للاتحاد الأوروبي اتخاذها، لكنه يُعد رسالة تحذيرية لإسرائيل بأن التكتل مستعد لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة إذا لم يتحسن الوضع في غزة. ويشمل المقترح وقف تمويل الشركات الإسرائيلية الناشئة العاملة في مجالات مثل تكنولوجيا الطائرات المسيّرة، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي.

وتحتل إسرائيل، إلى جانب فرنسا وألمانيا، المراتب الأولى في قائمة الدول التي تتمتع بأكبر عدد من الشركات الناشئة المتنافسة على التمويل في عام 2024.

إسرائيل: لن نرصخ لأي ضغوط

في المقابل، رفضت وزارة الخارجية الإسرائيلية توصية مفوضية الاتحاد الأوروبي باستبعاد إسرائيل من أحد مكونات برنامج "هورايزن"، ووصفتها بأنها "خاطئة ومؤسفة وغير مبررة".

وجاء في بيان الوزارة: "في وقت تخوض فيه إسرائيل حربًا ضد إرهاب حركة حماس الجهادي، فإن أي قرار من هذا النوع لا يخدم سوى تعزيز حماس، وبالتالي يُضعف فرص التوصل إلى وقف إطلاق النار وإطار لإطلاق سراح الرهائن".

وأكدت الوزارة أنها ستعمل على منع اعتماد هذه التوصية من قبل مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، معربة عن أملها في أن "يكون هذا هو المآل الفعلي". وشددت على أن إسرائيل "لن ترضخ لأي ضغوط تمس بمصالحها الوطنية".

من جهة أخرى، يرزح قطاع غزة، تحت حصار تفرضه إسرائيل منذ اندلاع الحرب إثر الهجوم غير المسبوق الذي شنته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وأعلنت إسرائيل الأحد 27 تموز/يوليو استئناف إسقاط المساعدات من الجو، فيما فرضت "تعليقًا تكتيكيًا" يوميًا محدودًا على عملياتها العسكرية لأغراض إنسانية في بعض مناطق القطاع. يوم الاثنين، دخلت شاحنات محملة بمواد غذائية إلى غزة، لكن وكالات الإغاثة حذرت من أن كميات أكبر من المساعدات ضرورية لمنع حدوث مجاعة.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

مقالات مشابهة

  • الرقابة المالية تصدر قرارات لـ 4 شركات بمزاولة أنشطة التمويل غير المصرفي
  • الاتحاد الأوروبي يقترح تعليق تمويل الشركات التابعة للكيان المحتل على خلفية حرب غزة
  • بسبب غزة.. الاتحاد الأوروبي يقترح تعليق تمويل شركات كيان الاحتلال
  • بسبب الوضع الكارثي في غزة.. المفوضية الأوروبية تقترح تعليق تمويل الشركات الإسرائيلية الناشئة
  • الاتحاد الأوروبي يقترح تعليق تمويل الشركات التابعة للكيان المحتل
  • حمزة: أدعو جميع الشركات والمستثمرين الوطنيين والدوليين للمشاركة في هذا الحدث الاقتصادي النوعي كما أدعو الجميع لزيارة المعرض والتعرف على التطورات الاقتصادية والصناعية والثقافية والاجتماعية التي تشهدها سوريا
  • تعليق العمليات العسكرية في مدينة غزة ودير البلح ومنطقة المواصي
  • جيش الاحتلال يعلن تعليق الأعمال العسكرية في مناطق محددة من قطاع غزة
  • الجيش الإسرائيلي يعلن تعليق الأعمال العسكرية بمناطق محددة في غزة