شركات غامضة لتجاوز السقف الأعلى.. كواليس تجارة النفط السرية لروسيا
تاريخ النشر: 20th, February 2024 GMT
خلصت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية في تحقيق موسع لها، إلى أن تجارة النفط الروسية الخاضعة لعقوبات دولية، تعتمد على "شركات غامضة" لضمان استمراريتها، رغم العقوبات الدولية.
ووفقا للصحيفة المتخصصة في عالم المال والأعمال، فإن إحدى تلك الشركات هي "نورد أكسيس"، التي أصبحت واحدة من أكبر الشركات العالمية التي تتجار بالنفط الروسي، وهي التي "نشأت من العدم".
وكشف الصحيفة أن شركة "نورد أكسيس" تأسست في هونغ كونغ قبل 9 أيام فقط من الغزو الروسي لأوكرانيا، ويديرها تاجر غير معروف من أذربيجان، يدعى اعتبار أيوب، حسب الصحيفة.
وأسس أيوب بسرعة إمبراطورية تجارة وشحن سرية، تنقل الآن كميات هائلة من النفط إلى المشترين في الصين والهند وأسواق جديدة أخرى، وفقا لتحقيق "وول ستريت جورنال".
وقال أشخاص سبق لهم العمل معه، إن أيوب "عمل على تجميع أسطول من الناقلات القديمة التي لا يمكن تتبعها، وأخفى التجارة باستخدام متاهة من الشركات المسجلة في دبي وهونغ كونغ".
وصدّرت شركة "نورد أكسيس" و4 شركات أخرى يقول الأشخاص المطلعون إن أيوب يديرها، "ما لا يقل عن 33 مليار دولار من الخام والوقود الروسي في عام 2023 فقط"، وفقا للبيانات التجارية الصادرة عن كلية كييف للاقتصاد.
وبالإضافة إلى ذلك، قال هؤلاء الأشخاص إن أيوب "يدير أيضا شركات أخرى تعمل في السوق الروسية".
وتأتي شبكة التجارة السرية بعد فرض مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا سقفا على سعر برميل النفط الروسي، بهدف حرمان الرئيس، فلاديمير بوتين، من الإيرادات مع ضمان استمرار تدفق النفط الروسي في السوق العالمية.
وكانت الفكرة من وراء تسقيف سعر النفط الروسي التي دخلت حيز التنفيذ في ديسمبر 2022، هي "الحفاظ على تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية لإبقاء أسعار الطاقة منخفضة، مع تقليص حجم ما يمكن أن تكسبه موسكو لتمويل آليتها الحربية".
وبعد العقوبات الغربية، تخلى العديد من الوسطاء عن التعامل مع روسيا، بما في ذلك شركة "ترافيغورا" السويسرية، التي كانت تسوق منتجات الطاقة الروسية.
وبعد ذلك، أصبحت شركة "روسنفت" النفطية العملاقة المملوكة للدولة في روسيا، تعتمد على شركات التجارة والشحن ذات الملكية والإدارة "الغامضة"، لإيصال نفطها الخام إلى السوق بعد الغزو، وفقا لتحقيق الصحيفة.
وقالت مصادر مطلعة، إن "روسنفت" طلبت من شركة تعرف باسم "كورال" أن تحل محل "ترافيغورا".
وسبق للشركة السويسرية أن تعاملت مع "كورال"، وهي شركة مقرها سنغافورة ولها مكاتب في دبي، أسسها رجل أعمال أذربيجاني عام 2010، وعمل فيها أيوب ابتداء من 2014 وحتى 2018.
وأشار تحقيق الصحيفة إلى أيوب "يعرف جيدا نظام التوريد الروسي"، وفقا لأشخاص مطلعين على تلك العلاقات التجارية.
في المقابل، قال متحدث باسم "روسنفت" ردا على أسئلة الصحيفة: "نحن نعتبر أنه من غير المناسب، وعدم جدوى التعليق، على مجموعة متنوعة من الشائعات والتكهنات التي قدمتموها".
وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن أحد الأسئلة التي فحصها المسؤولون الأميركيون الذين يراقبون تداول تجارة النفط الروسي، هو ما إذا كانت هذه التعاملات التجارية المتعلقة بالنفط الروسي، مرتبطة بموظفي شركة "كورال"، وهي شركة لتجارة السلع مقرها في الإمارات.
وتواصل "كورال" القيام بأعمال تجارية في الدول الغربية، حيث تعهدت العديد من الشركات بعدم شراء أو تمويل النفط الروسي.
صفقة القطب الشماليوقالت متحدثة باسم "كورال"، إن الشركة توقفت عن التعامل مع أيوب مطلع عام 2022، عندما قررت الخروج من السوق الروسية، ولا علاقة لها بشركة "نورد أكسيس" أو الشركات الأخرى التابعة لأيوب.
وفي عام 2018، ترك أيوب "كورال" ليصبح مستشارا تجاريا، لكنه استمر في العمل في الشركة على أساس العمولة.
وقالت المتحدثة باسم "كورال"، إنه بعد مغادرة أيوب، "أشركته الشركة في مشاريع محددة" حتى أوائل عام 2022. وأضافت أن الشركة "منذ اليوم الأول للحرب" أعربت بوضوح عن نيتها الانسحاب من السوق الروسية.
ولم ترغب شركة كورال في تعريض قدرتها على الاقتراض من البنوك الغربية للخطر، لذلك، قالت إنها ستتوقف عن التجارة مع "روسنفت"، في مايو 2022، وستقوم بإنهاء أعمالها النفطية الروسية بالكامل.
وقالت المتحدثة باسم "كورال"، إن "الشكوك التنظيمية واللوجستية لعبت أيضا دورا في القرار".
في يوليو 2022، أعلنت شركة "ترافيغورا" أن "نورد أكسيس" اشترت حصتها البالغة 10 بالمئة في مشروع روسيا الرائد للتنقيب عن النفط في القطب الشمالي، والذي يسمى "فوستوك أويل".
وقال أشخاص مطلعون على هذه الصفقة، إن أيوب مع مؤسس شركة "كورال"، طاهر غاراييف، قاما بعملية الشراء مع رجل الأعمال، إيغور سيتشين، أحد المقربين من بوتين، والذي يقود شركة "روسنفت".
وذكرت المصادر أن غاراييف "عقد اجتماعات مع مسؤولي روسنفت في موسكو، أواخر عام 2023".
ولم يرد غاراييف على اتصالات صحيفة "وول ستريت جورنال" للتعليق. كما لم يرد ممثل عنه على أسئلة الصحيفة عبر البريد الإلكتروني.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم شركة "كورال" إن المجموعة "لم تعد تعمل في تجارة النفط الروسي بعد تطبيق الحد الأقصى للسعر".
وأشارت إلى أن غاراييف باع 60 بالمئة من أسهم "كورال" التي يملكها لمديري الشركة في بداية عام 2023، ولم يلعب أي دور في إدارة الشركة منذ ذلك الحين.
من جهتها، قالت متحدثة باسم "ترافيغورا" إن "نورد أكسيس" تعتبر "شركة مستقلة". وأوضحت أن العناية الواجبة التي قامت بها شركة "ترافيغورا" خلصت إلى أن "نورد أكسيس" أو أصحابها المستفيدين "لم يكونوا هدفا لأي قيود عقوبات سارية خلال وقت الشراء".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وول ستریت جورنال النفط الروسی تجارة النفط
إقرأ أيضاً:
ميناء حيفا بوابة إسرائيل التي يتوعدها الحوثيون
الميناء الرئيسي والأهم في إسرائيل، وأحد أكبر موانئ شرق البحر الأبيض المتوسط، يضطلع بدور محوري في الاقتصاد الإسرائيلي، إذ يشهد نشاطا تجاريا وصناعيا مطردا على طول السنة، كما يحتضن مرافق عسكرية ومنشآت نفطية عدة، مما يجعله ذا أهمية أمنية وإستراتيجية بالغة.
في 19 مايو/أيار 2025 أعلنت جماعة الحوثيين في اليمن وضع الميناء ضمن بنك أهدافها، واعتزامها بدء العمل على فرض حظر بحري عليه، ردا على تصعيد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ودعت جميع الشركات التي تستخدم الميناء إلى أخذ تحذيرها على محمل الجد.
الموقعيقع ميناء حيفا على الساحل الشمالي الغربي لفلسطين المحتلة، عند الطرف الجنوبي لخليج حيفا المطل على البحر الأبيض المتوسط، بالقرب من "قاعدة ستيلا ماريس"، وهي موقع عسكري إسرائيلي للرصد والمراقبة البحرية يطل على ميناء حيفا وخليجها.
يوجد الميناء في خليج طبيعي عميق ومحمي نسبيا بفضل السفوح الشمالية لجبل الكرمل، وتحيط به شبكات مواصلات برية (طرق سريعة وسكك حديد) تربطه بالمناطق الداخلية في إسرائيل، وذلك يجعل منه بوابة تجارية رئيسية تنفتح منها آسيا على أوروبا عبر المتوسط.
يمتد الميناء على مساحة واسعة تقدر بـ6.5 كيلومترات مربعة، ويغطي 3 كيلومترات على شاطئ مدينة حيفا، ويضم أرصفة ومحطات للحاويات، ومنشآت عسكرية وصناعية عدة، مما يجعله ذا أهمية إستراتيجية.
تاريخ الميناءيعود تاريخ ميناء حيفا إلى منتصف القرن 18، حين كان مرفأ صغيرا في عهد الأمير "ظاهر العمر الزيداني" (1695-1775) الذي استخدمه لنقل البضائع إبان سلطته المحلية للمنطقة الممتدة بين حيفا وصيدا، تحت حكم الدولة العثمانية، مستفيدا من موقعه الطبيعي في خليج محمي على البحر الأبيض المتوسط.
إعلانومع بداية الانتداب البريطاني على فلسطين في عشرينيات القرن العشرين، عملت السلطات البريطانية على توسيع الميناء، وربطه بشبكة السكك الحديد وبخط أنابيب النفط الممتد من مدينة كركوك في العراق إلى حيفا، الأمر الذي جعل منه مركزا لتصدير النفط نحو أوروبا.
وعقب إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948، انتقلت إدارة الميناء إلى السلطات الإسرائيلية التي واصلت تطوير بنيته التحتية. وشهدت العقود التالية توسعة الأرصفة، وبناء مرافق مخصصة للبضائع والحاويات، إضافة إلى تحديث أنظمة المناولة والربط مع شبكة المواصلات الداخلية.
تحول الميناء في العقود الأخيرة من القرن العشرين إلى منشأة صناعية وتجارية كبيرة، فأصبح أحد أكبر الموانئ في شرق البحر الأبيض المتوسط، ليضطلع بدور محوري في الاقتصاد الإسرائيلي عبر استيراد البضائع وتصديرها وارتباطه المباشر بالأسواق العالمية.
في مطلع عام 2023 خصخصت الحكومة الإسرائيلية ميناء حيفا، وفوضته مقابل 1.15 مليار دولار إلى مجموعة تتألف من شركة موانئ "أداني" الهندية وشركة "سديه غادوت" الإسرائيلية، ويستحوذ الشريك الهندي على ثلثي أسهم الميناء، بينما تمتلك الشركة الإسرائيلية الثلث.
أهميته الإستراتيجيةيستمد الميناء أهميته الإستراتيجية لدولة الاحتلال الإسرائيلي من عوامل عدة، نوجزها في ما يلي:
يقع في خليج حيفا عند الطرف الجنوبي، محاطا بجبل الكرمل، وذلك يوفر له حماية طبيعية من الرياح والأمواج، ومن ثم لا يعرف الميناء توقفات كبيرة قد يسببها تقلب الظروف الجوية. يشكل بوابة بحرية لإسرائيل نحو الأسواق الأوروبية، ومحطة مهمة في ممرات التجارة العالمية الجديدة، ضمن مبادرة "ممر الهند-الشرق الأوسط-أوروبا" التي تهدف إلى ربط جنوب آسيا بأوروبا عبر الخليج وإسرائيل (مشروع أميركي منافس لمبادرة الحزام والطريق الصينية). يتوفر على تجهيزات متقدمة تشمل أرصفة للحاويات ومنشآت تخزين، وخطوط سكك حديد تربطه مباشرة بالداخل الإسرائيلي، مما يجعله نقطة توزيع رئيسية للبضائع الواردة والصادرة. يحتضن منشآت أمنية وعسكرية يستغلها الاحتلال في عملياته العسكرية، وترسو فيه بوارج وغواصات حربية، الأمر الذي يجعله مضطلعا بدور محوري في "الأمن القومي الإسرائيلي". يضم مصانع وشركات كبيرة في مجالات متعددة، لا سيما في الصناعة البتروكيماوية، مما يجعل منه مرفقا حيويا للاقتصاد الإسرائيلي. يرتبط بشبكات أنابيب الغاز والنفط، وتستخدمه إسرائيل لتصدير المواد الكيماوية ومنتجات الطاقة، وذلك يجعله محورا في إستراتيجيتها لتسويق مواردها في شرق المتوسط. إعلان أبرز المنشآت التي يحتضنها الميناء مجموعة "بازان"كانت تسمى سابقا "شركة مصافي النفط المحدودة"، وهي إحدى أبرز شركات تكرير النفط والبتروكيماويات في إسرائيل، وتدير أكبر مصفاة نفط في البلاد، بقدرة تكريرية تصل إلى نحو 9.8 ملايين طن من النفط الخام سنويا.
توفر الشركة تشكيلة واسعة من المنتجات التي تستخدم في قطاعات الصناعة والزراعة والنقل، كما تقدم خدمات متكاملة تشمل تخزين مشتقات الوقود ونقلها.
مخازن المواد الخام للصناعة البتروكيماويةيضم الميناء مواقع تعدّها إسرائيل "مخزنا إستراتيجيا وطنيا" للأمونيا والميثانول والإيثيلين، المواد الخام في إنتاج الأسمدة وأحد أسس الصناعة العسكرية، ويشكل مصنع "حيفا للكيماويات" ورصيف الشحن الكيميائي "هاكيشون" ومصانع الأسمدة التابعة لشركة "آي سي إل" أبرز هذه المواقع.
خزانات النفط والمصافيتقع في منطقة كريات حاييم المتاخمة للميناء، ويضم الموقع 41 خزانا، سعتها الإجمالية 937 ألف متر مكعب من النفط الخام، إضافة إلى 17 خزانا آخر بسعة 157 ألف متر مكعب توجد داخل الميناء الرئيسي، مخصصة لتخزين النفط الخام الثقيل والخفيف والديزل والكيروزين والغازولين.
مطار حيفامطار دولي أُسّس عام 1936، كان في البداية قاعدة عسكرية بريطانية، قبل أن يتحول تدريجيا إلى مطار تجاري صغير. يعد محطة نقل مهمة تخدم أساسا الرحلات المحلية، كما تربط حيفا بعدد محدود من الوجهات الدولية.
يقع المطار بالقرب من مرفأ كيشون داخل ميناء حيفا، ويحظى بأهمية أمنية خاصة، إذ يضم منظومات الدفاع الجوية الإسرائيلية لصدّ الصواريخ والطائرات المسيرة التي تستهدف الميناء.
محطة كهرباء حيفاإحدى أبرز محطات توليد الطاقة في شمال إسرائيل، تعمل بالوقود الأحفوري بقدرة إنتاجية تصل إلى 1022 ميغاواتا، مما يجعلها ركيزة أساسية في شبكة الكهرباء الوطنية، إذ تزود مدينة حيفا والمناطق المحيطة بها باحتياجاتها من الكهرباء، وخصوصا المجمعات الصناعية الكبرى.
قاعدة حيفا البحرية إعلانتضم مركز قيادة البحرية الإسرائيلية في البحر المتوسط، كما تضم أنظمة دفاع جوي وصاروخي لحماية "المنشآت الإستراتيجية"، وتتمركز بها وحدة الحوسبة 3800 المكلفة بتتبع الاتصالات والنقل اللاسلكي والحوسبة والسيطرة على المعلومات العسكرية والاستخباراتية في الجيش الإسرائيلي.
وتحتضن القاعدة سفنا عسكرية من طراز "ساعر 6" وغواصات "دولفين 2″، التي يرجح أنها تحمل رؤوسا نووية.
محطات شحن حاويات البضائعتقع في الميناء 8 محطات شحن، تنقل أكثر من 30 مليون طن من البضائع سنويا، من بينها: محطة داجون لنقل الحبوب، ومحطة كيشون لنقل البضائع العامة، ومحطة خاصة بنقل المواد البتروكيماوية، فضلا عن محطة متصلة بخط سككي لنقل البضائع، توجد بالجهة الشرقية من الميناء.