عبدالله عبدالعزيز الحمران

بعد نحو عام من فرضه حظرًا بحريًّا على السفن المتجهة نحو الموانئ الإسرائيلية، أعلنت صنعاء خطوة تصعيدية جديدة تمثلت في فرض حظر جوي على العدوّ الإسرائيلي، في وقت تتواصل فيه الحرب الإسرائيلية على غزة. القرار الأخير لم يأتِ معزولًا، بل تزامن مع إعلان لافت عن توسيع نطاق الحظر البحري ليشمل ميناء حيفا في أقصى الشمال الفلسطيني المحتلّ؛ ما يؤشر على مرحلة جديدة في قواعد الاشتباك التي تعتمدها صنعاء.


بدأت صنعاء خطواتها في نوفمبر 2023، عندما أعلنت منع عبور السفن المرتبطة بـ (إسرائيل) في البحر الأحمر، في خطوة وُصفت حينها بأنها رمزية، لكنها سرعان ما أثبتت فاعليتها بعدما اضطرت شركات ملاحية كبرى إلى تغيير مساراتها. هذا التحَرّك منح اليمن موقعًا استراتيجيًّا في خارطة التوازنات الإقليمية، كطرف قادر على التأثير في شرايين التجارة الدولية رغم الظروف الداخلية التي يعيشها.
ومع إعلان الحظر الجوي، صعّد اليمن من موقعه في الصراع، معلنًا أن دعمه للمقاومة الفلسطينية، التزام ديني، وموقف بالأصالة لا بالنيابة عن أحد. وبالتوازي، أعلنت صنعاء إدراج ميناء حيفا ضمن الموانئ التي يشملها الحظر البحري، في خطوة تحمل أبعادًا إضافية من حَيثُ التهديد المباشر للبنية التحتية البحرية الإسرائيلية.
وتكمن أهميّة ميناء حيفا في كونه أحد أكبر الموانئ التجارية في (إسرائيل)، ويستقبل نسبة كبيرة من حركة الاستيراد والتصدير، كما يُعد نقطة وصل حيوية بين أُورُوبا وشرق المتوسط. إدراجه ضمن قائمة الحظر يعني توسيع نطاق الردع اليمني إلى جغرافيا جديدة، ويعكس إصرارًا على محاصرة العدوّ اقتصاديًّا، ورفع كلفة استمراره في العدوان على غزة.
يحمل هذا التصعيد اليمني رسائل متعددة الاتّجاهات:-
أولها إلى إسرائيل: أن اليمن بات جزءًا لا يتجزأ من محور المقاومة، وأن معادلات الردع ستطال كُـلّ شرايينه الحيوية.
ثانيها إلى حلفاء (إسرائيل)، خُصُوصًا الولايات المتحدة وبريطانيا، بأن استمرارَ الدعم السياسي والعسكري سيقابل بتوسيع الرد اليمني.
أما الرسالة الثالثة، فهي للشعوب العربية والإسلامية: بأن اليمن، رغم الحرب والحصار، لا يزال يمتلكُ قرارَه السيادي ويقف في خط الدفاع الأول عن فلسطين.
ويرى مراقبون أن صنعاء تسعى من خلال هذا التصعيد إلى فرض معادلة إقليمية جديدة، تجمع بين الضغط البحري والجوي، وتؤسس لمرحلة تتجاوز الرمزية إلى التأثير الفعلي في ميدان الصراع. فاليمن، بحسب قادته، لم يعد مُجَـرّد ساحة نزاع داخلي، بل أصبح لاعبًا إقليميًّا نشطا يملك أوراق ضغط استراتيجية تتجاوز حدوده الجغرافية.
وفي ظل استمرار المجازر في غزة وغياب أي أفق سياسي للحل، تراهن صنعاء على إرادتها الحرة وخياراتها العسكرية، مؤكّـدة أن خطواتها المقبلة ستظل مفتوحة على التصعيد ما دام العدوان مُستمرّا، في مشهد تتقاطع فيه السياسة والعقيدة والسلاح، من صنعاء إلى حيفا، مُرورًا بسماء البحر الأحمر وتل أبيب.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

خروقات إسرائيل لوقف إطلاق النار بعد شهرين من سريانه

لكن ما حدث منذ ذلك الحين كان عملية تبادل للأسرى والجثامين، في حين سُجلت مئات الخروقات الإسرائيلية وعدم الالتزام ببنود الاتفاق.

تقرير: صهيب العصا

Published On 11/12/202511/12/2025|آخر تحديث: 00:38 (توقيت مكة)آخر تحديث: 00:38 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • علي ناصر محمد يكشف: كيف أوقفت مكالمة هاتفية حرب 1972 بين شطري اليمن؟
  • علي ناصر محمد يكشف كيف أوقفت حرب 1972 بين شطري اليمن عبر التليفون
  • «دي بي ورلد» تطلق خدمة جديدة للنقل البحري بين ميناء راشد وميناء أم قصر
  • مسؤول حكومي: إعلان دولة جديدة في جنوب اليمن غير قابل للتنفيذ
  • خروقات إسرائيل لوقف إطلاق النار بعد شهرين من سريانه
  • تحوّلات المشهد الجيوسياسي جنوب اليمن.. الصهيونية تهندس معركة البقاء في الإقليم
  • صنعاء تفجر مفاجأة حول معالجة الملف اليمني
  • مجلس النواب اليمني: المملكة حريصة على وحدة اليمن وأمنه واستقراره
  • معلومات جديدة… هذا ما كشف عن العظام التي عثر عليها في محيط بركة دير سريان
  • مجلة أمريكية: ما يجري في شرق اليمن يؤثر على الأمن البحري في البحر الأحمر