المجاعة تدق الأبواب
تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT
صلاح جلال
الزملاء والأصدقاء في منبر زملاء الهند الوطنيين التحية لكم جميعا لدعوتي للمشاركة في هذا المنبر الحيوي والجاد لكوكبة من العقول المستنيرة الوطنية التي ترفض الحرب وتعمل على وقفها، وأشكر لكم جمعيا وصديق درب النضال الطويل الأستاذ ياسر عرمان، لقد خصصت هذا العمود اليوم لمخاطبتكم لاستنهاض همتكم لنعمل سويا في التعبئة والحشد والاستنفار الحميد، من أجل وقف هذه الحرب اللعينة التي أزهقت أرواح الألوف ودمرت البنيات التحتية ونهبت ممتلكات المواطنين واستباحت أعراضهم، لا يجب علينا استغلال آثار الحرب على الأحياء والأشياء من أجل التحشيد لمزيد من الحرب، بل يجب توظيفها لقفل المصنع الذي ينتج الانتهاكات، وبحشد كل الناس في صف وقف الحرب وتحقيق السلام المتفاوض عليه، للخروج من مستنقع حرب لا رابح فيها مهما تطاولت أيامها وشهورها وسنواتها لا بد من أن تنتهي على طاولة مفاوضات هذه سنة الحياة وتجارب التاريخ.
الزملاء الأعزاء البلاد مقبلة على مجاعة حقيقية كل مؤشراتها تقول إنها مجاعة مدمرة غير مسبوقة للتشبه آخر مجاعة ونقص حاد في الطعام كالتي حدثت في العام ١٩٨٣ م ولكن من الممكن أن تحمل ملامح مجاعة سنة ستة التي أكل فيها بعض الناس جثامين الموتى، ولم تسلم القطط والكلاب وتتبع الفقراء بيوت النمل للحصول على مخزون من طعامها هذه المجاعة القادمة تهديد جدي لوجود شعب السودان على قيد الحياة، كلام جد ليست تهويلا وخطرا حقيقيا لا يحتمل الاستخفاف أو التأجيل، لا يمكن أن نكون واقفين دون تحرك مدني كبير لمواجهة السبب الذي قادنا للمجاعة وهي الحرب الراهنة وتحلل الدولة.
لا بد لنا لمواجهة هذا المنعطف الحاد من عمل مدني جاد للضغط على طرفي الحرب اليوم قبل الغد لإيقاف هذه المهزلة فورا، بالاصطفاف المدني في كل المناطق الممكنة والآمنة للمناداة بوقف الحرب، لا بد من المظاهرات الحاشدة أمام السفارات بالخارج في كل دول العالم من الجاليات السودانية للمطالبة بالوقف الفوري للحرب، لابد من العمل المنظم في الخارج لتعبئة أكبر حركة تضامنا مع شعبنا لمواجهة مخاطر هذه المجاعة وسط الشعوب الصديقة والمحبة للخير والسلام، خيارنا كمدنيين هو التنظيم والحركة بالداخل والخارج، الصمت ليس خيارا وهو الدفع نحو الهاوية، الأمور وصلت حد إنقاذ حياة الملايين أو الموت، الحياة أصبحت مستحيلة، تقرير مساعد الأمين للأمم المتحدة للشئون الإنسانية يحمل مؤشرات مرعبة تقول ٩٥ % من عدد السكان متأثرين بنقص الغذاء وحوالي ٢٥ مليون نسمة لا يملكون وجبة يومية بانتظام، منهم الآن ٥ ملايين في حالة جوع لدرجة الموت بينهم أكثر من ٣ ملايين طفل، قضايا أساسية بدأت تسقط من سلم الأولويات المشافي والعلاج والأدوية المنقذة للحياة أصبحت معدومة، وانقطاع ١٩ مليون طفل عن التعليم أصبحت حقيقة كعاهة مستديمة تصادر بها الحرب العبثية الحاضر والمستقبل
مواقع الهشاشة السابقة حيث فقراء هامش المدن والأطفال في معسكرات النزوح يموتون يوميا بالعشرات، المواطن المغلوب يدفع الآن فواتير الحرب موتا مجانيا في معسكرات اللجوء والنزوح مشهد مفزع يفوق تصورات كافكا للرعب لا يحتمل السكوت أو الإبطاء.
بينما الفريق البرهان وقيادات الحرب من كبار الجنرالات والقادة وأسرهم ما زالت ضرورياتهم مؤمنة مع بعض الرفاهية.
وقيادات الدعم السريع كذلك، الجمرة بتحرق الواطيها وهو المواطن العادي صاحب المصلحة الحقيقية في وقف الحرب يجب أن تتحزم القوة المدنية للنضال وتستعد لدفع ثمن مقاومتها للحرب مهما كانت التكلفة والمخاطر من أجل أن تكون صوتا من لأصوت لهم، ويفرض عليهم الموت بلا ضوضاء وإزعاج لقادة الحرب ولورداتها من كبار الجنرالات، ومن خلفهم بعض المترفين أغنياء كل العصور الذين ينادون على الفقراء لحمل السلاح وأسرهم في تركيا وماليزيا وقطر والقاهرة وأطفالهم في المدارس والمشافي الخاصة جاهزة لاستقبالهم في أي طوارئ صحية.
ختامه
الزملاء والزميلات يجب علينا الآن النهوض والاستنفار في الداخل والخارج لإنقاذ الشعب الفضل من براثن الحرب العبثية، لنشمر سواعد الجد للنضال المر من أجل وقف هذه الحرب وحمل أطرافها غير المسئولة لمائدة التفاوض فورا بلا إبطاء لوقف العدائيات بأعجب ما تيسر، والعمل على تأمين وصول الطعام والدواء للمحتاجين فورا، وتأمين إعادة التلاميذ للتعليم وإعادة المؤسسات الصحية للعمل، ومن ثم الشروع في عملية سياسية تعالج قضايا العودة للحكم المدني الديمقراطي الذي تقوده القوى المدنية، ويجبر طرفا الحرب القوات المسلحة والدعم السريع الخروج من المشهد السياسي والعودة للثكنات لإكمال متطلبات الترتيبات الأمنية، لتأسيس قوات مسلحة موحدة ومهنية قومية التكوين من القمة للقاعدة، لتبدأ بلادنا سطرا جديدا في مسار التقدم والاستقرار والازدهار، لن يحدث كل ذلك دون تنظيم حركة جماهيرية مدنية واسعة في الداخل والخارج تقود النضال لإجبار المتنطعين من جنرالات الحرب وجرهم لطاولات التفاوض لتحقيق وقف القتال، وهو مطلب الشعب.
لقد قال الخليفة العادل عمر بن الخطاب لأخير في أمر جلل أبرم من غير شورى، لقد وجدنا أنفسنا في حرب لم نستشر في إشعالها وليست خيارنا، يجب أن تقف فورا نقطة سطر جديد.
الوسومصلاح جلالالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: صلاح جلال من أجل
إقرأ أيضاً:
هل نعيش حقًا أم نُكرر الحياة؟
نورة الدرعية
في زحمة الحياة اليومية، نُخدع أحيانًا بفكرة أننا نملك زمام قراراتنا. نعيش وفق ما نظنه اختياراتنا، ونعتقد أننا أحرار في توجيه حياتنا، بينما نكون في الحقيقة مقيدين بأنماط مألوفة، وموروثات فكرية واجتماعية تشكل طريقة نظرنا إلى العالم. نحن نكرر، لا نختار، ونؤدي أدوارًا رسمها غيرنا دون أن نعي ذلك.
يميل الإنسان بطبيعته إلى الأمان، إلى التمسك بالمألوف وتجنب المجازفة. فنُغلق أبواب الاحتمالات التي لا نعرفها، ونفضل طرقًا اختبرها الآخرون، حتى لو لم تُشبهنا. وربما لهذا السبب، يعيش كثيرون حياة باهتة، نصف مكتملة، تفتقر إلى الشغف والمعنى، ويقضون أعمارهم وهم يسيرون في دوائر مألوفة، دون أن يجرّبوا السير في طريق جديد، فقط لأن المجهول يخيفهم.
الحياة، كما نعرفها، قصيرة جدًا. لكنها في قِصرها تمنحنا فرصة نادرة لنكون ما نريد، لا ما يُنتظر منا. ومع ذلك، لا نغتنم هذه الفرصة دائمًا. نُؤجل أحلامنا، نخشى التغيير، ونتردد في خوض المغامرات التي قد تقودنا إلى نسخ أكثر صدقًا من أنفسنا. وفي لحظة ما، قد نستيقظ لنجد أن العمر مرّ دون أن نعيش حقًا، دون أن نلمس المعنى الحقيقي للحياة.
إن أخطر ما قد يصيب الإنسان هو الاعتياد على حياة لا تليق به. أن يصبح نسخة باهتة من حلم قديم، أن يتنازل عن طموحه كي يرضي مقاييس النجاح الشائعة، أو أن يعيش على هامش الحياة فقط لأنه خائف من الفشل. هذه الحياة المؤجلة ليست حياة كاملة، بل استسلام ناعم يسرق منا أجمل ما فينا.
لكن الشجاعة لا تعني الكمال، بل تعني أن نملك الجرأة على السؤال: هل ما أعيشه يشبهني؟ هل أريد هذا الطريق؟ أن تكون شجاعًا يعني أن تعترف بأنك تستحق أكثر، وتملك الحق في المحاولة، حتى لو أخطأت. فالتجربة، لا السلامة، هي ما يمنح الحياة طعمها الحقيقي.
مؤسف أن نرى الكثيرين يحيون بلا شغف، يعملون في وظائف لا يحبونها، ويتخذون قراراتهم بناءً على توقعات الآخرين. إنهم يعيشون حياة مستعارة، ويخافون أن يخسروا ما لا يملكونه أصلًا. وما إن يفيقوا على حقيقة هذا الخوف، حتى يكون الأوان قد فات.
الحياة لا تكتمل وحدها، بل تحتاج من يقودها ويمنحها الاتجاه. والخسارة الحقيقية ليست في الفشل، بل في ألا نحاول أبدًا. أن نعيش بنصف قلب، ونخوض الأيام بلا روح، هو ما يجب أن نخافه، لا العثرات.
اختر أن تعيش حياة تُشبهك. حياة تُدهشك، وتعبّر عنك. فالحياة لا تعني أن تبقى، بل أن تُزهر، أن تخوض، أن تغامر، وأن تثبت أنك تستحق أكثر من البقاء: تستحق الحياة بكل احتمالاتها.