تخيل أن لديك مطرقة تريد أن تجعلها أكثر فعالية في مهمة دق المسامير بالخشب، فيمكنك في هذه الحالة إضافة تعديلات عليها حتى تعمل بشكل أفضل، وهذا يشبه ما فعله باحثون من جامعة سينسيناتي الأميركية، إذ نجحوا في تطوير مادة محفزة من النحاس لجعلها أكثر كفاءة في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى الإيثيلين الذي يوصف بأنه "أهم مادة كيميائية في العالم".

ويتجه الباحثون عالميا الآن إلى تحويل ثاني أكسيد الكربون من ملوث بيئي إلى منتجات صناعية مفيدة. وبينما عملت فرق بحثية سابقة على إنتاج الإيثلين من ثاني أكسيد الكربون باستخدام محفز النحاس، فإن هذه العملية شابها بعض السلبيات التي نجح الباحثون خلال الدراسة الجديدة المنشورة في دورية "نيتشر كيميكال إنجنيرنغ" في التغلب عليها، عبر تطوير محفز النحاس لجعله أكثر كفاءة في العمل.

ويشرح أستاذ الهندسة الكيميائية بجامعة أسيوط (جنوب مصر) خالد الحلواني في حديث خاصة لـ"الجزيرة نت" ما فعله الباحثون قائلا: " فكّر في محفز النحاس باعتباره الأداة الأساسية، مثل المطرقة، فالجميع يستخدمها لدق المسامير في الخشب، ولكنك نجحت في إجراء تعديلات في مطرقتك الشخصية عبر ربط مغناطيس برأسها لجذب المسامير وتثبيتها في مكانها، مما يسهل طرقها، وهذا جعلها أكثر كفاءة في أداء المهمة، وبالمثل هذا ما فعله الباحثون".

ويوضح أنه "بنفس الطريقة التي استخدمتها لترقية أداء مطرقتك الشخصية، أضاف الباحثون كميات صغيرة من منشطات معدنية نبيلة -مثل الروديوم- إلى سطح محفز النحاس، حيث تعمل هذه المنشطات مثل المغناطيس، مما يجعل المحفز أكثر فعالية في أداء المهمة المحددة المتمثلة في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى إيثيلين".

زينغيوان لي المعد الرئيسي لمشروع بحثي لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى إيثيلين (جامعة سينسيناتي)

وتساعد المنشطات المعدنية النبيلة على توجيه التفاعلات الكيميائية في الاتجاه الصحيح، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج الإيثيلين مقارنة بالمنتجات الثانوية الأخرى مثل الإيثانول.

وكما يمكنك ضبط موضع وقوة المغناطيس على مطرقتك لتحسين أدائها، فإن الباحثين يمكنهم التحكم بعناية في كمية وتوزيع تلك المنشطات على المحفز النحاسي، ويضمن هذا الضبط الدقيق تحقيق المحفز أعلى كفاءة ممكنة في إنتاج الإيثيلين، مع تقليل تكوين المنتجات الأخرى غير المرغوب فيها، وفقا للحلواني.

4 خصائص للمنشطات المعدنية

وتحقق المنشطات المعدنية المضافة لسطح محفز النحاس هذه الوظيفة عبر أربع خصائص، يشير إليها الحلواني على النحو التالي:

أولا: إضافة المنشطات المعدنية يعدل من خصائص سطح المحفز النحاسي، بما يؤثرعلى عوامل مثل قوة الارتباط للأنواع الوسيطة المشاركة في التفاعل، وتوزيع المواقع النشطة على سطح المحفز، والتفاعل الكلي للمحفز. ثانيا: تُظهر المنشطات المعدنية المعتمدة على المعادن النبيلة؛ خصائص تحفيزية فريدة بسبب تركيبة كيمياء سطحها، ومن خلال دمج كميات صغيرة منها في المحفز النحاسي يمكن تعزيز النشاط التحفيزي للمحفز. ثالثا: يمكن للمنشطات المعدنية النبيلة المضافة لسطح المحفز النحاسي، تعزيز تفاعلات معينة عن غيرها بشكل انتقائي، وفي حالة التحويل الكهروكيميائي لثاني أكسيد الكربون إلى إيثيلين، فإن وجودها يساعد في توجيه التفاعل نحو إنتاج الإيثيلين مع قمع التفاعلات الجانبية المتنافسة التي قد تؤدي إلى تكوين منتجات ثانوية أخرى مثل الإيثانول. رابعا: تسمح إضافة المنشطات المعدنية النبيلة بضبط مسارات التفاعل المشاركة في العملية التحفيزية، ويمكن أن يؤدي هذا الضبط الدقيق إلى تحسين انتقائية وكفاءة واستقرار المحفز، مما يؤدي إلى تحسين الأداء العام في إنتاج الإيثيلين. في الطرق التقليدية يجري إنتاج الإيثيلين عادة من خلال التحلل الحراري للهيدروكربونات مثل الإيثان أو النافتا (شترستوك) إنتاج صديق للبيئة

وفي الطرق التقليدية، مثل "التكسير بالبخار"، يجري إنتاج الإيثيلين عادة من خلال التحلل الحراري للهيدروكربونات مثل الإيثان أو النافتا.

وتتضمن هذه العملية تعريض الهيدروكربونات لدرجات حرارة عالية في وجود البخار، مما يؤدي إلى تكوين الإيثيلين ومنتجات ثانوية أخرى.

ولكن الطريقة التي وصفها الباحثون في دراستهم تعتمد على "الاختزال الكهروكيميائي"، حيث يتعرض ثاني أكسيد الكربون في الخلية الكهروكيميائية للاختزال، وهذا يعني أنه بمساعدة الكهرباء يجري تقسيم جزيئات ثاني أكسيد الكربون إلى مركبات أبسط، بما في ذلك الإيثيلين.

وتحتوي الخلية الكهروكيميائية على قطبين كهربائيين مغمورين في محلول "إلكتروليت" يحتوي على ثاني أكسيد الكربون المذاب، وعندما يُمرر تيار كهربائي عبر الخلية فإن جزيئات ثاني أكسيد الكربون الموجودة عند الكاثود (القطب السالب) تخضع للاختزال، مما يؤدي إلى تكوين الإيثيلين ومنتجات أخرى.

ويساعد وجود محفز النحاس المعدل بالمنشطات المعدنية بـ"الكاثود"، على تحسين كفاءة عملية التحويل وتعزيز نشاطها وانتقائيتها تجاه إنتاج الإيثيلين.

4 مزايا بيئية واقتصادية

ومقارنة بالطريقة التقليدية، يحمل هذا الإنجاز أربع مزايا بيئية واقتصادية، يعددها أستاذ الهندسة الكيميائية والباحث الرئيسي بالدراسة جينجي وو، في بيان صحفي نشره الموقع الإلكتروني لجامعة سينسيناتي، وهي:

إنتاج الطاقة الخضراء: فهذه العملية توفر إمكانية إنتاج الإيثيلين باستخدام مصادر الطاقة الخضراء بدلا من الاعتماد على الوقود الأحفوري، ويتوافق هذا الجانب مع الهدف الأوسع المتمثل في الحد من انبعاثات الكربون والانتقال نحو ممارسات طاقة أكثر استدامة. عزل الكربون: من خلال استخدام ثاني أكسيد الكربون كمادة أولية لإنتاج الإيثيلين، تساعد العملية في إعادة تدوير ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وبالتالي المساهمة في جهود عزل الكربون والتخفيف من تغير المناخ. الكفاءة والانتقائية: يعمل محفز النحاس المعدل على تحسين كفاءة وانتقائية عملية التحويل الكهروكيميائية بشكل كبير، مما يؤدي إلى زيادة إنتاج الإيثيلين مقارنة بالطرق التقليدية، وتعد هذه الانتقائية المعززة أمرا بالغ الأهمية لتحسين العمليات الصناعية وتقليل النفايات. إزالة الكربون من الإنتاج الكيميائي: يمثل تطوير هذه التكنولوجيا خطوة مهمة نحو إزالة الكربون من الصناعة الكيميائية، فمن خلال استخدام الكهرباء من مصار الطاقة المتجددة والمواد الخام المستدامة مثل ثاني أكسيد الكربون، يمكن جعل إنتاج المواد الكيميائية أكثر مراعاة للبيئة وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة. الدكتور جينجي وو نجح في تطوير تفاعل كهروكيميائي لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مادة الإيثيلين (جامعة سينسيناتي) تطبيقات صناعية متعددة

وبينما عملت فرق بحثية حول العالم على إعادة تدوير ثاني أكسيد الكربون في منتجات قيمة، مثل "ثنائي ميثيل إيثر" أو "كربونات الجلسرين"، فإن الباحثين بدوا في الدراسة الجديدة أكثر حماسا لإنتاج "الإيثلين" الذي وصفوه في البيان الصحفي بأنه "أهم مادة كيميائية في العالم"، وقالوا إن الصناعة الكيميائية أنتجت منه 225 مليون طن متري ( الطن المتري يساوي 1000 كلغم) عام 2022.

ويدخل "الإيثلين" في مجموعة واسعة من التطبيقات الصناعية، وتشمل:

الإيثيلين حجر الأساس لإنتاج البولي إيثيلين، وهو أحد أكثر أنواع البلاستيك استخداماعلى مستوى العالم، ويستخدم في تطبيقات مختلفة مثل التعبئة والتغليف (الأكياس البلاستيكية والزجاجات والحاويات) والأنابيب وقطع غيار السيارات. يعمل كمادة كيميائية وسيطة في تركيب العديد من المواد الكيميائية والمنتجات الأخرى، ويُستخدم لإنتاج أكسيد الإيثيلين الذي يُعالج بشكل إضافي لصنع جلايكول الإيثيلين، وهو مكون رئيسي في إنتاج ألياف البوليستر ومضادات التجمد. يستخدم في إنتاج مركبات الفينيل، بما في ذلك كلوريد البولي فينيل الذي يستخدم على نطاق واسع في مواد البناء مثل الأنابيب وإطارات النوافذ والأرضيات والجوانب، وكذلك في الأجهزة الطبية وقطع غيار السيارات والسلع الاستهلاكية. يعتبر مقدمة لـ "الستيرين" الذي يستخدم في إنتاج البوليسترين، وهو بلاستيك متعدد الاستخدامات يستخدم في التعبئة والتغليف والعزل وأدوات المائدة التي تستخدم لمرة واحدة ومنتجات الرغوة. يعد مادة خام رئيسية في إنتاج المطاط الصناعي، بما في ذلك مطاط "الإيثيلين بروبيلي" و"مونومر الإيثيلين بروبيلين ديين"، والتي تستخدم في إطارات السيارات والخراطيم وغيرها من التطبيقات. يستخدم في الزراعة كعامل إنضاج للفواكه والخضراوات، فهو يساعد على تسريع عملية النضج وتحسين تلوين الفاكهة وتنظيم الإزهار في بعض النباتات. يستخدم وقودا في بعض العمليات الصناعية، مثل اللحام والقطع بالوقود الأكسجيني، حيث يُحرق لإنتاج الطاقة الحرارية. مزيد من العمل لحصد الفوائد

ويحتاج حصد هذه الفوائد الاقتصادية والبيئية لإنتاج الإيثيلين من ثاني أكسيد الكربون، إلى عمل إضافي يجب أن يؤديه الباحثون للانتقال بفكرتهم من المعمل إلى التطبيق التجاري.

وكان الباحثون حريصون في البيان الصحفي على توضيح النقاط التي يجب العمل عليها في دراسات لاحقة لتحقيق هذا الغرض، وهي:

استقرار عملية التحويل: فنظام التحويل يفقد كفاءته بمرور الوقت بسبب تكوين منتجات ثانوية على محفز النحاس مثل هيدروكسيد البوتاسيوم، وقال الباحثون إنهم بحاجة إلى استكشاف طرق لتحسين استقرار أداء المحفز للحفاظ على الكفاءة على مدى فترات طويلة من التشغيل. الجدوى التجارية: في حين أظهرت الدراسة نتائج واعدة في المختبر، يعترف الباحثون بالحاجة إلى تحسين العملية لجعلها أكثر جدوى من الناحية التجارية، وقد يتضمن ذلك تحسين الجوانب المختلفة لنظام التحويل الكهروكيميائي، بما في ذلك فعالية التكلفة وقابلية التوسع وكفاءة الطاقة. التشغيل الممتد: فقد قال الباحثون إن لديهم هدفا يتمثل في تمديد تشغيل نظام التحويل من ألف إلى مئة ألف ساعة، وسيتطلب تحقيق هذا الهدف معالجة التحديات المتعلقة بتدهور أداء المحفز، واستقرار التفاعل بشكل عام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إنتاج الإیثیلین مادة کیمیائیة أکثر کفاءة فی مما یؤدی إلى کیمیائیة فی الکربون من بما فی ذلک یستخدم فی فی إنتاج من خلال

إقرأ أيضاً:

هل نجح الباحثون الأردنيون في توثيق هوية القدس وحمايتها معرفيا؟

عمّان- شكلت مدينة القدس محورا مركزيا في الوجدان العربي والإسلامي، كما حظيت المدينة المقدسة بمكانة خاصة في الفكر والاهتمام الأكاديمي الأردني، لما تمثله من رمزية دينية وتاريخية وحضارية قل نظيرها، الأمر الذي دفع الباحثين في الأردن للاهتمام بصورة كبيرة بدراسة مدينة القدس عبر تأليف الكتب المتخصصة من مختلف الجوانب التاريخية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والقانونية، والثقافية، والفنية، والدينية، والأدبية، والعمرانية.

واستحوذ تاريخ مدينة القدس على اهتمام الباحثين والمؤلفين والمؤرخين والسياسيين والمثقفين والفنانين ورجال الدين منذ أقدم الأزمنة باعتبار أنَّ الصراع على المدينة ‏قديم متجدِّد، في حين يراهن الاحتلال عبر سعيه المستمر لتغيير روح المدينة وهويتها التاريخية من خلال طمس ‏المعالم وتبديل الحقائق وخلق واقع ثقافي وسياسي جديد يستهدف أصالتها والعبث بواقعها الديني والحضاري والتاريخي.

مدينة القدس حظيت بمكانة خاصة في الجهد الأكاديمي والبحثي في الجامعات والمؤسسات التعليمية الأردنية قل نظيرها (الجزيرة)الهوية التاريخية

على مدار العقود الماضية، تجلّى الاهتمام الأكاديمي الأردني في السعي نحو توثيق مدينة القدس، ودراستها بمختلف أبعادها، وشكلت الجامعات الأردنية حاضنة لهذا الجهد العلمي، عبر ما أُنجز من رسائل ماجستير ودكتوراه، إضافة إلى مئات المؤلفات الفردية والجماعية التي حاولت تأصيل المعرفة المقدسية من زاوية علمية وطنية ملتزمة.

ورغم حالة الزخم الأكاديمي والعلمي المتعلق بمدينة القدس، فإن الإنتاج المعرفي -حسب أكاديميين أردنيين- واجه عديدا من التحديات التي هددت فاعليته واستدامته، وهي على النحو التالي:

صعوبة دخول مدينة القدس المحتلة نتيجة الإجراءات الإسرائيلية المشددة، مما يعوق إجراء الدراسات الميدانية. محدودية الوصول إلى الوثائق الأرشيفية الخاصة كالأرشيف العثماني أو سجلات الأوقاف التي تحتاج إلى تراخيص خاصة. شُح الموارد الرقمية إذ لا تزال عديد من الوثائق والمراجع المهمة غير متاحة إلكترونيا. ضعف الدعم المؤسسي وقلة تمويل الدراسات البحثية المتخصصة عن مدينة القدس. إعلان

وقد صدرت عشرات الكتب عن القدس على يد باحثين وأكاديميين أردنيين، تناولت المدينة من زوايا مختلفة، من بينها:

القدس في القانون الدولي. تاريخ القدس السياسي والحضاري. القدس في الأدب العربي الحديث في فلسطين والأردن. الهوية الثقافية والمعمارية للقدس. السياسات الإسرائيلية في القدس وتهويد المدينة. ياسين: معضلة الرواية العربية والإسلامية حول القدس تكمن في انتشار الرواية الإسرائيلية كالنار في الهشيم (الجزيرة)بين سرديتين

وفي ظل اشتداد معركة الروايات حول مدينة القدس، يؤكد نائب رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين، وأستاذ التاريخ والحضارة بجامعة اليرموك الدكتور رياض ياسين، أن تناول مدينة القدس أكاديميًا ليس لمجرد أنها قضية بحثية أو معرفية، بل لأنها تمثل "صراعا وجوديا وهويّاتيا يمسّ عمق الوعي العربي والإسلامي في مواجهة الأدلجة الصهيونية".

ويقول الدكتور ياسين -الذي ألّف عديدا من الكتب المتخصصة عن مدينة القدس في حديثه للجزيرة نت- إن "الموضوع ليس سهلا، فنحن العرب مسكونون بالقدس، لا على المستوى السياسي أو الجغرافي فقط، بل في عمقنا الديني والروحي والثقافي، فالقدس تختلف عن أي مدينة أخرى، لأنها محمّلة بكل هذه المعاني في وجداننا".

ويرى الدكتور ياسين الذي ألف كتاب "التكوين السياسي والتاريخي لمدينة القدس" أن معضلة الرواية العربية والإسلامية حول القدس تكمن في انتشار الرواية الإسرائيلية كـ"النار في الهشيم"، خاصة في الموسوعات الرقمية الضخمة والمواقع الغربية ذات التأثير، التي تُعرِّف القدس باعتبارها "عاصمة لإسرائيل" ضمن منظومات معرفية تستند إلى مواقف سياسية منحازة من الدول الكبرى، تعيد إنتاج السردية الإسرائيلية في الوعي العالمي.

وتابع الأكاديمي الأردني: "إذا كنت أمثّل الحق العربي والإسلامي، فأنا بالضرورة أقف على الطرف الآخر من هذه السردية، وأسعى لتثبيت الرواية الأصلية بأن هذه مدينة عربية وإسلامية في تكوينها التاريخي والثقافي والسياسي".

ويشير الدكتور ياسين إلى أن ما يجري على الأرض من محاولة محو للهوية العربية في القدس يُقابَل بصراع حقيقي ومركّب، يتداخل فيه البعد السياسي، بالمشهد الإعلامي.

عرض لدراسة صدرت عن اللجنة الملكية لشؤون #القدس الأردنية تؤكد أهمية الوثائق التاريخية في حفظ الموروث الثقافي والاجتماعي لمدينة القدس في مواجهة محاولات الاحتلال طمس الإرث الحضاري للمدينة. https://t.co/11f8KFDEZS

— الجزيرة نت | ثقافة (@AJA_culture) July 20, 2025

توثيق الرواية

وتحدث الدكتور ياسين عن جهود المؤسسات الأردنية التي تسعى لتوثيق الرواية الأصلية للمدينة، وعلى رأسها اللجنة الملكية لشؤون القدس، التي تقوم برصد الصحافة والمتابعات اليومية لكل ما يجري داخل مدينة القدس، إضافة إلى الدور الفاعل لمؤسسة القدس الدولية في بيروت، التي تعمل بشكل احترافي في توثيق الروايات والملفات التي تُغفلها المؤسسات الدولية.

في هذا السياق، يلفت الدكتور ياسين إلى دراسته المنشورة في مجلة "أفكار"، التي تناول فيها الإنتاج المعرفي عن القدس في مجالات السياسة، والأدب، والتاريخ، والقانون، والتراث الثقافي، مشيرا إلى أن الكتب التي تناولت القدس كثيرة، لكنها تواجه تحديات تتعلق بالنشر والترويج والانتشار.

إعلان

وبيّن الدكتور ياسين أن الصراع على القدس ليس قانونيا فقط، بل أيديولوجيا بامتياز، فالرؤية الإسرائيلية تقوم على "أسرلة" المدينة، بينما الرواية العربية تتعامل مع القدس كجزء لا يتجزأ من الهوية الحضارية الإسلامية، مؤكدا أن "الباحث العربي والمسلم مدعوّ لأن يكون حاضرا، لا فقط بموقفه، بل بأدواته المعرفية والبحثية، كي لا تنفرد الرواية الإسرائيلية بإعادة تشكيل الوعي العالمي".

الخباص: الأردن من أكثر الدول العربية اهتماما بمدينة القدس على المستويين الأكاديمي والثقافي (الجزيرة)دور متقدم

من جانبه، أكد الباحث والأكاديمي الأردني الدكتور عبد الله الخباص أن الأردن يُعد من أكثر الدول العربية اهتماما بمدينة القدس على المستويين الأكاديمي والثقافي.

ويشير الدكتور الخباص -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الجامعات الأردنية تبدي انفتاحا وتيسيرا كبيرين في ما يتعلق ببحوث الدراسات العليا المرتبطة بالقدس، إذ يشجع أعضاءُ هيئة التدريس الطلبة في مرحلتي الماجستير والدكتوراه على تناول المواضيع التي تتعلق بتاريخ مدينة القدس وحضارتها، بالإضافة إلى حضورها في الأدب العربي الحديث، خاصة في الشعر، والقصة، والرواية، والمسرح.

ويقول الدكتور الخباص إن "الإجراءات في الأردن ميسّرة إلى حد كبير، ولم أواجه شخصيا أي صعوبات إدارية أو أكاديمية، باستثناء الوصول إلى بعض المصادر والدراسات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة".

ويضيف مستدركا: "مع ذلك، تمكنت من الحصول على عدد من المجموعات القصصية والدواوين الشعرية عبر المراسلات، رغم أن كثيرا من المنشورات في داخل الأراضي الفلسطينية لا تزال غير متاحة بسهولة".

ويستشهد الدكتور الخباص بتجربته الشخصية، مشيرا إلى أن كتابه، الذي نُشر عام 1996، تم اعتماده ضمن "مكتبة الأسرة" التابعة لوزارة الثقافة الأردنية، في خطوة تعكس الدعم المؤسسي الرسمي لنشر الإنتاج المعرفي المتعلق بالقدس.

على مدار العقود الماضية تجلّى الاهتمام الأكاديمي الأردني في السعي نحو توثيق مدينة القدس وتاريخها وشخصياتها (الجزيرة)مساق جامعي

ويضيف أن عددا من الجامعات الأردنية بادرت إلى اعتماد "مساق القدس" ضمن برامجها التدريسية لمختلف التخصصات، كما ناقشت أقسام التاريخ في الجامعات رسائل علمية تناولت موضوعات ذات صلة بالمدينة المقدسة، منها الأوقاف الإسلامية، والفترة العثمانية، إضافة إلى التاريخ الأردني المعاصر المرتبط بالقدس.

ولفت الدكتور الخباص إلى دور ملتقى القدس الثقافي، الذي يُعد منصة فاعلة في تعزيز المعرفة بالقدس من خلال تنظيم مسابقات، ودورات تدريبية، وورش عمل، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، موضحا أن الأنشطة المتنوعة المتعلقة بقضية القدس تشمل مجالات الرسم، والأدب، والشعر، والخاطرة، ويشارك فيها آلاف الطلبة من مختلف المراحل الدراسية، مما يعكس حالة الوعي المجتمعي والثقافي المستمرة تجاه المدينة المقدسة.

وكانت الحكومة الأردنية قد وقعت في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، اتفاقية مشروع وقفية القدس للبحث العلمي وجودة التعليم بالشراكة بين الجامعة الأردنية وجامعة القدس ومؤسسة منيب رشيد المصري للتنمية.

وتهدف الوقفة إلى توفير إطار مؤسسي منظم ومستدام لتأمين مصادر مالية متنامية لدعم إعداد وتأهيل الكوادر البشرية من فنيين وعلماء وباحثين من طلبة الجامعات الأردنية والفلسطينية، وإنتاج المعرفة والابتكارات والصناعات الإبداعية المتعلقة بمدينة القدس وغيرها من الموضوعات، وتأمين التمويل المالي لدعم الطلاب المتميزين، وذلك من خلال مئات المنح الدراسية.

مقالات مشابهة

  • مزرعة مخدّرات سرية في البيضاء.. إنتاج أكثر من 5 آلاف كيلوغرامًا من القنب الهندي
  • هل قصفت تايلند كمبوديا بغازات كيميائية سامة؟
  • أشرف صبحي: ثقة العالم في المهندس ياسر إدريس دليل على كفاءة الرياضة المصرية
  • "مسام": نزع أكثر من ألف لغم وعبوة متفجرة خلال أسبوع واحد في اليمن
  • هل نجح الباحثون الأردنيون في توثيق هوية القدس وحمايتها معرفيا؟
  • تقرير أممي: أكثر من خمس سكان أفريقيا واجهوا الجوع عام 2024
  • لا شمس، لا طعام: الكابوس القادم مع “الشتاء النووي”
  • وزير البترول ورئيس «إنرجين» يبحثان تعزيز التعاون بمجالات الغاز والتقاط الكربون
  • تشغيل أول وحدة لالتقاط الكربون من الهواء مباشرة في كابسارك
  • وزير الطاقة يطلق أول وحدة لالتقاط الكربون من الهواء مباشرة في «كابسارك»