مبادرة كتلة الاعتدال تتقدّم.. بماذا تختلف عن غيرها؟!
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
تزامنًا مع "إحياء" حراك "الخماسية" على صعيد الملف الرئاسي، انطلاقًا من سفرائها المعتمدين في بيروت، وسط حديث عن مساعٍ لإنجاز الاستحقاق بالتوازي مع الهدنة التي يفترض كثيرون أنّها ستدخل حيّز التنفيذ خلال شهر رمضان، برز إلى الواجهة حراك من نوع آخر، بطابع "لبنانيّ" هذه المرّة، تتصدّره كتلة "الاعتدال الوطني" التي باشرت جولة على مختلف الكتل النيابية، لعرض ما تصفها بـ"المبادرة الرئاسيّة".
وإذا كان كثيرون اعتقدوا أنّ مبادرة "الاعتدال" ستضاف إلى غيرها من المبادرات السابقة، المحلية والإقليمية، التي بقيت "حبرًا على ورق"، بفعل إصرار مختلف الأفرقاء على مواقفهم المُعلَنة، جاءت "المفاجأة" على لسان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي أعلن بعد لقائه وفدًا من الكتلة، موافقته على طرحها، بل حماسته لأفكارها، التي وصفها بـ"المبادرة الجدية"، ولا سيما أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري قد وافق عليها.
إلا أن موقف جعجع دفع كثيرين إلى التساؤل عن "المختلِف" في مبادرة كتلة "الاعتدال"، فما الذي يميّزها عن غيرها، حتى تكون مقبولة بعكس سابقاتها، ولا سيما أنّها تقوم على "مزيج" بين الحوار أو التشاور والجلسات الانتخابية المفتوحة؟ وهل يُكتَب لهذه المبادرة النجاح فعلاً، أم أنّ العراقيل التي اصطدمت بها سائر المبادرة ستواجهها أيضًا، بمعزل عن الموافقات المبدئيّة التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟!
ميزات مبادرة "الاعتدال"
صحيح أنّ مبادرة كتلة "الاعتدال" تشبه في الشكل الكثير من المبادرات التي طُرِحت سابقًا، فهي تقوم على فكرة الحوار والتشاور بين مختلف الكتل النيابية، من أجل التفاهم على مرشح رئاسي أو أكثر، وإن "حصرته" بجلسة واحدة داخل المجلس النيابي، ليعقبها جلسات متتالية تشارك فيها مختلف الكتل، ولا تقاطعها، من أجل إنجاز الاستحقاق، عبر انتخاب رئيس للجمهورية، وفق منطق "ليترشح من يترشح ويفز من يفز".
في هذا السياق، ثمّة من قارن بين فحوى هذه المبادرة، وآخر المبادرات الحوارية التي قدّمها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقامت على "المزيج نفسه" تقريبًا، بين حوار قُلّصت مدّته إلى سبعة أيام فقط، غير قابلة للتمديد، تعقبها جلسات مفتوحة ومتتالية، تعهّد الرئيس بري بالدعوة إليها، إلا أنّ الكثير من الكتل التي وافقت على مبادرة "الاعتدال"، بناءً على مبادرة بري، اعتبرت وقتها كلام بري مجرد "مناورة".
يقول العارفون إنّ ما يميّز مبادرة "الاعتدال" بهذا المعنى، قد تكون بهوية أصحابها، فهم قادرون على لعب دور "الوسيط المحايد"، ولا سيما أنّهم نجحوا طيلة المرحلة الماضية في إثبات عدم تبعيّتهم لأحد، وبقوا على مسافة واحدة من الطرفين، وبالتالي فإدارتهم للحوار لا يفترض أن تلقى اعتراضات، كما حصل مع الرئيس بري، الذي تذرّع البعض، على غرار "التيار الوطني الحر"، بأنّه "طرف" ولا يستطيع أن يدير حوارًا بين متنازعين، هو واحدٌ منهم.
هل يُكتَب لها النجاح؟
لكن، أبعد من هذه "الميزة" المحصورة في الشكل فقط، والتي لا تصل إلى الجوهر أو المضمون، لا يجد المطّلعون على الأجواء الكثير من الاختلاف في هذه المبادرة عن سابقاتها، إلا إذا كان التجاوب معها، محاولة للتراجع عن الشروط السابقة، التي ثبُت أنّها لا يمكن أن تفضي لانتخاب رئيس، ولو أنّ هناك من برّر الأمر بالقول إنّ الحوار الذي تدعو إليه "الاعتدال" لا يهدف إلى "الإقناع" بمرشح وحيد، كما كان الحال مع مبادرات أخرى، وفق هؤلاء.
يبقى السؤال، انطلاقًا إلى الحماسة المبدئية لمبادرة "الاعتدال"، عمّا إذا كان يمكن التفاؤل بأنّ النجاح سيكون حليفها، وبالتالي يُنتخَب رئيس بموجبها في المدى المنظور، وهو سؤال لا تبدو الإجابة عليه "حاسمة" حتى الآن، لكنها مربوطة بالكثير من الشكوك، المستندة إلى غياب أيّ مؤشرات توحي بإمكانية تراجع أيّ فريق عن موقفه المُعلَن، ما يعني أنّ عقد الجلسات لن يكون كافيًا فعلاً لتصاعد الدخان الأبيض، والوصول إلى انتخاب رئيس.
ويقول العارفون إنّ الاستناد إلى تجربة "التقاطع" في هذا السياق لا يبدو واقعيًا، لأنّ القاصي والداني يعلم أنّ الكثير ممّن صوّتوا للوزير السابق جهاد أزعور فعلوا ذلك لأنهم أرادوا توجيه رسالة إلى "حزب الله"، مع قناعتهم بأنّ أزعور لن يكون "رابحًا"، وهو مع ذلك لم يصل إلى العدد المطلوب من الأصوات حتى في دورة ثانية، ما يعني أنّ التجاوب مع مبادرة "الاعتدال" يجب أن يكون بالانفتاح على "التفاهم" أولاً، حتى تكون ناجحة.
تشبه مبادرة كتلة "الاعتدال" غيرها من المبادرات التي مرّت في "سيرة" الفراغ الرئاسي، وتختلف عنها في الوقت نفسه. تشبهها بالتأكيد على "ثابتتي" الحوار والانتخاب، وتختلف عنها بالشروط والأحكام ربما. لكنّ الاختلاف الحقيقي المطلوب، والذي من شأنه أن يُحدِث فرقًا، يبقى في "النوايا"، التي لا تترجَم سوى بانفتاح على فكرة "التفاهم"، من دون انتظار نتيجة حرب من هنا، أو موقف قوة إقليمية أو دولية من هناك! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الکثیر من
إقرأ أيضاً:
خالد حنفي: 500 مليار دولار حجم مشروعات إعادة الإعمار التي تستهدفها مبادرة عربية - يونانية جديدة
كشف الدكتور خالد حنفي أمين عام اتحاد الغرف العربية، خلال افتتاح أعمال المنتدى الاقتصادي العربي-اليوناني الرابع عشر، الذي عقد بعنوان: "نحو تعاون أوثق – الانشاءات والطاقة"، في أثينا – اليونان، بمشاركة وفود من 17 دولة عربية تمثل رؤساء شركات ورجال اعمال ومسؤولين، بالإضافة إلى حضور 180 رجل أعمال يوناني يمثلون رؤساء شركات ومسؤولين، إلى جانب حضور عدد من السفراء العرب المعتمدين في اليونان، بالإضافة إلى رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، عن إطلاق اتحاد الغرف العربية أربعة مبادرات للتعاون بين العالم العربي واليونان "المبادرة الأولى تقوم على بناء جسور بين العالم العربي واليونان من أجل التعاون في مجال إعادة الإعمار، حيث هناك مبالغ مرصودة تقدّر بنحو 450 إلى 500 مليار دولار للدول العربية التي تحتاج إلى إعادة إعمار".
وتابع: "أما المبادرة الثانية فتقوم على إنشاء ممر للهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة، من خلال التشبيك بين الشركات الموجودة في العالم العربي واليونان، وذلك عبر التنسيق والتشاور بين القطاع الخاص من كلا الجانبين ولا يسما بين اتحاد الغرف العربية والغرفة العربية اليونانية".
وتقوم المبادرة الثالثة وفق أمين عام اتحاد الغرف العربية على إنشاء مركز للذكاء الاصطناعي في الطاقة والمياه، حيث أنّ الدراسات تشير إلى أنّ الذكاء الاصطناعي يستطيع أن يساهم في خفض نسبة الانبعاثات الكربونية بنسبة 30 في المئة، وفي حال نجحنا في إدارة هذا الملف بالشكل المطلوب فإننا سنتمكّن من تحقيق النجاح المطلوب في ملف إعادة الإعمار.
أما المبادرة الرابعة والأخيرة المقترحة من جانب اتحاد الغرف العربية، بحسب الدكتور خالد حنفي، فتقوم على تحالف لوجستي وإنشاء موانئ محورية تقوم على مبدأ التعاون لا التنافس وذلك ضمن منظومة متناغمة تكون اليونان محطة محورية فيها بالشراكة مع الموانئ المحورية المتواجدة في العالم العربي، ومنها قناة السويس التي تقوم من خلال رئيس هيئة القناة الفريق أسامة ربيع بجهود جبارة وقد تجلى ذلك في الفترة الأخيرة من خلال الأزمة التي شهدها البحر الأحمر، مما ساهم في القاء ربط مصر والعالم العربي بجميع دول العالم.
وتابع: "إننا في ظل ما يواجهه العالم من تحديات اقتصادية ومناخية متزايدة، نحتاج إلى شراكة مبنية على الابتكار والمسؤولية المشتركة، تضع الإنسان والبيئة في صميم المعادلة الاقتصادية، وتُحوّل التحديات إلى فرص نمو مشتركة".
وخلال كلمة لأمين عام الاتحاد، بصفته منسّقا ومديرا لجلسة بعنوان: "الطاقة والبناء في عصر الذكاء الاصطناعي"، ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العربي-اليوناني الرابع عشر"، شدد على "أننا نحن نجتمع اليوم في لحظة مفصلية، حيث تتلاقى ثلاث قوى تشكل مستقبل الاقتصاد: الطاقة والبناء والتحوّل الرقمي من خلال الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن تشهد الاستثمارات في تقنيات الذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط نموًا بنسبة كبيرة، حيث تأتي المنطقة في طليعة الاستفادة من هذه التقنيات، خصوصا وأنّ التبني الاستراتيجي للذكاء الاصطناعي مع تعزيز المرونة المناخية قد يضيف ما يصل إلى232 مليار دولار إلى الناتج المحلي لمنطقة الشرق الأوسط بحلول عام 2035.
وهناك شركات كبرى في قطاع الطاقة بمنطقة الشرق الأوسط بدأت فعليًا في تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة التشغيلية، وذلك في ظل القلق المتزايد من الاستهلاك المتنامي للطاقة نتيجة للنمو السريع في مراكز البيانات، وهو ما يُلقي بظلاله على الطلب الكهربي مستقبلا".
وأضاف: "أما في قطاع البناء، فيمكن للذكاء الاصطناعي أن يعيد تشكيل تصميم المباني، التكلفة، الصيانة، وحتى استهلاك الطاقة. كما أن التحول الرقمي في البناء من خلال الذكاء الاصطناعي يفتح فرصًا للشراكة بين القطاعين العربي واليوناني، سواء في البنية التحتية أو في بناء المدن الذكية ومستدامة".
ودعا إلى أهمية الاستفادة من خبرات اليونان، وكذلك من قدرات الدول العربية، لبناء نموذج تعاون مستقبلي يُسهم في التنمية الخضراء والرقمنة.
ومن هذا المنطلق على القطاعين العام والخاص في اليونان والعالم العربي، التفكير في إطلاق مبادرات ملموسة ومشاريع تجريبية في مجالات الطاقة والبناء الذكية، بما يرفع من مستوى العلاقة القائمة بين الجانبين العربي واليوناني من إطارها التقليدي القائم على التبادل التجاري، إلى الشراكة الاستراتيجية بما يساهم في تحقيق التطلعات المشتركة.