مستشفى العودة في شمال غزة يصارع من أجل البقاء
تاريخ النشر: 2nd, March 2024 GMT
غزة- تأجّلت ولادة الفلسطينية وصال صالحة أسبوعاً كاملاً، بسبب عدم توفر الوقود اللازم لتشغيل قسم النساء والتوليد في "مستشفى العودة" الواقع في منطقة تل الزعتر بجباليا شمال قطاع غزة.
وقبل 3 أيام وعند الثامنة مساءً وضعت وصال (22 عاماً) مولودها وليد "وقد حالفها الحظ" حسبما يقول زوجها أبو أحمد (27 عاماً) للجزيرة نت إن "وجودنا في المستشفى تزامن مع شخص أحضر غالوناً من السولار، أتاح إعادة تشغيل قسم الولادة".
وخلال هذه الأيام التي أعقبت الولادة، لم تتلق وصال أي أدوية باستثناء علاجات بسيطة مسكنة، وقد تزامنت ولادتها مع تحذير إدارة المستشفى من توقف خدماتها كلياً، جراء عدم تلقيها أي كميات من الوقود، إضافة إلى انقطاع الأدوية والمستهلكات الطبية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
قبل نحو عامين، وضعت وصال مولودها البكر أحمد في مستشفى العودة، وتقول للجزيرة نت "الوضع اختلف كثيراً، في الولادة الأولى كانت الخدمة رائعة من حيث المراجعة والفحص الدوري، وكل ما تحتاجه الحامل كان متوفراً، أما الآن فالمستشفى مظلم وما في كهرباء ولا مولدات ولا أدوية".
و"العودة" هو المستشفى الوحيد الذي لا يزال يعمل شمال القطاع بالحد الأدنى ووفق الإمكانيات البسيطة المتاحة، بعدما عطّل الاحتلال بالاستهداف المباشر وغير المباشر جميع المستشفيات الحكومية والأهلية في مدينة غزة وشمالها.
ويرى أبو أحمد في خروج "العودة" عن الخدمة "حكماً بالإعدام الجماعي على شمال قطاع غزة" ويصف المستشفى بأنه "الأمل الوحيد للناس في الشمال، بعدما خرجت كل المستشفيات والمراكز الصحية عن الخدمة".
وسبق أن أعلنت إدارة مستشفى العودة -الثلاثاء الماضي- خروج أقسام العمليات والمختبر والأشعة عن الخدمة، بينما باتت خدمات الاستقبال والطوارئ والعيادات التخصصية والولادة مهددة بالتوقف التام خلال 48 ساعة.
وبانقضاء هذه المهلة، يقول الدكتور محمد صالحة القائم بأعمال مدير المستشفى للجزيرة نت "لقد خرجنا فعلياً عن الخدمة، ونحن نصارع حالياً من أجل البقاء" ولهذا سيواجه مئات آلاف الفلسطينيين في مدينة غزة وشمالها مخاطر الموت قصفاً وجوعاً ومرضاً، وفق تأكيد أوساط طبية وشعبية.
ومع إعلان وزارة الصحة -الأربعاء الماضي- خروج آخر مستشفياتها الحكومية شمال القطاع عن الخدمة، وهو "مستشفى كمال عدوان" جراء توقف المولد الكهربائي وعدم توفر الوقود اللازم لتشغيله، يفقد السكان هناك خدمات غسل الكلى والعناية المركزة والحضانة والباطنة والقلب والجراحة العامة ومبيت وطوارئ الأطفال.
وقال المتحدث باسم الوزارة الدكتور أشرف القدرة إن "توقف الخدمات الطبية شمال غزة هو حكم بالإعدام على 700 ألف مواطن". وفي بيان نشرته الصحة على منصاتها الرسمية، أكد القدرة أن "مستشفيات شمال غزة عاجزة عن توفير الخدمات المنقذة للحياة".
وتأكيداً على ذلك، اضطرت مستشفى العودة إلى تأجيل 46 عملية مجدولة لجراحة العظام، ويحذر الدكتور صالحة من أن "هؤلاء المرضى عرضة لبتر أطرافهم، والأخطر تدهور حالاتهم الصحية، وقد تؤدي للوفاة".
واستقبل مستشفى العودة 176 من جرحى "مجزرة الطحين"، التي أودت بحياة 112 فلسطينيا ومئات الجرحى، الذين احتشدوا على شارع الرشيد جنوب غربي مدينة غزة أملاً في الحصول على كيس دقيق من شاحنات مساعدات شحيحة يسمح الاحتلال بوصولها من جنوب القطاع.
وبإمكانيات متواضعة وعلى كهرباء من بطاريات صغيرة وباستخدام كشافات يدوية، أجرى الأطباء في المستشفى 7 عمليات جراحية، من بين 27 جريحاً بحاجة إلى تدخلات جراحية عاجلة.
وقال القائم بأعمال مدير المستشفى محمد صالحة إن "عمليات جراحية أجريت في قسم الاستقبال والطوارئ، وفي ظروف غاية في الصعوبة والتعقيد، من أجل إنقاذ الحياة".
تأسس مستشفى العودة الأهلي عام 1985، وهو يتبع جمعية العودة الصحية والمجتمعية، التي تديره مع مستشفى آخر بنفس الاسم في مخيم النصيرات وسط القطاع، إضافة إلى 6 مراكز رعاية صحية أولية على مستوى القطاع. واستفاد من الخدمات مجتمعة 240 ألف مواطن منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي، من بينهم 40 ألفاً شمال القطاع، منهم 7 آلاف جريح.
وعلى مدار الشهور الخمسة الماضية من الحرب، دمرت قوات الاحتلال المقر الرئيسي لمركز العودة في غزة، و3 مراكز أخرى في المدينة وشمالها، وفي مدينة خان يونس جنوب القطاع.
ويعتبر مستشفى العودة الوحيد الذي يقدم خدمات جراحة العظام والنسائية والتوليد شمال القطاع، إضافة إلى الجراحة العامة والاستقبال والطوارئ، والعيادات التخصصية والأشعة والمختبر.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي "لم تصل المستشفى أي قطرة سولار أو أدوية" بحسب تأكيد الدكتور صالحة، بسبب الرفض المتكرر للاحتلال التنسيق لمنظمة الصحة العالمية ومنظمة "أطباء بلا حدود" والمؤسسات الصحية الدولية الشريكة للوصول بالمساعدات إلى المستشفى.
وقال الدكتور صالحة إن "الاحتلال تعمّد منذ بداية العدوان، وضمن سياسته الممنهجة تعطيل المنظومة الصحية، استهداف مستشفى العودة شمال القطاع، من خلال التهديدات المباشرة بالإغلاق، ومن ثم استهدافه بالقصف المباشر، وتدمير أقسام المبيت وغرف العمليات ومنظومة الطاقة الشمسية ومخازن المياه والسولار ومستودعات الأدوية والغازات الطبية وسيارات النقل والإسعاف والإمداد الطبي التابعة".
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، استشهد 3 أطباء جراء استهداف مباشر بالقذائف، وأخرج 50% من قدرة المستشفى عن الخدمة. وذكر الدكتور صالحة أن "الاحتلال لم يكتف بذلك، بل حاصر المستشفى في 5 ديسمبر/كانون الأول الماضي لمدة 18 يوماً، ونتيجة لذلك استشهد 3 من العاملين، وأصيب 12 موظفاً من الطواقم الطبية ومتطوعون، واعتقل مدير المستشفى الدكتور أحمد مهنا و3 من الطواقم الطبية، ولا يزال مصيرهم مجهولاً".
وقال المتحدث "عملنا لشهور لجمع السولار قطرة قطرة من الميدان، وتوفير ما يمكن توفيره من الأدوية والمستهلكات الطبية اللازمة لاستدامة الخدمات الطبية، والآن وصلنا إلى مرحلة خطر التوقف والخروج عن الخدمة، والحرمان التام للمواطنين شمال القطاع من الخدمات الصحية الأساسية، بسبب خروج كل المستشفيات عن الخدمة".
واختتم صالحة تصريحاته بالقول "هذا يفاقم من الأزمات المعقدة والمركبة، وسنكون أمام كارثة محققة، ما لم يتدخل من تبقى من العالم الحر، بالضغط على الاحتلال لإمداد المستشفى بالوقود والأدوية والمستهلكات والمستلزمات الطبية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مستشفى العودة الدکتور صالحة شمال القطاع عن الخدمة
إقرأ أيضاً:
الإمارات تمد شريان الحياة إلى القطاع الصحي في غزة
نجحت دولة الإمارات عبر جهودها الإنسانية ومساعداتها الإغاثية للأشقاء الفلسطينيين ضمن" عملية الفارس الشهم 3"، في مد شريان الحياة للقطاع الصحي داخل قطاع غزة وإنقاذه من الانهيار التام والخروج النهائي من الخدمة.
وبرهنت دولة الإمارات خلال تدخلها السريع لمواجهة التحديات الطبية الناجمة عن الوضع المتفاقم في قطاع غزة، عن جاهزية قصوى واحترافية عالية ظهرت جليا من خلال التواجد على أرض الواقع سواء عبر المستشفى الإماراتي الميداني داخل القطاع أو المستشفى العائم الذي أرسلته إلى مدينة العريش المصرية، وكذلك عبر نقل الحالات الصعبة والحرجة إلى مستشفيات الدولة لتقديم العلاج والرعاية الطبية، إضافة إلى إرسال المساعدات والإمدادات الطبية بمختلف أنواعها لتعزيز قدرات القطاع الصحي داخل غزة.
ويواصل المستشفى الميداني الإماراتي المتكامل داخل قطاع غزة، منذ تدشينه في ديسمبر 2023 تقديم خدماته العلاجية لأبناء القطاع، عبر كوادر متخصصة ومؤهلة في المجالات والفروع الطبية المختلفة، بالإضافة متطوعين طبيين.وبلغ عدد الحالات التي تلقت العلاج في المستشفى الميداني الإماراتي حتى أبريل الماضي أكثر من 51 ألف حالة شملت الإصابات الحرجة والعمليات الجراحية الدقيقة.وأطلقت دولة الإمارات، من خلال المستشفى، مبادرة إنسانية نوعية لتركيب الأطراف الصناعية للمصابين ممن تعرضوا للبتر، بهدف دعم إعادة تأهيلهم وتمكينهم من استعادة حياتهم الطبيعية.
وتبلغ سعة المستشفى 200 سرير، ويضم غرفاً للعمليات الجراحية مؤهلة لإجراء أنواع الجراحات المختلفة، وعلى سبيل المثال نجح فريق الأطباء في المستشفى في استئصال ورم يزن 5 كيلوجرامات من بطن مريض عانى لسنوات من آلام حادة ومضاعفات صحية شديدة الخطر.
وأرسلت دولة الإمارات في فبراير 2024 مستشفى عائما متكاملا إلى قبالة سواحل مدينة العريش المصرية لتقديم الدعم الطبي اللازم إلى الأشقاء الفلسطينيين.
ويضم المستشفى العائم طاقما طبيا وإداريا من مختلف التخصصات تشمل التخدير والجراحة العامة والعظام والطوارئ، إضافة إلى ممرضين ومهن مساعدة، وقد نجح المستشفى حتى أبريل الماضي بالتعامل مع نحو 10370 حالة.
وتبلغ سعة أسرة المستشفى 100 سرير، ويضم غرف عمليات وعناية مركزة وأشعة ومختبرا وصيدلية ومستودعات طبية.
وعملت دولة الإمارات في موازاة ذلك، على نقل الحالات الطبية الحرجة إلى أراضيها للعلاج وتقديم الرعاية المطلوبة لهم، وذلك تنفيذا لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، باستضافة ألف فلسطيني من المصابين بأمراض السرطان من قطاع غزة من مختلف الفئات العمرية، لتلقي العلاجات وجميع أنواع الرعاية الصحية التي يحتاجونها في مستشفيات الإمارات.. كما وجه سموه باستضافة ألف طفل فلسطيني أيضاً برفقة عائلاتهم من قطاع غزة لتقديم جميع أنواع الرعاية الطبية والصحية التي يحتاجون إليها في مستشفيات الدولة إلى حين تماثلهم للشفاء وعودتهم.
وفي 14 مايو الماضي وصل العدد الإجمالي للمرضى والمرافقين الذين تم نقلهم إلى الإمارات إلى 2634، ما يجسد حرص الدولة على توفير الرعاية العلاجية اللازمة للأشقاء الفلسطينيين في مستشفياتها.وتستحوذ الإمدادات الطبية والصحية على نسبة كبيرة من إجمالي المساعدات الإنسانية والإغاثية التي تواصل الإمارات تقديمها إلى الأشقاء الفلسطينيين في غزة منذ بدء الأزمة.
وتتضمن المساعدات الطبية التي تقدمها الإمارات إلى الأشقاء الفلسطينيين في غزة، مختلف أنواع الأدوية والمعدات طبية مثل أجهزة غسيل الكلى وجهاز الموجات فوق الصوتية "التراساوند" وأجهزة إنعاش رئوي وكراسي متحركة وأقنعة تنفس صناعي، إضافة إلى سيارات الإسعاف.
وبعد مرور 500 يوم على إطلاق "عملية الفارس الشهم 3"، قدمت الإمارات أكثر من 1200 طن من المواد والمستلزمات الطبية دعما للمستشفيات المحلية في قطاع غزة، كما تم تعزيز المنظومة الصحية بـ17 سيارة إسعاف مجهزة بأحدث المعدات.
ونفذت دولة الإمارات حملة تطعيم شاملة ضد شلل الأطفال لأكثر من 640 ألف طفل، ضمن جهود وقائية لحماية الأجيال القادمة من الأمراض المعدية.
وفي السياق ذاته، أرسلت دبي الإنسانية خلال الفترة من الأول من يناير حتى 24 أبريل 2025 ثلاث شحنات إغاثية إلى مطار العريش المصري دعما للأشقاء الفلسطينيين في غزة، نقلت على متنها حوالي 256 طناً مترياً من الإمدادات الطبية التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
وتعزيزا للصحة العامة والوقاية من الأمراض السارية، تسهم الإمارات عبر مشروعات ومبادرات نوعية في توفير المياه الصالحة للشرب في قطاع غزة، كما تنفذ مجموعة من مشروعات إصلاح شبكات الصرف الصحي بهدف الحد من التلوث ومنع انتشار الأوبئة والأمراض المعدية.
أخبار ذات صلة