لجريدة عمان:
2025-05-08@17:35:23 GMT

لأجل ماذا؟

تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT

عامًا بعد عام، ويومًا بعد يوم؛ تتسع الدنيا أمام المرء وتضيق، فتارة يكون صافي الرؤية هادئ البال، وأخرى مشمئزا من الحياة ماجًّا إياها لما يمر به وعليه فيها. ولكن الحياة هي الحياة، فهي لا تتغير ولا تغير قوانينها وسننها لأي مخلوق كان، ولكن الإنسان وحده من يستطيع أن يغيّر نظرته للحياة وطريقة عيشه، بما يعتقده ويتبناه من عقائد ومبادئ في سبيل عبور بحرها بأقل الخسائر والأضرار الممكنة.

تتراقص أمام المرء الأفكار الكبيرة وهو يفكر في شيء شاسع وغير محدود كالحياة، وكل امرئ ينظر إليها من المنظار الذي انغمس فيه ووجدت روحه وذاته طمأنينتها واستقرارها فيه. فالتاجر يراها من منظور اقتصادي بحت، فيتعامل مع الناس على اعتبار أنهم فرص لنموه الاقتصادي التجاري، ووفقًا للمبادئ التي يتبناها سيكون تعامله معهم بما فيه من شدة ولين، وأمانة وتطفيف. والسياسي يراهم فرصة لاجتذابهم إلى حزبه، وتقوية نفسه بهم للحصول على كرسي برلماني أو دور قيادي؛ وهكذا دواليك. ولأن المرء الذي يتخذ سبيله (اقتصادي، سياسي، ثقافي..إلخ)، يتأثر بمن حوله بالضرورة؛ فإنه سيصل لا محالة للمفترقات التي تحدد جدوله في نهر الحياة الكبير. فليس جميع التجار أمناء، وليس كل السياسيين كذبة، وليس كل المثقفين أصحاب رسالة ومبدأ. لذلك سيصل المرء لمفترق الطريق التي تلزمه باختيار سبيله هو، لا سبيل غيره ؛ ولكن الإنسان بطبعه يتأثر ويؤثر بمن حوله، فما العمل إذن؟.

إن سؤال المرء نفسه ومحاسبته لذاته مبدأ ديني وإنساني عظيم في آن، فأن تتذكر إلى أين أنت ذاهب، وأين هو طريقك، ولأجل من، ولأجل ماذا تعيش؟ كلها أسئلة تحدد محطاتك في الطريق للوصول إلى وجهتك النهائية. والمحطة النهائية لا يلزم أن تكون شيئا يراه الجميع ويشهدون عليه ويصفقون له؛ بل قد تكون التخلص من عادة سيئة أو اكتساب عادة حسنة، تجعلك مطمئنا في حياتك مدركا لما تريد وترجو أن تكون أقل ثقلا من قيود المحيطين وما ينتظرونه منك. إن الصوابية -أي فعل الصواب في كل حين- تجعل المرء يقترب من الخير الإنساني أكثر فأكثر، ولكنه لن يقوى على الاستمرار في طريق الصوابية دون معاونة رفاق له يتبنون الطريق والمسلك ذاته؛ فالصوابية في الحياة تعني أن تتخلى عن أمور يقدسها الكثيرون، والتخلي عن المعتقدات المطاطية «الحق في الرد، الحق في العقاب، الحق في الكراهية» واستعمالاتها التي تشبه «بطاقة السماح بفعل ما تريد» لا بفعل «ما هو صواب» تجعل من الصوابية مبدأ عظيما. فأن تكون مسؤولا عن مؤسسة ما أو أن تكون مهمة ما موكلة إليك، وتتعلق هذه المهمة بالاختيار أو الشراء من الأفضل؛ فحينها يتجلى مفهوم الصوابية واقعا، فهل ستختار الأفضل؟ أم ستختار ما تحب وما تميل إليه؟ وهل ستشتري الأفضل جودة وسعرا؟ أم ستشتري من التاجر الذي تحب بغض النظر عن أسعاره وجودة ما يقدمه؟.

الإنسان يتأثر بطبعه بمن حوله، وبقدر ما فيه من قدرة على الصدق مع نفسه ومع الآخرين؛ تكون اختياراته ومنطلقاته في الحياة. فأن تدرك أن تشق طريقًا خاطئًا وتعترف بذلك وتغير مسارك، لهو من أصعب الأمور على الإطلاق. ولنضرب الثقافة مثالا على ذلك. درج كثير من الأدباء على اعتبار كتب بعينها هي مدار الثقافة ومنتهاها، وبما أن المحيط الثقافي مغلق في دائرة معينة كغيره؛ نجد أن من يختار قراءة كتب مختلفة عن تلك التي اختارتها جماعة المثقفين، نجده منبوذا يلحقه اللمز أينما ذهب وارتحل، فيقال إن فلانا شب عن الطوق. ولكن المثقف الحقيقي لو وقف مع نفسه وقفة صادقة، وتساءل «لأجل ماذا؟»، «لأجل من؟» أختار ما أختار وأفعل ما أفعل، لتخلص من رسن التقليد ولأصبح حرًا أمام نفسه أولًا وأمام الآخرين. إن الصوابية تعني أن نفعل الصواب حتى وإن لم نقتنع به أو لم يشعرنا بالراحة، أن تقول عن عدوك إنه محسن في الشأن الفلاني، وعن صديقك إنه مخطئ في الموقف الفلاني، ومتى كان الصواب مقياسًا لتعاملنا مع أنفسنا والآخرين؛ كنا أصدق وأقل ندما ونحن ننظر إلى الكيفية التي تعاملنا بها وإلى الحياة التي عشنا..

علاء الدين الدغيشي كاتب وشاعر عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن تکون

إقرأ أيضاً:

معوض: عودة الدولة يجب أن تكون راسخة لا لحظة عابرة

استقبل رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام بعد ظهر اليوم في السرايا الحكومية، رئيس "حركة الاستقلال" النائب ميشال معوض، الذي أشار عقب اللقاء إلى أن الزيارة تأتي في إطار اللقاءات الدورية لمتابعة المستجدات السياسية والمسار المشترك نحو ترسيخ السيادة وتحقيق الإصلاح، وهو ما يشكّل، بحسب تعبيره، "أولوية أساسية لهذا العهد وهذه الحكومة".

وقال معوض: "نشهد اليوم مؤشرات واعدة على عودة الدولة إلى الواجهة، ما يبعث الأمل في نفوس اللبنانيين. لقد اشتقنا إلى رئاسة حكومة تكون محورًا للحراك الوطني، وإلى قصر جمهوري ينبض بالحياة ويجمع اللبنانيين تحت رايته، كما إلى إجراء الانتخابات البلدية وكل ما يعيد لمؤسسات الدولة حضورها وهيبتها".

وأضاف: "نريد دولة فاعلة ودينامية تعيد للبنان دوره ومكانته، وتعيد العلاقات اللبنانية – العربية إلى طبيعتها وزخمها. ونرى اليوم بوادر هذا التعافي من خلال عودة الأشقاء العرب إلى لبنان مع موسم صيفي واعد ينعش الاقتصاد والسياحة. هذا الحراك ليس سوى بداية، وعلينا أن نحوله إلى مسار دائم لا إلى إنجاز ظرفي".

وشدد معوض على أن "التحدي الأكبر يتمثل في ضمان استمرارية هذا الاستقرار، وجعله دائمًا لا مؤقتًا، وتحقيق ازدهار مستدام لا لحظة عابرة، وعودة راسخة للدولة لا مجرد ومضة. من هنا، لا بد من استكمال تطبيق الاتفاقات الوطنية والدولية، من اتفاق الطائف إلى اتفاق وقف إطلاق النار، بما يضمن أن يكون السلاح حصريًا بيد الدولة، كي لا نضيع فرصة ثمينة لبناء وطن يحتضن جميع أبنائه".

وتابع: "على خط موازٍ، يجب أن نواصل مسيرة الإصلاح التي بدأت هذه الحكومة في رسم معالمها. نحن بحاجة إلى تبني الخيار الثالث، خيار يتجاوز من يريدون تثبيت الواقع القائم على حساب المودعين والاقتصاد، ويتجاوز في الوقت نفسه المزايدات التخريبية. نحتاج إلى خيار إصلاحي سيادي، جاد ومسؤول، لأنه لا يمكن تحقيق إصلاح حقيقي من دون دولة قوية، ولا يمكن ضمان استقرار دائم من دون سيادة راسخة".

وختم بالقول: "هذا هو الخيار الثالث الذي نتمسك به، خيار يجمع بين الإصلاح الاقتصادي وإعادة هيكلة القطاعين المالي والعام، وبين ترسيخ السيادة وبناء الدولة. وسنمضي قدمًا مع هذه الحكومة وهذا العهد، لتحويل هذه اللحظة الواعدة إلى مسار مستقر وحقيقي للبنان المستقبل". مواضيع ذات صلة معوض: لا يمكن بناء مستقبل وطن مزدهر من دون ضمان فرص متساوية لكل طالب Lebanon 24 معوض: لا يمكن بناء مستقبل وطن مزدهر من دون ضمان فرص متساوية لكل طالب 07/05/2025 14:54:40 07/05/2025 14:54:40 Lebanon 24 Lebanon 24 السيسي: موقف مصر الثابت والراسخ هو أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا من خلال إقامة الدولة الفلسطينية Lebanon 24 السيسي: موقف مصر الثابت والراسخ هو أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا من خلال إقامة الدولة الفلسطينية 07/05/2025 14:54:40 07/05/2025 14:54:40 Lebanon 24 Lebanon 24 نازك الحريري نعت هدى شديد: ستظلُّ أعمالُها راسخة في ذاكرة الاعلام والوطن Lebanon 24 نازك الحريري نعت هدى شديد: ستظلُّ أعمالُها راسخة في ذاكرة الاعلام والوطن 07/05/2025 14:54:40 07/05/2025 14:54:40 Lebanon 24 Lebanon 24 نتنياهو: من يخاف على الدولة لا يجب أن يدعو لرفض الخدمة العسكرية Lebanon 24 نتنياهو: من يخاف على الدولة لا يجب أن يدعو لرفض الخدمة العسكرية 07/05/2025 14:54:40 07/05/2025 14:54:40 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً 15 محضر ضبط بحقّ أصحاب مولدات في الجنوب Lebanon 24 15 محضر ضبط بحقّ أصحاب مولدات في الجنوب 07:39 | 2025-05-07 07/05/2025 07:39:29 Lebanon 24 Lebanon 24 انتخاب 4 اعضاء جدد لمجلس ادارة جمعية شركات الضمان Lebanon 24 انتخاب 4 اعضاء جدد لمجلس ادارة جمعية شركات الضمان 07:22 | 2025-05-07 07/05/2025 07:22:46 Lebanon 24 Lebanon 24 اعلان لائحة "نهضة بقسميا" Lebanon 24 اعلان لائحة "نهضة بقسميا" 07:20 | 2025-05-07 07/05/2025 07:20:04 Lebanon 24 Lebanon 24 اعلان لائحة "أمل ديرعمار " Lebanon 24 اعلان لائحة "أمل ديرعمار " 07:19 | 2025-05-07 07/05/2025 07:19:31 Lebanon 24 Lebanon 24 عن رفع الحدّ الأدنى للأجور... إليكم ما كشفه وزير العمل Lebanon 24 عن رفع الحدّ الأدنى للأجور... إليكم ما كشفه وزير العمل 07:11 | 2025-05-07 07/05/2025 07:11:24 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بعد غياب... ملكة جمال لبنان السابقة تُفاجىء متابعيها: أصبحت مستشارة لدى السيّدة الأولى Lebanon 24 بعد غياب... ملكة جمال لبنان السابقة تُفاجىء متابعيها: أصبحت مستشارة لدى السيّدة الأولى 10:02 | 2025-05-06 06/05/2025 10:02:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بالصورة... أوّل إطلالة لابنة وليد مصطفى زوج الفنانة كارول سماحة الراحل Lebanon 24 بالصورة... أوّل إطلالة لابنة وليد مصطفى زوج الفنانة كارول سماحة الراحل 10:08 | 2025-05-06 06/05/2025 10:08:37 Lebanon 24 Lebanon 24 مشهد غير مألوف... دولارات تتطاير في الهواء في منطقة لبنانيّة! Lebanon 24 مشهد غير مألوف... دولارات تتطاير في الهواء في منطقة لبنانيّة! 09:02 | 2025-05-06 06/05/2025 09:02:08 Lebanon 24 Lebanon 24 محمد رمضان إلى المحاكمة... هذه تهمته Lebanon 24 محمد رمضان إلى المحاكمة... هذه تهمته 08:06 | 2025-05-06 06/05/2025 08:06:17 Lebanon 24 Lebanon 24 بسبب "فتحة" فستانها .. جورجينا رودريغيز تتعرّض لموقف محرج شاهدوا ماذا حصل معها (فيديو) Lebanon 24 بسبب "فتحة" فستانها .. جورجينا رودريغيز تتعرّض لموقف محرج شاهدوا ماذا حصل معها (فيديو) 02:47 | 2025-05-07 07/05/2025 02:47:12 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 07:39 | 2025-05-07 15 محضر ضبط بحقّ أصحاب مولدات في الجنوب 07:22 | 2025-05-07 انتخاب 4 اعضاء جدد لمجلس ادارة جمعية شركات الضمان 07:20 | 2025-05-07 اعلان لائحة "نهضة بقسميا" 07:19 | 2025-05-07 اعلان لائحة "أمل ديرعمار " 07:11 | 2025-05-07 عن رفع الحدّ الأدنى للأجور... إليكم ما كشفه وزير العمل 07:03 | 2025-05-07 وزير الداخلية من طرابلس تحضيرا ليوم الانتخاب الأحد: لن نقبل بأي تجاوزات أو فوضى فيديو بكت على الهواء مباشرة.. اعتراف صريح وصادم لنيكول سابا (فيديو) Lebanon 24 بكت على الهواء مباشرة.. اعتراف صريح وصادم لنيكول سابا (فيديو) 09:57 | 2025-05-05 07/05/2025 14:54:40 Lebanon 24 Lebanon 24 تُعاني من 3 أمراض وراثية مزمنة.. فنانة شهيرة تُدافع عن ديمة بياعة وتعتذر (فيديو) Lebanon 24 تُعاني من 3 أمراض وراثية مزمنة.. فنانة شهيرة تُدافع عن ديمة بياعة وتعتذر (فيديو) 01:36 | 2025-05-05 07/05/2025 14:54:40 Lebanon 24 Lebanon 24 تملك فيلا فخمة في بعلبك.. فنانة لبنانية تكشف عن تعرضها للخيانة (فيديو) Lebanon 24 تملك فيلا فخمة في بعلبك.. فنانة لبنانية تكشف عن تعرضها للخيانة (فيديو) 03:24 | 2025-05-03 07/05/2025 14:54:40 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • أزمة سياسية وأمنية في نيويورك إثر انتفاض جامعة كولومبيا لأجل غزة
  • ماذا نعلم عن جماعتي جيش محمد ولشكر طيبة التي استهدفتهما الهند في باكستان؟
  • الاعيسر: من المفارقات الساخرة أن يطالع المرء بياناً صادراً عن حكومة إمارة قُطعت علاقاتها من قِبل دولة ذات سيادة
  • كيف يمكن زيادة الوزن بسرعة ولكن بشكل صحي؟
  • معوض: عودة الدولة يجب أن تكون راسخة لا لحظة عابرة
  • بايدن يهاجم ترامب: دعوته للتنازل لأجل روسيا استرضاء لن يُشبع موسكو
  • هل الصلاة بالمكياج صحيحة؟.. دار الإفتاء: يجوز ولكن بشرطين
  • مشاهد من معرض مسقط للكتاب
  • مفاجأة علمية.. ماذا حدث للأمريكي الذي حقن نفسه بسم الأفاعي لمدة 18 عامًا؟
  • 220 صوتا لأجل غزة.. طلاب أتراك يُغنون بـ6 لغات تضامنا مع الفلسطينيين