د.حماد عبدالله يكتب: السلطة والثروة !!
تاريخ النشر: 7th, March 2024 GMT
من طبيعة الأشياء –ومن سنن الحياة – أن الثروة لها قوة ولها سطوة – ولها كرامات وخاصة فى المجتمعات ذات القدرات المحدودة – حيث نجد أن صاحب ثروة فى أى مجتمع –تصبغه ثروته بالإحترام والتبجيل –ويتصف أهل الثروات على أنهم "طيبون" أو "بخلاء" وهذه صفات مجازية –حسب (فرط اليد) لدى صاحب الثروة والثروة لدى أصحابها تأتى أما من "أرث" أو من نتيجة جهد وعمل مضنى أو لاقدر الله من ناتج فساد أو رشاوى أو تجارة مخدرات أو تجارة سلاح فى بعض المجتمعات –أى أن الثروة أيضًا مصدرها يؤثر بشكل أو بأخر على أصحابها –فنجد صاحب ثروة محترم فى حضوره وغيابه (السيرة طيبة أو سيئة) وصاحب ثروة محترم فى حضوره (الأغلب الأعم) لكن من وراء ظهره –فهو معروف أنه حرامى أو غير شريف –أو من الصفات التى تلاحقه فى غيابه والمصحوبة فى بعض الأحيان بالدعاء عليه (وعلى اللى جابوه ) وهذه الصفات ليست مقصورة أو محصورة على أثرياء الوطن –ولكن هذه صفات عالمية –ولكن إستخدامها والتعامل معها أو من خلالها – تختلف من مجتمع لأخر – فأصحاب الثروات –رغم كل ما يتمتعون به من سطوة على المجتمع بثراوتهم إلا أنهم يسعون دائمًا لحصانة تلك الثروات بالسلطة –وعادة السلطة أيضًا تسعى للإقتراب من أصحاب الثروات لأسباب متعددة –إما للمعونة على قضاء حاجة الشعب من كرم –وبذخ –وتعميق للدور الإجتماعى وهذه أهداف محمودة –وفى أحيان أخرى وكثيرة –تجد الإقتراب بين أطراف السلطة والثروة تعتمد على أنهم (ذى جاهين) جاه المال وجاه القوة والسلطة -وهم وجهين لعملة واحدة ولكن تتفرق على شخصين أو على عنصرين –أحدهما سيمسك للأخر حاجته وبالتالى فإن سعى صاحب الثروة للحصول على السلطة لنفسه –يختصر الطريق ويقلل التكلفة بالطبع ويؤكد السطوة والقوة والمهابة –وتوجيه السياسة العامة لصالح الحفاظ على ثرواته وكذلك حماية تلك الثروة من التعدى أو من خروج قوانين تعكر الصفو العام لأصحاب تلك الثروات وتزيد من تأصيلها وتؤكد على إستمرار التدفق لزيادتها إن أمكن وتحمى تلك الثروات من أهل الحقد –والغل – وهم فى العادة من (حرافيش الوطن) "النكديين" وأصحاب العيون السوداء المستديرة (الحاسدين ) !!
وأيضًا هذه ميزات وصفات عالمية –لاتقتصر على مجتمعاتنا النامية –ولكن الأساليب تختلف –فالثروة فى أمريكا مثلًا – تصنع نجومًا فى السياسة – وفى الة الحرب وفى البرلمان أو الكونجرس –وتصنع هؤلاء النجوم –وتصرف عليهم –وتتبناهم فى وظيفة رئيس الإدارة المركزية فى البيت الأبيض - فالممولين للحملات الإنتخابية على كل المستوايات سواء محلية أو فدرالية أو كونجرسية أو نواب أو حتى للبيت الأبيض نفسه –هم أهل الثروات وأصحاب المصالح الإقتصادية العظمى فى البلاد –فكل شيىء يمشى على هواهم –ومع سياساتهم التنموية الشخصية أو المؤسسية –عن طريق نجومهم وذويهم من السادة المسئولين وبالتالى نجد أن صناعة السلاح والبترول والقمح والإليكترونيات والسيارات وحتى "المكدونالدز" –هم واجهات إقتصادية عملاقة لهم – أظافر وأنياب وشفاه مبتسمة فى بعض الأحيان فى الأروقة السياسية والدولية من خلال مؤسسات الدولة –أما فى مجتمعاتنا النامية فهذا غير مقبول –أى أننا أكثر أنانية –فلا يمكن أن يكون النجم أحد الموظفين أو أحد الأذرعة –فالثرى وصاحب الثروة هو الطامح للمجلس النيابى أو مجلس الشيوخ أوصانع السياسات بنفسه –وبشخصه لا أحد غيره –فهو الفاهم وهو المهندس وهو المصمم وهو المحاسب وهو القانونى وهو الوطنى وهو الملتزم وهو أستغفر الله العظيم !!
المصدر: بوابة الفجر
إقرأ أيضاً:
رحل الساحر ولكن.. للثروة حسابات أخرى
حين يُذكر اسم محمود عبد العزيز، يتبادر إلى الذهن فورًا فنان من طراز خاص، لا تُختزل مسيرته في عدد الأفلام أو الجوائز، بل في ما تركه من أثر حقيقي.
لم يكن من هواة الصخب، ولا من نجوم العناوين العريضة، لكنه كان حاضرًا بقوة في قلوب الجمهور، بأدواره الصادقة، وموهبته.
لذلك، يبدو مؤلمًا ومربكًا أن يُستدعى اسمه اليوم في خضم أزمة عائلية، لا تليق بتاريخه، ولا تعبر عن صورته الحقيقية. فالرجل الذي عاش بعيدًا عن الخلافات، واختار دائمًا أن يتحدث فنه نيابةً عنه، لا ينبغي أن يصبح اسمه جزءًا من جدل حول الميراث أو أوراق الطلاق.
أن يتحول "الساحر" الذي ألهم الأجيال، إلى اسم عالق في أزمة عائلية، تتنازعه بيانات وتصريحات عن الميراث، وأوراق الطلاق.
الحقيقة أن هذا المشهد لا يُسيء لمحمود عبد العزيز، بقدر ما يجرح صورة نحب أن نحتفظ بها نقية، كما عرفناها. فهو لم يكن يومًا "ثروة" تُقسم، بل "قيمة" تُحترم. رجل عاش ومات بعيدًا عن المزايدات.
في عام 2016، رحل "الساحر" عن عالمنا، تاركًا إرثًا فنيًا كبيرًا وسيرة عطرة لا يزال يُشهد له بها بين زملائه ومحبيه. واصل نجلاه، محمد وكريم محمود عبد العزيز، المسيرة الفنية بأعمال نالت ترحيب الجمهور، الذي استقبل حضورهما بمحبة تشبه ما كان يكنّه لوالدهما.
والحق يُقال، لم يزجّ الثنائي نفسيهما في أي خلافات أو مشادات عبر السنوات، بل ظلا حريصين على الدعاء لوالدهما وذكره بالخير في كل مناسبة.
كما ترك زوجة أحبّته حتى النهاية، هي الإعلامية بوسي شلبي، التي غادرت منزلهما يوم رحيله، مدركةً أنه أوصى بكل ما يملك لنجليه، حسب ما يؤكده عدد من المقربين منهما في الوسط الفني.
وهنا يطرح السؤال نفسه: ما الذي تغير بعد تسع سنوات من الوفاة، حتى يُزج باسمه في قضايا من هذا النوع؟
نجله الأكبر، المنتج والممثل محمد محمود عبد العزيز، نفى تمامًا كل ما تردد حول نزاع على قطعة أرض بمليارات الجنيهات، مؤكدًا أن إعلام الوراثة الرسمي الصادر بعد الوفاة لم يتضمن سوى اسمه واسم شقيقه فقط.
لقد أحبّ محمود عبد العزيز أبناءه حبًا جارفًا، وفضّلهم في حياته على الجميع، وربما اعتقد أن هذا وحده كافٍ ليُدركوا أن قيمة الشرف والاحترام أعلى من أي خلاف على مال. لكن من المؤسف أن يتم الزج باسمه في بيان يطعن في زواجه.
وإن كانت محاولة نفي الزواج مرتبطة بخلاف على الميراث، فهل كان من الأجدر أن تُحل الخلافات في صمت، بدلًا من تشويه صورة فنان عظيم لم يعد بيننا، ولا يملك حق الدفاع عن نفسه؟
على الجانب الآخر، تقف الإعلامية التي ما دام أكدت في لقاءاتها أنها لا تزال على العهد، وفية لزوجها الراحل، ومخلصة لكل لحظة بينهما، حاملة ذكراه في قلبها كما اعتدنا أن نراها. لكن السؤال المشروع هنا: لماذا قررت إثارة هذه القضايا والخلافات، التي بدأت منذ عام 2021، لإثبات أن الطلاق الذي تم في أواخر التسعينيات — بعد شهور قليلة من الزواج — لم يُوثق بشكل نهائي؟
إذا كانت تمتلك بالفعل أوراقًا رسمية تثبت الزواج، كما تقول، وإن كانت لا تطالب بالمال أو الميراث — كما يدّعي بعض أصدقائها من الوسط الفني — فما الذي يدفعها لفتح هذا الملف الآن؟ وهل يمكن أن يُفهم هذا الإصرار على إثبات الزواج كإشارة إلى أن الراحل قد "ردّها" إلى عصمته شفهيًا دون توثيق؟
شرعًا، تُعد زوجته. لكن قانونًا، إذا كانت تملك منذ سنوات ما يثبت الزواج، فلماذا لم تُعلن ذلك إلا بعد مرور تسع سنوات على وفاته؟
وإذا كان الاتفاق — كما يؤكد المقربون منهما — هو ألا تطالب بأي شيء من الإرث احترامًا للعِشرة ولأبنائه، فلماذا تراجعت فجأة؟
هل هذا هو الوفاء الذي اعتادت أن ترفعه ؟ أم أن بعض الأسئلة لا تجد إجابات، لأن الحقيقة ليست دائمًا كما تُروى؟
الجميع يقف الآن طرفًا في حرب من تبادل التصريحات، كلٌّ يحاول إثبات صحة موقفه بكل ما أوتي من قوة. لكن هذه المعارك، بكل ضجيجها، لا تليق بمحمود عبد العزيز. فلا يجب أن تُبنى النزاعات على حساب فنان رحل، لا يملك اليوم أن يدافع عن نفسه، ولا أن يروي ما غاب من تفاصيل لا يعلمها سوى الله.
هو الذي لم يتحدث كثيرًا عن نفسه، ولم يسعَ إلى رسم صورة أسطورية له. اكتفى بأن يكون صادقًا، وترك أعمالًا تُغني عن أي سيرة. من "رأفت الهجان" الذي أصبح رمزًا وطنيًا، إلى أدوار الإنسان البسيط في "الكيت كات"، و"البرئ"، و"الساحر"… لم يكن بطلًا خارقًا، بل إنسانًا يعرف كيف يصل إلى قلوب الناس دون ادعاء.
وهكذا نحب أن نتذكره: فنانًا صدق نفسه فصدقه الناس، أبًا ترك في عيون أبنائه دفئًا حتى وإن اختلفوا بعده، ورجلًا لم يكن بحاجة لمن يُدافع عنه بعد رحيله.
الجدل حول المال لا يُغيّب الحقيقة: أن الإرث الحقيقي لمحمود عبد العزيز لا يُقاس بالممتلكات، بل بالمحبة. محبة جمهور لا يزال يستعيد مشاهده، ويرويها للأبناء، وينحني احترامًا لفنٍّ لا يموت.
ولأن الثروة الحقيقية لا تُورَّث… بل تُستلهم، سيبقى اسمه في المكان الذي يليق به: في القلوب، لا في سجلات المحاكم.