الجزيرة:
2025-12-14@16:22:36 GMT

الترحيب بهلال شهر رمضان في التراث المصري

تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT

الترحيب بهلال شهر رمضان في التراث المصري

يتفرّد شهر رمضان بمظاهر احتفالية خاصة تختلف من بلد إلى آخر، وتجعل لذلك الشهر الكريم رونقه وبهجته أينما حلّ في شتى بلاد المسلمين.

وعلى مدار قرون مضت، تميّز شهر الصوم بطابع تراثي خاص في العالمين العربي والإسلامي، ومظاهر شعبية وُثّقت لنا صورُها عبر الكثير من المصادر العربية وكتب الرحلة والمؤرخين.

وقد ارتبط استقبال هلال شهر رمضان باحتفالات عظيمة لا يزال الكثير من مظاهرها باقيا حتى اليوم، مثل المواكب الشعبية التي لا تزال باقية في مدن مصر وقراها، والتي تعرف بـ"دورة رمضان"، ويخرج فيها الناس بأعداد كبيرة يتقدمهم الصُنّاع والتجار ليطوفوا الشوارع والميادين للاحتفاء بقدوم الشهر الكريم.

وقد تعددت مظاهر احتفالات المصريين باستطلاع هلال شهر رمضان والتي تُعرف بـ"ليلة الرؤية"، وتباينت على مر الحقب التاريخية المختلفة التي مرّت بها البلاد في ظل حكم الأمويين والعباسيين والفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين، حيث تفرّدت كل حقبة ببعض الطقوس والتقاليد الخاصة، وإن بقيت بعض العادات مستمرة منذ دخول الإسلام مصر وحتى اليوم، لكن أكثر تلك الاحتفالات زخما كانت في العصر الفاطمي.

رمضان في العصر الفاطمي

ويروي لنا كتاب "رمضان" لمؤلفه حسن عبد الوهاب، والصادر عن دار القلم بالقاهرة، عن عناية الحُكّام الفاطميين بشهر الصوم، والاحتفاء به بشكل غير مسبوق، حيث كانت تُقام الاحتفالات تمهيدا لحلوله، وتُقام الاحتفالات لإعلان رؤية هلاله، وكانوا يحرصون على الاستزادة من إنارة المساجد عند رؤية الهلال، فتُعلّق المصابيح بأعالي المآذن، وعلى واجهاتها ابتهاجا بمقدم شهر رمضان.

وقد بلغ من اهتمام الفاطميين بإنارة المساجد في ليلة رؤية هلال شهر رمضان حدا لجأ معه الحاكم بأمر الله إلى صناعة تنور هائل من الفضة الخالصة لإضاءة محراب الجامع الأزهر في ليالي رمضان ولم يستطع القوم إخراجه بعد انقضاء الشهر الكريم إلا بعد هدم الحائط المجاور للباب.

وإذا ما ثبتت الرؤية وحلّ أول يوم من أيام شهر رمضان، يخرج الخليفة الفاطمي في موكب ترتج له القاهرة إعلانا بثبات الرؤية وحلول شهر الصوم، وذلك بحسب كتاب "رمضان زمان" لمؤلفه الدكتور أحمد الصاوي، والصادر عن مركز الحضارة العربية بالقاهرة.

وبحسب المؤرخين، فقد استمرت العناية بالاحتفال برؤية هلال رمضان بعد الدولة الفاطمية، إذ كان يخرج قاضي القضاة والقضاة الأربعة والشهود ومعهم الشموع لرؤية الهلال، وكان يشترك معهم محتسب القاهرة وتجارها ورؤساء الطوائف والصناعات والشعب، فإذا تحققوا من رؤيته، أضيئت الأنوار على الدكاكين وخرج قاضي القضاة في موكبه تحفه الفوانيس والشموع والمشاعل حتى يصل إلى داره، ثم تتفرق الطوائف إلى أحيائها معلنة الصيام.

العباسيون والعثمانيون ومحمد علي

أما في العصر العثماني فقد كان القضاة يخرجون عند ثبوت الرؤية في موكب شعبي تشارك فيه طوائف الحرف، وقد لبس أعضاء كل طائفة ملابسهم المميزة وبأيديهم نماذج من منتجاتهم، بينما ينطلق جنود الإنكشارية من طائفة مستحفظان المسؤولية عن أمن العاصمة إلى الشوارع والأزقة وهم يصيحون: "يا أمة خير الأنام … بكرة من شهر رمضان صيام.. صيام.."، وفي حالة عدم ثبوت الرؤية كان النداء يتغير إلى: "غدا من شهر شعبان.. فطار.. فطار".

وخلال عصر محمد علي وحتى مشارف القرن الـ20 استمرت حفلات طوائف الشعب تشارك في احتفالات استطلاع هلال رمضان بعد انتقال إثبات الهلال إلى المحكمة الشرعية.

فيخرج الموكب من محافظة مصر إلى المحكمة الشرعية تتقدمه الموسيقى والجنود بطبولهم، حتى إذا ثبتت رؤية الهلال تطلق الصواريخ والألعاب النارية وتطلق المدافع وتضاء المآذن ثم يمر مركب الرؤية في أنحاء القاهرة معلنا الصيام.

وتدلنا المصادر التاريخية على أن القاضي أبو عبد الرحمن عبد الله بن لهيعة الذي تولى قضاء مصر سنة 155 هجرية، كان أول القضاة الذين يحضرون لنظر الهلال في شهر رمضان.

وكان القضاة من بعده في العصر العباسي يخرجون مع الناس إلى جامع محمود بسفح جبل المقطم لرؤية الهلال في رجب وشعبان احتياطيا لشهر رمضان، من فوق دكة أعدت لهم على مكان مرتفع بالجبل تعرف بدكة القضاة. واستمروا ينظرون الهلال من فوقها حتى دخل الفاطميون مصر، وانقطع القضاة عن رؤية الهلال من فوق جبل المقطم أو سواء من الأماكن العالية بالقاهرة.

المماليك

وما إن زالت دولة الفاطميين حتى عاد القضاة إلى استطلاع الهلال من فوق قمم المآذن. وكانت مئذنة المجموعة التي شيدها المنصور قلاوون المملوكي، تُعد بمثابة الموقع الرئيسي الذي كان القضاة في القاهرة يستطلعون من عليه هلال رمضان.

ورغم أن هذه المئذنة لم تكن بحال من الأحوال الأكثر ارتفاعا بين مآذن القاهرة إلا أن مواجهتها للمحكمة الصالحية، حيث كان يجلس القضاة؛ قد منحها شرف الارتباط باستطلاع أهلة الأشهر الهجرية.

وفي العصر المملوكي كان السلطان يجلس فور ثبوت رؤية الهلال وحلول شهر الصوم في أحد الميادين الكبرى بالقاهرة لاستعراض أحمال الدقيق والخبز والسكر والغنم والأبقار المخصصة لصدقات رمضان بعد أن يكون محتسب القاهرة قد عرضها في الشوارع الرئيسية.

ولا تزال المواكب الشعبية لاستقبال هلال شهر رمضان باقية في مصر حتى اليوم، حيث تخرج تلك المواكب التي باتت تعرف بـ"دورة رمضان" في كل مدينة وقرية بمشاركة كل فئات الشعب الذين تتقدمهم الخيول والإبل المزركشة، لتطوف الشوارع والميادين وسط مظاهر من البهجة والفرح للاحتفاء بقدوم شهر الصوم في كل عام.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات هلال شهر رمضان رؤیة الهلال شهر الصوم فی العصر

إقرأ أيضاً:

لسوء الأحوال الجوية.. الهلال الأحمر المصري يكثّف إمدادات الشتاء إلى غزة

أطلق الهلال الأحمر المصري، صباح اليوم الباكر، قافلة «زاد العزة.. من مصر إلى غزة» الـ 93، والتي تحمل عدد من شاحنات المساعدات الإنسانية العاجلة في اتجاه قطاع غزة، وذلك في إطار جهوده المتواصلة كآلية وطنية لتنسيق المساعدات إلى غزة.

كثّف الهلال الأحمر المصري إمدادات الشتاء الأساسية لتخفيف معاناة الأهالي، نظرًا لسوء الأحوال الجوية التي يشهدها قطاع غزة، حيث تضمنت القافلة نحو 12,900 بطانية، 40,700 قطعة ملابس شتوية، وأكثر من 19 ألف خيمة لإيواء المتضررين، وذلك في إطار الجهود المصرية المتواصلة لتقديم الدعم الإغاثي لأهالي غزة.

كما حملت قافلة «زاد العزة» في يومها الـ 93، نحو 10,500 طن من المساعدات الإنسانية العاجلة، والتي تضمنت: نحو 4,800 طن سلال غذائية، وأكثر من  4,200 طن مستلزمات طبية وإغاثية ضرورية يحتاجها القطاع، وأكثر من 1,500 طن مواد بترولية.
يذكر أن، قافلة « زاد العزة .. من مصر إلى غزة »، التي أطلقها الهلال الأحمر المصرى، انطلقت في 27 يوليو، حاملة آلاف الأطنان من المساعدات التي تنوعت بين: سلاسل الإمداد الغذائية، دقيق، ألبان أطفال، مستلزمات طبية، أدوية علاجية، مستلزمات عناية شخصية، وأطنان من الوقود.
ويتواجد الهلال الأحمر المصري كآلية وطنية لتنسيق وتفويج المساعدات إلى غزة، على الحدود منذ بدء الأزمة حيث لم يتم غلق معبر رفح من الجانب المصري نهائيًا، وواصل تأهبه فى كافة المراكز اللوجستية وجهوده المتواصلة لدخول المساعدات التي بلغت أكثر من نصف مليون طن من المساعدات الإنسانية والإغاثة، وذلك بجهود  35 ألف متطوع بالجمعية.

مقالات مشابهة

  • موعد شهر رمضان 2026.. باقي كام يوم على رؤية الهلال فلكيًا
  • لسوء الأحوال الجوية.. الهلال الأحمر المصري يكثّف إمدادات الشتاء إلى غزة
  • ناقد: حماية التراث المصري معركة هوية لا تقبل التفريط
  • الكشري المصري على مائدة التراث الإنساني .. كيف تحوّل طبق شعبي إلى أيقونة ثقافية عالمية؟
  • مجدي شاكر: تسجيل الكشري عالميًا اعتراف بتاريخ المطبخ المصري
  • موعد شهر رمضان 2026 وعدد ساعات الصوم
  • شهر الخير والبركة.. موعد بداية رمضان المبارك 2026
  • وزير السياحة والآثار: التراث المصري إسهام حضاري للإنسانية جمعاء
  • باق 70 يومًا.. موعد رمضان 2026 وعدد ساعات الصوم في اليوم الأول
  • الكشري المصري.. كيف تحول من وجبة شعبية إلى تراث عالمي؟