لجريدة عمان:
2025-10-16@11:48:07 GMT

تحكمنا السياقات

تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT

تتعدد السياقات التي نحتكم إليها، عند النظر في كثير من ممارساتنا السلوكية، وهذه السياقات ليست وليدة اللحظة؛ كما هو معروف بالضرورة، بل إنها مخزون معرفي بامتياز، قد تختزن الذاكرة هذا المخزون، فيظل خاملا خامدا، وقد تثيره في لحظة زمنية، أو موقف ما، فيصبح حديث الساعة، فالذاكرة هنا إذن هي الفاعل الحقيقي المباشر لمختلف السياقات التي نحتكم إليها، ونشير بها إلى الآخرين من حولنا، بناء على سلوكياتهم الظاهرة، وممارساتهم للفعل، وأكثر ما يمتحن الفرد في مختلف سلوكياته التي يبديها هو المتسلسل تحت عنوان «السياق العام» مع أن مفهوم السياق العام؛ هو مفهوم فضفاض يصعب في مواقف كثيرة تحديد آلياته أو التعريف المنطقي له، ولذلك من السهولة بمكان أن يقال لك: «هو مخالف للسياق العام» طيب؛ ما هو السياق العام؟ هل هو ما يتوافق مع الثقافة الحاضرة لمجتمع ما؟ أو العرف؟ أو الممارسة الاجتماعية؟ قد تخضع الإجابة وفق المحتوى المعرفي عند كل شخص على حدة.

يعد السياق الإنساني واحدا من أهم السياقات التي يسلم بأهميتها الجميع، فليس هناك إنسان لا يهمه أن تكون كل ممارساته وانفعالاته وفق هذا السياق، حتى لا يصاب بدهشة النتيجة المتوقعة لأي فعل يقوم به سواء على مستواه الفردي، أو على مستواه الاجتماعي، فالإنسانية قاسم مشترك يهم الجميع؛ وإن الجميع وفق سياقاتهم الإنسانية آمنون، ومن يشذ عن ذلك فسوف يواجه بكثير من النقد، وبكثير من عدم الارتياح لما قام به، ولعلنا نستحضر الفارق النوعي بين السياق العام والسياق الإنساني، أن الأول يكون تأثيره أفقيا أي «فهم متداول» ويحتكم إلى القيم أكثر، وبالتالي فهو إلى العام منه أقرب عن الخاص، أما السياق الإنساني فتأثيره عموديا، ويحتكم إلى ما يعتلج الإنسان من يقظة الضمير، وبالتالي فهو إلى الخاص منه أقرب من العام، وبالتالي في المواقف التي تحدث، الناس محتاجون إلى السياقين كليهما، وإن كان البعض يجد بعض المبررات عن إعلان الحكم المطلق في ممارسات كلا السياقين أيضا. ويحل السياق العاطفي أيضا واحدا من السياقات التي تقيم من خلالها بعض السلوكيات والممارسات التي يبديها الأفراد، ولأن هذا السياق مرتبط أكثر بالعاطفة والمشاعر، فهنا لا يحمل صاحبه الكثير من المسؤولية «مسؤولية مخففة» حيث تحظى العاطفة؛ غالبا؛ بنوع من التعاطف أيضا، ويقع في إشكالياته أكثر ربما المرأة، وصغار السن، حيث تصنف أفعال هؤلاء وفق هذا السياق، ولذلك تستوجد الأعذار لمثل هؤلاء انعكاسا لظروفهم الخاصة.

أما السياق الثقافي، فهو أقرب إلى المهنة والتخصص منه إلى مجمل السياقات الواردة أعلاه، وهذا خاضع لكثير من التعقيدات الميكانيكية؛ لأنه سياق مكتسب بالإرادة الحرة، وليس وفق السياقات آنفة الذكر، التي تتمايز بين السياقات الفطرية، وبين السياقات المكتسبة بفعل التوارث بين الأجيال، كأعراف وقيم، قد تخضع لحكم عام يقبل أو يرفض، دون أن يكون هناك إلزام «مهني» كما هو السياق الثقافي، الذي تحكمه مجموعة من النظم والقوانين التي تضعها جماعة معينة لتنظيم وتسهيل اشتغالاتها اليومية.

والسياق في تعريفه العام، هو ما يتسق أو يتوافق مع ما تؤمن به المجموعات الإنسانية في بيئة معينة، ولعل أكثر البيئات اهتماما بهذه السياقات هي البيئة الاجتماعية، وهي البيئة ذاتها التي لا تخلو من سياقاتها الاجتماعية ، فكل مجتمع إنساني له خصوصية سياقاته الاجتماعية، وإن تقاربت الشعوب في بعض صور الممارسة منها، ولكنها لن تتطابق بصورة مطلقة.

أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

حوارية في جرش تناقش تنظيم الظواهر الاجتماعية

صراحة نيوز-عقدت اليوم الثلاثاء في قاعة بلدية جرش الكبرى جلسة حوارية بعنوان “قراءة تفصيلية وتوضيحية لمبادرة تنظيم الظواهر الاجتماعية” بحضور مدير شرطة المحافظة العميد الركن رأفت المعايطة، ورئيس لجنة بلدية جرش الكبرى محمد بني ياسين.
وأكد محافظ جرش الدكتور مالك خريسات أن مبادرة تنظيم الظواهر الاجتماعية التي أطلقتها وزارة الداخلية تعكس نبض الشارع الأردني، وتهدف إلى إعادة التوازن بين الفرح والمسؤولية في ظل ما شهدته بعض العادات من مظاهر باهظة تثقل كاهل الأسر.
وقال، إن المبادرة تمثل صرخة وعي ودعوة للإصلاح، داعياً الجميع إلى دعمها والمشاركة في إنجاحها بعيداً عن الجدل والانقسام باعتبارها خطوة وطنية نحو مجتمع أكثر اعتدالاً ووعياً.
وقال النائب الدكتور حمزة الحوامدة إن الشعب الأردني يتميز بعاداته الأصيلة وقيمه الراسخة، مشيراً إلى أن هذه المبادرة جاءت للتخفيف عن المواطنين، داعياً الجميع إلى الالتزام بها حفاظاً على تماسك المجتمع ومصلحته العليا.
وأكد العين السابق مفلح الرحيمي، أن المبادرة تسعى إلى تخفيف الأعباء الاجتماعية بما يتوافق مع متطلبات العصر دون المساس بالعادات والتقاليد الأصيلة بل بتطويرها بما ينسجم مع الواقع الأردني.
وأشاد العين السابق ماجد المقابلة، بجهود وزارة الداخلية في إطلاق المبادرة، مشيراً إلى أنها تمثل توجهاً وطنياً مسؤولاً يسهم في ترسيخ الوعي الاجتماعي، وتعزيز روح الانتماء والتكافل بين أفراد المجتمع.
وأكد الوزير الأسبق الدكتور عاطف عضيبات، أن المبادرة جاءت لتؤسس ممارسات اجتماعية واقعية قائمة على الوعي والمسؤولية المشتركة.
وتناول عميد كلية الشريعة في جامعة جرش الدكتور عبدالله الوردات، البعد الشرعي للمبادرة، مؤكداً انسجامها مع مقاصد الشريعة الإسلامية ومستشهداً بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في التيسير وتخفيف المهور، مشدداً على أن الدين والخلق هما أساس الزواج وأن المشقة الناتجة عن التكاليف الزائدة محرّمة شرعاً.
وأشار الدكتور محمد المحاسنة الذي أدار الجلسة إلى مناقشة أبرز الظواهر الاجتماعية السلبية، ووضع حلول عملية للحد منها من خلال تكامل الأدوار بين المؤسسات الرسمية والمجتمع المحلي، وتفعيل برامج التوعية المجتمعية، وتنظيم حملات إرشادية في المدارس والجامعات والجمعيات.
وفي ختام الجلسة، تم التوقيع على وثيقة المبادرة من محافظ جرش، ومدير الشرطة، ورئيس لجنة البلدية، وعدد من الشخصيات والحضور.

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يعترف بهوية الجثة الرابعة التي تسلمها
  • أستاذ تخطيط: مشروع بوابة الملك سلمان ينسجم مع السياق الحضري لمكة المكرمة
  • تقرير أممي: اليمن ضمن أكثر البلدان التي تعاني من ندرة المياه في العالم
  • أكثر من 3400 علامة تجارية و85 براءة اختراع في الأردن حتى أيلول
  • المُضاعِف الاقتصادي قراءة في السياق العُماني
  • حوارية في جرش تناقش تنظيم الظواهر الاجتماعية
  • الأمين العام لجائزة الملك فيصل يروي “سيرتها التي لم تُرْوَ”
  • الحوكمة والرقمنة وتحقق العدالة الاجتماعية
  • النقل والاتصالات وتقنية المعلومات تسدد أكثر 1.2 مليون ريال من مستحقات القطاع الخاص بنهاية أغسطس
  • وزير الصناعة: مهلة 6 أشهر للمشروعات الصناعية التي أنجزت أكثر من 50% من الإنشاءات