محطات براكة الثانية عالمياً في تطبيق معايير التمويل الأخضر
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
صُنِّفَت عملية إعادة تمويل محطات براكة للطاقة النووية التي أُعلِن عنها في عام 2023 بقيمة 8.89 مليار درهم، كتمويل أخضر، ما يسلِّط الضوء على الإسهام الكبير للطاقة النووية في تعزيز الاقتصاد الأخضر لدولة الإمارات، ودعم استراتيجيتها للانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة، من خلال توفير كهرباء خالية من الانبعاثات الكربونية.
ويعدُّ التمويل الأخضر لمحطات براكة الأول من نوعه في آسيا وأفريقيا، والثاني من نوعه على مستوى العالم، بعد التمويل الأخضر بقيمة مليار يورو الذي مُنِحَ لشركة كهرباء فرنسا لصيانة محطاتها للطاقة النووية في عام 2022.
وكانت صفقات تمويل قطاع الطاقة النووية التي تحمل المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة قد ركَّزت سابقاً على السندات الخضراء، بإصدار أولها لشركة «بروس باور» الكندية في عام 2021.
ويسلِّط هذا التصنيف الضوء على الإدراك المتزايد لدى العالم أنَّ محطات الطاقة النووية هي مصادر نظيفة للكهرباء، مع وجود إمكانات كبيرة للتوسُّع في مجالات جديدة مثل إنتاج الهيدروجين النظيف والأمونيا، إلى جانب أنَّ محطات الطاقة النووية مصدر ثابت للطاقة، حيث تنتج العديد منها الكهرباء لمدة 60 عاماً على الأقل، وهو ما يوفِّر عرضاً مالياً مستقراً للبنوك.
وأُعلِن عن هذا التصنيف في المقر الرئيس لمؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية في أبوظبي، بحضور محمد الحمادي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي للمؤسَّسة، وناصر الناصري، الرئيس التنفيذي لشركة براكة الأولى، والمهندس عبدالله عبدالعزيز الشامسي، رئيس الأعمال التجارية لمجموعة بنك أبوظبي التجاري، ولودوفيك نوبيلي، رئيس مجموعة الخدمات المصرفية للشركات والاستثمار، ومارتن تريكو، رئيس الخدمات المصرفية الاستثمارية لمجموعة بنك أبوظبي الأول، وعبدالله الجنيبي، رئيس القطاع الدولي للحكومات والقطاع العام في بنك أبوظبي الأول.
وقال محمد الحمادي: «تؤكِّد عملية إعادة تمويل محطات براكة بما يلبّي متطلبات التمويل الأخضر الدور المحوري للطاقة النووية في مسيرة الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة، وتواصل محطات براكة تحقيق الإنجازات بأنها من أولى محطات الطاقة النووية على مستوى العالم التي تحظى بالتمويل الأخضر، ما يوفِّر الطاقة المستدامة لدولة الإمارات العربية المتحدة من خلال الكهرباء النظيفة والوفيرة على مدى الساعة».
وأضاف الحمادي: «من خلال محطات براكة، تحفِّز مؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية البحث والتطوير في مجال حلول الطاقة النظيفة ودعمها، مثل إنتاج الهيدروجين النظيف، والمفاعلات المصغَّرة، وهو ما سيعود على الدولة بفوائد اقتصادية واجتماعية طويلة المدى، من بينها دعم القطاعات الصناعية المتقدمة، وتوفير آلاف فرص العمل، وتطوير سلسلة إمداد كبيرة لضمان النمو المستدام».
وقال ناصر الناصري: «تستخدم شركة براكة الأولى طرقاً مبتكرة لتمويل مشروع محطات براكة، من خلال الائتلاف المشترك الذي أُسِّسَ في عام 2016، ونحن اليوم نقترب من التشغيل الكامل لمحطات براكة الأربع. ويظهر مشروع محطة براكة أنَّ الطاقة النووية هي مصدر نظيف للطاقة، وتقنية أكَّدت نجاحها من الناحية التمويلية، ويسعدنا التعاون عبر التمويل الأخضر مع بنك أبوظبي التجاري وبنك أبوظبي الأول، لتعزيز دور أبوظبي الريادي في دعم الاقتصاد العالمي الخالي من الانبعاثات الكربونية».
وأكَّدت مراجعة مستقلة معترَف بها عالمياً في مجال تقديم الخبرات والحلول أنَّ إعادة تمويل محطات براكة تلتزم بمبادئ التمويل الأخضر من خلال تقييم ثلاثة عناصر أساسية، تشمل مؤهلات محطات براكة في مجال الاستدامة، ومساهمتها الإيجابية في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، ومواءمة التسهيل الائتماني مع الملف البيئي والاجتماعي والحوكمة.
واستكملت شركة براكة الأولى، التابعة لمؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية والمسؤولة عن الشؤون المالية والتجارية، عملية إعادة التمويل في يوليو 2023 مع بنكين من البنوك الإماراتية، هما بنك أبوظبي التجاري وبنك أبوظبي الأول، وأُعيد تمويل تسهيلات القروض الحالية من خلال عملية سوق تنافسية، وتحويلها إلى تمويل أخضر بالشراكة مع بنك أبوظبي الأول بصفته المنسق الأخضر الرئيس، وبنك أبوظبي التجاري بصفته منسق التمويل الأخضر.
وتسهم إعادة التمويل من خلال اثنين من أكبر البنوك في دولة الإمارات في دعم جهود الدولة المتمثّلة في تعزيز القيمة المحلية المضافة، باعتبارها مكوِّناً رئيساً للاقتصاد الخالي من الانبعاثات الكربونية.
أخبار ذات صلة
وقال المهندس عبدالله عبدالعزيز الشامسي: «يمثِّل تصنيف التسهيل الائتماني لمحطات براكة كتمويل أخضر إنجازاً مهماً في مسيرة تطوُّر قطاع الطاقة في دولة الإمارات، وتعكس الدور المتزايد الأهمية الذي تؤديه الطاقة النووية كمصدر لإنتاج طاقة كهربائية نظيفة، وفي ظل النمو والازدهار الاقتصادي المستمر للدولة، يلتزم بنك أبوظبي التجاري بتمكين عملائه في جميع القطاعات، ودعم خططهم الرامية للحدِّ من الانبعاثات الكربونية لأعمالهم وتحقيق الحياد المناخي. ونفخر بشراكتنا مع مؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية ونتطلَّع إلى تعزيز تعاوننا خلال السنوات المقبلة».
وقال مارتن تريكو: «نهنِّئ مؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية على استيفاء محطات براكة للطاقة النووية لمتطلبات التمويل الأخضر، مع الأخذ بالاعتبار أنَّ خفض الانبعاثات الكربونية هي عملية تعاونية، وبنك أبوظبي الأول ملتزم بالقيام بدوره لدعم التزام دولة الإمارات بالوصول إلى الحياد المناخي بحلول عام 2050 من خلال شراكات التمويل الأخضر. ونحن ندرك مسؤوليتنا في دعم المشاريع الخضراء لشركائنا خلال مسيرتهم نحو الحياد المناخي، ونثمِّن هذه الفرصة لتسهيل تحقيق أهداف العمل المناخي لمؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية».
ويعدُّ بنك أبوظبي الأول أول بنك في دول مجلس التعاون الخليجي ينضمُّ إلى «التحالف المصرفي من أجل الحياد المناخي» الذي أطلقته الأمم المتحدة في عام 2021.
ويعدُّ أحد البنوك الرائدة في مجال التمويل المستدام؛ فهو أول بنك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يضع أهدافاً لتمويل عملية خفض الانبعاثات الكربونية للقطاعات التي يصعب فيها ذلك، ويشمل ذلك قطاعات النفط والغاز، وإنتاج الطاقة والطيران والصلب.
وفي نوفمبر 2023، أعلن بنك أبوظبي الأول أنه غطّى 90% من هذه الأهداف للشركات والمؤسَّسات في ثمانية قطاعات. ويُصنَّف البنك حالياً ضمن أفضل البنوك أداءً في المنطقة، فيما يتعلَّق بالجوانب البيئية والاجتماعية والحوكمة، وهو أيضاً من بين أفضل 15 بنكاً في مجال القروض الخضراء على مستوى العالم، وقد التزم بتسهيل أكثر من 500 مليار درهم للتمويل المستدام والانتقالي بحلول عام 2030.
وتواصل محطات براكة إضافة المزيد من العوائد الاقتصادية في دولة الإمارات، فضلاً عن دعم سلسلة الإمداد المحلية وتطويرها، وتوفير الآلاف من فرص العمل المجزية لمواطني الدولة، ولا سيما أنها تعدُّ إحدى أكبر محطات الطاقة النووية في العالم، حيث تضمُّ أربعة مفاعلات من طراز APR1400. وأصبحت المحطات أكبر مصدر منفرد للكهرباء النظيفة في المنطقة، وهي تخفِّض البصمة الكربونية للقطاعات التي يصعب فيها ذلك، وتدعم استراتيجية دولة الإمارات لتصبح من مُصَدِّري الغاز الطبيعي المسال بحلول عام 2030.
وفي إطار الرؤية المستقبلية للبرنامج النووي السلمي الإماراتي، أطلقت مؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية «البرنامج المتقدِّم لتقنيات الطاقة النووية»، الذي يركِّز على تطوير أحدث التقنيات النووية لتسريع عملية خفض البصمة الكربونية على مستوى العالم، والتحوُّل إلى الطاقة النظيفة، مع دعم وتعزيز مسيرة دولة الإمارات نحو الحياد المناخي، من خلال استكشاف وتقييم أحدث التقنيات في فئات المفاعلات المصغَّرة والمتوسطة والمفاعلات الدقيقة المتقدِّمة، التي يمكنها إنتاج الهيدروجين والأمونيا.
وتسهم مؤسَّسة الإمارات للطاقة النووية بدور مهم في عملية خفض البصمة الكربونية للصناعات الثقيلة والقطاعات التي تتطلَّب كميات كبيرة من الطاقة في دولة الإمارات، لتعزيز مسيرة الدولة نحو الحياد المناخي بحلول عام 2050.
ويُتوقَّع أن تعمل محطات براكة بكامل طاقتها في وقت لاحق من عام 2024، وعندها ستنتج 40 تيراواط/ساعة من الكهرباء سنوياً، وتحدُّ من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية.
وتؤدي الكهرباء النظيفة التي تنتجها محطات براكة دوراً أساسياً في تسهيل وصول الشركات المحلية في أبوظبي إلى التمويلات المتعلقة بالبيئة والمجتمع والحوكمة من خلال برنامج شهادات الطاقة النظيفة، ما يؤدي إلى تعزيز الميزة التنافسية والقدرة على فرض علاوة خضراء على منتجاتها وخدماتها.
ومن خلال ثلاث محطات تنتج الكهرباء على نحو تجاري والمحطة الرابعة تقترب من التشغيل التجاري، تمكَّنت محطات براكة من إنتاج أكثر من 60 جيجاواط/ساعة من الكهرباء النظيفة، مع الحد ما يقرب من 30 ألف كيلو طن من الانبعاثات الكربونية.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: محطة براكة للطاقة النووية
إقرأ أيضاً:
وزير البترول: التحول في مجال الطاقة أولوية استراتيجية وهذا لا يعني التخلي عن المصادر التقليدية
أكد المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، أن التحول في مجال الطاقة لا يعني التخلي عن المصادر التقليدية بل انتهاج أساليب لإنتاجها واستهلاكها بصورة أكثر كفاءة واستدامة بيئية، مشيرا إلى أن التحول في مجال الطاقة أولوية استراتيجية وليس رفاهية.
جاء ذلك في مقال لوزير البترول والثروة المعدنية، نشر في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحت عنوان «استراتيجيات التحول الطاقي طموحات.. مبادرات.. تحديات»، وذلك في افتتاحية العدد الخامس من مجلة المركز «سياسات مناخية».
وأوضح وزير البترول، خلال مقاله، أن التحديات المتتالية التي تواجه قطاع الطاقة على المستوى العالمي جعلت التحول في مجال الطاقة أولوية استراتيجية وليس رفاهية، مضيفاً أنها أولوية فرضتها ضرورات تأمين إمدادات الطاقة للدول وشعوبها، ومن هنا يجب أن تكون سياسات الطاقة قادرة بشكل حقيقي على التعامل مع ما يُعرف باسم «المعضلة الثلاثية - Energy trilemma» التي تواجه قطاع الطاقة على مستوى العالم والمتمثلة في: كيف يمكن أن نوفر طاقة آمنة وموثوقة لا تنقطع؟ وأن تبقى تكلفتها مناسبة في متناول الجميع؟ وكيف نحقق ما سبق دون الإخلال بواجباتنا في الوقت الحاضر مع الحفاظ على بيئة مستدامة للأجيال القادمة، والوفاء بالالتزامات المناخية الدولية؟.
وأوضح وزير البترول، خارطة طريق لدعم أهداف التحول في مجال الطاقة، مشيرًا إلى أنه مع تولي الحكومة الحالية ومنحها الأولوية الكبيرة لملف الطاقة بمختلف جوانبه، كان لابد من وضع خارطة طريق لدعم أمن الطاقة، والتحول التدريجي في القطاع، لذا شرعت وزارة البترول والثروة المعدنية في إطلاق وتنفيذ استراتيجية عمل جديدة لتعزيز القدرة على تحقيق تلك المعادلة الضرورية في قطاع الطاقة، والتي تتألف من ستة محاور رئيسة يأتي في مقدمتها: تكثيف أعمال الاستكشاف البترولي، والإنتاج لزيادة القدرات الإنتاجية بما يُمكن من تلبية احتياجات المواطنين المرتبطة بإمدادات الوقود بأقل تكلفة، وتعظيم الاستفادة من البنية التحتية في مجال تكرير البترول، وإنتاج البتروكيماويات لأقصى طاقة ممكنة.
وتبرز أهمية مشروعات الهيدروجين الأخضر، والوقود الأخضر والمستدام التي تواصل الوزارة العمل عليها في إطار تعزيز إجراءات انتقال الطاقة، ودعم الاحتياجات الأساسية للوقود، ثم يأتي محور تطوير قطاع التعدين لرفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، حيث بات معلومًا للجميع أهمية قطاع التعدين للتحول في قطاع الطاقة، بما يوفره من معادن حيوية تدخل في صناعة الطاقة الشمسية والمتجددة.
وفي القلب من هذه الاستراتيجية يأتي المحور الرابع ليدعم التوسع في استخدامات الطاقة المتجددة، في إطار عمل تكاملي مستمر مع الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، للوصول بنسبة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة المصري إلى 42% بحلول عام 2030، ومع دمج الطاقة المتجددة بشكل أكبر في قطاع الطاقة سنتمكن من خفض الاعتماد على الوقود التقليدي في توليد الطاقة، وخاصة الغاز الطبيعي، وتوجيهه نحو الاستخدامات الصناعية ذات القيمة المضافة، وهو ما يُسهم في تقليل فاتورة الاستيراد، وخفض الانبعاثات من قطاع الطاقة، بما يتفق ورؤية الدولة المصرية للتنمية المستدامة.
وأضاف «بدوي»، أن تحقيق المحاور الأربعة السابقة لا يكتمل دون ركيزة أساسية، والتي جاء المحور الخامس ليكملها، حيث يتناول السلامة وكفاءة الطاقة، وخفض الانبعاثات، وهو محور متعدد الأولويات إذ يبدأ بسلامة العاملين لأن أهم ما نحرص عليه هو أن يعود كل عامل إلى أسرته سالمًا، ثم ننتقل إلى هدف لا يقل أهمية عن السابق، وهو رفع كفاءة استخدام الطاقة، وتقليل الانبعاثات الكربونية في أنشطة البترول والغاز، وهما مصدران سيظلان حاضرين لعقود مقبلة، لكن وفق أساليب مستدامة، وفي المحور السادس من استراتيجية العمل نواصل تعزيز التكامل الإقليمي باعتباره ركيزة أساسية للتحول الطاقي.
وأشار «بدوي»، في مقاله، إلى أن التحول في مجال الطاقة لا يعني التخلي عن المصادر التقليدية بل انتهاج أساليب لإنتاجها واستهلاكها بصورة أكثر كفاءة واستدامة بيئية فكفاءة استخدام الطاقة باتت فرصة ذهبية لتحقيق تحول تدريجي وآمن، واتخذت وزارة البترول العديد من الخطوات لتحسين كفاءة الطاقة فعلى المستوى الاستراتيجي تم إصدار استراتيجية كفاءة الطاقة لقطاع البترول، وعلى المستوى التنفيذي تم تنفيذ نحو 358 مشروعًا وإجراءً لتحسين كفاءة الطاقة بالعمليات الإنتاجية، مما أسفر عن تحقيق وفر يصل إلى 138 مليون دولار أمريكي، كما تم التعاون مع المملكة العربية السعودية لإعداد برنامج وطني لكفاءة استخدام الطاقة في مصر ليكون نموذجًا في إدارة الطاقة المستدامة، ومن هذا المنطلق يتم تعزيز سبل التعاون مع كافة الشركاء من جهات حكومية ومؤسسات عالمية وشركات من القطاع الخاص لدعم جهود وأنشطة الوزارة في مجال التحول الطاقي.
كما استعرض وزير البترول، خلال مقاله مشروعات إنتاج الهيدروجين والوقود الأخضر، موضحًا أنه في ظل التوجه العالمي المتسارع نحو حلول الطاقة النظيفة تولي الدولة المصرية ووزارة البترول والثروة المعدنية اهتمامًا بالغًا بملف الهيدروجين كأحد الركائز الرئيسة للتحول الطاقي وخفض الكربون، ففي أغسطس 2024 تم الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين منخفض الكربون، والتي شاركت وزارة البترول والثروة المعدنية في إعدادها واضعة نُصب أعينها رؤية طموحة لأن تصبح مصر من الدول الرائدة في هذا المجال الواعد، فهذه الاستراتيجية لا تقتصر فقط على البُعد البيئي بل تحمل في طياتها فرصًا اقتصادية واعدة من بينها توفير أكثر من 100 ألف فرصة عمل وتعزيز توطين صناعة مكونات إنتاج الهيدروجين وتأمين مصادر جديدة ومستدامة للطاقة في مصر.
وفي إطار دعم مناخ الاستثمار شاركت وزارة البترول في إعداد مشروع قانون يحفز إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته عبر حزمة من التيسيرات من بينها حوافز نقدية، وإعفاءات ضريبية، ومزايا الحصول على الموافقة الموحدة (الرخصة الذهبية) لتيسير الإجراءات.
كما شاركت الوزارة في تقديم المقترح المتضمن إنشاء «المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر ومشتقاته»، الذي أُنشيء بالفعل برئاسة رئيس مجلس الوزراء وبعضوية عدد من الوزراء المعنيين ليقود التنسيق على أعلى مستوى لدفع هذا الملف إلى الأمام.
وترجمة لهذه الجهود في قطاع البترول عمليًا، يبرز مشروع «دمياط للأمونيا الخضراء» كأحد النماذج الرائدة، فمن خلال شراكة بين الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات، وسكاتك النرويجية، وموبكو، يُجرى تنفيذ المشروع لإنتاج 150 ألف طن سنويًا من الأمونيا الخضراء، باستثمارات تقارب 910 ملايين دولار أمريكي.
وخلال زيارة رئيس الجمهورية إلى النرويج ديسمبر الماضي تم توقيع اتفاقية المبادئ مع شركة «يارا» لتسويق الإنتاج بالكامل وهو ما يمثل ضمانة قوية لنجاح المشروع، كما تنفذ الوزارة من خلال الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات أول مشروع لإنتاج وقود الطائرات المستدام من زيت الطعام المستعمل، ومشروع إنتاج الإيثانول الحيوي.
وتناول وزير البترول، تحديات التحول في مجال الطاقة، مؤكداً على أن الوزارة تُدرك التحديات العالمية المرتبطة بهذا التحول، وعلى رأسها ارتفاع تكاليف الإنتاج لمشروعات الوقود الأخضر، لا سيما الهيدروجين الأخضر، وتكاليف إنشاء البنية التحتية، وشبكات نقله وتخزينه، مما يتطلب البدء في تطويرها بتكاليف كبيرة على دولنا النامية، فضلًا عن غياب أسواق منظمة للهيدروجين الأخضر ومشتقاته، والحل يكمن في ضمان وجود مشترين، وتوقيع اتفاقيات شراء مسبقة، إلى جانب دعم مباشر من الدول المتقدمة، كونها الأكثر طلبًا حاليًا للهيدروجين الأخضر ومشتقاته.
وتمضي وزارة البترول في تعزيز التعاون مع الشركاء الدوليين سواء في تأمين عقود شراء، وتبادل الخبرات، وأفضل الممارسات، بما يدعم تنفيذ مشروعات فعلية تضع مصر في مكانة إقليمية كمركز لتداول الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.
ورغم التوسع العالمي في آليات التمويل الأخضر وتزايد مبادرات الدعم الموجهة لمشروعات الطاقة المستدامة، فإن التحدي لا يزال قائمًا أمام العديد من الدول النامية للنفاذ إلى مصادر التمويل الميسر لتنفيذ المشروعات في هذا المجال، فتوفير التمويل الأخضر يتطلب مرونة، وإتاحة تمويل منخفض التكلفة للقارة الإفريقية، بالتوازي مع إتاحة الدعم التكنولوجي، وتوطين للصناعة، وبناء القدرات، وهو ما تنادي به مصر في المحافل الدولية.
وأوضح «بدوي»، في ختام مقاله أنه في ظل الدعوات المتزايدة للإسراع بتحول الطاقة، نؤكد مجددًا على أهمية هذا التوجه وأولويته، لكن مع ضرورة تبني نهج واقعي وعادل في الوقت نفسه يأخذ في الاعتبار خصوصية أوضاع الدول النامية، واحتياجاتها التنموية، فتحول الطاقة لا يُمكن أن يكون بمعزل عن ضمان حق الشعوب في الحصول على طاقة آمنة ونظيفة، إلى جانب توفير تمويل ميسر يضمن تنفيذ مشروعات التحول الطاقي دون تحميل هذه الدول أي أعباء إضافية.
اقرأ أيضاًوزير البترول يستعرض رؤية القطاع مع مجموعة من الكتاب والخبراء
وزير البترول يبحث مع «كابيتال دريلينج» توسيع أنشطة الشركة في مصر