سودانايل:
2025-06-10@18:41:42 GMT

واهم يتعايش مع الوهم ومن أزمته يحكي!

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

إن فكرة الوهم في الثقافة السودانية، كما في العديد من الثقافات الأخرى، تعكس الصراع الداخلي والبحث عن المعنى في عالم مليء بالغموض والتناقضات. الوهم هو ذلك الستار الذي يفصل بين الواقع والخيال، بين ما هو معروف وما هو مجهول. وفي السودان، حيث تتشابك الأساطير والتقاليد مع الحياة اليومية، تأخذ فكرة الوهم أبعادًا متعددة تتجلى في الفنون، والأدب، والممارسات الاجتماعية
الوهم في الثقافة السودانية يمكن أن يُرى كوسيلة للتعبير عن الأمل والخوف، الحلم واليأس.

إنه يعكس الرغبة في فهم العالم والتأقلم معه، وفي الوقت نفسه، يعبر عن القلق من المجهول والخوف من الفشل. الأوهام تُستخدم لملء الفراغات التي يتركها العقل البشري في محاولته لفهم الكون ومكان الإنسان فيه
في السودان، تتجلى فكرة الوهم في الحكايات الشعبية والأساطير التي تنقل من جيل إلى جيل، وفي الأغاني والشعر التي تحمل في طياتها الرموز والمعاني العميقة. كما تظهر في العادات والتقاليد التي تحاول تفسير الظواهر الطبيعية والاجتماعية، وفي الدين والمعتقدات التي توفر إطارًا للتفكير والسلوك
الوهم، إذًا، هو جزء لا يتجزأ من النسيج الثقافي السوداني، يُستخدم للتعبير عن الذات والبحث عن الهوية، وللتعامل مع التحديات والمصاعب التي تواجه الفرد والمجتمع. إنه يعكس الجمال والتعقيد في الحياة السودانية، ويقدم نافذة للنظر إلى العالم من خلال عيون مختلفة، مليئة بالألوان والظلال والأضواء.

نعم، هناك العديد من الأمثلة التي تعكس مفهوم الوهم في الأدب والفن السوداني. في الشعر، يمكن الإشارة إلى الشاعر الراحل محمد عبد الحي، الذي يُعتبر أحد أبرز الشعراء السودانيين والذي تناول موضوعات عميقة تتعلق بالوجود والهوية , كما يُعد الطيب صالح، برواياته وقصصه القصيرة، أحد أهم الأدباء الذين استكشفوا موضوعات مثل الوهم والحقيقة والذاكرة
في الفن، يمكن النظر إلى الأعمال الفنية التي تعبر عن الوهم من خلال استخدام الرمزية والأساطير السودانية. الفنانون والمبدعون السودانيون يستخدمون الوهم كوسيلة للتعبير عن الأفكار والمشاعر، وكذلك للتعليق على الواقع الاجتماعي والسياسي.

للحصول على فهم أعمق لكيفية تجسيد الوهم في الأدب والفن السوداني، يمكن الرجوع إلى الدراسات النقدية والأعمال التي تناولت هذا الموضوع بالتفصيل

في السودان، حيث النيل يجري بسلام
والأرض تحكي قصصًا من الزمان القديم
تراقص الأوهام ظلال الأحلام
وتغني الروح لحن الحياة العظيم

بين الخرطوم وأم درمان، تسير الأقدام
على درب الأجداد، مسار العزيمة والقيم
تتلاقى القلوب على حب الوطن الدافئ
وتتشابك الأيدي في وحدة لا تُقسم

تتردد الأصداء في الأزقة والحواري
قصص الأجداد، أساطير تحكي الأمجاد
وفي الليل، حين يسكن الصخب والضوضاء
تهمس النجوم قصائد الحب والوفاء

هنا، حيث الوهم يصبح جسرًا للأماني
والفن يعانق الروح في كل زاوية ومكان
تتحدث الألوان والأشكال بلغة الإبداع
وتروي الأنغام قصة شعب لا يُقهر، لا يُهان

في السودان، حيث الثقافة تزهر كالبستان
والأدب ينير الدروب كالقمر السمان
تعيش الأوهام في القلوب كالأمل المنشود
وتبقى الحكايات، عبر الأجيال، محفورة كالوشم الودود

الإعلام له دور كبير في تشكيل الصور الذهنية وصناعة الأوهام، خاصة في عصرنا الحالي حيث تتسارع التغيرات التكنولوجية وتتعدد وسائل الإعلام. يمكن للإعلام أن يؤثر بشكل مباشر على الرأي العام ويحرك الجماهير نحو سلوك أو قرار محدد
في بعض الأحيان، يُستخدم الإعلام لتعزيز أجندات معينة أو لتحريك مشاعر العاطفة لدى الجمهور، مما يؤدي إلى تشكيل أوهام قد تكون بعيدة عن الواقع. وقد أظهرت الدراسات أن المجتمعات العاطفية قد تتأثر بشكل أكبر بمثل هذه الأوهام.

من ناحية أخرى، يمكن للإعلام أن يلعب دورًا إيجابيًا في تنمية الوعي وتعزيز الهوية الوطنية، وذلك من خلال تقديم محتوى مؤثر ومعلومات دقيقة تساعد في بناء مجتمع متكامل ومتعايش, الإعلام الوطني، على سبيل المثال، يمكن أن يساهم في تحسين الصورة الذهنية للدولة ودعم رسائلها الثقافية العالمية1.

لذا، يُعد فهم دور الإعلام وتأثيره على الجماهير أمرًا ضروريًا لتمكين الأفراد من التمييز بين الواقع والأوهام التي قد يُساهم الإعلام في صناعتها.

منصات التواصل الاجتماعي تُعد أدوات قوية لبناء الخيال وتوسيع الآفاق، ولكنها يمكن أن تكون أيضًا مصدرًا للأوهام. فهي تتيح للمستخدمين إنشاء ومشاركة المحتوى الذي يعبر عن أفكارهم وتصوراتهم، مما يساعد في تطوير الإبداع والخيال.

ومع ذلك، يمكن لهذه المنصات أيضًا أن تقدم صورًا غير واقعية أو مبالغ فيها عن الحياة الشخصية أو النجاحات، مما يؤدي إلى تشكيل توقعات قد لا تتطابق مع الواقع3. لذلك، من المهم التمييز بين استخدام هذه المنصات كأداة للإلهام والتعبير عن الذات، وبين الانسياق وراء الصور الزائفة التي قد تُقدم ,
الأوهام هي معتقدات ثابتة وخاطئة تتعارض مع الواقع. يمكن أن تكون مشكلة صعبة للمثقفين والأشخاص الذين يعانون منها. هناك أنواع مختلفة من الأوهام، مثل-

هوس: يعتقد الشخص أن شخصًا ما يحبه ويمكنه محاولة الاتصال بهذا الشخص. غالبًا ما يكون شخصًا مهمًا أو مشهورًا.
فخام: يعتقد هذا الشخص أن لديه شعورًا مبالغًا فيه بالقيمة أو القوة أو المعرفة أو الهوية. قد يعتقدون أن لديهم موهبة استثنائية أو اكتشفوا اكتشافًا مهمًا.
غيور: يعتقد الشخص من هذا النوع أن زوجته أو شريكه الجنسي غير مخلص.
اضطهاد: شخص لديه هذا الاعتقاد بأنه / هي (أو شخص قريب منه / عليها) يتعرض للإيذاء، أو أن شخصًا ما يتجسس عليه / عليها أو يخطط لإيذائه / عليها. يمكنهم تقديم شكاوى متكررة للسلطات القانونية.
جسدي: يعتقدون أن لديهم عيبًا جسديًا أو مشكلة طبية.
خليط: هؤلاء الأشخاص لديهم نوعان أو ثلاثة من أشكال الأوهام
الأسباب المحتملة للأوهام تشمل وراثية يعتبر العامل الوراثي أحد العوامل المحتملة , بيولوجية: تشير دراسات إلى أن التشوهات في مناطق معينة من الدماغ قد تؤدي إلى تطور اضطرابات التوهم.
محيطة / نفسية: التوتر والعزلة الاجتماعية قد يساهمان في حدوث الأوهام.
العلاج النفسي يمكن أن يكون فعالًا في التقليل من شدة وتكرار أعراض مرض الوهم. يمكن أن يساعد العلاج الأسري العائلات على التعامل بشكل أكثر فاعلية مع أحد أفراد أسرته المصاب باضطراب الوهم
الأوهام هي معتقدات ثابتة وخاطئة تتعارض مع الواقع. يمكن أن تكون مشكلة صعبة للمثقفين والأشخاص الذين يعانون منها. هناك أنواع مختلفة من الأوهام، مثل الهوس والفخام والاضطهاد والجسدي والخليط. يعتبر العلاج النفسي فعالًا في التقليل من شدة وتكرار أعراض مرض الوهم. يمكن أن يساعد العلاج الأسري العائلات على التعامل بشكل أكثر فاعلية مع أحد أفراد أسرته المصاب باضطراب الوهم، مما يسمح لهم بالمساهمة في تحقيق نتيجة أفضل للشخص
في النهاية، يعتمد الأمر على كيفية استخدام الأفراد لهذه المنصات والوعي بأن لكل صورة أو قصة قد تُشارك هناك واقع معقد وراء الكواليس قد لا يتم عرضه5. قضية هروب الإنسان إلى ما يسد شعوره بالضياع واللاهدفية في البحث عن مخرج من أزمته، واضطراره للبحث عن بدائل في الأوهام (الكبيرة أو الأوهام الجبلية، شديدة الوعورة وليست شديدة الصلابة والثبات)، نجد الأمر يتركز في الجانبين الأشد إلحاحاً، وهما جانب حريته في الاختيار والفعل، والآخر قضية موته (تلف كينونته وتبددها وتبخرها من بين يديه، كذات وفرد، وليس كروح، كما تسوِّق الأوهام وتصر بقسوة) ووقوفه عاجزاً أمام هذا الوضع الناشز، العصي على الفهم، والذي لا يجده مبرراً، أمام سلطة ورغبة الحياة اللتين تحكمانه بالفطرة، وليس بصورة عارضة، كما يصور رجال الكهنوت ورؤاهم المعبدية.، وهذه القضية هي التي يجب أن تكون الأهم والأكثر إشغالاً لتفكير الفلاسفة وبحثهم، من التفريعات التجريدية التي هربت إليها الفلسفة الغربية، في القرن العشرين
لأوهام تشكل جزءًا من البشرية، وهي تتسلل إلى عقولنا كظلال متراكمة. نحن نعيش في عالم مليء بالأوهام، حيث يتداخل الواقع بشكل معقد مع تصوراتنا وتصورات الآخرين. إنها مثل الضباب الذي يحجب الرؤية ويجعلنا نرى الأشياء بشكل مغاير.
في هذا العالم المتشابك، يجب أن نكون حذرين ومتيقظين. يجب أن نتساءل دائمًا: هل ما نراه حقيقة مطلقة أم مجرد تصوّر؟ هل نحن في حالة تأخي مع الأوهام أم نعيش في واقع ملموس؟
الفلسفة تعلمنا أن الحقيقة ليست دائمًا واضحة ومحددة. قد يكون لدينا تصوّرات مختلفة لنفس الواقع، وهذا يجعلنا نتساءل عن الحقيقة النهائية. هل يمكن أن تكون الأوهام هي الحقيقة الحقيقية؟ أم أنها مجرد ظلال تتلاشى أمام الواقع؟
وأخر القول، يبدو أننا محاصرون بين الأوهام والواقع، والتحدي هو الاعتراف بأننا قد نكون في حالة تأخي مع الأوهام. قد يكون الواقع أكثر تعقيدًا مما نتصوّر، وقد يكون لدينا الكثير لاكتشافه وفهمه

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: یمکن أن تکون فی السودان یمکن أن ی الوهم فی الذی ی

إقرأ أيضاً:

غروندبرغ: الحل في اليمن سياسي ولا يمكن حسمه من قبل أي طرف

أكد المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس جروندبرج، أن النزاع فى اليمن لا يمكن أن يحسم عبر إجراءات أحادية، أيًا كان الطرف الذي يتخذها، وأن اليمن يحتاج إلى حل سياسي لإنهاء الأزمة التي يعاني منها الشعب منذ أكثر من عقد من الزمن.

 

وقال غروندبرغ في حوار مع صحيفة الدستور المصرية، إن الحل في اليمن بحل سياسي شامل يأتى نتيجة مفاوضات جادة وبحسن نية، وبدعم من جهد دولي منسّق، داعيا لتضافر جهود جميع الأطراف الفاعلة لدعم عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

 

وأضاف: "أواصل انخراطي مع جميع المعنيين، مع الأطراف اليمنية والجهات الإقليمية والمجتمع الدولي بشكل واسع، للحفاظ على التركيز على ما هو جوهري: معالجة جذور النزاع من خلال الحوار والمضي نحو سلام عادل ودائم".

 

وأشار هانس جروندبرج إلى انعدام ثقة متجذر بين الأطراف المتصارعة وتصاعدًا للخطاب العدائى، مشددا على أهمية تقديم ضمانات مستدامة للمجتمعين الإقليمي والدولي بأن البحر الأحمر لن يتأثر باعتباره ممرًا دوليًا، لافتا إلى أن الحرب في غزة فاقمت الأوضاع، وأنه لا بديل عن حل سياسي يضمن لليمنيين حقهم في تقرير مصيرهم.

 

وأوضح المبعوث الأممى أن إنهاء هذه الحرب يبدأ بوقف إطلاق نار دائم على مستوى البلاد، يحترمه جميع الأطراف ويلتزم به، مشيرًا إلى أنه يواصل العمل مع الأطراف اليمنية والجهات الفاعلة الإقليمية، بما في ذلك مصر والشركاء الدوليون، لتهيئة الظروف اللازمة لحوار جاد وهادف.

 

ولفت إلى وجود أولويات واضحة، متمثلة بوقف إطلاق نار دائم مدعوم بترتيبات أمنية قوية؛ وتخفيف المعاناة الاقتصادية، بدءًا من صرف الرواتب وتوفير الاحتياجات الأساسية مثل الوقود؛ والأهم من ذلك، استئناف عملية سياسية شاملة تمكّن اليمنيين من رسم مستقبلهم.

 

وتحدث غروندبرغ عن الحرب في غزة وأثرها على جهوده الرامية لإحلال السلام، حيث قال: "الوضع في اليمن لا يتأثر فقط بالعوامل الداخلية، بل يتشابك أيضًا مع السياق الإقليمي، بما في ذلك المأساة المستمرة في غزة. ما شهدناه فى الأسابيع الأخيرة من هجمات الحوثيين على مطار بن جوريون، وما أعقبها من ضربات شنتها إسرائيل على ميناء الحديدة ومطار صنعاء، أمر مقلق للغاية، ويضع اليمن مجددًا فى قلب التصعيد الإقليمي".

 

واعتبر إعلان سلطنة عمان في السادس من مايو الماضي، حول وقف الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة والحوثيين، كخطوة يمكن أن تخفف من التوترات، ليس فقط في البحر الأحمر، ولكن أيضًا داخل اليمن، مضيفا: "هذا الإعلان يمنحنا فرصة لإعادة تركيز الجهود على ما هو مهم حقًا؛ التحرك نحو تحقيق السلام فى اليمن، إلى جانب تقديم ضمانات مستدامة للمجتمعين الإقليمي والدولي بأن هذا الممر المائي الدولي الحيوي لن يتأثر.

 

وتابع: "أنا أرى أنه لا يوجد حل مستدام في اليمن إلا من خلال تسوية سياسية تفاوضية، وأواصل العمل مع الأطراف اليمنية والجهات الفاعلة الإقليمية، بما في ذلك مصر والشركاء الدوليون، لتهيئة الظروف اللازمة لحوار جاد وهادف، وقد التقيت في هذا السياق وزير الخارجية المصري في عمّان في الأول من يونيو، حيث أجرينا نقاشًا بنّاءً حول مستجدات الوضع في اليمن. لقد شهدنا سابقًا بأن الحوار يمكن أن يكون هادفًا، كما رأينا في هدنة عام 2022، والالتزامات التي قدمتها الأطراف في 2023. من خلال الحوار، يمكن تحقيق تقدم يترجم إلى تحسينات ملموسة في حياة الناس. ما نحتاج إليه الآن هو البناء على هذه الخطوات، والحفاظ على قنوات التواصل مفتوحة، وضمان أن يكون لليمنيين الدور الرئيسي في رسم مستقبلهم، وهذا هو جوهر ما تسعى إليه الأمم المتحدة".

 

ودعا غروندبرغ، جماعة الحوثي، إلى الإفراج الفورى وغير المشروط عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة، والدبلوماسيين، وأفراد المجتمع المدني، والعاملين في المجال الإنساني.


مقالات مشابهة

  • بحث سبل تحسين الواقع الخدمي في اللاذقية
  • بيان صادر عن مكتب الإعلام الدولي بدولة قطر رداً على التقارير المفبركة التي تم تداولها على وسائل الإعلام الإسرائيلية
  • غدًا «كوستروما» تجسّد روح روسيا على مسرح الأوبرا.. باليه وطني يحكي ملحمة حضارةٍ شاسعة
  • في حالة السودان وأفريقيا عموما، يجدر بنا أن نتسائل كيف يمكن التعامل مع هذا الواقع
  • تامر عاشور يحكي عاداته الغريبة في العيد وأول عدية أخدها| شاهد
  • قراءة في الأوهام الاستراتيجية بترتيب النظام الإقليمي
  • الاقتصاد سياسة.. ولا يمكن فصلهما
  • الموضوع صعب أوي.. تامر عاشور يحكي كواليس غنائه أمام الرئيس السيسي
  • التعليم العالي في الأردن بين الواقع والطموح
  • غروندبرغ: الحل في اليمن سياسي ولا يمكن حسمه من قبل أي طرف