بوابة الوفد:
2025-12-14@11:09:59 GMT

تأملات رمضانية بين العقل والهوى

تاريخ النشر: 15th, March 2024 GMT

إن شهر رمضان يقودنى دائماً إلى أمرين، زيادة جرعة التفرغ للعبادة وقراءة القرآن الكريم، والعودة إلى قراءة بعض كتب التراث التى تتماس مع الفلسفة والفلاسفة، ولقد بدأت رمضان هذا العام بقراءة كتاب أبوالحسن الماوردى المتوفى عام 450 هـ «أدب الدنيا والدين»، ويعد هذا الكتاب واحداً من أهم ما كتب الماوردى الذى كان فيما يبدو قليل الإنتاج حيث إن ما بقى لنا منها اثنا عشر كتاباً منها الدينية ومنها اللغوية والأدبية وأهمها بالنسبة للمتخصصين فى الفلسفة الكتب السياسية والاجتماعية وخاصة كتابه الأشهر «الأحكام السلطانية» الذى احتوى على رؤيته الشاملة للأسس التى تقوم عليها الدولة ونظامها السياسى والإدارى.

.إلخ.
وقد لفت انتباهى أنه بدأ كتابه الذى بين أيدينا بما قاله فى التمييز بين العقل والهوى والطريف أنه أعلن موقفه من البداية، حيث جاء حديثه تحت عنوان «فى فضل العقل وذم الهوى» حيث اعتبر أن العقل أس الفضائل وينبوع الآداب ومناط التكليف، ورغم أنه عدد أنواعاً كثيرة للعقل ومنها ما أطلق عليه العقل الغريزى، الا أنه هاجم الغريزة باعتبارها أصل الشرور وبداية الهوى بينما اعتبر الخير والدين من موجبات العقل واستشهد بأبيات تنسب للإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه يقول فيها: 
إن المكارم أخلاق مطهرة فالعقل أولها والدين ثانيها 
والعلم ثالثها والحلم رابعها والجود خامسها والعرف ساديها
والسؤال هنا، لماذا مدح الماوردى العقل وذم الهوى؟ والإجابة التى جاءت على لسانه تقول «أما الهوى فهو عن الخير صاد وللعقل مضاد لأنه ينتج من الأخلاق قبائحها ويظهر من الأفعال فضائحها ويجعل ستر المروءة مهلوكاً ومدخل الشر مسلوكاً»! وقد عدد الكثير من الأقوال التى بنى عليها رؤيته تلك منها قول ابن عباس رضى الله عنه «الهوى إله يعبد من دون الله» المؤيد من وجهة نظر صاحبه بالآية الكريمة «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وقيل إنه روى عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قوله «طاعة الشهوة داء وعصيانها دواء» كما روى عن على بن أبى طالب قوله «أخاف عليكم اثنين: اتباع الهوى وطول الأمل، فإن اتباع الهوى يصد عن الحق وطول الأمل ينسى الآخرة».
ولدى البلغاء العرب: إنما سمى الهوى هوى لأنه يهوى بصاحبه، وقد قال أعرابى «أن الهوى هوان»! وقال آخر «إن الهوان هو الهوى قلب اسمه.. فإذا هويت فقد لقيت هوانا»، وقال ثالث «من أطاع هواه أعطى عدوه منتهاه»!
وقد ربط الماوردى بين الهوى والشهوة رغم تمييزه بينهما بقوله: هناك فرق بين الهوى والشهوة مع اجتماعهما فى العلة والمعلول واتفاقهما فى الدلالة والمدلول، وهو أن الهوى مختص بالآراء والاعتقادات والشهوة مختصة بنيل المستلذات، فصارت الشهوة من نتائج الهوى، وهى أخص والهوى أصل وهو أعم! 
والطريف أن الماوردى ختم حديثه عقب هذه التمييزات بالدعاء لنفسه قائلاً: نسأل الله أن يكفينا دواعى الهوى ويصرف عنا سبل الردى، ويجعل التوفيق لنا قائداً والعقل لنا مرشداً!! 
والأكثر طرافة أنه ختم الكتاب كله قائلاً: فكن أيها العاقل مقبلاً على شأنك، راضياً عن زمانك، سلماً لأهل دهرك جارياً على عادة عصرك، منقاداً لمن قدمه الناس عليك.. واستشهد بقول الشاعر: إذا اجتمع الناس فى واحد.. وخالفهم فى الرضا واحد، فقد دل إجماعهم دونه.. على عقله أنه فاسد.
وثمة أسئلة محيرة هنا منها: لماذا شغل الماوردى نفسه وهو ليس رجل علم ومنطق بالتمييز بين العقل والهوى؟ ولماذا اعتبر الهوى مذموماً! أليس الهوى لون من ألوان العاطفة؟ ومن العاطفة ما هى عواطف سامية ترقق القلب وتهفو به نحو المحبوب، وقد يكون المقصود بالمحبوب هنا الله أو رسول الله؟! وهل كل الهوى غواية وشر أم فيه احتمال أن يكون نحو الخير والمحبة لكل الوجود والموجودات، وهذا من المحمودات التى تطلب من المؤمن الحق؟! هل الماوردى مع العقل أم ضده؟! واذا كان مع العقل فكيف يفقد الثقة فيه مطالباً صاحب العقل الراجح أن يكون راضياً عن وضعه وخاضعاً ومسلماً لأهل زمانه منقاداً لمرؤوسيه وعادات العوام؟! وإذا كان من مناصرى العقل فعلاً، فكيف يقر بفساده ويجعله فاسداً لمجرد أن صاحبه قد يخالف الإجماع وقد يكون إجماعاً على خطأ؟! 
كل تلك أسئلة تلقى بظلالها على قارئ هذا النص للماوردى وربما كانت تلك هى الأسئلة التى حيرت معاصريه ودارسيه فلم يستطيعوا تصنيفه؛ هل كان معتزلياً أم لا؟ هل كان فقيهاً مقلداً أم مجتهداً؟! أفضل أن أترك الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها للمختصين والدارسين.
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نحو المستقبل شهر رمضان القران الكريم

إقرأ أيضاً:

دفتر أحوال وطن "353"

«الرئيس» والرهان.. و الحكومة الجديدة متى ؟

عندما راهن الرئيس على الشعب المصرى أمام العالم، كان يعرف ما يقول، عندما راهن الرئيس على تنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادى المؤلمة التى وضعها للنهوض بهذا البلد من مستنقع المسكنات الذى كان يغرق فيه، كان يعى جيدًا أن وراءه شعبًا يستحق أن يعيش حياة كريمة، عندما رفع الرئيس قبضة يده فى مناسبات عديدة يؤكد فيها أن الشعب المصرى عندما يقف يدًا واحدة، سيهزم كل من يحاول النيل من هذا الوطن، نعم الرئيس راهن، وما زال يراهن، وما زال يكسب الرهان، ولا يزال يمضى فى طريق بناء مصر الجديدة القوية، وخلفه شعب يظهر كالأسد وقت الأزمات، ويساند قواته المسلحة التى تحدت الزمن وكسرت شوكة الإرهاب الأسود الذى كان سيقضى على اى استقرار أو إصلاح، لقد حقق الرئيس المستحيل بتطويروتحديث القوات المسلحة المصرية بما يشبه المعجزة ،وكأنه ومعه خير أجناد الأرض ومنظومتها القوية يقرأون المستقبل ، وبنوا القوة التى تحمي الإستقرار ،بل والسلام ،في وقت لايعترف سوى بالدولة القوبة ،ولم يكتفي بذلك ويقول أنا أحارب الإرهاب ،بل وفعل المستحيل بالتوجه الى بناء مصر التي يحلم بها ،في موازاة غريبة مع الحرب ضد الإرهاب ومخططات خارجية وداخلية كادت أن تفتك بمصر ،بعد اشتعال الحروب في كل محيط حدودها ،نعم تحدى المستحيل،وبدأ بإصلاح البنية التحتية لمصر، التى كانت مخلوطة بفساد أكثر من ٤٠ عاماً، وتحدى التحدى بإنشاء أكبر شبكة طرق عالمية لتشجيع الاستثمار، والتجارة، وتم إنجاز مشروعات قومية لمصر فى ١٠  سنوات كانت تستغرق ٥٠ عاماً، ولكن وقفنا لندفع فاتورة الإصلاح بسياسات حكومية أدت إلى ارتفاع الأسعار، والغلاء الفاحش، بصورة لم يسبق لها مثيل، وفساد ما زال يضرب بجذوره فى معظم  المصالح، ويحاول الرئيس معالجته برقمنة مؤسسات الدولة، وسينجح ، وهنا أسأل : هل يتم الإصلاح دون محاسبة أحد تسبب فى هذا الغلاء الفاحش الذى يزداد يومًا بعد يوم؟ هل نبنى بلدًا جديدًا دون محاسبة الفساد المستشرى فى المحليات، وغيرها من المؤسسات بل ووصل للاتحادات الرياضية ،من الجمباز الى السباحة ،الى كرة القدم ،ولوغاريتمات أوقعتنا في بطولة لم نستعد لها ،وكأنهم لايهمهم صورة مصر ! أليس من حق هذا الشعب محاسبة بل ومحاكمة هؤلاء ، وهل مايحدث في المحليات ومازال من مخالفات بناء ،وتبوير اراضي ،لايستحق ان يحاسب البنية التحتية للفساد في المدن والمراكز والأحياء ،وهل أيادى المحافظين مرتعشة أمام هؤلاء الفاسدين حتى ولو خرجوا على المعاش؟.. هل شاهدتم طريقة بناء المدن الجديدة لأهلنا قاطنى العشوائيات بالأسمرات وغيط العنب، وبدر، التى أشرفت عليها وراقبتها الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، والبنية التحتية القوية بتلك المدن، بالمقارنة بما تم فى بناء مدن المحافظات وحتى القاهرة الجديدة والتجمع التى تغرق فى شبر ماء! فما بالك بمدن المحافظات التى تم تدمير بنيتها التحتية بسبب فساد انشاء مشروعات الصرف الصحي ،والتليفونات ،والمياه ،ومخالفات  ارجاع الشىء لأصله ،فهل ننتظر المحاسبة؟ إننى أوجه حديثى لكل وزير، ومحافظ، ورئيس حى، هل عجزتم عن محاسبة من قاموا بل ويقومون حتى الآن بالتغاضى عن مخالفات البناء، والرصف المخالف، وأين الرقابة؟ وهل يستمر التجار فى التلاعب فى الأسعار بهذه الصورة؟ إن حكومة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء قامت بمجهود كبير في بناء المشاريع القومية ،ولا أنتقص من جهدها ،أو نشاطها ،في ظل التقلبات العالمية التى حدثت أثناء توليها ،ولكن مصر الأن تحتاج إلى حكومة اقتصادية تؤلف من رجال مقاتلين ، يعرفون كيف تفكك كل هذه الألغاز، وجنى ثمار الإصلاح الذى قام به رئيس يحارب طواحين الهواء لبناء مصر جديدة قوية يستحقها شعب صابر يستحق الحياة الكريمة!

▪︎ما السر وراء نجاح الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية؟
النجاح في الإعلام  لايأتي بضربة حظ ،ولا بالفهلوة، النجاح يأتي بجهد وتفاني ،ودقة تحديد الجمهور المستهدف ،والوصول إليه ،وإيجاد الأليات التى تحقق التواصل السريع ،وربط هذا التواصل مع الجمهور المستهدف ،وكأن هذه المنظومة الإعلامية ملكه، نعم نجاح الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية وحصولها على المركز الثاني عالميا بعد صفحة البيت الأبيض ،وتحقيقها لأكثر من 24،3 مليون تفاعل ،وبلوغ عدد متابعيها 12 مليون متابع  ،لم يأتي من فراغ ، ولكن بوجود فريق عمل متميز يشرف عليه قطاع الإعلام والعلاقات بالوزارة ،شكاوى عبر البريد الإلكتروني يتم تحليلها وفحصها بسرعة فائقة ،لتجنب  الشكاوى الكيدية ،رسائل فيديوهات البلطجة ،والتحرش وغيرها عبر الصفحة ، تتم بكل سرعة ،لدرجة أن المواطن اصبح لديه يقين أن الوزارة تسمعه ،وتقف بجانبه، تقديم الخدمات الشرطة بكافة قطاعاتها الخدمية ،نعم  اختفت تقريباً مظاهر البلطجة اليومية ،اختفت تقريباً مظاهر الأسلحة بالأفراح ،الكل يترقب ،الكل يلجأ الى صفحة الوزارة ،وهذا هو الإعلام كما يجب أن يكون ،وبالذات لمؤسسة تتواصل مع حياة المواطن اليومية ،شابوه الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية .

مقالات مشابهة

  • أين ذهب الرفاق؟ تأملات في فكر وتجربة اليسار السوداني (1)
  • 4 قتلى بغارة على مدينة غزة
  •  خبيرة اقتصادية: 70% من قراراتنا الشرائية تعتمد على العاطفة وليس العقل
  • لم يسمع نصيحتى!
  • دفتر أحوال وطن "353"
  • عن فيلم أم كلثوم!
  • نهم السؤال وظمأ الذات
  • شموعى التى لا تنطفئ
  • رحلة العمر
  • تأملات قرآنية