بينما يتأهب نحو 17 مليون إنسان لمغادرة الساحل والصحراء وخوض غمار الهجرة غير النظامية، وقعت دول الاتحاد الأوروبي وموريتانيا مؤخرا إعلانا مشتركا حول استضافة اللاجئين والتكفل بحمايتهم وتمكينهم من الولوج للخدمات.

ومع تسرب الأنباء الأولية عن الاتفاق ثارت مخاوف عديدة بشأن تحويل موريتانيا إلى وطن بديل للأفارقة الذين تطاردهم الحكومات الأوروبية في البحار.

وفي البداية، تأخرت الحكومة الموريتانية قليلا عن التعليق على التسريبات، ثم نفت بشدة عزمها تحويل البلد إلى معسكر للاجئين، ونصحت الجمهور بعدم التعاطي مع الشائعات.

وفي السابع من مارس/آذار الجاري ظهر للعلن ما كان طي الكتمان، فقد وقع الطرفان إعلانا مشتركا في نواكشوط حول الوقاية من الهجرة غير النظامية، واستضافة اللاجئين والتكفل بهم والعمل على حمايتهم.

تنص الفقرة الثامنة من الإعلان المشترك بين الطرفين على اعترافهما "بخصوصية موريتانيا كبلد عبور، ينتقل شيئا فشيئا إلى وجهة نهائية لتدفقات المهاجرين".

ويشيد الإعلان "بالجهود الحميدة التي تبذلها موريتانيا للتحكم في طرق الهجرة، منها الطرق البحرية، لإدارة الهجرة غير الشرعية ومكافحة شبكات تجارة البشر عبر الحدود والمهربين، وكذلك جهودها المستمرة لاستقبال وحماية والتكفل باللاجئين من شبه المنطقة.

وينص الإعلان أيضا على "تعزيز قدرات تحديد وتسجيل وتوثيق طالبي اللجوء في موريتانيا، مع ضمان احترام الإطار الدولي للحماية، وتعزيز قدرات استضافة والتكفل بطالبي اللجوء واللاجئين في ظل احترام حقوق الإنسان، مع إعطاء عناية خاصة للأكثر هشاشة.. إلى جانب تعزيز الولوج إلى الخدمات الاجتماعية والاقتصادية للاجئين وطالبي اللجوء والمجتمعات المضيفة".

مصالح أوروبية

وقد أثار الاتفاق مع الأوروبيين كثيرا من المخاوف داخل موريتانيا، ولقي انتقادات واسعة من طرف المواطنين والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي.

فبسبب حرب أوكرانيا والمشاكل المتعددة في القارة الأفريقية والشرق الأوسط، أصبحت بلدان الاتحاد الأوروبي تعاني من ارتفاع معدلات الهجرة، وتسعى لتخفيف اللاجئين نحوها وخاصة من منطقة غرب أفريقيا.

وفي الأعوام الماضية بحث الاتحاد الأوروبي عن شراكات مع الدول التي تعتبر منطقة عبور نحو بلدانه، فأبرم اتفاقا مع تونس في يوليو/تموز 2023 بهدف العمل على محاربة الهجرة عن طريق البحر المتوسط.

وقد تلقت تونس مقابل صفقة الهجرة قرابة 250 مليون يورو (272 مليون دولار) كدعم فوري لدعم إجراءات الحد من التسلل نحو أوروبا.

وبالإضافة لما يشكله المهاجرون من أعباء اقتصادية واجتماعية، فإن الاتحاد الأوروبي يرى أن مشكلة الهجرة من العوامل التي تسهم في تفككه، لأن ملف الهجرة كان من الأسباب الرئيسية التي دفعت بريطانيا إلى مغادرة الاتحاد.

ويعتقد كثير من الأوروبيين أن المهاجرين يشكلون خطرا على التجانس الثقافي والاجتماعي لبلدانهم التي تجمع بينها هويات مشتركة.

وفي دراسة لمركز الجزيرة للدراسات، فإن 57% من نتيجة لاستطلاع آراء أوروبية يرى أن الهجرة تمثل خطرا على الثقافة الأوروبية.

وأشارت الدراسة إلى أن المهاجرين غير الشرعيين يؤثرون بشكل سلبي على الاقتصاد، بسبب استهلاك الموارد المالية للدول المضيفة.

اتفاقية غامضة

وترتبط الحكومة الموريتانية مع إسبانيا بما يسمى "اتفاقية مدريد" الموقعة في الثالث من يوليو/تموز 2003 بشأن اعتراض المهاجرين من شواطئ العاصمة الاقتصادية نواذيبو نحو جزر الكناري التي تبعد من المياه الموريتانية 600 ميل بحري.

وبموجب معاهدة 2003 تلتزم موريتانيا باعتراض المهاجرين إلى أوروبا والتعامل معهم، فيما تقدم إسبانيا المساعدات إلى نواكشوط، كتمويل المشاريع الاقتصادية وتقديم المنح والقروض، وقد جرى تجديد المعاهدة بين البلدين في عام 2019.

ومنذ عام 2006، يوجد في موريتانيا تشكيلان عسكريان من الأمن الإسباني أحدهما من الحرس المدني، والثاني من الشرطة الوطنية الإسبانية، ويراقبان المنطقة البحرية بين مدينة نواذيبو وجزر الكناري.

كما تتدخل قوة الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والشواطئ" (frontex) لمساعدة الإسبان في التصدي للمهاجرين من غرب أفريقيا عن طريق المياه الموريتانية.

وبالتزامن مع التوترات الأمنية في منطقة الساحل والصحراء زاد عدد المهاجرين نحو أوروبا، فاستغلت إسبانيا علاقاتها الجيدة مع نواكشوط للعمل معها في محاربة الهجرة غير الشرعية.

وفي فبراير/شباط 2024 قام رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز رفقة رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بزيارة للعاصمة نواكشوط لتعميق التشاور حول القضايا المشتركة.

وتوجت زيارة الوفد الأوروبي بتوقيع اتفاقيتين إحداهما تتعلق بالتعاون بين الحكومة الموريتانية والمملكة الإسبانية، والثانية تخص موريتانيا والاتحاد الأوروبي، وتدور حول الهجرة وسبل مكافحتها واستضافة المهاجرين وكيفية التكفل بهم ودمجهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

وبالتزامن مع الاتفاقيتين، أعلن الاتحاد الأوروبي تقديم 200 مليون يورو (نحو 217 مليون دولار) كمساعدة ودعم سنوي للدولة الموريتانية.

وفي السابع من مارس/آذار الجاري تم التوقيع رسميا على إعلان مشترك بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي يقضي بوضع خطة للعمل المشترك تجاه التحديات الأمنية والتصدي للمهاجرين.

خطر على موريتانيا

ويأتي توقيع الإعلان المشترك، في وقت تعاني فيه الحكومة في نواكشوط من تدفق اللاجئين إليها من منطقة الساحل والصحراء، إذ توقع برنامج الأغذية العالمي وصول 100 ألف لاجئ جديد من مالي في بداية 2024.

وهذا يعني بلوغ المهاجرين الذين تم إحصاؤهم وتوقع وصولهم ربع مليون نسمة، لأن الحكومة الموريتانية صرحت في المنتدى العالمي للاجئين الذي انعقد بجنيف في ديسمبر/كانون الأول 2023 بأنها تستضيف 150 لاجئا أغلبهم من دولة مالي.

وفي المؤتمر ذاته، قال وزير الاقتصاد الموريتاني عبد السلام ولد محمد صالح إن حكومته تعمل على تعبئة الموارد المالية والدعم من طرف الشركاء لتوفير الشروط الأساسية لمتطلبات الاندماج، كما تعتزم توفير التعليم بوصفه الأداة الأولى لترسيخ ثقافة السلام والتسامح.

وفي الوقت الذي تبحث فيه الحكومة عن فرص لدمج اللاجئين، يوجد في موريتانيا 56.9% من عدد السكان البالغ نحو 5 ملايين يعيشون في حالة فقر متعددة الأبعاد من حيث انعدام التعليم والصحة وظروف المعيشة وانعدام فرص التوظيف.

وخلال قمة الهجرة المنعقدة في روما منتصف عام 2023 قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إن موريتانيا تعد منطقة وصول للمهاجرين مثل ما هي منطقة عبور نحو دول الاتحاد الأوروبي، مؤكدا أن بلاده تستضيف 100 ألف لاجئ من دولة مالي وحدها.

معدلات الفقر

وبالتزامن مع توقيع موريتانيا على خارطة عمل مع الأوروبيين بشأن المهاجرين، حذر برنامج الأغذية العالمي من خطورة الضغط على السكان المحليين في موريتانيا، والذين يعانون من شح الموارد وارتفاع معدلات الفقر، إذ يرى أن مضايقتهم قد تكون سببا في الفوضى والتوتر.

وفي بداية مارس/آذار الجاري شهدت ولاية الحوض الشرقي الموريتاني مواجهات واضطرابات بين السكان المحليين واللاجئين الأزواديين، ولم تتم السيطرة عليها إلا بعد تدخل كتيبة من الجيش الموريتاني.

ويرى عدد من المراقبين أن موريتانيا تختلف عن الدول المغاربية التي وقعت تفاهمات سابقة مع الأوروبيين بشأن استضافة المهاجرين على أراضيها، لأن السكان الموريتانيين لا يتجاوزن 5 ملايين نسمة، ومن ضمنهم أعراق لها امتدادات وجذور في دول منطقة غرب أفريقيا، وكل توطين للمهاجرين قد يسهل من اختلال التركيبة الديموغرافية للسكان.

مظاهرات واتهامات

وبالتزامن مع توقيع الاتفاقية المذكورة خرجت مظاهرات في العاصمة نواكشوط وبعض المدن الأخرى تنديدا بما وصفوه بالخيانة العظمى للوطن والسعي لإرضاء الأوروبيين.

وقبل توقيع الاتفاق أصدرت الأحزاب السياسية المعارِضة بيانا حذرت فيه الحكومة من إمضاء المعاهدة معتبرة أنها تشكل خطرا على الأمن القومي الوطني.

وقالت المعارضة إن الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي حول المهاجرين غير الشرعيين سيغير من توازن التركيبة الديموغرافية للوطن، كما يهدد التعايش وانسجام القيم الدينية والأخلاقية والثقافية للشعب الموريتاني.

وفي 11 مارس/آذار الحالي أصدر حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (أكبر أحزاب المعارضة) بيانا دعا فيه كافة القوى الحية إلى الوقوف صفا واحدا في وجه هذا الاتفاق.

وفي تصريحات للصحافة الدولية قال النائب البرلماني محمد الأمين ولد سيدي مولود إن دول الجوار التي تمتلك بنية أمنية واقتصادية أقوى من موريتانيا امتنعت أن تكون طرفا في هذا النوع من الاتفاقيات.

من جانبها، قالت الحكومة الموريتانية عبر بيان لوزارة الداخلية إن الاتفاقية المذكورة لا تمس بالمصالح العامة، ولا تشكل خطرا على الأمة.

وفي المؤتمر الصحفي الأسبوعي الذي تنظمه الحكومة عقب اجتماع مجلس الوزراء، قال الوزير الناطق الرسمي باسم الحكومة إن موريتانيا لن تكون وطنا بديلا للمهاجرين أو مكان استقرار لأي مهاجر غير شرعي.

بوادر أزمة سياسية

لكن كثيرا من الكتاب والباحثين المختصين في شؤون الهجرة واللاجئين يعتقدون أن تصريحات المسؤولين الحكوميين في موريتانيا بعيدة من الواقع، فقد اعتبر الباحث المختص في الشأن الأفريقي سلطان البان أن الحكومة غالطت الشعب بفكرة أن موريتانيا ستستقبل المهاجرين من دون توطينهم.

وقال سلطان البان على الفيسبوك إن الدولة المستضيفة تستلم الأموال من الاتحاد الأوروبي مقابل الإيواء والاستقبال ثم معالجة الملفات التي من ضمنها الاندماج والولوج للحياة العامة.

وتزامنت مشكلة المهاجرين مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي ستنظم في يونيو/حزيران القادم، وقد بدأت الأحزاب المعارضة باستخدام ورقة المهاجرين ضد النظام السياسي القائم، معتبرة أنها خيانة وجريمة في حق الوطن تقتضي المساءلة.

وتعاني الحكومة من أزمات سياسية واقتصادية متعددة أبرزها انعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين، بسبب الانتخابات التشريعية والبلدية الأخيرة التي شابتها عمليات تزوير واسعة، بحسب المعارضة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات الحکومة الموریتانیة الاتحاد الأوروبی فی موریتانیا الهجرة غیر مارس آذار خطرا على

إقرأ أيضاً:

عودة الدم على حدود أوروبا

في 10 يوليو/ تموز، أعلن ثانوس بليفريس، وزير الهجرة اليوناني، عن تشريع جديد من شأنه فعليا أن يحول دون منح اللجوء لأولئك الذين يصلون إلى السواحل اليونانية بعد رحلة محفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط انطلاقا من أفريقيا. وقال بليفريس خلال مقابلة: "اليونان لن تتسامح مع الدخول غير المنضبط لآلاف المهاجرين غير النظاميين القادمين من شمال أفريقيا".

وقد جاءت ردود الفعل ضد التشريع اليوناني الجديد فورية؛ إذ وصفته منظمات حقوق الإنسان بأنه غير قانوني، وطالبت بسحبه. كما شددت الهيئة العامة لنقابات المحامين اليونانيين على أن حرمان الأشخاص من حق اللجوء يُعدّ انتهاكا للقانون الدولي وتشريعات الاتحاد الأوروبي.

في اليوم نفسه، ولكن على الجانب الآخر من القارة، عرض رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر اتفاقا وصفه بـ"الرائد" مع فرنسا، قال إنه يستهدف القوارب الصغيرة وعصابات التهريب، وسيرسل "رسالة واضحة مفادها أن هذه الرحلات التي تهدد الحياة لا جدوى منها".

وقد تعرض الاتفاق البريطاني الفرنسي لانتقادات من جميع أطياف الطيف السياسي. فقد وصفت منظمات مثل "أطباء بلا حدود" الاتفاق بأنه "متهور"، و"محكوم عليه بالفشل"، و"خطير"، في حين شددت شبكة حقوق المهاجرين على أن الاتفاق الجديد لن يمنع الناس من محاولة العبور إلى المملكة المتحدة.

خطط اليونان والمملكة المتحدة الجديدة للحد من الهجرة محكوم عليها بالفشل، والسبب بسيط: ردع الهجرة لا ينجح.

قبل عقد من الزمن، في صيف 2015، واجه الاتحاد الأوروبي أزمة لم يكن يتوقعها ولم يكن مستعدا لها. فقد أدّى صعود تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، والحرب الأهلية الوحشية في سوريا، وحالة عدم الاستقرار في أفغانستان إلى سعي آلاف الأشخاص للعثور على الأمان والحماية داخل الاتحاد الأوروبي.

وقد شكل "الصيف الطويل للهجرة" بداية ما يُعرف بأزمة اللاجئين في الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، لم يكن لدى الاتحاد خطة واضحة؛ إذ إن "الأجندة الأوروبية للهجرة"، التي تمّ التوافق عليها في مايو/ أيار 2015، لم تكن قد خضعت للاختبار بعد.

إعلان

اليوم، لا تزال سردية الأزمة تشكل السياسات المتعلقة بالهجرة في عموم أوروبا. ففي اليونان، استُخدمت هذه السردية لتبرير تدابير الردع التقييدية منذ 2015، مما يجعل حملات القمع الجديدة أمرا غير مفاجئ.

بالنسبة للحكومة اليونانية النيوليبرالية، تُعتبر الهجرة وصمة تشوّه السردية الرسمية حول نجاحها الاقتصادي. أما في المملكة المتحدة، فتُستغل الهجرة لإذكاء المشاعر اليمينية المتطرفة. وفي كلتا الحالتين، لا تُصاغ السياسات بهدف ردع الوافدين فحسب، بل أيضا لإرضاء المطالب السياسية الداخلية.

ولا ينبغي النظر إلى أيٍّ من الخطتين المتعلقتين بالهجرة بمعزل عن صعود اليمين المتطرف في أنحاء القارة. فقد استُخدم تبنّي الخطاب اليميني المتطرف حول تجريم الهجرة في كلا البلدين؛ لتبرير سياسات غير إنسانية.

ففي اليونان، ترتكز مبررات السياسة الجديدة على سردية مشكوك فيها عن "غزو" قادم من أفريقيا، وهي استعارة لطالما كررها وزير الهجرة اليوناني. فبالنسبة له، يجب تعزيز الحدود اليونانية، وبالتالي الحدود الأوروبية، لضمان أن يتمكن "اللاجئون الحقيقيون" فقط من الاستفادة من الحماية الأوروبية.

أما الحكومة البريطانية، فتعتبر القوارب الصغيرة تهديدا لـ"أمن الحدود" الوطني، وفقا لما صرّحت به وزيرة الداخلية يفِت كوبر، وبالتالي يجب منعها من الدخول.

رغم أن كل خطة من خطط الهجرة هي نتاج عمليات سياسية مختلفة في كل من اليونان، والاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، فإن تصميمها والسرديات التي تُستخدم لتبريرها متشابهة من نواحٍ عديدة. فكلاهما يُصور المهاجر والحدود بالمفاهيم نفسها تقريبا. ففي نظر كل دولة، يُنظر إلى المهاجر بوصفه تهديدا للحدود، وتُصور الحدود على أنها بحاجة إلى الحماية.

المهاجر الذي يصل إلى شواطئ أي من البلدين يُجرم، وقد أصبحت عبارة "مهاجر غير شرعي" شائعة على ألسنة المسؤولين الحكوميين. وتُقدَم الحدود بوصفها آلية أمنية لا بد من الدفاع عنها ضد أولئك الذين يحاولون الوصول إليها. وتنتِج هذه المقاربة، مجتمعة، سردية تقوم على "نحن في مقابل هم"؛ أي على الانقسام.

ويُختزل المهاجرون في هويتهم المرتبطة بالهجرة فقط؛ فيُنظر إليهم كجماعة متجانسة، وتُمحى تجاربهم الفردية. وبهذا التصور، يصبح المهاجرون إما "جديرين" بالحماية الدولية أو "غير جديرين"، مرغوبا فيهم أو غير مرغوب. ولا يُعتبر "مستحقا" للحماية الدولية إلا من يُنظر إليه باعتباره "لاجئا حقيقيا". أما "غير المرغوب فيهم"، فيُجرَدون من إنسانيتهم، وتطردهم الحدود.

ونتيجة لذلك، تُروَج سردية الخوف وتُصنع أزمة مفتعلة.

ورغم أن ما جرى على حدود أوروبا قد أُطلق عليه اسم "أزمة اللاجئين"، فإنه في الحقيقة كان أزمة الحدود الأوروبية نفسها.

هذه السياسات متجذرة في العنصرية، ومصممة عمدا لإحداث الانقسام. هدفها الأساسي هو فصل البشر عن بعضهم البعض، وتحديد من يستحق العيش في أمان، ومن ينبغي طرده من أراضي الغرب.

ولا ينبغي النظر إلى هذه السياسات بمعزل عن الماضي الاستعماري والرأسمالي لكل من الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. في الوقت ذاته، فإن مسرحية الحدود تؤدَى بشكل كامل ومدروس: فهي تنتج وهما بالتحكم في أزمة مصطنعة لا يمكن السيطرة عليها في الواقع.

إعلان

فالغاية الحقيقية من سياسات ردع الهجرة ليست النجاح، بل إقناع المواطنين بضرورتها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • تفاصيل التحقيق مع متهم بتزوير وترويج الأختام والمحررات الرسمية مقابل المال
  • جوزيب بوريل: قادة الاتحاد الأوروبي متواطئون مع إسرائيل
  • أميركا تتوسع في سياسة اعتقال المهاجرين خلال المحاكمات
  • 22 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي لمستشفيات القدس
  • عودة الدم على حدود أوروبا
  • نتنياهو يفعّل خطة التهجير الطوعي في غزة لإرضاء بن غفير وضمان بقائه في الحكومة
  • صراع المال الذي سيشكل مستقبل أوروبا
  • علام اتفق ترامب مع الاتحاد الأوروبي؟ وهل خرج رابحا؟
  • الاتحاد الأوروبي: الوضع الإنساني في قطاع غزة لا يزال بالغ الخطورة
  • متوسط العمر المتوقع عند الولادة في تركيا أقل من متوسط الاتحاد الأوروبي