اعرف الشخصية المتناقضة مثل «عمر الخيام» في «الحشاشين» وكيفية علاجها
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
خلال أحداث الحلقة السابعة من مسلسل الحشاشين، تكشفت بعض ملامح شخصية عمر الخيام، الذي يؤدي دوره الفنان نيقولا معوض، وسلطت إحدى مشاهد الحلقة الضوء على سمة تميزت بها شخصية «الخيام» وظهرت جليةً في أشعاره، ألا وهي التناقض.
عندما سأل السلطان «ملك شاه» الذي يؤدي دوره الفنان إسلام جمال، عن معتقدات عمر الخيام الماثل أمامه، أجابه الأخير بأنه يحمل الكثير من التناقضات بداخله، فهو الزاهد الماجن وهو المؤمن بربه بكثيرٍ من الشك، هذا الحديث القصير جعلنا نتذكر بعض التناقضات والصراعات الداخلية التي انطوت عليها أشعار «الخيام» معبرا عن فلسفته الخاصة، ففي رباعياته الشهيرة باسمه تجده يقول:
فصغ وعاء الخمر من طينتي
واملأه تسرِ الروح في جثتي
ثم بعدها بعدة أبيات يقول:
يا تارك الخمر لماذا تلوم
دعني إلى ربي الغفور الرحيم.
الحديث عن عمر الخيام يأخذنا إلى الشخص المتناقض الذي يتصرف كمن يعيش بداخل روحين مختلفتين كل الاختلاف، إحداهما إيجابية والأخرى سلبية وتتنافس كل شخصية لتسيطر على الشخص المريض بالتناقض، بحسب حديث الدكتورة ألفت عياد، استشاري الطب النفسي لـ«الوطن»، التي أوضحت أن الشخص المتناقض يكون في أغلب الأحيان واعياً بتناقضاته، ما يجعله في حالة من عدم الوفاق مع ذاته، وهذه حالة مرضية تسمى اضطراب الشخصية الاجتنابي.
وأشارت إلى أن هذه الحالة تنشأ عادةً بسبب العزلة والانطواء على الذات الذي يجعل الشخص متخوفاً من مواجهة الآخرين بأفكاره، فيميل إلى التصرف بعكس ما يؤمن به، وقد يكون من الضعف أمام ملذاته أنه يخالف عقيدته الراسخة، وبدلا من معالجة المشكلة تراه يبرر موقفه ويحلل لنفسه المحرمات.
الشخص المتناقض يكون مزاجيا بدرجة كبيرة فهو يتخذ رأيا لا ينطبق مع أفعاله، ومع الوقت يكون باطنه مختلفاً كليا عما يظهره، وفي حالة أنك صادفت شخصا تنطبق عليه هذه الصفات ينبغي عليك أن تتبع النصائح التالية:
1. التقبل وعدم انتقاض صاحب هذه الشخصية لأنه في الأساس يعاني من اضطراب نفسي، ولا داعي للدخول معه في جدال لا طائل منه.
2. الاحتواء وتقديم نصائح غير مباشرة للشخص المتناقض أو الذي يمكن تسميته بمزدوج الشخصية.
3. الهدوء وتحمل تقلباته المزاجية قد يكون خطوة أولية في علاجه.
عندما يلاحظ الفرد أنه يسلك سلوكا مخالفا لقناعاته عليه أن يتخذ بعض الخطوات لتقليل الصراع بين النقيضين المعتمل بداخله، فبحسب الدكتورة ألفت عياد يمكن معالجة الشخص المتناقض لنفسه من خلال تغيير أفكاره المتناقضة إذا كانت سلبية أو تطويع سلوكه ليوافق أفكاره، وهذا التحول لن يحدث في يومٍ وليلة وإنما يحتاج إلى طول تمرن لحل المشكلة عقليا أولا، لذلك من الضروري أن يدرك الذي يعاني من التناقض خطورة هذا التناقض عليه، وما ينجم عنه من شعور دائم بالذنب يصل في بعض الأحيان حد احتقار الذات كونها منافقة.
مسلسل الحشاشين رمضان 2024يذكر أن مسلسل الحشاشين يؤدي بطولته الفنان كريم عبدالعزيز، في دور حسن الصباح زعيم الفرقة الشيعية الأكثر دموية في التاريخ، ويشاركه عدد من النجوم على رأسهم أحمد عيد وفتحي عبدالوهاب وميرنا نور الدين.
المسلسل يعرض على قناة DMC في الساعة التاسعة مساءً، ويعاد في الساعة 1:45 صباحا، كما يمكن مشاهدته قبل موعد العرض التليفزيوني بساعتين على منصة WATCH IT، في تمام السابعة مساءً.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دراما المتحدة مسلسلات رمضان رمضان 2024 دراما رمضان عمر الخیام
إقرأ أيضاً:
عندما يكون هناك «خداع بصري وتلوث صوتي»!
بدر بن صالح القاسمي
أحتاج في بعض الأحيان إلى حالة صمت طويلة، وإلى سكون أشبه بجمود نفسي وعقلي من أجل أن أستوعب ما يأتي به بعض البشر أو بالأحرى ما يروجونه من أفكار مسمومة وحديث لبق منمق، لكنه عبارة عن «خداع بصري وتلوث صوتي» لا يسمن ولا يغني من جوع.
عندما أستفيق مما أنا فيه، أشرع في صب أعمدة الأسئلة في مكانها الصحيح، هل الذين يدعون معرفة كل شيء في هذا الوجود هم أشخاص عقلاء مثل بقية البشر أم أن حديث الوهم والخداع الذي يلفظونه بألسنتهم الطويلة، يأتي من أدمغة غسلت تماما من أي فكر مستنير؟! في بعض الأحيان أعلن ما بيني وبين نفسي، أن ثمة خطأ بشريا يرتكبه البعض عندما يدعون الناس إلى الاستسلام والتخلص من كل طاقتهم وتحطيم إرادتهم بأيديهم، معربين لهم عن ثقتهم بأن «الحياة ليس بها مستقبل»، وبأن الذي منحهم الله إياه من نعم، عليهم التخلص منه وأن يذروه بعيدا عنهم لأنهم «سيموتون»!.
لا أعتقد بأن حتمية الموت هي من يجب أن تدفعنا نحو اعتزال كل شكل من أشكال الحياة، وأعتقد بأن مثل هذه النداءات مضللة وإن كان أصحابها ينعقون فوق كل شجرة وحجر، الحياة لم توجد من أجل جلب التعاسة للبشر، بل هي أرض خصبة للعمل والجد والاجتهاد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ثم توضع الموازين ويثاب المجد ويعاقب المخطئ، أما حتمية الموت فهي الحقيقة التي لا مناص منها وهي القدر الذي يلاقيه كل البشر والكائنات الحية الأخرى، فلما نرمي كل شيء على هذه الحقيقة أي «الموت»!.
تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي مجموعة من المقاطع الصوتية والمرئية لبعض الأشخاص الذين يدعون المعرفة بالحياة، ويدعون الناس إلى التراخي والاستسلام للقدر المحتوم، بل يطالبونهم بان يكبلوا أنفسهم بالأغلال والأصفاد، ويصطفون في طابور انتظار لحظة خروج الروح.
الموت هو اللحظة التي لا نعرف متى ستأتي لاي شخص منا، أما الترويج للأفكار السوداء فهي فعل شيطاني لا يمت للواقع بصلة، وما الذين يرفعون أصواتهم ويدعون المعرفة ويلبسون ثوب النصح والإرشاد ما هم إلا زوابع تأتي وتذهب مع الوقت!.
والبعض يهرف بما لا يعرف، يفتي في كل الأمور دون وعي أو يقين أو دراية علمية أو دينية، يصدحون ليل نهار فقط من أجل أن يتابعهم الملايين، ويتأثر بحديثهم الناس، يجدون في البحث عن «ضحايا» يصغون إلى تخاريفهم ومسرحياتهم الهزلية.
منذ فترة زمنية ماضية سمعنا عن شخص فارق الحياة، ثم اكتشف أمره بأنه أنفق كل ما كان يملك من مال، تاركا أبناءه في عوز ومشقة وبلاء، لكنه لم يترك الدنيا مديونا لأحد، بل ترك أبناءه يطلبون العون والمساعدة من الآخرين!.
عندما بحث الأبناء عن أموال أبيهم التي كان يدخرها على مدى سنوات طويلة، اكتشفوا أن ثمة شخص «أفتى له بأن الإنسان يعذب على المال الذي يتركه بعد موته حتى وإن كان حلالا»، وعليه صدق الرجل حديثه، وقام بإنفاق كل ما يملك لوجه الله، ولم يترك شيئا لأولاده!.
وهذا الذي أفتى بهذه الفتوى، نسي ما ورد في السيرة النبوية الشريفة: فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قال: «يا رسول الله، أنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنه لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا، قلت: أفأتصدق بشطره ؟ قال: لا، قلت: أفأتصدق بثلثه؟ قال: الثلث، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس» متفق عليه.
قرأت ذات مرة حديثا يقول: «الدنيا لا تستحق أي حرب نفسية سواء كانت مع نفسك أو مع أي شخص آخر، لأنها تتقلب من لحظة إلى أخرى، صحتك قد تخونك واحبابك سيتركونك لا محالة، لا يوجد ضمان لا يشي ولو لدقيقة واحدة، فالأحوال كلها تتبدل في ثوان معدودة، لذا لا داعي مطلقا لإشعال الصراعات في حياتك»..، كلام جميل، ولكن هذا ليس معناه أن يتخلى الإنسان عن أي رابط يربطه بالحياة، ويلقي بكل الهزائم على القدر أو الآخرين.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: «لقد خلقنا الإنسان في كبد»، فمكابدة الحياة ليس معناها الاستسلام والانهزام من مواجهة الأزمات والصعوبات، ولكن طالما أن الانسان لا يزال على قيد الحياة عليه بالعمل، وأن يصارع رغباته ونزواته من أجل أن يخرج من دار الفناء إلى دار القرار آمنا مطمئنا.
هناك الكثير من الحقائق التي لا يتحدث عنها الناس، بل يركزون على نقطة سواء واحدة، يلفون حولها الحبال غليظة، وينصبون المشانق في رقاب البسطاء، يخرجوهم من رحلة الكفاح والنجاح إلى طرق المظلمة التي لا ترى فيها شمسا ولا قمرا.