الأهرام: القمة المصرية الأوروبية تعكس اعترافا عالميا جديدا بدور مصر المحوري في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 18th, March 2024 GMT
ذكرت صحيفة "الأهرام" أن القمة المصرية الأوروبية - التي عقدت بالقاهرة أمس الأحد بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فونديرلاين ورئيس وزراء بلجيكا ألكسندر دي كرو الذي يتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي ورؤساء دول وحكومات إيطاليا وقبرص واليونان والنمسا - اكتسبت أهمية خاصة لاعتبارات عديدة، أهمها أنها تعكس اعترافا عالميا جديدا بالدور المحوري الذي تقوم به مصر على مستوى منطقة الشرق الأوسط.
وأوضحت الصحيفة - في افتتاحية عددها الصادر اليوم /الإثنين/ بعنوان "تقدير عالمي لدور مصر" - أن هذا الدور المحوري انعكست آخر مؤشراته في الجهود التي بذلتها مصر منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، في 7 أكتوبر الماضي، من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني في القطاع، فضلا عن إدخال المساعدات الإنسانية، ورفض تصفية القضية الفلسطينية بالتأكيد على أن المدخل الأساسي لتحقيق الاستقرار وتسوية تلك القضية يتمثل في التوافق على ضرورة تفعيل مبدأ حل الدولتين.
وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل ذلك، كان لمصر دور بارز في الحرب ضد الإرهاب، الذي استشرى في منطقة الشرق الأوسط خلال العقد الأخير مستغلا الأزمات المتعددة التي تعصف بها، فضلا عن أنها انخرطت بشكل قوي في الجهود التي بذلت من أجل مساعدة الدول العربية التي تواجه أزمات داخلية، بمستويات مختلفة، على القيام بدورها.
ولفتت إلى أن هذه الجهود كانت محط اهتمام وتقدير من جانب الدول الأوروبية بصفة خاصة، فقد عانت تلك الدول من الارتدادات المباشرة لتصاعد حدة الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، على نحو بدا واضحا في تدفق موجات اللاجئين والمهاجرين غير القانونيين من الدول التي تواجه تلك الأزمات إلى سواحلها، واستغلال التنظيمات الإرهابية لذلك من أجل التحايل على الإجراءات الأمنية وتنفيذ عمليات إرهابية داخل أراضيها، على غرار ما حدث في باريس وبروكسل وغيرهما.
وأوضحت الصحيفة أن هذه الدول أدركت أن مصر لم تسع إلى استغلال تلك الأزمات أو توظيفها لخدمة مصالحها أو لامتلاك أوراق ضغط تستطيع التلويح بها في إدارة العلاقات معها، وإنما تعاملت مع هذه الأزمات وفقا للمقاربة الأساسية التي تتبناها وتعتمد على أن الوصول لتسويات سياسية للأزمات الإقليمية المختلفة هو المدخل الأساسي لبناء دول قوية ودعم الأمن والاستقرار الإقليمي ومحاربة الإرهاب، وهي المحاور الثلاثة التي باتت تحظى بأولوية خاصة من جانب المجتمع الدولي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
ما هو «الشرق الأوسط الجديد»... الحقيقي هذه المرة؟!
لم يبقَ في عالمنا العربي إعلاميٌّ أو محلّلٌ سياسي، أو دخيلٌ على المهنتين، إلا وحاضر ودبّج مقالات على مرّ العقود الأخيرة عن «الشرق الأوسط الجديد». غير أنَّ الشرق الأوسط الذي نراه اليوم حالة مختلفة عما كنا نسمعه، مضموناً وظروفاً.
منطقتنا صارت، مثل حياتنا ومفاهيمنا السياسية - الاجتماعية، خارج الاعتبارات المألوفة. بل يجوز القول إنها باتت مفتوحة على كل الاحتمالات. وهنا لا أقصد البتة التقليل من شأن نُخبنا السياسية أو الوعي السياسي لشعوبنا، أو قدرة هذه الشعوب على التعلّم من أخطائها... والانطلاق - من ثم - نحو اختيار النهج الأفضل...
إطلاقاً!
اليوم، نحن وأرقى شعوب الأرض وأعلاها كعباً في الممارسة السياسية المؤسساتية في زورق واحد.
كلنا نواجه تعقيدات وتهديدات متشابهة. ولا ضمانات أن «تعابير» كالديمقراطية والحكم الرشيد في دول ذات تجارب ديمقراطية راسخة، كافية إذا ما أُفرغت من معانيها، لإنقاذ مجتمعات هذه الدول مما تعاني منه... وسنعاني منه نحن.
بالأمس، سمعت من أحد الخبراء أنَّ الاستخدام الواسع لتقنيات «الذكاء الاصطناعي» في مرافق أساسية يومية من حياة البشر ما عاد ينتظر سوى أشهر معدودة.
هذا على الصعيد التكنولوجي، ولكن على الصعيد السياسي، انضمت البرتغال قبل أيام إلى ركب العديد من جاراتها الأوروبيات في المراهنة عبر صناديق الاقتراع على اليمين العنصري المتطرف، مع احتلال حزب «شيغا» الشعبوي شبه الفاشي المرتبةَ الثانية في الانتخابات العامة الطارئة، خلف التحالف الديمقراطي (يمين الوسط)، وقبل الحزب الاشتراكي الحاكم سابقاً.
تقدُّم «شيغا» في البرتغال، يعزّز الآن حضور الشعبويين الفاشيين الذي تمثله في أوروبا الغربية قوى متطرفة ومعادية للمهاجرين مثل: «الجبهة الوطنية» في فرنسا، و«فوكس» في إسبانيا، و«إخوان إيطاليا» في إيطاليا، وحزب «الإصلاح» (الريفورم) في بريطانيا، وحزب «الحرية» في هولندا، وحزب «البديل» في ألمانيا.
ثم إنَّ هذه الظاهرة ليست محصورة بديمقراطيات أوروبا الغربية، بل موجودة في دول عدة في شرق أوروبا وشمالها، وعلى رأسها المجر. وبالطبع، ها هي ملء السمع والبصر في كبرى الديمقراطيات الغربية قاطبةً... الولايات المتحدة!
في الولايات المتحدة ثمّة تطوّر تاريخي قلّ نظيره، لا يهدد فقط الثنائية الحزبية التي استند إليها النظام السياسي الأميركي بشقه التمثيلي الانتخابي، بل يهدد أيضاً مبدأ الفصل بين السلطات.
هذا حاصل الآن بفعل استحواذ تيار سياسي شعبي وشعبوي واحد، في فترة زمنية واحدة، على سلطات الحكم الثلاث: السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية والسلطة القضائية، يضاف إليها «السلطة الرابعة» - غير الرسمية - أي الإعلام.
ولئن كان الإعلام ظل عملياً خارج الهيمنة السياسية، فإنه غدا اليوم سلاحاً أساسياً في ترسانة التيار الحاكم بسبب هيمنة «الإعلام الجديد»، والمواقع الإلكترونية، و«الذكاء الاصطناعي»، و«أوليغارشي» ملّاك الصحف والشبكات التلفزيونية، ناهيك من وقف التمويل الحكومي لإعلام القطاع العام. وما لا شك فيه أن مؤسسات هؤلاء، بدءاً من رووبرت مردوخ (فوكس نيوز) وانتهاء بإيلون ماسك (إكس) ومارك زوكربرغ (ميتا) وجيف بيزوس (الواشنطن بوست)... هي التي تصنع راهناً «الثقافة السياسية» الأميركية الجديدة وربما المستقبلية، بدليل أن نحو 30 من وجوه إدارة الرئيس دونالد ترمب جاؤوا من بيئة «فوكس نيوز» ونجومها الإعلاميين.
في هذه الأثناء، يرصد العالم التحولات الضخمة في المشهد الأميركي بارتباك وحيرة.
الحروب الاقتصادية ليست مسألة بسيطة، وكذلك، لا تجوز الاستهانة بإسقاط سيد «البيت الأبيض» كل المعايير التي تحدد مَن هو «الحليف» ومَن هو «العدو»... ومَن هو «الشريك» ومن هو «المنافس»!
ولكن، في ضوء التطوّرات المتلاحقة، يصعب على أي دولة التأثير مباشرة في أكبر اقتصادات العالم وأقوى قواه العسكرية والسياسية. ولذا نرى الجميع يتابع ويأمل ويتحسّب ويحاول - بصمت، طبعاً - إما إيجاد البدائل وإما التقليل من حجم الأضرار الممكنة.
أما عن الشرق الأوسط والعالم العربي، بالذات، فإننا قد نكون أمام مشاكل أكبر من مشاكل غيرنا في موضوع اختلال معايير واشنطن في تحديد «الحليف» و«العدو».
ذلك أن الولايات المتحدة قوة كبرى ذات اهتمامات ومصالح عالمية. وبناءً عليه، لا مجال للمشاعر العاطفية الخاصة، وأيضاً لا وجود للمصالح الدائمة في عالم متغيّر الحسابات والتحديات.
في منطقتنا، لواشنطن علاقة استراتيجية راسخة مع إسرائيل التي تُعد «مركز النفوذ» الأهم داخل كواليس السلطة الأميركية ودهاليزها، والتي تموّل «مجموعات ضغطها» معظم قيادات الكونغرس ومحركي النفوذ.
ثم هناك تركيا، العضو المهم في حلف شمال الأطلسي «ناتو»، والقوة ذات الامتدادات الدينية والعرقية والجغرافية العميقة والمؤثرة في رسم السياسات الكبرى.
وأخيراً لا آخراً، لإيران أيضاً مكانة كبيرة تاريخياً في مراكز الأبحاث الأميركية كونها - مثل تركيا - «حلقة» في سلسلة كيانات الشرق الأوسط، ولقد أثبتت الأيام في كل الظروف أن غاية واشنطن «كسب» إيران لا ضربها.
في هذا المشهد، ووسط الغموض وتسارع التغيير، هل ما زلنا كعرب قادرين يا ترى على التأثير في المناخ الإقليمي وأولويات اللاعبين الكبار؟
الشرق الأوسط