تُشكل قصص الكفاح الإنساني نبعاً للإلهام، ونماذج مضيئة تُضيء عتمة الظروف الصعبة، وتُلهمنا بقوة الإرادة والعزيمة على تخطي العقبات و في محافظة الإسكندرية عروس البحر الابيض المتوسط و بالتحديد منطقة الساعة بشرق المدينة جسّدت الحاجة مسعدة، تلك الأرملة منذ 38 عامًا، قصةً ملهمةً عن الأمومة و التضحية في مدينة الإسكندرية.

ففي عزّ شبابها، واجهت الحاجة مسعدة أصعب تحدٍّ في حياتها، حيثُ رحل زوجها تاركًا لها مسؤولية تربية أطفالها الثلاثة بمفردها. لم تستسلم الحاجة مسعدة للظروف الصعبة، بل واجهتها بكلّ شجاعة و إصرار، عازمةً على توفير حياة كريمة لأطفالها و ضمان مستقبلهم حيث نال الابن الاكبر بكالوريوس العلوم، ويعمل مديراً بإحدى الشركات الأجنبية و الابن الاوسط حصل على دبلوم في الخط العربي، ويعمل بإحدى الهيئات الحكومية و الابنة الأخيرة نالت ليسانس آداب، وتعمل مدرسة.

وتقول الحاجه «مسعدة محمد محمد هنيدي» الحاصلة على الأم المثالية على مستوى محافظة الإسكندرية في بداية حديثها أن سعيدة للغاية بعد حصولها علي الأم المثالية قائلة: تكريمي جاء عوض عن سنوات التعب و وسط البكاء تذكرت خلاص حديثها قصة الكفاح حيث قالت أنها تزوجت في عام 1978 من عامل بإحدى شركات القطاع العام وانجبت ثلاث أبناء وبعد زواج دام 8 سنوات فقط توفي زوجها بعد صراع مع المرض تاركا لها أطفال صغار وهي مازالت في سن 23 عاما قالت باكيه: «أن زوجى توفى من 35 سنة وترك أطفالنا صغار.. واشتغلت كل حاجة عشان أربى اولادى لحد ما تعبت وصحتى تعبت بالأمراض، والآن أنا جدة بعد أن علمت أولادى بالتعليم العالى وأديت رسالتى».

واضافت أنه بجدٍّ و مثابرةٍ، متحديةً كلّ العقبات التي واجهتها. لم تتوانَ أبدًا عن تقديم كلّ ما في وسعها لتلبية احتياجات أطفالها من تعليمٍ و رعاية صحيةٍ و بيئة آمنة. واجهت الحاجة مسعدة صعوباتٍ جمةً خلال رحلتها، من قلة الدخل إلى نظرات الشفقة و التّعاطف، لكنّها لم تستسلم قطّ. بل واجهت كلّ تحدٍّ بحكمةٍ و صبرٍ، و غرست في أطفالها قيمًا نبيلةً و أخلاقًا حميدةً لافته أنه نجحت في تربية أطفالها و تكوينهم على الأخلاق الحميدة و القيم النبيلة. نال أطفالها تعليمًا رفيع المستوى، و أصبحوا أعضاءً فاعلين في المجتمع، كلٌّ في مجاله. و ها هي اليوم، تحظى الحاجة مسعدة بحبّ و احترام أبنائها و أحفادها، و تقدير جميع من يعرفها.

و في سياق ذاته قال «محمد محمد عبد الخالق» أحد أبناها لموقع الاسبوع أن والدته واجهت ظروفاً حياتية قاسية بعد وفاة زوجها، بعد وفاة والدهم منذ 35 عام حيث تخلى أهل زوجها عن مسؤولية تربية أبنائها. ازدادت صعوبة الموقف مع ضيق ذات اليد، حيث كان معاش زوجها المتوفى 80 جنيهًا فقط، وهو مبلغ زهيد لا يكفي لتوفير احتياجات الأسرة لافتا أن والدتي لم تستسلم للظروف الصعبة، بل اتخذت قرارًا حازمًا بعد وفاة والده، واختارت تربيتنا و اتسمت رحلتها بالكفاح والصبر، حيث عملت بجدّ لتعليم نفسها، فالتحقت بفصول محو الأمية وحصلت على شهادة محو الأمية. لم يقتصر كفاحها على التعليم فقط، بل تعلمت مهنة الخياطة وبدأت العمل بها من منزلها، لتوفير احتياجات أبنائها.

وأكد أن والدته لم تهمل واجبها أتجاهنا، فحرصت على تربيتنا تربية سليمة وغرس القيم الأخلاقية في نفوسنا، وجعلتنا أسوياء قادرين على مواجهة تحديات الحياة و واجهت صعوبة إضافية حيث كانت تعيش في محافظة مختلفة عن أهلها، مما حرمها من دعمهم في هذه المهمة الصعبة مضيفا أنها لم تكتفِ بذلك بل تعلم مهنة الخياطة، و سعت لتنمية مهاراتها وحصلت على شهادة تخرج بقسم الخياطة والتفصيل من إحدى الجهات، مما أضاف إلى خبراتها ومهاراتها في هذا المجال لافتا أنها تخطي الصعوبات وتحقيق إنجازات عظيمة، حيث تمكنت من تربينا سليمة، وجعلنا أفرادًا ناجحين في المجتمع.

وقالت ابنتها «سعاد محمد عبد الخالق» لموقع الاسبوع أن والدتي عانت كثيرًا لتستطيع تربيتنا وتعليمنا، فضلًا أنها كانت في سن صغيرة وجميلة، وتقدم للزواج منها الكثير ولكنها رفضت الزواج ووجود شخص آخر غير والدنا بيننا، فكافحت وعملت وكانت بمفردها، فكانت الأب والأم لنا لافته أن والدتها كانت أهم شيء بالنسبة لها أن نتعلم ونلتحق بالجامعة ونحصل على شهادات جامعية حيث تخرجت من كلية الآداب، وأخي عبد الخالق من كلية العلوم، وأخي محمد حصل على دبلومة في الخط العربي، مضيفة والدتي تستحق بجدارة لقب الأم المثالية، ولن نستطيع أن نوفي حقها.

واختتمت أن قصة امي نموذجًا ملهمًا للمرأة المصرية، وتُجسد قوتها وإمكانياتها في تخطي الصعاب وتحقيق النجاح. كما تُظهر أهمية التعليم في تغيير حياتها، وقيمة الأسرة ودورها في تربيتنا ومساندتنا في مواجهة الصعوبات.

و الجدير بالذكر الدكتورة نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي قد أعلنت أسماء الأمهات الفائزات في مسابقة الأم المثالية لعام 2024 على مستوى محافظات الجمهورية.

وجاءت في المركز الأول على مستوى الجمهورية السيدة أنيسة فريد منصور متولي من محافظة الدقهلية، وفازت السيدة وفاء أحمد محمد على من محافظة كفر الشيخ في المركز الثاني، وجاءت "تيسير محمود دهيم محمد" من محافظة مطروح في المركز الثالث على مستوى الجمهورية.

كما أعلنت القباج، أسماء الأمهات المثاليات لكل محافظة كالتالي: أميمة طلعت على السيسي الأولي على محافظة المنوفية، وإلهام عبد الحميد عبد الحميد الأولي على محافظة الغربية، و نجلاء مستجير أحمد الأولي على محافظة بورسعيد، و نجاح محمود صابر الأولي على محافظة الجيزة، و عبير عباس محمد محمود الأولي على محافظة الإسماعيلية، و عرب حسن على عاشور الأولي على محافظة البحيرة، و فاطمة جابر بدوي حسين الأولي على محافظة بني سويف.

وجاءت و فاطمة السيد منصور محمد الأولى على محافظة السويس، و أم هاشم إبراهيم عبد الكريم الأولي على محافظة الوادي الجديد، و صباح صالح سليمان حسن الأولي على محافظة شمال سيناء، و عزة مجاهد السيد فريخة الأولي على محافظة دمياط، و جده صادق إبراهيم سيد أحمد الأولي على محافظة المنيا، والسيدة مرثا إبراهيم عوض جرجس الأولي على محافظة الأقصر، و عايدة سعيد أبادير روفائيل الأولي على محافظة القاهرة، و ابتسام حمدي أحمد عبد العزيز الأولي على محافظة البحر الأحمر، و مسعدة محمد محمد هنيدي الأولي على محافظة الإسكندرية، و منى محمد على خليفة الأولي على محافظة أسيوط، و زينب عبد القادر عبد العال الأولي على محافظة الفيوم.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الإسكندرية وزارة التضامن الاجتماعي الام المثالية الأولی على محافظة الأم المثالیة على مستوى

إقرأ أيضاً:

مكشوفون على الدّوام، هل فقدنا القدرة على الاحتفاظ بأنفسنا !!

صراحة نيوز- بقلم / د. لينا جزراوي

تحولت مشاركة العامّة لتفاصيل حياتهم الخاصة الى ظاهرة تستدعي الدراسة النفسية والاجتماعيّة. اذ بات من المشاهد اليومية في بعض فضاءات السوشال ميديا أن يعرِض بعض اصحاب الحسابات جوانب خاصّة من حياتهم الشخصيّة، بكل ما تحمله من خصوصيّة ! انها ظاهرة تستحق أن يتناولها الباحثون في علم النفس وعلم الإجتِماع بالتحليل والتفسير. فالسؤال الّذي يُطرح هُنا : لماذا يقوم البعض بنشر تفاصيل حياتهم اليوميّة علة منصّات التّواصل الإجتِماعي؟ تلك التّفاصيل التي تُعدّ في السّياق الطبيعي ، جزءًا من خصوصيّة الفرد وحدوده الشّخصيّة. ما الرسائل التي تحملها الفيديوهات المُنتشِرة في فضاءات التّواصل؟
من منظور علم النفس ، تُقرأ الظاهرة على أنّها تعبّر عن الحاجة الى الاعتِراف والقبول الاجتماعي ، أو بسبب الشعور بالعزلة العاطفية والوحدة ، وأيضًا قد يدلّ السّلوك على تعزيز تقدير الذّات من خلال الاعجابات والتعليقات ، وربما رغبة لا واعية في طلب الاهتمام والحُب. أيضا يجد بعض الخُبراء ، بأن ليست كل المشاركات ساذجة أو عفويّة ، بل تحمِل في طيّاتها رسائل منها ، التباهي والظهور بمظهر مِثالي ( حياة فاخرة، عائلة مثاليّة ، سفر دائم) ، وأيضا قد تؤشّر الى الرغبة في التنفيس عن مشاعر داخلية ( غضب ، ألم ، وحدة ) ، والأخطر هو البحث عن شُهرة افتِراضيّة مفقودة في العالم الواقعي.
أجد نفسي أدخل غرف المطبخ ، والجلوس ، وأحيانًا النّوم ، وأسافِر مع البعض وأتعرف على كل تفاصيل الرّحلة .عندما تتحول الحاجة للمُشاركة الى سلوك قهري ، وتُصبِح الخصوصيّة مُنتهكة باستمرار ، فنحن بالضّرورة بحسب عُلماء نفس أمام ظواهر مثل : اضطراب النّشر القهري ، أو القلق الاجتِماعي الرّقمي ، أو حالة من حالات الإدمان على التّفاعل. وكلها أنماط تستدعي اهتِمام وتدخّل .
فهل نحنُ نُشارِك الحياة لتعيشها ، أم نعيشها فقط لنُشاركها ؟

مدرّسة الفلسفة والتفكير الناقد
جامعة الأميرة سميّة للتكنولوجيا

مقالات مشابهة

  • مكشوفون على الدّوام، هل فقدنا القدرة على الاحتفاظ بأنفسنا !!
  • بيان عاجل من التعليم العالي بشأن طلاب المرحلة الأولي في تنسيق الجامعات 2025
  • مصدر شبابي: عبد الرزاق حمد الله مستمر مع الفريق
  • استجابة إنسانية عاجلة.. محافظ المنيا يوفر 3 وحدات سكنية ومساعدات فورية للأسر الأولي بالرعاية
  • قبائل اليمن تستقبل الشيخ محمد الزايدي
  • أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء لـ تأدية الصلاة.. ويوجه نصيحة
  • الطريقة المثالية لتخزين المانجو والاستمتاع بالنكهة الطازجة
  • وفيات الخميس .. 31 / 7 / 2025
  • أم كادت تتسبب في بتر إصبع رضيعتها بسبب نصيحة على الانترنت
  • الاتحاد السكندري يشارك في احتفال المحافظة بعيدها القومي الــ 73