بسبب جملة اسمه يوسف وشعره كيرلي.. دعوات لمقاطعة مسلسل لانش بوكس
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
أثار أحد المشاهد ضمن أحداث الحلقة السادسة من المسلسل المصري "لانش بوكس" غضب قطاع كبير من المشاهدين، وذلك لاعتباره يستهزئ بمأساة استشهاد الطفل الفلسطيني "يوسف" في قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهو المعروف بوصف أمه المكلومة الباحثة عنه وسط الضحايا "أبيضاني (بشرته بيضاء) وشعره كيرلي وحلو".
بدأ المشهد بمجموعة من السيدات يسألن عن شخص ما في أحد المتاجر، فتقول جميلة عوض، إحدى بطلات العمل، "لو سمحت أنا بسأل عن حد (شخص) اسمه يوسف أو ياسين.
مسلسل مصري اسمه (لانش بوكس).. فوجئ المشاهدون في حلقته السادسة بالممثلة تقول إنها تبحث عن شخص اسمه "يوسف" وهو (أبيضاني وشعره كيرلي وحليوة)..
نفس النص الذي كانت أم الطفل يوسف رحمه الله في #غزة تقوله وهي تبحث عنه وتقول (اسمه يوسف أبيضاني وشعره كيرلي وحلو) في مشهد مؤلم لن ينساه… pic.twitter.com/cvaWJ6qYdH
— Dr. Abdallah Marouf د. عبدالله معروف (@AbdallahMarouf) March 18, 2024
وفور عرض الحلقة، تداول نشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي المشهد، مطالبين بمقاطعة المسلسل، كما تعرضت حسابات أبطال المسلسل للانتقادات من قبل المتابعين.
وإلى جانب الدعوات لمقاطعة مسلسل لانش بوكس، دعا متابعون إلى مقاطعة أعمال فريق عمل المسلسل القادمة.
أقل ما يمكن أن نفعله تجاه إنحطاط فريق عمل مسلسل #لانش_بوكس هو مقاطعة العمل و كل أعمالهم القادمة ..
لا تهاون مع آلام غزة .#قاطعوا_مسلسل_لانش_بوكس
— Israa Alhakeem (@IsraaAlhakeem2) March 18, 2024
#قاطعوا_مسلسل_لانش_بوكس#قاطعوا_غاده_عادل
— رَاْمْ (@elmassry001) March 18, 2024
ولعل أبرز من تعرض للهجوم الممثلة جميلة عوض، بطلة المشهد، حيث طالبها المتابعون بتقديم تفسير للمشهد الذي اعتبره كثيرون استهزاء بكارثة إنسانية، واستخفافا بمشاعر المشاهدين، وفق عدد من التغريدات.
مسلسل لانش بوكس
حسبنا الله ونعم الوكيل
ربنا يرحمك يا يوسف pic.twitter.com/5Pz9PKHc5S
— Ahmed ElNaggar (@ahmed_nagar25) March 18, 2024
وجاء في التعليقات على حساب جميلة عوض عبر إنستغرام "هل هناك تفسير يا فنانة لمشهد محل الإلكترونيات في لانش بوكس؟ النص وأنت بتتدربي (تتدربين) على المشهد مفكركيش (ألم يذكرك) بيوسف وأمه بتدور عليه (تبحث عنه) يمين وشمال وفي الآخر لقته (وجدته) في الثلاجة؟؟.
وفي تعليق آخر "معاناة أهل غزة مش مشان (ليست من أجل) تمثلي فيها مسلسلات سخيفة، حسبي الله ونعم الوكيل"، و"مصائب الناس صارت سكريبت (نص) للضحك؟ إن شاء لله بتعيشي أسوأ من إحساسها وحدا يكتب فيكي سكريبت".
وحاولت جميلة عوض الرد على الانتقادات التي تعرضت لها بعد عرض الحلقة، فكتبت عبر حسابها على منصة إكس ".. هو ده اللي حصل المشهد كان مكتوب أسمر و فجأة وإحنا بنقولو (ونحن نقوله) جمعنا أن الممثل طلع أشقر فبدلنا كلمة واحدة، المفروض تكونوا عارفين أن دي حاجة مستحيل تحصل بقصد مش نثير فتن، أظن الناس عارفة كويس موقفي من القضية يا ريت نتحد ضد العدو دي صورة الممثل".
ازاي no way يبقى مش مقصود!!!! هو ده اللي حصل المشهد كان مكتوب أسمر و فجأة و احنا بنقولو جمعنا ان الممثل اللي جه طلع أشقر ف بدلنا كلمة واحده المفروض تكونوا عارفين ان دي حاجة مستحيل تحصل بقصد مش نثير فتن أظن الناس عارفة كويس موقفي من القضية يا ريت نتحد ضد العدو ???????? دي صورة الممثل pic.twitter.com/V4b7lfLbSq
— Jamila Awad (@jamilaawad) March 17, 2024
في المقابل، تواصل متابعون عبر منصات التواصل الاجتماعي مع مؤلف العمل عمرو مدحت، الذي كشف، وفق التغريدات المتداولة، أن النص الأصلي للمسلسل لم يتضمن تلك الجملة، بل من المفترض بحسب نص المشهد الذي نشره هو البحث عن شخص يدعى "سيف أو سليم.. أسمر ويرتدي نظارة".
ونفى المؤلف علمه بالتغيير الذي حدث للمشهد السابق، وظهوره في هذه الصورة.
وفي حساب نسب لمخرج المسلسل هشام الرشيدي على منصة إكس، كتب تغريدة تضمنت الاعتذار التالي "اعتذار واجب لكل من تشابه عليه نص المشهد المؤلم لإخواننا مع نص مشهد المسلسل غير المقصود بالمرة، لم ولن تكون القضية في يوما مجالا لأي شيء غير كل الدعم والاحترام. الله يصبر أهلنا في فلسطين ويعينهم".
اعتذار واجب لكل من تشابه عليه نص المشهد المؤلم لاخواتنا مع نص مشهد المسلسل الغير مقصود بالمرة
لم ولن تكون القضية في يوم مجال لأي شيئ غير كل الدعم والإحترام.
الله يصبر اهلنا في فلسطين ويعينهم
— Hesham EL-Rashidy (@rashidyofficial) March 18, 2024
مسلسل "لانش بوكس" من بطولة غادة عادل وجميلة عوض وأحمد وفيق وهشام إسماعيل ومن تأليف عمرو مدحت وإخراج هشام الرشيدي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات مسلسل لانش بوکس جمیلة عوض
إقرأ أيضاً:
جلال كشك.. الذي مات في مناظرة على الهواء مباشرة وهو ينافح عن رسول الله
يقدّم الكاتب والباحث المصري جمال سلطان في هذا المقال، الذي تنشره "عربي21" بالتزامن مع نشره على صفحته في فيسبوك، قراءةً حميمة ومكثّفة في سيرة واحد من أكثر المثقفين العرب إثارة للجدل وحضورا في معارك الوعي خلال النصف الثاني من القرن العشرين: محمد جلال كشك.
فمن خلال استعادة شخصية كشك وتجربته الفكرية وتقلباته وتحولاته وصراعاته، لا يكتب سلطان مجرد شهادة شخصية، بل يعيد تفكيك مشهد ثقافي وسياسي كامل، كانت فيه مصر ـ والعالم العربي ـ تتشكل تحت وطأة الإيديولوجيات الكبرى، والمشاريع السلطوية، وصدامات الهوية، ومحاولات التأريخ والهيمنة على الذاكرة.
تتكشّف في هذه السطور صورة كاتب عركته التجارب، واشتعل بالأسئلة، وامتلك جرأة لا تلين في مواجهة ما اعتبره زيفا أو تزويرا للوعي، حتى آخر لحظة في حياته.
طاقة صحفية وفكرية مذهلة
كنت في شبابي مغرما بالكاتب الراحل الكبير محمد جلال كشك، وما زلت، كان الرجل طاقة صحفية وفكرية مذهلة، ولديه صبر ودأب على القراءة والكتابة بشكل تحار فيه العقول، ويكفي أنه كان يقرأ كتب الراحل الكبير أيضا محمد حسنين هيكل ويجري مقارنات صبورة بين ما يكتبه هيكل في النسخة الانجليزية التي تصدر للتسويق الخارجي وما يكتبه في النسخة العربية ، ليكشف عن تناقضات في الروايتين، وهو جهد صعب للغاية، كما كان كتابه المهم "ودخلت الخيل الأزهر" أهم موسوعة حديثة في تسجيل جرائم الغزو الفرنسي لمصر، والعملاء الذين خدموه في الداخل، والكتاب أثار ضجة في حينه، كما كان كتاباه: كلمتي للمغفلين، وثورة يوليو الأمريكية، من أخطر الكتب التي صدرت عن تجربة ثورة يوليو وعبد الناصر، وهو ما قلب عليه القوميين والناصريين بشدة، وهو كان يبادلهم كراهية بكراهية وله كتابات أخرى في هذه المعارك .
لذلك كانت سعادتي كبيرة عندما قدمتني له الكاتبة الكبيرة صافي ناز كاظم، خاصة عندما قرأ كتابا لي صدر في أول التسعينات الماضية "أزمة الحوار الديني"، وأبدى إعجابه الشديد به، وكان مندهشا أن كاتبا شابا يكتب بتلك اللغة والمعلومات، ودعاني لزيارته في شقته بالزمالك وأكرمني كرما حاتميا مما جعلني أحكي تلك "العزومة" الفاخرة لصافي ناز على سبيل التباهي بأنها أتتني من كاتب كبير في قيمة وقامة جلال كشك، فلما بلغه كلامي وغزلي في العزومة غضب، واعتبر أن "العزومة" وما فيها من أسرار البيوت وأنني بذلك لم أحترم بروتوكل الزيارات، فلم يكررها ثانية، وبصراحة كان محقا في ذلك وقد تعلمت من هذا الموقف فيما بعد، لكني وقتها خسرت الكثير من الحمام المحشي والمشوي وخلافه، رغم أنه ـ رحمه الله ـ لم يكن يأكل إلا قليلا بسبب إصابته بالسكر والكوليسترول وأمراض أخرى اجتمعت عليه .
شهدت أفكار محمد جلال كشك تحولات، مثل تحولات عبد الوهاب المسيري وعادل حسين وطارق البشري وجيل كبير من المثقفين المصريين، بدأ حياته الفكرية والسياسية ماركسيا وكان من مؤسسي الحزب الشيوعي، ثم تركه وتركهم وقدم نقدا عنيفا للماركسية ومنظماتها في الستينيات ونشر سلسلة مقالات أزعجت الاتحاد السوفيتي، حتى ردت عليه صحيفة البرافدا واعتبرت أن وجود جلال كشك في الصحافة المصرية هو إساءة للاتحاد السوفييتي، وكانت علاقات عبد الناصر وقتها قد توثقت بموسكو، فأوقفه عبد الناصر عن الكتابة وعن العمل كلية ثلاث سنوات كاملة، ولم يعد إلا بعد النكسة، فعاد إلى مؤسسة أخبار اليوم، ثم ترك مصر كلها وهاجر، وقضى حقبة من حياته في بيروت في حالة لجوء اختياري بعد مضايقات عصر السادات، حتى كانت الثمانينيات حاسمة في توجهه إلى الفكرة الإسلامية، والانحياز للإسلام كحضارة وهوية للأمة وشرط لنهضتها.
لم يمكث جلال كشك بعدها سوى ثلاثة أشهر فقط، وكان من كرم الله عليه أن مات بأزمة قلبية وهو في مناظرة على الهواء ضد نصر حامد أبو زيد يدافع فيها عن رسول الله في وجه خطابات علمانية وغربية متطرفة، فقبضت روحه وهو على هذه الحال.كان جلال كشك يجمع بين الجدية والصرامة في الكتابة وبين خفة الظل والصراحة في المواجهة، وعندما ابتلي في سنواته الأخيرة بسرطان البروستاتا، كان يتردد على لندن للعلاج والفحص، وفي آخر زيارة طبية، أجرى التحاليل، فقال له الطبيب أن أمامه ما بين ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر فقط في الدنيا ثم يموت، ويومها كتب مقالا مؤثرا للغاية في مجلة أكتوبر، وكان لها شأن في تلك الأوقات، كان عنوانه "أنعي لكم نفسي"، وحكى فيه ما جرى وأنه ينتظر الموت خلال ستة أشهر على الأكثر، هي كل ما بقي له من الدنيا، ويودع قراءه، ورغم الحزن والمفاجأة، إلا أنه لم يتخل عن خفة ظله في هذا المقال، فحكى فيه أنه بعد أن تسلم من المستشفى اللندني التحليل الذي يؤكد قرب وفاته، فوجئ باتصال يأتيه من شركة أمريكية متخصصة في "دفن الموتى"، وقالوا له: مستر جلال نحن لدينا تجهيزات راقية للجنازات، ومقابر مميزة وبأسعار مناسبة ويمكن أن نحجز لك مقبرة تسرك!!، وراح في المقال يلعن سلسفيل جدودهم، ولم يمكث جلال كشك بعدها سوى ثلاثة أشهر فقط، وكان من كرم الله عليه أن مات بأزمة قلبية وهو في مناظرة على الهواء ضد نصر حامد أبو زيد يدافع فيها عن رسول الله في وجه خطابات علمانية وغربية متطرفة، فقبضت روحه وهو على هذه الحال.
كان جلال كشك شرسا في معاركه الفكرية، موسوعي الثقافة، قوي الحجة، حاضر الذهن، صاحب جلد وصبر غير عادي على البحث والكتابة، لذلك كان مزعجا جدا لأكثر من تيار فكري ، وبشكل خاص كان مكروها من الأقباط المتطرفين، ومن استصحبوا الوعي الطائفي من المثقفين في كتاباتهم عن تاريخ مصر، ولذلك كان يكرهه بشدة الناقد المعروف لويس عوض وكذلك غالي شكري ، خاصة وأنه في كتابه "ودخلت الخيل الأزهر" كشف عن دور "المعلم يعقوب" والفيلق القبطي الذي شكله للقتال بجوار الجيش الفرنسي الذي احتل مصر، وكان لويس عوض يثني في كتاباته على "المعلم يعقوب" عميل الاحتلال الفرنسي ويعتبره بطلا .
أيضا، يكرهه الناصريون بشدة، لأنه صاحب أهم الكتب التي كشفت عن الدعم الكبير الذي قدمته المخابرات الأمريكية "CIA"، لانقلاب ضباط حركة يوليو 1952 بقيادة جمال عبد الناصر، وكان كتاباه "كلمتي للمغفلين"، و"ثورة يوليو الأمريكية" أشبه بزلزال ضرب الوعي الخرافي الذي سوقته آلة الدعاية الناصرية على مدار عقود، وذلك بسبب ما حواه الكتاب من وثائق وأدلة دامغة على الاتصالات واللقاءات السرية التي كانت تجري بين عبد الناصر وبعض ضباطه وبين السفارة الأمريكية، والترتيبات الأمريكية لدعم وحماية انقلاب الضباط ومنع جيش الاحتلال الانجليزي من التدخل، حيث كان جيشهم يرابط في منطقة القناة، على بعد ساعة واحدة من القاهرة.
أيضا، كان يحظى بكراهية شديدة من محبي الأستاذ محمد حسنين هيكل، ومجاذيبه، لأنه القلم الوحيد الذي جرؤ على إهانة هيكل وإحراجه، بل وإعلان احتقاره وتحديه، في مقالات كثيرة، وفي كتب أيضا، وكشف تناقضاته، كما كشف تمريره لمعلومات غير صحيحة على الإطلاق، وتعتبر تضليلا للرأي العام، وكان له صبر عجيب في تتبع هيكل وإحراجه، ولذلك كان الناصريون وأنصار هيكل أكثر من شنعوا على جلال كشك، وأطلقوا حوله الشائعات والشبهات، ورموه بالاتهامات المرسلة والسخيفة والكاذبة التي يسهل إطلاقها على أي أحد، بدون أي دليل، محض كراهية وبهتان وتصفية مرارات عالقة في النفوس.
تتفق أو تختلف مع جلال كشك ، الذي توفاه الله في العام 1993 ، إلا أنك لا يمكن أن تتجاهل أن الثقافة العربية والصحافة العربية خسرت بموته قلما جبارا، وطاقة لا تكل ولا تمل من إثارة المعارك الفكرية والصحفية التي أحدثت استنارة حقيقية في جيل بكامله من المثقفين المصريين والعرب أراد البعض لهم أن يرسفوا في أغلال الزيف والبهتان، يرحمه الله .