يرى محللون سياسيون أن إعادة جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحام مجمع الشفاء الطبي في شمال قطاع غزة، يعطي دليلا واضحا على فشله في تحقيق أي إنجاز من عملياته السابقة في الشمال، كما يأتي في سياق مساعيه لإفشال تجارب إيصال المساعدات الإغاثية لأهالي الشمال التي نجحت خلال اليومين الماضيين.

واقتحمت قوات الاحتلال مبنى مجمع الشفاء بعد قصفه -فجر اليوم الاثنين-، مما أسفر عن شهداء وجرحى واعتقال العشرات، كما أعلنت قوات الاحتلال أنها اغتالت العميد فايق المبحوح مسؤول عمليات الشرطة في قطاع غزة ومنسق إدخال المساعدات إلى شمال القطاع خلال العملية.

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي، إن إسرائيل بإعادة اقتحامها مجمع الشفاء تؤكد عدم تحقيق ما أعلنته من إنجازات، مشيرا إلى تصريحات سابقة لرئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي، أبدى فيها تخوفه من تآكل مكاسب العملية البرية في الشمال.

وأوضح أن هذه العودة مرتبطة بما تضمنه تقرير سابق للشاباك حول استعادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) قدراتها في الشمال على الضبط، وهو الأمر الذي أزعج إسرائيل، ودل على عدم تحقيق العملية العسكرية هدفها، وأنها -وفقا لروايات تقدم في الإعلام الإسرائيلي- تسير بغير هدى ولا رؤيا لما بعد الحرب.

أهداف ومرام أخرى

ويلفت الشوبكي إلى أن عملية الاقتحام الأخيرة لمجمع الشفاء ستطرح سؤالا داخل المجتمع حول ما إذا كانت العملية العسكرية التي أُعلن انتهاؤها في الشمال قد أنهت الوجود العسكري لحماس، وأنه في حال كان ذلك قد تحقق فإن العودة لاقتحام المجمع له أهداف ومرام أخرى.

وأشار إلى أن المعضلة التي تواجه الاحتلال الإسرائيلي هي عدم وجود شريك محلي داخل قطاع غزة لإدارة الملف الانساني بالتعاون معه، في ظل رفض كافة الفصائل والعشائر، ومن ثم فإن الاحتلال معني بإفشال أي تجربة ناجحة لتوزيع المساعدات خارج مظلته، كما حدث في اليومين الأخيرين.

وفي هذا السياق، يؤكد رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل أن الاحتلال معني بمحاربة المجتمع الغزي ليس فقط بالسلاح، وإنما بخلق فوضى داخله بفتح مجال للتطاحن الداخلي وإثارة تساؤلات حول كيفية الخروج من المأزق الإنساني والاجتماعي في القطاع.

ويرى الشوبكي أن إسرائيل في ظل استمرار الدعم والتبرير الأميركي لما تقوم به، لن تأبه لأي ضغوط أخرى، بل إن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يجد نفسه سعيدا بالصورة التي يظهر بها مؤخرا كمتحد للولايات المتحدة، في ظل بروز لمساحات خلاف في المواقف مع الرئيس الأميركي جو بايدن وإدارته.

3 أهداف لإعادة الاقتحام

بدوره، يرى الباحث السياسي سعيد زياد أن الاحتلال يهدف من خلال إعادة اقتحامه لمجمع الشفاء لتحقيق 3 أهداف أساسية، أولها تحقيق صورة نصر وهمية بعد فشله في تحقيق مستهدفاته من العملية البرية، والثاني كسر السد الذي يحول دون حالة الفوضى التي يحاول تكريسها عبر إحداث حالة من الخلل المجتمعي.

فيما يتمثل الهدف الثالث، في تملص نتنياهو من المفاوضات لرغبته المعروفة في إفشالها، لكون أن نجاحها يتعارض مع مصالحه الشخصية.

ويضيف زياد بأن الاحتلال شعر بالخطر حين وجد أن حماس تعمل على ترميم قوتها، وخاصة بعد نجاح الشرطة التابعة لحكومة غزة في تمرير المساعدات، فعملت على تنفيذ هذه العملية في محاولة لاستعادة صورة الردع التي تهدمت، وكان ذلك عبر اغتيال قائد عمليات الشرطة في القطاع، العميد فايق المبحوح.

ويرى الباحث السياسي أن الموقف الأميركي لا يعبر إلا عن حالة من النفاق والاصطفاف التام مع إسرائيل، حتى وإن أظهرت خلاف ذلك، وهو ما يعكسه ترديد مسؤولي الإدارة الأميركية لرواية الاحتلال بوجود مسلحي المقاومة في المجمع بينما يتفاخر باغتيال مسؤول في جهاز مدني.

ويضيف بأن أميركا ماضية في دعم الاحتلال ليس عن قناعة بإمكانيته تحقيق أهدافه، ولكن لارتهان إدارة بايدن لدى نتنياهو الذي يعمل على تحقيق مشروعه الشخصي، وأنه في حال أيقنت واشنطن بعدم قدرة نتنياهو على ذلك، فإنه حينها يمكن توقع تغيير تلك السياسة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 حريات مجمع الشفاء فی الشمال

إقرأ أيضاً:

ما المساعدات التي دخلت قطاع غزة؟ ومن المستفيد منها؟

غزة- أعلن الجيش الإسرائيلي، أول أمس السبت، أنه بدأ بتوجيهات من المستوى السياسي سلسلة عمليات لتحسين الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة، بإسقاط المساعدات من الجو وتحديد ممرات إنسانية يسمح عبرها لقوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك الآمن بغرض إدخال المواد الغذائية والأدوية.

ويأتي الإعلان الإسرائيلي مع اشتداد التجويع الذي يعصف بأكثر من مليوني فلسطيني في غزة بعد مرور 5 أشهر على إغلاق إسرائيل المحكم لمعابر القطاع، ومنع دخول إمدادات الغذاء والدواء.

وتجيب الأسئلة التالية على تفاصيل التجويع التي يعيشها سكان غزة، وآليات إدخال المساعدات التي فرضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكميات المواد الغذائية التي يحتاجها القطاع يوميا.

كيف تعمقت المجاعة في قطاع غزة؟

منذ 2 مارس/آذار الماضي، أغلق الاحتلال الإسرائيلي جميع معابر قطاع غزة منقلبا بذلك على اتفاق التهدئة الموقع في 18 يناير/كانون الثاني، والذي نص على إدخال 600 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يوميا إلى قطاع غزة.

ومنذ ذلك الحين، اعتمد سكان القطاع على المواد الغذائية التي كانت لديهم، والتي بدأت تنفد تدريجيا من الأسواق، حتى انتشر التجويع بين السكان وظهرت عليهم علامات وأمراض سوء التغذية سيما مع نقص المواد الأساسية من مشتقات الحليب واللحوم والدواجن والخضراوات، كما طال المنع الأدوية ومستلزمات النظافة الشخصية.

وأدى التجويع إلى وفاة 133 فلسطينيا، بينهم 87 طفلا، حسب آخر إحصائية صادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة، بعدما منع الاحتلال منذ ذلك الوقت -وحتى الآن- إدخال أكثر من 80 ألف شاحنة مساعدات ووقود.

كيف عادت المساعدات إلى غزة؟

في 27 مايو/أيار الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتماد آلية جديدة لتوزيع المساعدات تعتمد على "مؤسسة غزة الإنسانية" الممولة أميركيا ويديرها ضباط خدموا في الجيش الأميركي، وافتتحت نقطة توزيع في المناطق الغربية لـرفح التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي، ومن ثم أقيمت نقطة أخرى في ذات المدينة، وبعدها نقطة ثالثة في محور نتساريم وسط قطاع غزة الخاضع لسيطرة جيش الاحتلال أيضا.

إعلان

وأبقت المساعدات الأميركية سكان غزة في دوامة المجاعة، ولم تحدث تغييرا على واقعهم المعيشي الصعب لعدة أسباب:

تقام نقاط التوزيع في مناطق خطيرة "مصنفة حمراء" ويسيطر عليها الجيش الإسرائيلي. لا يوجد آلية معتمدة بتوزيع المساعدات، ويغيب أي قاعدة بيانات للقائمين عليها، وتترك المجال للجوعى للتدافع والحصول على ما يمكنهم، دون عدالة في التوزيع. يضع القائمون على هذه المراكز كميات محدودة جدا من المساعدات لا تكفي لمئات الأسر الفلسطينية، وتبقي معظم سكان القطاع بدون طعام. ساهمت مراكز التوزيع الأميركية بنشر الفوضى وتشكيل عصابات للسطو عليها ومنع وصول المواطنين إليها.  يتعمد الجيش الإسرائيلي إطلاق النار على الذين اضطروا بسبب الجوع للوصول إلى هذه المراكز، مما أدى لاستشهاد أكثر من 1100 فلسطيني من منتظري المساعدات، وأصيب 7207 آخرون، وفقد 45 شخصا منذ إنشائها، حسب وزارة الصحة بغزة. أغلقت المؤسسة الأميركية نقطتي توزيع خلال الأيام الماضية، وأبقت على واحدة فقط غربي رفح، مما فاقم أزمة الجوع.

وفي 28 مايو/أيار الماضي، أعلن جيش الاحتلال أنه سيسمح بإدخال المساعدات إلى غزة عبر المعابر البرية التي يسيطر عليها، وذلك عقب الاتفاق بين أميركا وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) القاضي بإطلاق سراح الجندي مزدوج الجنسية عيدان ألكسندر مقابل السماح بتدفق المساعدات للقطاع.

ومنذ ذلك الحين، لم يلتزم جيش الاحتلال بالاتفاق، وسمح بمرور غير منتظم وبعدد شاحنات محدود جدا عبر معبر كرم أبو سالم جنوب شرق قطاع غزة، ومنفذ زيكيم شمال غرب القطاع، ومحور نتساريم وسط غزة، لكن الاحتلال:

يرفض وصول المساعدات إلى المخازن، ويمنع توزيعها عبر المؤسسات الدولية. يستهدف عناصر تأمين المساعدات بشكل مباشر، مما أدى لاستشهاد 777 شخصا، واستهداف 121 قافلة مساعدات منذ بداية الحرب. يريد البقاء على حالة الفوضى واعتماد المواطنين على أنفسهم في التدافع للحصول على القليل من الطعام، وفي معظم الأحيان يفشلون في ذلك. يستدرج المواطنين لمصايد الموت، ويطلق النار عليهم. جيش الاحتلال اعتمد خطة إسقاط المساعدات على أهل غزة (الفرنسية) ما الجديد الذي طرأ على إدخال المساعدات؟

بعد ارتفاع الأصوات المنادية بضرورة وقف تجويع سكان قطاع غزة والضغط الذي مارسته المؤسسات الدولية، والتحرك الشعبي سواء العربي أو الأوروبي الرافض لمنع دخول المواد الغذائية، أعلن الجيش الإسرائيلي، أول أمس السبت، السماح بإدخال المساعدات بما فيها تلك العالقة على الجهة المصرية من معبر رفح والسماح بمرورها عبر معبر كرم أبو سالم.

ورغم أن الاحتلال حاول إظهار أنه سمح لتدفق المساعدات بكميات كبيرة، إلا أن قراره جاء لامتصاص الغضب المتصاعد، وذلك ما تؤكده الكميات المحدودة جدا التي سمح بإدخالها إلى قطاع غزة، أمس، واقتصرت على 73 شاحنة فقط دخلت من معبر كرم أبو سالم جنوب قطاع غزة، ومنفذ زيكيم شماله، و3 عمليات إنزال جوي فقط بما يعادل أقل من حمولة شاحنتين.

من يستفيد من المساعدات الواردة لغزة؟

مع رفض الاحتلال الإسرائيلي عمليات تأمين وصول المساعدات إلى مخازن المؤسسات الدولية العاملة في قطاع غزة، وتعمده إظهار مشاهد الفوضى بين الفلسطينيين، يتجمع مئات الآلاف من المواطنين يوميا أمام المنافذ البرية التي تدخل منها المساعدات، وكذلك مراكز التوزيع الأميركية رغم خطورة ذلك على حياتهم، ويتدافعون بقوة على أمل الحصول على أي من المساعدات الواردة، ويضطرون لقطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام في سبيل ذلك.

إعلان

وأفرزت هذه الحالة التي يعززها الاحتلال الإسرائيلي ظهور عصابات للسطو على المساعدات وبيعها في الأسواق بأسعار مرتفعة.

الجيش الإسرائيلي سيسمح بإدخال المساعدات العالقة بالجانب المصري (الفرنسية) ما كمية ونوعية المساعدات التي يحتاجها قطاع غزة لتجاوز المجاعة؟

تُقدر الجهات المختصة حاجة قطاع غزة من المساعدات بـ600 شاحنة يوميا، و500 ألف كيس طحين أسبوعيا، و250 ألف علبة حليب شهريا للأطفال لإنقاذ حياة 100 ألف رضيع دون العامين، بينهم 40 ألفا تقل أعمارهم عن عام واحد، مع ضرورة السماح بتأمينها ووصولها للمؤسسات الدولية بهدف توزيعها بعدالة على سكان القطاع، والسماح بإدخال البضائع للقطاع الخاص التي توفر جميع المواد والسلع التي يحتاجها الفلسطينيون يوميا.

مقالات مشابهة

  • الحوثي تكشف أهداف عملياتها الأخيرة ضد الاحتلال الإسرائيلي
  • لطفي بوجمعة : ” الحركية الكبيرة التي يعرفها القطاع نرى نتائجها مع تحقيق الإقلاع الرقمي وانفاذ الإدارة القضائية الإلكترونية”
  • هذه النتائج المالية التي حققتها الشركة المركزية لإعادة التأمين (CCR)
  • من هو أبو شباب؟ .. تحقيق يُعرّي الميليشيا التي تحكم بالمساعدات التي تنهبها وتُهدد مستقبل غزة
  • المكتب الإعلامي في غزة يؤكد تعمد العدو الصهيوني تكريس الفوضى الأمنية لإفشال توزيع المساعدات
  • محللون: لبنان يريد نزع سلاح حزب الله لكنه لا يضمن إسرائيل
  • سموتريتش: نقترب من إعادة احتلال غزة والاستيطان فيها... وخطة إسرائيلية لضم أجزاء من القطاع
  • ما المساعدات التي دخلت قطاع غزة؟ ومن المستفيد منها؟
  • مجمع الشفاء الطبي ببورسعيد يحصل على شهادة الاعتماد «إيجاك EGAC»
  • بيعملوا من الفسيخ شربات| إعادة تدوير الرواكد من الأخشاب والمقاعد المدرسية المتهالكة بأسيوط.. تحقيق عائد اقتصادي وتحويل المدارس إلى وحدات إنتاجية