لجريدة عمان:
2024-06-12@05:34:39 GMT

الصهيوينة العالمية ومخططات لا حدود لها

تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT

تمثّل الصهيونية العالمية أحد مكونات النظام الدولي الخفي خاصة في الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وهي تتقاطع في كثير من مفاهيمها وأسسها الفلسفية مع الماسونية العالمية حيث تهدف تلك الحركات الخطيرة إلى الهيمنة على العالم فكريا واقتصاديا وإعلاميا. ولعل المخططات السرية في الغرف المغلقة هو ما يميز تحركات الصهيونية العالمية والحركة الماسونية.

وكان الدكتور عبد الوهاب المسيري ـ رحمه الله ـ هو من أكثر المثقفين والكتاب العرب الذي سلّط الضوء من خلال موسوعته المميزة والتي تقع في عدة أجزاء على العالم الخفي للصهيونية العالمية وخططها التوسعية منذ قرون وعلاقة ذلك بالحركة الماسونية.

والعالم الخفي للصهيونية العالمية والحركة الماسونية يظهر من خلال مخططات حكماء بني صهيون. وفي المؤلفات التي ظهرت حديثًا عن الحركة الماسونية وتغلغلها في أجزاء من العالم ومن خلال شخوصها الذين يمثلون قيادات فكرية وسياسية وعلمية وعسكرية في الغرب وحتى الشرق وهناك من الوثائق المنشورة حول الأهداف الاستراتيجية بين الحركتين خلال القرن الماضي والحالي على الأقل في السيطرة على الموارد والسياسات، والسيطرة الكلية على توجهات العالم بحيث يكون الكيان الصهيوني هو القاعدة التي من خلالها تنفذ المخططات ليس فقط على أرض فلسطين المحتلة ولكن على صعيد العالم العربي والإسلامي.

وإذا تم التمعن بشكل عميق على الأقل خلال قرن مضى نرى أن المخطط ضد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ماهو إلا جزء يسير من مخطط أكبر يهدف أولا إلى زرع كيان صهيوني في قلب الشرق العربي وبعد ذلك يتم التمدد نحو بقية الجغرافيا العربية والإفريقية والآسيوية ولعل الشواهد على هذا المخطط وإن كان يسير بشكل غير سريع لكنه يتواصل تبعا للظروف السياسية.

إن مسألة التطبيع بين الكيان الصهيوني والدول العربية والإسلامية ماهي إلا الخطوة الاستراتيجية الأولى في سبيل الهيمنة الصهيونية العالمية وسيطرتها على مفاصل تلك الدول واختراق مجتمعاتها تحت شعار السلام والعيش المشترك وحوار الأديان.

والجزء الظاهر من الخطة الاستراتيجية بدأ يتحقق من خلال التطبيع ويبدو لي كما سوف تكشف وثائق الحرب على قطاع غزة بأن يوم السابع من أكتوبر كان يومًا فارقًا في عرقلة المخطط الصهيوني نحو أولا إقامة تكتل اقتصادي بين الكيان الصهيوني والمحيط العربي بمساعدة وتخطيط غربي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا والدول الغربية وتوسيع قاعدة الاختراق نحو الشرق العربي الذي يعاني من آثار الثورات العربية والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والحروب الأهلية. ومن هنا فإن المشهد السياسي بعد حرب السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ تغير بشكل دراماتيكي وهذا يفسر الانتقام والجريمة البشعة والإبادة التي ارتكبها الجيش الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزه وعموم فلسطين. إن الرئيس الأمريكي بايدن على سبيل المثال لايخفي إنه صهيوني ويقول إن الكيان الإسرائيلي إذا لم يكن موجودا فسوف نوجد هذا الكيان، وهذا يعطي مؤشرًا واضحا بأن أهداف الصهيونية العالمية واضحة منذ مؤتمر بازل في سويسرا، والتخطيط لقيام الكيان الصهيوني رغم أن إقامة الكيان الإسرائيلي يتعارض مع تعاليم التوراة على ضوء ما يتحدث عنه علماء اليهود والذين يعارضون بشكل واضح هيمنة الصهيونية على أرض فلسطين المحتلة.

إذًا مخطط الصهيونية العالمية يتماشى مع حركة الماسونية العالمية والتي نشر عنها عدد من المؤلفات المهمة عن خطورة هذه الحركة السرية وأذرعها وشخوصها والذين يسيطرون على القرار السياسي والاقتصادي والاستخباراتي في الدول ذات التأثير. ومن هنا فإن المخطط الصهيوني والماسوني له ارتباط وإن كان غير ظاهر من الناحية الفكرية ولكن المخطط يهدف أولا إلى محاربة الإسلام بصورة كلية وتشويه الدين الحنيف من خلال صناعة نماذج إسلامية على غرار داعش وبعض الحركات الإسلامية الراديكالية التي تستخدم العنف كما هو الحال مع داعش لإعطاء صورة سلبية ومفزعة عن الإسلام والمسلمين، ورغم ذلك ومع التسليم بأن المخطط قد أحدث ردة فعل سلبية في أوساط الشعوب في الغرب إلا أن انتشار الإسلام بوتيرة متسارعة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية رغم ما ينفق من أموال كبيرة ومخططات شيطانية ضد الإسلام والمسلمين. ومن هنا فإن الصهيونية العالمية وأيضا الحركة الماسونية تهدف بلا أدنى شك الشرق العربي الإسلامي في إطار مخطط من خلال الدور الوظيفي للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ومن خلال مشاريع اقتصادية مغرية، والسيطرة الثقافية ونشر الأفكار الليبرالية والتي تهدف إلى تهميش العادات والتقاليد الأصيلة والقضاء على النسيج الاجتماعي وإدخال المنطقة في منظومة يصعب أو يستحيل الخروج منها.

وعلى ضوء ذلك فإن الذي حدث ويحدث في فلسطين المحتلة منذ ٧٥ عاما ماهو إلا مخطط مدروس يتقاطع فيه السلام المزعوم والهيمنة والتطبيع في إطار المشاريع الاقتصادية والتي تجعل من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منطقة واحدة تسيطر من خلالها إسرائيل على تلك المنطقة بكل تاريخها وقيمها وعقيدتها ومن خلال المخطط الاستراتيجي للصهيونية العالمية والتنسيق المحكم مع الحركة الماسونية العالمية. وعلى ضوء ذلك فإن المشهد السياسي في فلسطين المحتلة يعبر عن الصراع المعقد والمرير نحو تنفيذ الخطط التي تستهدف المنطقة العربية ومقدراتها ومجتمعاتها وعقيدتها وهو أمر يستوجب الحذر واليقظة فإسرائيل هي القاعدة المتقدمة للصهيونية العالمية ومن خلفها الحركة الماسونية والتي تسيطر على مفاصل الدول الغربية وإن مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير ماهي إلا مفاهيم سقطت أخلاقيا خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة حيث ظهر النفاق السياسي الأمريكي والغربي، والذي وقف مع الكيان الصهيوني والذي قام بجريمة كبرى يندى لها جبين الإنسانية ووصل ملف جريمة الكيان الصهيوني إلى محكمة العدل الدولية. إن المشهد السياسي على الأرض يوحي بنظام دولي ووجود الأمم المتحدة، ولكن الواقع يقول إن هذا العالم يسير وفق منظومة وأهداف ومخططات تستهدف تمكين أهداف الصهيونية العالمية، وهناك مراجع ومؤلفات جديرة بالقراءة صدرت في الغرب والشرق أيضا حول أهداف الصهيونية العالمية وتمت الإشارة إلى الموسوعة القيمة للدكتور عبدالوهاب المسيري ـ رحمه الله. ومن هنا فان قضية التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني هي فخ خطير يصعب الفكاك منه في ظل التشابك والهيمنة وحتى الخطورة الكبيرة على أمن الأوطان وسوف يتواصل الصراع بين الأهداف الصهيونية وإفشال تلك المخططات تبعا للتطورات السياسية في فلسطين المحتلة، والتي أصبحت هي أيقونة صراع الإرادات. ومن خلال ما جرى ويجري في قطاع غزه تحديدا فان جزءا من مخطط تهجير الشعب الفلسطيني إلى سيناء وربما إلى مناطق جغرافية أخرى يظهر المخطط الأكبر نحو خطط الكيان الصهيوني نحو السيطرة على الشرق العربي، ولا تزال الخريطة العربية داخل الكنيست الإسرائيلي والتي تتحدث عن حلم السيطرة من النيل إلى الفرات موجودة وتسير نحو منهج مدروس قد يتطلب عقودًا من المخططات والمؤمرات العلنية والسرية. فهل يكون ذلك جرس إنذار للدول العربية نتمنى ذلك.

عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الصهیونیة العالمیة للصهیونیة العالمیة فی فلسطین المحتلة الکیان الصهیونی الشرق العربی ومن خلال فی الغرب من خلال ومن هنا

إقرأ أيضاً:

القيم الأمريكية الغربية والنموذج (الصهيوني)..!

 

 

تزعم أمريكا وتردد دوما إنها (عاصمة العالم الحر) وأنها ( جنة الحرية) وبلاد الديمقراطية والإبداع وراعية الديمقراطية في العالم..
أوروبا بكل دولها دون استثناء أرهقتنا لعقود في حديثها عن الحريات والتعددية واحترام الرأي والرأي الآخر..!
بدورهم (الصهاينة) يتحدثون انهم كيان ديمقراطي مطوق بمجموعة دول (همجية متخلفة وديكتاتورية) ويضيف ( الصهاينة) انهم يمتلكون ( أعظم جيش وهو الأكثر أخلاقيا في العالم)..!
والحقيقة أن لا أمريكا عاصمة الحرية، ولا هي جنة الحرية، ولا بلاد الديمقراطية والإبداع، وكذلك أوروبا أثبتت أنها لا ديمقراطية ولا تؤمن بحرية الرأي والتعبير ولا تحترم حقوق الإنسان..
ومثلهما الكيان الصهيوني الذي لا يعرف الديمقراطية والحرية، وليس لديه جيش أخلاقي، بل لا يتحلى الجيش الصهيوني وان بادني القيم الأخلاقية فهو مجرد عصابة، وقاتل للأطفال والنساء والمدنيين العزل، وعنترياته وبطولاته عرفها العالم بعد أن كان العالم مخدوعاً إلى حد ما بشعارات أمريكا وأوروبا والكيان الصهيوني، وهي الشعارات التي سقطت وافتضحت حقيقة أمريكا وأوروبا والكيان الصهيوني الذي اثبت فعلا طيلة الأشهر الماضية بأنه جيش من المجرمين القتلة الذين لا أخلاق لهم ولا قيم ولم يكن قرار أمين عام الأمم المتحدة مجانبا للصواب، بل مجسدا للحقيقة وإن جاء متأخرا بإدخال جيش الصهاينة في القائمة السوداء باعتباره جيشاً قاتلاً للأطفال، حقيقة جاءت متأخرة، ولكن أن تأتي متأخرأ خير من أن لا تأتي..!
الأمر الآخر، الغطرسة الاستعلائية الصهيونية المتماهية مع الغطرسة الأمريكية، إذ جاء رد الفعل الصهيوني ضد الأمين العام للأمم المتحدة معبرا عن غطرسة صهيونية تتماهي مع غطرسة واشنطن تجاه المحكمة الجنائية الدولية، وأيضا غطرسة واشنطن طيلة أيام العدوان وإصرارها الدفاع عن جرائم الصهاينة ورفضها حل القضية الفلسطينية على أساس من القرارات الدولية، وإصرارها على التفرد بالقضية بهدف تمييعها وتصفيتها، وهذه حقيقة كشفتها معركة طوفان الأقصى التي لم تأتي من فراغ، بل جاءت ردا على مؤامرة أمريكا والصهاينة..!
إن أعظم ما أنجزته معركة طوفان الأقصى ليس هزيمة الكيان وجيشه وأجهزته الاستخبارية التي كانت تسوقها للعالم، واتضح أنها مجرد أساطير وهمية سقطت حين تحرك مجموعة من المقاومين يقلون بكثير عن عدد الجواسيس والمخبرين الذين جندتهم حكومة الصهاينة ليتجسيوا على أبطال المقاومة داخل القطاع..؟!
أولئك الأبطال الذين تحركوا يوم 7 أكتوبر 2023م ليصنعوا ملحمة تاريخية، ملحمة اربكت الكيان وأفقدته توازنه، فهرولت أمريكا بكل قدراتها، وأوروبا بكل إمكانياتها لإنقاذ كيانهم المدلل واللقيط الذي راهنوا عليه لحماية مصالحهم، فاضطروا أخيرا للهرولة لحمايته من بضعة مقاومين متسلحين بإرادتهم وبالحق الذي يعطيهم شرعية الدفاع عن شعبهم ووطنهم المحتل..!
طوفان الأقصى، ورغم المآسي التي حلت بالقطاع وأهله ونسائه وأطفاله وشيوخه وقدراته المادية والمعنوية وهذا الدمار غير المسبوق وبهيستيريا صهيونية إجرامية ورعاية أمريكية _غربية لهذا الإجرام، أقول برغم كل هذا فإن طوفان الأقصى وأبطاله صنعوا ملحمة انتصار تاريخي غير مسبوق، انتصار شرعنته الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، والمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وأيدته شعوب العالم في القارات الخمس، وآخرها ما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة بإدراج الجيش الإسرائلي قاتل الأطفال في القائمة السوداء، مثله مثل ( داعش، وجيش الدولة، وبوكو حرام) فهذا هو الانتصار غير المسبوق الذي أنجزته المقاومة الفلسطينية والشعب العربي في فلسطين.
بمعزل عن العنتريات الصهيونية وغطرستها التي جاء رد فعلها ليهين أكثر من 200 دولة ويعتبرها مساندة للإرهاب، وان الكيان وحده على حق وأمريكا الداعمة له التي تزوده بالأسلحة الفتاكة، أمريكا التي إعتادت أن تبرر جرائم الصهاينة وتؤكد أنها لم تجد ما يدل على ارتكاب الصهاينة لجرائم إبادة بسلاحها وان من حق الكيان الدفاع عن نفسه، ليأتي قرار الأمين العام للأمم المتحدة ليسقط أكاذيب الكيان وأمريكا وكل داعمي الكيان ومن يزوده بالأسلحة التي قتل بها أطفال ونساء وشيوخ فلسطين، ثم عن أي إخلاق يتحلى به جيش العصابة الصهيونية واي فخر أخلاقي لجيش قتل أكثر من 17000 الف طفل ومثلهم من النساء..!
إن العالم ليس غبيا لهذه الدرجة التي يحاول بها الصهاينة أن يتحدثوا عن أخلاقياتهم وأخلاقيات جيشهم القاتل والمجرم الذي عرفه العالم وشهد على جرائمه واستمع لتصريحات قيادته الذين تحدثوا عن ( قتل الحيوانات البشرية في غزة، وان كل من في غزة حيوانات وإرهابين يجب قتلهم، ومنهم من تحدث عن ضرورة إلقاء قنبلة نووية على غزة ومن فيها، وآخر طالب بترحيلهم من وطنهم، وثالث خيرهم بين الرحيل أو الاستسلام أو الموت، ورابع طالب بمنع دخول المواد الأساسية وجعلهم يموتون جوعا) وقد حدث كل هذا قتل ودمار وجرائمه، إبادة جماعية، برعاية أمريكا وموافقتها، ومات جوعا لأطفال والنساء، بعد أن استخدم العدو الصهيوني التجويع كسلاح ضمن أسلحة الإبادة الجماعية التي استخدمها ضد الشعب الأعزل..!
وحين وصفه الأمين العام للأمم المتحدة بحقيقته: أزبد وأرعد واتهم الأمين العام وبوقاحة تنم عن غطرسة وقحة، رغم الهزائم التي يتجرعها الكيان على أيدي أبطال الشعب العربي الفلسطيني..
لقد فضحت معركة طوفان الأقصى حقيقة الكيان وأمريكا والغرب، وأسقطت كل الشعارات التي تشدقوا بها لعقود عن القيم الإنسانية والحقوق والحريات، وكشفت طوفان الأقصى حقيقة هويتهم الاستعمارية، وانحدارهم الأخلاقي، وتجردهم من كل القيم والأخلاقيات الإنسانية، وأنهم فعلا (وحوش مفترسة) كما وصفهم الرئيس بوتين في منتدى سان بطرسبورغ..

مقالات مشابهة

  • نقيب الصحفيين الفلسطينيين: موقف الرئيس السيسي من العدوان على غزة أفشل مخطط التهجير
  • الكيان الصهيوني والهزيمة الاستراتيجية
  • وليد العويمر: ضغوط كبيرة على الكيان الصهيوني من الولايات المتحدة لإنهاء الحرب
  • أستاذ علاقات دولية: هناك ضغوطا هائلة وكبيرة للغاية على دولة الكيان الصهيوني
  • إعلام العدو الصهيوني: قدرات حزب الله قد تسمح له بضرب تشكيل الدفاع الجوي
  • بين مكامن الوجع وضِفاف النصر
  • القيم الأمريكية الغربية والنموذج (الصهيوني)..!
  • إيناس الدغيدي تدعم الماسونية وقصر فستانها كشف المستور
  • "وصمة عار".. الأزهر يعلق على مقتل عشرات الفلسطينيين خلال تحرير 4 رهائن إسرائيليين بغزة
  • وصمة عار.. الأزهر يعلق على مقتل عشرات الفلسطينيين خلال تحرير 4 رهائن إسرائيليين بغزة