الصهيوينة العالمية ومخططات لا حدود لها
تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT
تمثّل الصهيونية العالمية أحد مكونات النظام الدولي الخفي خاصة في الغرب والولايات المتحدة الأمريكية، وهي تتقاطع في كثير من مفاهيمها وأسسها الفلسفية مع الماسونية العالمية حيث تهدف تلك الحركات الخطيرة إلى الهيمنة على العالم فكريا واقتصاديا وإعلاميا. ولعل المخططات السرية في الغرف المغلقة هو ما يميز تحركات الصهيونية العالمية والحركة الماسونية.
والعالم الخفي للصهيونية العالمية والحركة الماسونية يظهر من خلال مخططات حكماء بني صهيون. وفي المؤلفات التي ظهرت حديثًا عن الحركة الماسونية وتغلغلها في أجزاء من العالم ومن خلال شخوصها الذين يمثلون قيادات فكرية وسياسية وعلمية وعسكرية في الغرب وحتى الشرق وهناك من الوثائق المنشورة حول الأهداف الاستراتيجية بين الحركتين خلال القرن الماضي والحالي على الأقل في السيطرة على الموارد والسياسات، والسيطرة الكلية على توجهات العالم بحيث يكون الكيان الصهيوني هو القاعدة التي من خلالها تنفذ المخططات ليس فقط على أرض فلسطين المحتلة ولكن على صعيد العالم العربي والإسلامي.
وإذا تم التمعن بشكل عميق على الأقل خلال قرن مضى نرى أن المخطط ضد الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ماهو إلا جزء يسير من مخطط أكبر يهدف أولا إلى زرع كيان صهيوني في قلب الشرق العربي وبعد ذلك يتم التمدد نحو بقية الجغرافيا العربية والإفريقية والآسيوية ولعل الشواهد على هذا المخطط وإن كان يسير بشكل غير سريع لكنه يتواصل تبعا للظروف السياسية.
إن مسألة التطبيع بين الكيان الصهيوني والدول العربية والإسلامية ماهي إلا الخطوة الاستراتيجية الأولى في سبيل الهيمنة الصهيونية العالمية وسيطرتها على مفاصل تلك الدول واختراق مجتمعاتها تحت شعار السلام والعيش المشترك وحوار الأديان.
والجزء الظاهر من الخطة الاستراتيجية بدأ يتحقق من خلال التطبيع ويبدو لي كما سوف تكشف وثائق الحرب على قطاع غزة بأن يوم السابع من أكتوبر كان يومًا فارقًا في عرقلة المخطط الصهيوني نحو أولا إقامة تكتل اقتصادي بين الكيان الصهيوني والمحيط العربي بمساعدة وتخطيط غربي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا والدول الغربية وتوسيع قاعدة الاختراق نحو الشرق العربي الذي يعاني من آثار الثورات العربية والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والحروب الأهلية. ومن هنا فإن المشهد السياسي بعد حرب السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣ تغير بشكل دراماتيكي وهذا يفسر الانتقام والجريمة البشعة والإبادة التي ارتكبها الجيش الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزه وعموم فلسطين. إن الرئيس الأمريكي بايدن على سبيل المثال لايخفي إنه صهيوني ويقول إن الكيان الإسرائيلي إذا لم يكن موجودا فسوف نوجد هذا الكيان، وهذا يعطي مؤشرًا واضحا بأن أهداف الصهيونية العالمية واضحة منذ مؤتمر بازل في سويسرا، والتخطيط لقيام الكيان الصهيوني رغم أن إقامة الكيان الإسرائيلي يتعارض مع تعاليم التوراة على ضوء ما يتحدث عنه علماء اليهود والذين يعارضون بشكل واضح هيمنة الصهيونية على أرض فلسطين المحتلة.
إذًا مخطط الصهيونية العالمية يتماشى مع حركة الماسونية العالمية والتي نشر عنها عدد من المؤلفات المهمة عن خطورة هذه الحركة السرية وأذرعها وشخوصها والذين يسيطرون على القرار السياسي والاقتصادي والاستخباراتي في الدول ذات التأثير. ومن هنا فإن المخطط الصهيوني والماسوني له ارتباط وإن كان غير ظاهر من الناحية الفكرية ولكن المخطط يهدف أولا إلى محاربة الإسلام بصورة كلية وتشويه الدين الحنيف من خلال صناعة نماذج إسلامية على غرار داعش وبعض الحركات الإسلامية الراديكالية التي تستخدم العنف كما هو الحال مع داعش لإعطاء صورة سلبية ومفزعة عن الإسلام والمسلمين، ورغم ذلك ومع التسليم بأن المخطط قد أحدث ردة فعل سلبية في أوساط الشعوب في الغرب إلا أن انتشار الإسلام بوتيرة متسارعة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية رغم ما ينفق من أموال كبيرة ومخططات شيطانية ضد الإسلام والمسلمين. ومن هنا فإن الصهيونية العالمية وأيضا الحركة الماسونية تهدف بلا أدنى شك الشرق العربي الإسلامي في إطار مخطط من خلال الدور الوظيفي للكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة ومن خلال مشاريع اقتصادية مغرية، والسيطرة الثقافية ونشر الأفكار الليبرالية والتي تهدف إلى تهميش العادات والتقاليد الأصيلة والقضاء على النسيج الاجتماعي وإدخال المنطقة في منظومة يصعب أو يستحيل الخروج منها.
وعلى ضوء ذلك فإن الذي حدث ويحدث في فلسطين المحتلة منذ ٧٥ عاما ماهو إلا مخطط مدروس يتقاطع فيه السلام المزعوم والهيمنة والتطبيع في إطار المشاريع الاقتصادية والتي تجعل من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منطقة واحدة تسيطر من خلالها إسرائيل على تلك المنطقة بكل تاريخها وقيمها وعقيدتها ومن خلال المخطط الاستراتيجي للصهيونية العالمية والتنسيق المحكم مع الحركة الماسونية العالمية. وعلى ضوء ذلك فإن المشهد السياسي في فلسطين المحتلة يعبر عن الصراع المعقد والمرير نحو تنفيذ الخطط التي تستهدف المنطقة العربية ومقدراتها ومجتمعاتها وعقيدتها وهو أمر يستوجب الحذر واليقظة فإسرائيل هي القاعدة المتقدمة للصهيونية العالمية ومن خلفها الحركة الماسونية والتي تسيطر على مفاصل الدول الغربية وإن مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير ماهي إلا مفاهيم سقطت أخلاقيا خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة حيث ظهر النفاق السياسي الأمريكي والغربي، والذي وقف مع الكيان الصهيوني والذي قام بجريمة كبرى يندى لها جبين الإنسانية ووصل ملف جريمة الكيان الصهيوني إلى محكمة العدل الدولية. إن المشهد السياسي على الأرض يوحي بنظام دولي ووجود الأمم المتحدة، ولكن الواقع يقول إن هذا العالم يسير وفق منظومة وأهداف ومخططات تستهدف تمكين أهداف الصهيونية العالمية، وهناك مراجع ومؤلفات جديرة بالقراءة صدرت في الغرب والشرق أيضا حول أهداف الصهيونية العالمية وتمت الإشارة إلى الموسوعة القيمة للدكتور عبدالوهاب المسيري ـ رحمه الله. ومن هنا فان قضية التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني هي فخ خطير يصعب الفكاك منه في ظل التشابك والهيمنة وحتى الخطورة الكبيرة على أمن الأوطان وسوف يتواصل الصراع بين الأهداف الصهيونية وإفشال تلك المخططات تبعا للتطورات السياسية في فلسطين المحتلة، والتي أصبحت هي أيقونة صراع الإرادات. ومن خلال ما جرى ويجري في قطاع غزه تحديدا فان جزءا من مخطط تهجير الشعب الفلسطيني إلى سيناء وربما إلى مناطق جغرافية أخرى يظهر المخطط الأكبر نحو خطط الكيان الصهيوني نحو السيطرة على الشرق العربي، ولا تزال الخريطة العربية داخل الكنيست الإسرائيلي والتي تتحدث عن حلم السيطرة من النيل إلى الفرات موجودة وتسير نحو منهج مدروس قد يتطلب عقودًا من المخططات والمؤمرات العلنية والسرية. فهل يكون ذلك جرس إنذار للدول العربية نتمنى ذلك.
عوض بن سعيد باقوير صحفي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الصهیونیة العالمیة للصهیونیة العالمیة فی فلسطین المحتلة الکیان الصهیونی الشرق العربی ومن خلال فی الغرب من خلال ومن هنا
إقرأ أيضاً:
أكثر من 170 ألف شهيد وجريح حصيلة 600 يوم من جرائم الإبادة الصهيونية
الثورة / متابعات
واصل جيش الاحتلال جريمة الإبادة على غزة، لليوم 600 على التوالي، مخلفًا دمارًا واسعًا في البنى التحتية والأحياء السكنية وأكثر من 170 ألف شهيد وجريح غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال.
وارتكبت قوات الاحتلال أمس العديد من المجازر الوحشية ضد العائلات والمواطنين المدنيين في قطاع غزة، راح ضحيتهما العشرات من الضحايا الأبرياء كشهداء وجرحى من بينهم أطفال ونساء .
وبحسب وزارة الصحة بغزة، فقد ارتفعت حصيلة شهداء جريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي في قطاع غزة، أمس الأربعاء، إلى 54 ألفاً و84 شهيداً، و132 ألفاً 308 إصابات منذ السابع من أكتوبر عام 2023م.
وأوضحت أنه وصل إلى مستشفيات قطاع غزة 28 شهيداً (منهم 5 شهداء انتشال)، و179 إصابة، خلال الـ24 ساعة الماضية، مشيرة إلى أن الاحصائية لا تشمل مستشفيات محافظة شمال قطاع غزة لصعوبة الوصول إليها،
ولفتت الوزارة إلى أن عدداً من الضحايا ما يزالون تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الاسعاف والدفاع المدني الوصول اليهم.
في المقابل تواصل المقاومة الفلسطينية تصديها لآليات الاحتلال وجنوده المتوغلين في قطاع غزة ضمن معركة «طوفان الأقصى»
وأعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، استهدافها ناقلة جند إسرائيلية في منطقة الفخاري شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وقالت القسام: إن «مجاهديها أكدوا بعد عودتهم من خطوط القتال، استهداف ناقلة جند صهيونية بقذيفة «p-29الاثنين الماضي، في منطقة الفخاري شرقي خان يونس».
من جانب آخر أكد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» فيليب لازاريني أنه لا يمكن التصدي للأزمة في غزة من خلال استغلال المساعدات الإنسانية لتمرير خطط سياسية وعسكرية.
وأوضح لازاريني في تصريح صحفي، أن آلية توزيع المساعدات المقترحة من «إسرائيل» لا تلائم المعايير الإنسانية، مؤكدا أن الحصار المطبق على غزة يقتل الناس، وأن الطعام والمساعدات التي يمكن أن تنقذ سكان غزة تعفنت على الحدود.
فيما حذرت مديرة الإعلام بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في غزة إيناس حمدان، من انتشار الفوضى والخروج عن السيطرة في غزة بسبب الآلية الإسرائيلية الجديدة لتوزيع المساعدات.
وقالت حمدان، في حديث صحفي : «إن الفوضى التي حدثت، الثلاثاء، أثناء توزيع المساعدات نتيجة طبيعية بسبب قلة عدد المراكز المسؤولة عن هذا الشأن خاصة في ظل وجود أعداد كبيرة من المدنيين الذين في أمس الحاجة لأي مساعدة بعد نفاد جميع المواد الغذائية جراء الحصار الذي دام لأكثر من 80 يوما».
يأتي ذلك وسط تزايد الدعوات الأوروبية المطالبة بوقف جرائم الإبادة على قطاع غزة .وقال رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية بالأمم المتحدة جوناثان ويتال: إن غزة تمحى أمام أعيننا
وأكد ويتال أنه لا مكان آمنا في غزة وأن المساعدات يتم تسليحها، وفي كل يوم يمر تتحول غزة إلى مسرح جريمة أكبر .
وأضاف المسؤول الأممي أن المساعدات ليست كافية، وأن الناس يجبرون على الوقوف في طوابير من أجل فتات، مشيرا إلى أن الوضع في غزة لم يكن بهذا السوء من قبل.
من جهته، جدد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية بيتر ستانو الدعوة العاجلة لتقديم المساعدات فورا ومن دون عوائق في غزة، كما دعا إلى وقف إطلاق نار مستدام وإطلاق سراح الأسرى في غزة.
وأكد ستانو ضرورة عدم تسييس أو عسكرة المساعدات الإنسانية لغزة، وأهمية دور الأمم المتحدة في توزيع المساعدات الإنسانية في غزة.
وفي السياق ذاته، قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إن الهجوم الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة أصبح غير مقبول ويجب أن يتوقف فورا، مُحذرا من أي خطوة لتهجير الفلسطينيين من القطاع قسرا.
وقال تاياني أمام البرلمان إن «رد فعل الحكومة الإسرائيلية المشروع على (هجوم 7 أكتوبر) يتخذ أشكالا مأساوية وغير مقبولة إطلاقا، وندعو إسرائيل إلى وقفها على الفور».
وأضاف تاياني خلال نقاش محتدم في مجلس النواب «يجب أن يتوقف القصف، ويتعين استئناف المساعدات الإنسانية في أسرع وقت ممكن واستعادة احترام القانون الإنساني الدولي».
وهاجمت أحزاب المعارضة، التي أعلنت عن مظاهرة في روما في 7 يونيو، الحكومة الإيطالية بشأن غزة وطالبت بفرض عقوبات على إسرائيل واعتراف إيطاليا رسميا بدولة فلسطين.
من جهته، أكد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز أنهم سيرفعون أصواتهم بقوة أكبر من أي وقت مضى ضد الوضع في قطاع غزة الذي تواصل إسرائيل ارتكاب إبادة جماعية فيه.