العالم الإسلامي الذي لا يستطيع حلَّ أزماته الخاصة
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
هناك ذكريات مؤلمة في ذهني حول رمضان ومناطق الأزمات. بما أنني كنت أذهب باستمرار إلى مناطق الصراع الساخنة والمناطق المتأزمة كصحفي، فقد شهدت بعض الأمور خلال أشهر رمضان
في عام 2012 خلال الحرب الأهلية في سوريا، كنتُ في حلب في شهر رمضان. وكان جامع حلب في حالة خراب بسبب القصف، وعندما رأيت أن الجهة القبلية للجامع تحت سيطرة قوات النظام، وأن الباب الرئيسي تحت سيطرة المعارضة، فقد تفاجأت كثيرًا.
كانت الأرفف والقرآن الكريم والسجاد كلها تستخدم كدروع داخل الجامع. وتم التقاط صورة أيقونية جدًا في تلك اللحظة. وعندما غادرنا المكان، اندلعت اشتباكات بين المعارضة وعناصر النظام، وشاهدنا الناس يمرون أمامنا وهم ينزفون. قمنا بالإفطار في قرية محاصرة ثم صلينا التراويح في إحدى مساجد ضواحي حلب. وفي صباح اليوم التالي تم قصف ذلك المسجد. شهر رمضان هذا لم يغادر ذاكرتي أبدًا.
في عام 2013 خلال الانقلاب العسكري على مرسي في مصر كنتُ في القاهرة. وكان شهر رمضان قد حل مرة أخرى، فقمت بالإفطار مع الآلاف من الناس الذين كانوا يقاومون الانقلاب في ساحة رابعة. وشهدت ظهور إشارة رابعة أثناء محادثة الشباب في إحدى الخيام وقمت بتغطية الخبر. بعد ذلك، اكتشفت أن العديد من الشباب الذين كنت أتناول الإفطار معهم قد فقدوا حياتهم جراء التدخل بالدبابات. لا يمكنني نسيان شهر رمضان الذي قضيته في مصر أيضًا.
مناظر رمضانية مأساوية في غزةالآن أنا لست في غزة في شهر رمضان هذا ولكن عندما أشاهد ما يحدث هناك، بدأت أفكر في كيف أن الأزمات في العالم الإسلامي تتحول إلى مأساة مختلفة في رمضان
لا يمكنني تحمل مشاهدة معظم الفيديوهات. ولكن عندما أرى إخواننا المسلمين في غزة يقفون في طوابير بأواني فارغة للحصول على الطعام، وأنهم يأكلون العشب لتناول الإفطار، فإن غضبي تجاه العالم الإسلامي يزداد. لأنني أرى مرة أخرى أننا عاجزون عن حل مشاكلنا الخاصة
خلال الحرب الأهلية في سوريا، والانقلاب في مصر، كانت مواقف الدول الإسلامية بعيدة عن حل المشكلة، وهذا أدى إلى فقدان حياة الآلاف والمئات من الآلاف من الأرواح. الآن، الذين يجلسون ليقطعوا صيامهم على موائد الإفطار الفاخرة، لا ينظرون إلى شاشات التلفزيون كي لا يروا الفلسطينيين في غزة يأكلون العشب. كل يوم يتجاهلون فيه ذلك؛ يفقد مئات الأشخاص حياتهم في غزة، ويصبح الأطفال أيتامًا، والآباء والأمهات يفقدون أبناءهم.
لنرى الحقيقة المؤلمةلنرى الحقيقة المؤلمة: قضية فلسطين ليست بلا حل بسبب الولايات المتحدة أو الدول الغربية أو القوى العظمى الشرقية.
وإذا كانت القدس قد سقطت، وكانت فلسطين تحت الاحتلال، وتحولت غزة إلى مذبحة، فإن المسؤول الأول عن ذلك هو 54 دولة إسلامية.
دعونا لا نكذب على أنفسنا ونلقي باللوم على الآخرين. إذا كانت هذه الدول تريد حلاً، فلن تتمكن إسرائيل من التحرك في هذه المنطقة مقدار خطوة.
إذا كانت هذه الدول صادقة في حل المشكلة، لن تتحول غزة إلى سجن مفتوح؛ ولم يكن ليموت 31 ألف شخص، ولم يكن ليهاجر ملايين السوريين، ولن يموت آلاف المصريين، ولن يصبح عشرات الآلاف لاجئين، ولم يكن لينقسم العراق إلى ثلاثة، ولن تنقسم ليبيا إلى اثنين، ولن تصبح الصومال في حرب أهلية، ولن تبقى لبنان بلا دولة ومنكوبة… والأمثلة كثيرة…
وفي رمضان هذا، وبينما تحفر في ذهني المشاهد المؤلمة من غزة التي لن تمحى أبدًا، فإنني أؤكد الحقيقة المؤلمة: نحن لا نعترف بأننا غير قادرين على حل مشاكلنا الداخلية، لذا نفضل أن نلقي باللوم على الدول الغربية
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات شهر رمضان فی غزة
إقرأ أيضاً:
هل يستطيع نتنياهو إنهاء الحرب دون خسارة صورته كـ”منتصر ؟
#سواليف
تتزايد التساؤلات حول كيفية موازنة رئيس #حكومة_الاحتلال الإسرائيلي بنيامين #نتنياهو بين طموحه السياسي الداخلي ورغبته الظاهرة بإنهاء #الحرب، من دون أن يفقد صورته كـ”منتصر” أمام جمهوره. وفي ظل تحولات #المزاج_الشعبي_الإسرائيلي و #الخسائر_البشرية المتزايدة، تجد حركة “حماس” نفسها أمام تحدي المناورة في #المفاوضات دون الوقوع في فخ الشروط الإسرائيلية. وبين هذه المفارقات، تتضح ملامح مشهد سياسي وأمني معقد، يُضيء عليه خبراء ومحللون عبر “قدس برس”.
يقول الباحث في مركز “الزيتونة” للدراسات (مستقل مقره بيروت) وائل سعد، إن “التحول في المجتمع الإسرائيلي هو الذي أوصل مثل هذه الحكومة المتطرفة جدًا إلى السلطة، لذا فإن المتطرف الصهيوني بنيامين نتنياهو يعمل على تلبية رغبات هذا المجتمع المتعطش للدم، وهو ما يعني #استمرار_الحرب”.
وأشار سعد إلى أنه “طالما أن استمرار الحرب يجنب نتنياهو المحاكمة ويحافظ على مكاسبه السياسيّة، فإنه لن يسعى جديًا إلى وقفها، لذلك فإن مسألة رغبته في إنهاء الحرب تبقى موضع شك، خاصة في ظل استمرار المقاومة الفلسطينية بتوجيه ضربات مؤلمة للجيش الصهيوني”.
مقالات ذات صلة محلل “إسرائيلي”: ثلاث مشاكل رئيسية في مقترح صفقة التهدئة بغزة 2025/07/05ونوّه إلى أن هذه الحرب أظهرت انقسامًا واضحًا في المجتمع الإسرائيلي، “لكن حتى اللحظة، يميل المزاج الغالب في المجتمع الصهيوني إلى استمرار شلال الدم. والمراقب لوسائل التواصل الاجتماعي العبرية يرى حجم التعطش للدم”.
وأكد سعد أنه “لو تمكنت القوى المجتمعية الإسرائيلية الداعية إلى إنهاء الحرب من حشد شعبي كبير ومستمر، لتمكنت من الضغط على الحكومة لإيقاف الحرب وإنجاز صفقة تُفضي إلى وقفها، لكن العنصرية الصهيونية لا تزال مستحكمة في غالبية المجتمع الصهيوني المؤيد لحرب الإبادة”.
وحول أداء المقاومة الفلسطينية، أشار سعد إلى أن “من الواضح أن المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، قد اكتسبت خبرات كبيرة في إدارة المفاوضات، وهي لا تتوانى عن تقديم أي تنازل مقبول للمجتمع الفلسطيني عامة، وللغزيين خاصة، دون المساس بالثوابت الوطنية الفلسطينية”. وأضاف: “ليس خفيًا حجم الرضى الفلسطيني عن أداء المقاومة، سواء في ساحة القتال أو في إدارة المفاوضات”.
بدوره، رأى المحلل السياسي مصعب منصور أن نتنياهو يحاول كسب الوقت وتأجيل الحسم، قائلًا: “يعيش نتنياهو معضلة حقيقية بين رغبته في الحفاظ على صورته السياسية، وبين واقع ميداني لم يُنتج نصرًا حاسمًا حتى الآن”.
وأشار منصور إلى أن “استمرار الحرب لم يعد مرتبطًا فقط بالردع أو بالأهداف الأمنية، بل أصبح أيضًا مرتبطًا بمصير شخصي لرئيس الوزراء، الذي يعلم أن توقف القتال قد يعني انكشافه أمام القضاء والرأي العام”.
وأضاف: “الضغط الشعبي داخل إسرائيل قد يبدو في لحظات معيّنة عاملًا دافعًا للتهدئة، لكنه في المجمل لا يزال يُعبّر عن نزعة انتقامية تسعى لتصعيد أكبر، حتى ولو كان ذلك على حساب الجنود والعائلات الإسرائيلية”.
ونوّه منصور إلى أن “حماس تناور سياسيًا بحذر، وهي تدرك خطورة الوقوع في فخ الشروط الإسرائيلية، ولذلك تُبقي أوراقها التفاوضية محكومة برؤية واضحة تستند إلى الثوابت والحقوق، دون أن تتجاهل ثقل الكلفة الإنسانية والمعيشية التي يتحملها قطاع غزة”.
وختم بالقول: “هذه الجولة من الحرب ليست كسابقاتها، فالمقاومة طوّرت أدواتها، والرأي العام العالمي تغيّر، لكن على الطرفين أن يُدركا أن الحرب مهما طالت، فإن نهايتها ستُكتب على طاولة التفاوض، لا في ساحات الدم فقط”.
يُشار إلى أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أعلنت أمس الجمعة، إكمال مشاوراتها الداخلية ومع الفصائل والقوى الفلسطينية حول مقترح الوسطاء الأخير لوقف العدوان على شعبنا في غزة.
وقالت الحركة في بيان، إنها سلّمت الرد للإخوة الوسطاء، والذي اتسم بالإيجابية، وإنها جاهزة بكل جدية للدخول فورًا في جولة مفاوضات حول آلية تنفيذ هذا الإطار.
وتواصل قوات الاحتلال، وبدعم أمريكي مطلق، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إلى جانب مئات آلاف النازحين.