"القناة 13": اجتماع سري إسرائيلي فلسطيني بشأن "اليوم التالي"
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
أفاد تقرير إخباري نشرته القناة 13 الإسرائيلية بأن مسؤولين كبار في الجيش الإسرائيلي والشاباك التقوا مع مسؤول كبير في حركة فتح وناقشوا معه مسألة "اليوم التالي" بعد الحرب في غزة.
إقرأ المزيدوقالت القناة إنه تم مؤخرا عقد لقاء سري بين اثنين من كبار المسؤولين الإسرائيليين ومسؤول كبير في فتح، وعلى جدول الأعمال: مسألة "اليوم التالي" في غزة، واحتمال أن يتولى مسؤولو غزة المرتبطون بفتح إدارة الحياة في قطاع غزة.
ولفتت القناة إلى أن المسؤلين الإسرائيليين هما منسق عمليات الحكومة في المناطق وعضو كبير جدا في الشاباك، لكن ليس من الواضح ما إذا كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وافق على اللقاء، لكن عادة ما تتم الموافقة على اجتماعات من هذا النوع من قبل رئيس الوزراء، ولم يكن معظم وزراء الحكومة على علم بالاجتماع.
ووفق التقرير، فقد ناقش المسؤولان الإسرائيليان خلال اللقاء مع المسؤول الفلسطيني، إمكانية مشاركة أعضاء فتح في إدارة القطاع فورا وعلى المدى الطويل.
ومن وثيقة حصلت عليها القناة 13، قال المسؤول الكبير في فتح: "ما دامت حماس تتمتع بالسيطرة العسكرية والمدنية، فإن أيدينا مقيدة. لكننا نمتلك القدرة على تجنيد أشخاص ليكونوا "عمال توصيل" نتولى من خلالهم تسليم المساعدات الإنسانية. وفي الإطار الزمني المباشر، سنكون قادرين على تحديد مسؤولينا المحليين الذين سيقودون الشاحنات بالمساعدات إلى الأماكن التي سيوجههم إليها الجيش الإسرائيلي وإلى الأماكن التي لا سيطرة لحماس عليها".
وفي هذا الشأن، قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إن "اللقاء يثير العديد من الأسئلة وأتوقع من رئيس الوزراء أن يوضح هل اللقاءات مع أحد كبار أعضاء فتح كانت بتقديره وبتوجيه منه، أم أن وزير الدفاع والمستوى العسكري فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم"، وأضاف: "إذا كان نتنياهو مهتما حقا بالنصر الكامل، عليه أن يرفض بوضوح فكرة أن السلطة الفلسطينية، التي تمول القتلة، ستحكم قطاع غزة بعد الحرب".
بدوره، رد وزير المالية بتسلئيل سموتريش أيضا قائلا: "لقد قرر مجلس الوزراء بشكل لا لبس فيه أن منظمة التحرير الفلسطينية ليست خيارا لليوم التالي للحرب في غزة. وإذا كانت الاجتماعات المذكورة قد عقدت دون تفويض من مستوى سياسي، فهذا عمل خطير من الدرجة الأولى. ومن ناحية أخرى، إذا علم رئيس الوزراء بذلك وقام بذلك خلافا للاتفاقات في مجلس الوزراء، فهذا عمل خطير من الدرجة الأولى. وفي كلتا الحالتين، هناك حاجة إلى توضيحات. ليس من أجلي، بل من أجل الجمهور الإسرائيلي".
المصدر: القناة 13
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: إيتمار بن غفير الجيش الإسرائيلي الحرب على غزة السلطة الفلسطينية الضفة الغربية بنيامين نتنياهو حركة حماس حركة فتح طوفان الأقصى قطاع غزة رئیس الوزراء القناة 13 فی غزة
إقرأ أيضاً:
الإسرائيليون الأوائل في اليوم التالي للنكبة
تزييف التاريخ العام يعني بالضرورة أن التاريخ الشخصي، كذلك، إما مزيفٌ أو ممحو. سيكتشف المرء، ولو بعد حين، أن سيرته الشخصية والعائلية قد تعرضت للسطو منذ الولادة، داخل مجتمعٍ لا يستمد اتصاله بالتاريخ إلا من هذيان الخرافة وسطوة الأسطورة. سيتذكر الناس ماضيهم كما يحلو لهم، سيعلقون الصور على الجدران ليسردوا حكاياتها للأبناء، لكنهم قلما يدركون أن ذاكرتهم الانتقائية والموجهة خاضعة، بلا وعي، لرحمة التاريخ الرسمي. تكذب الدولة على الآباء والأمهات، فيورث هؤلاء الحكاية المكذوبة إلى أبنائهم، ربما عن براءة وجهل، أو ربما استجابةً لرغبة شخصية في اختراع ماضٍ بديل يجعل من الأبناء أكثر فخرًا بآبائهم المؤسسين. كم هو فظيع أن نتأمل سلسلة التوريد هذه عبر الأجيال، وكيف يمكن للكذبة الجمعية أن تُوزع قطعًا صغيرة على قياس الأفراد، لتصبح جزءًا من قصص شخصية مكذوبة.
أواصل في هذا المقال حديثي عن كتاب «1949.. الإسرائيليون الأوائل» للمؤرخ الإسرائيلي توم سيغف. وقد بدت لي جدلية العلاقة بين التاريخ الشخصي والتاريخ الرسمي في إسرائيل مدخلًا ضروريًا لفهم توم سيغف نفسه. ففي حواره الأخير في أبريل الماضي مع صحيفة هآرتس، بمناسبة بلوغه الثمانين، أماط سيغف اللثام عن سره الجارح، معترفًا بأنه اكتشف بعد عقود كذبة أمه التي أوهمته بأنه «يتيم حرب»، كذبة تواطأ معها الجميع حتى تُدرج الأم ضمن قائمة «أرامل الشهداء» اللواتي يتلقين مخصصات ثابتة من الدولة. لقد صدَّق المؤرخ الرواية البطولية بلسان أمه التي أخبرته بأن والده قُتل في «معارك الاستقلال» سنة 1948 برصاص قنَّاص عربي، فكانت صدمة حياته حينما اكتشف متأخرًا بأنه والده مات في حادث سقوط من إحدى البنايات. لقد تركته الصدمة يتساءل: «كيف أعيش الآن بهذه القصة؟ أين أضع نفسي بين الأيتام الحقيقيين»؟
سعي سيغف لإعادة النظر في التاريخ الإسرائيلي، منذ اليوم التالي للنكبة، لا ينفصل عن رغبته في تصحيح تاريخه الشخصي المشوش. سره الذي كشف عنه لهآرتس يعكس، أيضًا، حقيقة مواربة عن الكيفية التي يتحول معها الكذب إلى سلوك متبادل بين الدولة والأفراد؛ فالكذبة التي تصدرها الدولة للفرد سرعان ما يعاد إنتاجها في كذبة جديدة يُقنع بها الأخير مؤسسات الدولة من أجل الحصول على مصلحة شخصية، خاصة خلال سنوات الهجرة الأولى التي يرى سيغف في كتابه بأنها «اقترنت بأعمال فساد كثيرة».
بصورة عامة، كانت فكرة التضحية تحظى باحترام كبير لدى الإسرائيليين الأوائل، ولاسيما اليهود الغربيين منهم، والذين اعتبروا أنفسهم العنصر الجوهري المؤسس للصهيونية. ولكن، في ذات الوقت، برزت التضحية كورقة ابتزاز ومزايدة للفوز بغنائم أكبر. وبالطبع، كان الالتحاق بالجيش مدخلاً للغنيمة في تلك الوليمة التي استُبيحت فيها أملاك العرب باسم قانون «أملاك الغائبين» الذي سنته وزارة العدل بعد ستة أشهر من النكبة.
يحكي توم سيغف في فصل يخصصه عن «توزيع الغنائم» كيف كان النهب الجماعي واسعًا ومنفلتًا إلى درجة أدهشت بن غوريون نفسه، والذي قال في جلسة للحكومة إن «المفاجأة الوحيدة التي واجهتني، وهي مفاجأة مرة، كانت اكتشاف عيوب خُلُقية في داخلنا»، في تعليقه على حوادث النهب التي انخرط فيها جميع الييشوف. فقد بدت تلك الأيام مثالية لطغيان روح الأنانية بين جميع مكونات اليهود، على نحو مخزٍ ومرعب لليهود أنفسهم.
توافق الجميع على أن من يستبق غرفة فيفرش سريرًا عليها فإنها ستصبح من أملاكه. في حين نشِطت تجارة الأثاث المسروق، بينما حاولت حكومة بن غوريون أن تتدارك الفوضى بوضع يدها على «أملاك الغائبين»، إلا أن قضية بيع الأثاث كانت من أكثر القضايا صعوبة وتعقيدًا. بيعَ الأثاث على مجموعة من المشترين وفقًا للترتيب الأولوي التالي: عائلات مشوهي الحرب، عائلات الجنود، موظفو الحكومة الذين نُقلوا من القدس، مواطنون أصيبوا في الحرب، وأخيرًا المواطنون العاديون (ص88). أما أملاك الوقف الإسلامي فقد جُمدت هي أيضًا باسم أملاك الغائبين: «لأن أملاك الوقف، بحسب الشرع الإسلامي، هي ملك لله: «الله أصبح غائبًا!». وهنا يشير سيغف إلى قصيدة احتجاجية للشاعر الفلسطيني راشد حسين يقول في: «الله أصبح غائبًا يا سيدي/ صادر إذن حتى بساط المسجدِ».
في ذلك الخضم كانت حركة الهجرة مستمرة، خاصة بعد يوليو 1950 حين سُن «قانون العودة» الذي يمنح كل يهودي الحق الطبيعي في أن يصبح مواطنًا بين مواطني إسرائيل. أما بالنسبة لهجرة اليهود العرب إلى إسرائيل فقد اعتبرتها الصحافة العبرية في حينها شكلا من أشكال تبادل السكان والأملاك: «هؤلاء خرجوا وأولئك جاؤوا، وهم جميعهم تركوا ما كان لهم في أماكنه». ويشير سيغف إلى الحراك الدبلوماسي المكثف الذي لعبه ممثلو إسرائيل في العواصم الأوروبية في سبيل تعزيز الهجرة، وبأدوار مختلفة، تارةً دبلوماسيين، وأحيانًا كوكلاء سفر، أو حتى كتجار. أما المنظمة الصهيونية فقد أغدقت الأموال والرشاوي في لقاء تسهيل خروج اليهود من أوروبا الشرقية (ص113).
وفي اللحظة التي أعلنت فيها الإحصاءات أن تعداد السكان قد بلغ المليون لم يتمالك الشاعر ناتان ألترمن دموعه، وهلل قائلاً: «عندما تحدق وعيناك مغرورقتان/ تنهمر الدمعة. ما الأمر؟ لقد قلنا دائمًا إن الإحصاءات ليست دائمًا أمرًا جافًا». كانت معدلات الهجرة هاجس بن غوريون الذي اعتبر هجرة اليهود في مقدمة شروط الأمن القومي والوجودي الإسرائيلي وسط المحيط العربي المعادي، فما الذي تفعله إسرائيل بأراضٍ عربية جديدة ستحتلها إن لم يكن هناك من سيستوطنها من اليهود؟!
سالم الرحبي شاعر وكاتب عُماني