على غير المتوقع، هزيمة الصالحة كانت قاصمة الظهر للمليشيا، وظهر ذلك في ردود أفعال أفرادها.

في كل الهزائم التي تلقتها في السابق، بما في ذلك خسارة المقرن والقصر الجمهوري، كانت المليشيا تقدم دعاية مضادة للهزيمة تقنع نفسها على الأقل. الذي حدث بعد هزيمة الصالحة لم تعد هناك دعاية، بل العكس، انفجر الكل ضد الكل، إنتقادات وشتائم وتخوين.

إتهامات للقادة واتهامات للجنود ضد بعضهم، الكلام كله أصبح موجه إلى الداخل، داخل المليشيا لا إلى العدو.
الذي جعل هزيمة الصالحة قاصمة الظهر هو سياقها الزمني بكل تأكيد، فهي جاءت مع تقدم الجيش في كردفان بمتحرك الصياد، دون أي أمل في إيقاف تقدمه، وبعد هزيمة قاسية تلقتها المليشيا في مدينة الخوي.

حالة من الرعب والارتباك تسود في مناطق سيطرة المليشيا في كردفان ودارفور، رعب من تقدم الجيش بخطواته الثقيلة التي تهتز لها الأرض، كأنهم يسمعونها ويحسونها من بعيد. لوقت طويل ترسخ في لا-وعي المليشيا بقادتها وجنودها ومناصريها، أن المعركة الأساسية هي في الخرطوم، في العاصمة، وخسارتها تعني الويل والهلاك؛ هكذا تمت التعبئة وتم الحشد لمعركة الخرطوم تحت شعار “نكون أو لا نكون”. كانوا يقولون، لحشد المقاتلين، معركتنا في الخرطوم هي معركة مصيرية لا يمكن أن نخسرها، لأننا لو خسرناها سيلاحقوننا في دارفور وسيقضى علينا.

طوال فترة الحرب لم تتصور المليشيا أبدا دارفور كأرض للقتال ضد الجيش؛ أرض القتال هي الخرطوم، هكذا هي عقيدتهم في هذه الحرب؛ دارفور كانت في هذه العقيدة هي المكان الذي سيتم مطاردتهم فيه إن هم خسروا معركة الخرطوم، وهم الآن يعيشون هذا الكابوس.
هذا ما يفسر حالة الهلع التي تضرب المليشيا هذه الأيام خصوصا بعد أن انتهت الحرب في الخرطوم؛ إنتهت تماما بتحرير الصالحة. ولذلك، فالهزيمة في الصالحة هي بمثابة نذير الشؤم للجنجويد، إنها ليست مجرد منطقة جغرافية، بل هي شيء يشبه علامات الساعة؛ نهاية حرب الخرطوم تعني نهايتنا، هكذا هي عقيدة المليشيا طوال قترة الحرب، تزامن ذلك مع تقدم الوحش المرعب الذي اسمه متحرك الصياد بخطواته الثقيلة المخيفة التي يسمع وقعها على الأرض من كردفان إلى الجنينة مرورا بالفولة والضعين.

حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

تفاصيل ومخاطر.. ما الذي يهدد خطة ترامب بشأن غزة؟

وافقت إسرائيل وحركة حماس على المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، وهي عبارة عن اتفاق لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن قد يكون خطوة أولى نحو إنهاء حرب دامية مستمرة منذ عامين وعصفت بالشرق الأوسط. 

ما الذي نعرفه عن الاتفاق؟

جاء الاتفاق على المرحلة الأولية من إطار العمل الذي اقترحه ترامب والمكون من 20 نقطة بعد محادثات غير مباشرة في مصر، بعد يوم واحد فقط من الذكرى الثانية لهجوم حماس على إسرائيل الذي أشعل فتيل الحملة العسكرية الإسرائيلية المدمرة على غزة.

وأعلن ترامب أن إسرائيل وحماس وقعتا على المرحلة الأولى من الخطة، وهو ما سيؤدي إلى إطلاق سراح جميع الرهائن، أحياء كانوا أو أمواتا، "قريبا جدا" وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى ما يسمى بالخط الأصفر في غزة.

ووفقا لمصدر أمني إسرائيلي كبير، فإن هذه هي حدود الانسحاب الإسرائيلي الأولي بموجب خطة ترامب.

وأكدت حركة حماس أنها توصلت إلى اتفاق لإنهاء الحرب، يتضمن انسحابا إسرائيليا من غزة وتبادل الرهائن بمعتقلين فلسطينيين، لكن الحركة دعت ترامب والدول الضامنة إلى ضمان أن تنفذ إسرائيل وقف إطلاق النار بالكامل.

ما هو أبرز ما لا نعرفه؟

رغم الآمال المعقودة من أجل إنهاء الحرب، لا تزال هناك تفاصيل جوهرية لم تتضح بعد.

ومن بين هذه التفاصيل التوقيت وإدارة قطاع غزة بعد الحرب ومصير حماس.

ولا يوجد مؤشر واضح على من سيحكم غزة بعد انتهاء الحرب. 

واستبعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وترامب والدول الغربية والعربية أن يكون هناك دور لحماس التي تدير غزة منذ طرد منافسيها الفلسطينيين في عام 2007.

وتلمح خطة ترامب المكونة من 20 نقطة لدور للسلطة الفلسطينية، ولكن فقط بعد أن تخضع لإصلاحات كبيرة.

ما هي أكبر المخاطر التي تهدد الخطة؟

إذا تكلل تنفيذ الاتفاق بالنجاح فإن هذا سيمثل أكبر إنجاز في السياسة الخارجية حتى الآن لترامب.

وترفض حماس حتى الآن مناقشة مطلب إسرائيل بأن تتخلى الحركة عن أسلحتها. وأكد مصدر فلسطيني أن حماس ستظل ترفض ذلك ما دامت القوات الإسرائيلية تحتل الأراضي الفلسطينية.

وكشف مصدران مطلعان على المحادثات أن النقاط الخلافية تشمل آلية الانسحاب الإسرائيلي، إذ تسعى حماس لجدول زمني واضح مرتبط بالإفراج عن الرهائن وضمانات بانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية.

وفي داخل غزة، قلصت إسرائيل من عملياتها العسكرية بناء على طلب من ترامب لكنها لم توقف ضرباتها بالكامل.

وتقول الدول العربية التي تدعم الخطة إنها يجب أن تؤدي في نهاية المطاف إلى دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما يقول نتنياهو إنه لن يحدث أبدا.

وتقول حماس إنها لن تتخلى عن حكم غزة إلا لحكومة تكنوقراط فلسطينية تشرف عليها السلطة الفلسطينية وتدعمها الدول العربية والإسلامية.

وترفض كذلك أي دور لبلير أو أي حكم أجنبي لغزة.

 

مقالات مشابهة

  • إسحاق بريك .. نتنياهو لن يحقق هزيمة حماس بالكامل
  • «تقدم كبير في البنية التحتية بالخرطوم».. مجلس السيادة السوداني يزف بشرى للسودانيين
  • مجلس السيادة السوداني يزف بشرى للسودانيين
  • ‎"المواطَنة الصالحة"
  • محللون إسرائيليون: فشلنا في هزيمة حماس وحربهم هي الأصعب في تاريخنا
  • المنوفي الذي هزم أمريكا وإسرائيل
  • خبير سياسي: زيارة ترامب لمنطقة الخليج العربي كانت محطة فاصلة بمسار حرب غزة
  • تفاصيل ومخاطر.. ما الذي يهدد خطة ترامب بشأن غزة؟
  • عناوين الصحف والمواقع الإلكترونية السودانية اليوم
  • والي الخرطوم يشيد بمواقف قطر ودعمها لمواطني الولاية خلال فترة الحرب