الحسكة-سانا

توارث أهالي محافظة الحسكة عادات وتقاليد كانت ولا تزال متبعة منذ عشرات السنوات أسهمت في تعزيز الترابط الاجتماعي خلال شهر رمضان المبارك، وأكدت على المعاني السامية التي دعا إليها الشهر الفضيل من تفقد للأسر المحتاجة وتقديم المساعدة لها وحث الصائم على الإيثار والمحبة وصلة الأرحام والإحساس بالآخرين.

الباحث التراثي عايش كليب أوضح في تصريح لمراسل سانا أن الأهالي يستغلون حلول شهر الرحمة لزيادة نشاطهم الخيري عبر اتباعهم مجموعة من العادات والتقاليد التي توارثوها أباً عن جد، وكانت ولا تزال مستمرة وتحث على الإكثار من فعل الخيرات وتفقد أحوال الأهل والجيران والعوائل المحتاجة، ما يعكس الطبيعة الإنسانية السمحة وجمالية صفة الكرم التي لطالما اشتهر بها أهالي المنطقة.

ويشير الباحث كليب إلى أن من بين هذه العادات “عزيمة رمضان”، وهي وليمة تقام في اليوم الأول من الشهر وفي اليوم الأول من عيد الفطر، وقد تقام كذلك خلال أيام الخميس من كل أسبوع طيلة الشهر ويقوم بها شيخ العشيرة أو كبير القرية يدعو إلى منزله الأهل والجيران والعوائل المحتاجة لحضور الفطور الذي غالباً ما يكون عبارة عن طعام الثريد المجلل باللحوم.

ولفت الباحث كليب إلى أن عادة عزيمة رمضان لا تزال متبعة، ولا سيما عند الأفراد والوجهاء ميسوري الحال، أما على نطاق الأسر والعوائل فتكون هناك مبادرة شبيهة يطلق عليها ” دايرة رمضان”، حيث يقوم كل فرد من الأسر الكبيرة بدعوة أهله وأشقائه إلى الإفطار، وتتكرر هذه الدعوة لبقية أفراد الأسرة على مدار الشهر الكريم، وهنا يتنوع ما يتم تقديمه من طعام حسب المقدرة المالية لكل شخص في العائلة.

ومن العادات الجميلة التي يشترك بها أهالي الحسكة مع أهالي بقية المحافظات السورية حسب الباحث كليب عادة “الصبة أو السكبة”، حيث تحرص ربة البيت عند انتهائها من تحضير طعام الفطور أن تسكب بعضاً من طعامها وترسله إلى جيرانها، ويقوم الأطفال والصبيان بإيصال السكبة ليعاود الجيران بإرسال سكبة من طعامهم، ومع تبادل هذه السكب يتنوع محتوى الإفطار بألوان الطعام المختلفة.

ويشير الباحث كليب إلى وجود عادة سمحة يقوم بها ميسورو الحال وبعض التجار بتفقد الأسر المتعففة والمحتاجة عبر شراء كميات من الطعام والمواد الرئيسية كالسكر والأرز والزيوت وغيرها وتقديمها لها مع الحرص على إخفاء هذا النوع من الصدقة، وبما يساهم في توفير هذه المواد للأسر المحتاجة طيلة الشهر الكريم.

 ويختم الباحث كليب بأن هذه العادات السامية لا يزال بعضها مستمراً وبقوة، والبعض الآخر تراجع نتيجة الظروف المعيشية، ولكن يبقى لهذه الطقوس والعادات الدور الأمثل في تعزيز الترابط الأسري والمجتمعي وتزكية روح الإنسان وشعوره بالآخرين.

نزار حسن

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

باحث أميركي: البوسنة والهرسك فاشلة حتى بعد 30 عاما من التدخل الدولي

نشرت مجلة ناشونال إنترست مقالا استعرض فيه كاتبه الأسباب التي تحول دون بناء دولة على أسس صحيحة في البوسنة والهرسك، رغم مرور 30 عاما على انتهاء الحرب في تلك المنطقة من أوروبا.

وأنحى كاتب المقال ماكس بريموراك، الذي يعمل باحثا أول في مركز مارغريت تاتشر للحرية التابع لمؤسسة "هيريتيج" الفكرية، باللائمة في ما حدث طوال العقود الثلاثة الماضية على تدخل مجموعة من الدول الغربية في شؤون البوسنة والهرسك، وإخفاقها في مساعدتها نحو تحقيق الديمقراطية والتوافق بين طوائفها المختلفة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إندبندنت: إسرائيل مستمرة بهدم جسور الثقة بينها وبين الغربlist 2 of 2موقع إيطالي: الصين تطور سلاحا شبحيا يهدد أكثر دفاعات أميركا تطوراend of list توتر طائفي

وكان البوسنيون قد احتفلوا مطلع مارس/آذار الماضي بالذكرى السنوية الثلاثين التي أنهت حرب البوسنة 1992-1995 التي خلفت 100 ألف قتيل. ومع ذلك، فإن بريموراك يرى أنه ليس هناك الكثير مما يدعو للاحتفال بعد فشل مشروع بناء الدولة في وسط أوروبا، رغم إنفاق مليارات الدولارات.

وقال إن الطوائف التي تشكل مجموع سكان الدولة، من مسلمين وكروات وكاثوليك وصرب أرثوذكس، لا تزال منقسمة كما كان حالها في عام 1995. وأضاف أن المناطق ذات الأغلبية الصربية في البلاد تسعى باستمرار إلى الانفصال والانضمام إلى جمهورية صربيا المجاورة.

وللدلالة على تراجع الأوضاع في البوسنة والهرسك، أوضح الباحث الأميركي في مقاله أن الزيجات المختلطة بين الطوائف والتي بلغت قبل الحرب نسبة 13% تراجعت اليوم إلى 4%.

إعلان

وقد فشلت الجهود التي بذلتها دول خارجية لفرض هوية مدنية بوسنية لتحل محل الانتماءات العرقية والدينية التي تعود إلى قرون من الزمن.

"أزمة استثنائية"

وفي تقرير رفعه في وقت سابق من هذا الشهر، أبلغ مكتب الممثل السامي للمجتمع الدولي في البوسنة والهرسك -الذي يرأسه وزير زراعة ألماني سابق- مجلس الأمن الدولي أن الوضع في البوسنة والهرسك "يرقى بلا شك إلى مستوى أزمة استثنائية في البلاد منذ توقيع اتفاق دايتون".

والمعروف أن اتفاق دايتون هو معاهدة سلام وقعها قادة صربيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك في عام 1995، وأنهت 3 سنوات من الحرب الأهلية في يوغسلافيا السابقة، وقسَّمت البوسنة إلى دولتين هما: فدرالية البوسنة والهرسك وتضم المسلمين وكروات البوسنة، وجمهورية صرب البوسنة.

ووفق المقال الحالي، فإن جوهر الأزمة يكمن تحديدا في البنية الدولية لما بعد معاهدة السلام التي خوّلت زمرة من الدبلوماسيين الغربيين سلطة الحكم النهائي على جميع القرارات في البلاد من دون أن يتمتع البوسنيون بأي سيادة على دولتهم.

والشاهد على ذلك أن الممثلين الساميين المتعاقبين أصدروا أكثر من 900 قرار تباينت بين اختيار رموز الدولة إلى السياسة الاقتصادية إلى الإصلاح القضائي والدستوري. بل إن الممثل السامي عزل بمراسيم رسمية العديد من المسؤولين المنتخبين، ومنهم رؤساء.

"احتلال أوروبي"

واعتبر بريموراك المساعي الدولية الرامية إلى حصر السلطات في المركز على نحو لم تنص عليه معاهدة السلام صراحة -وذلك على حساب المناطق الصربية التي تتمتع بالحكم الذاتي في شمال شرقي البوسنة- جهودا غير مجدية سياسيا منحت روسيا فرصة دائمة لزعزعة استقرار المنطقة.

ويزعم الباحث الأميركي أن مكتب الممثل السامي في البوسنة والهرسك تحول إلى سلطة احتلال أوروبية شبيهة بالاحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية (وهو ما كان يُعرف باسم الراج البريطاني).

إعلان

ويرى الكاتب أن كل تدخل دولي يؤدي إلى تفاقم العلاقات العرقية ويؤخر تطور المؤسسات الديمقراطية في البوسنة والهرسك.

لكن بريموراك يعلق الآمال على الرئيس الأميركي دونالد ترامب قائلا إن أمامه فرصة تاريخية لإنهاء هذه "المهزلة"، منبهًا إلى أنه على الرغم من أن الدبلوماسيين الأوروبيين هم واجهة هذا البناء الذي تم تشييده بعد دايتون، فإنهم لا يتصرفون إلا بموافقة صريحة من واشنطن.

وخلص الباحث إلى أن الضرورة تقتضي اليوم التعويل على مواطني الدولة نفسها لإحداث التغيير بعد فشل التدخل الدولي في مساعدتهم على إرساء ديمقراطية سلمية.

مقالات مشابهة

  • لاوتارو مارتينيز.. الباحث عن البصمة الأوروبية الأولى!
  • علماء يشككون في وجود ماء جار على المريخ
  • نائبة: توجيهات الرئيس السيسي بشأن الإيجار القديم تعزز الاستقرار الاجتماعي
  • استعدادًا للعيد.. عادات خاطئة تجنبها عند تخزين لحم الأضحية
  • عادات يومية إذا طبقتها ستصبح أكثر سعادة ووفرة وإيجابية
  • مشاركة الكنيسة في ندوة عن الترابط الأسري والأمن المجتمعي بأكاديمية الشرطة
  • 5 عادات أساسية فى حياة مريض الضغط المنخفض
  • محمد رمضان يطرح فيديو كليب أغنية طيبة تاني لا
  • باحث أميركي: البوسنة والهرسك فاشلة حتى بعد 30 عاما من التدخل الدولي
  • 3 عادات شائعة تدمر الذاكرة.. تعرف عليها