حدث فى 20 رمضان .. نص خطاب السادات التاريخى بمجلس الشعب عقب انتصار أكتوبر
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
حدث في مثل هذا اليوم 20 رمضان..وقف الرئيس السادات ليلقي خطاب النصر في مجلس الشعب، الذى قال وقتها : "لست أتجاوز إذا قلت إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم 6 أكتوبر 73، حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياز خط بارليف المنيع وعبور الضفة الشرقية من القناة، بعد أن أفقدت العدو توازنه لقد كانت المخاطرة كبيرة.
أحد أشهر الخطابات التى لا يزال يتذكرها المصريون، خطاب الرئيس الراحل محمد أنور السادات بمناسبة انتصارات أكتوبر، والتى كشف فيها السادات تحت قبة البرلمان المصرى، الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة خلال حرب أكتوبر ، الذى ألقاه أمام مجلس الشعب فى 16 أكتوبر من عام 1973.
"بسم الله، أيها الإخوة والأخوات، كان بودي أن أجيء إليكم قبل الآن، ألتقي بكم وجماهير شعبنا وأمتنا، لكن مشاغلى كانت كما تعلمون وكما تدرون، وأثق أنكم تقدرون، ومهما يكن فلقد أحس بكم وشعبنا وامتنا معا فيما أخذت على مسئوليتى تعبيرا عن إرادة أمة، وتعبيرا عن مصير شعب، مناسبا أن أجيء إليكم اليوم أتحدث معكم ومع جماهير شعبنا ومع شعوب أمتنا العربية وأمام عالم يهمه ما يجرى على أرضنا لأنه وثيق الصلة بأخطر القضايا الإنسانية، وهى قضية الحرب والسلام، ذلك لأننا لا نعتبر نضالنا الوطنى والقومى ظاهرة محلية أو إقليمية لأن المنطقة التى نعيش فيها بدورها الاستراتيجي والحضاري في القلب من العالم وفى الصميم من حركته ولأن الحوادث كبيرة ولأن التطورات متلاحقة ولأن القرارات مصيرية فإننى أريد أن أدخل مباشرة فيها أريد أن أتحدث معكم وسوف أركز على نقطتين: الحرب والسلام.
أولا: الحرب لست أظنكم تتوقعون منى أن أقف أمامكم لكى نتفاخر معا ونتباهى بما حققناه فى أحد عشر يوما من أهم وأخطر بل وأعظم وأمجد أيام تاريخنا، وربما جاء يوم نجلس فية معا لا لكى نتفاخر ونتباهى ولكن لكى نتذكر وندرس ونعلم أولادنا واحفادنا جيلا بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقه ومرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله، نعم سوف يجئ يوم نجلس فية لنقص ونروى ماذا فعل كل منا فى موقعه، وكيف حمل كل منا الأمانة وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ليحملوا مشاعل النور و ليضيئوا الطريق حتى نستطيع أن نعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء، ذلك كله سوف يجيء وقته و أظنكم توافقوننى على أن لدينا من المشاغل والمهام ما يستحق أن نكرس له وقتنا وجهدنا، وإذا جاز لى أن أتوقف قليلا وأنا أعلم أننى أتوق شوقا إلى سماع الكثير فإننى أقول ما يلي: أولاً : فيما يتعلق بنفسى فقد حاولت أن أفى بما عاهدت الله وما عاهدتكم عليه.
حاولت أن أفى بما عاهدت الله وما عاهدتكم عليه قبل ثلاث سنوات بالضبط من هذا اليوم، عاهدت الله وعاهدتكم أن قضية تحرير التراب الوطنى والقومى هى التكليف الأول الذى حملته ولاء لشعبنا وللأمة، عاهدت الله وعاهدتكم على أن لن أدخر جهدا ولن أتردد دون تضحية مهما كلفنى فى سبيل أن تصل الأمة إلى وضع تكون فيه قادرة على دفع إرادتها إلى مستوى أمانيها، ذلك أن اعتقادنا دائما كان ولا يزال أن التمنى بلا إرادة نوع من أحلام اليقظة يرفض حبي وولائي لهذا الوطن أن تقع فى سرابه أو فى ضبابه.
عاهدت الله وعاهدتكم على أن نثبت للعالم أن نكسة 1967 كانت استثناء فى تاريخنا وليست قاعدة وقد كنت فى هذا أصُر عن إيمان بأن التاريخ يستوعب (7000) سنة من الحضارة ويستشرف آفاقاً أعلم علم اليقين بأن نضال شعبنا وأمتنا لايعلو عنها والوصول إليها وتأكيد قيمها وأحلامها العظمى، عاهدت الله وعاهدتكم على أن جيلنا لن يسلم أعلامه إلى جيل سوف يجيء بعده منكسة أو ذليلة، وإنما سوف نسلم أعلامنا مرتفعة هاماتها عزيزة صواريها قد تكون مخضبة بالدماء، ولكننا ظللنا نحتفظ برؤوسنا عالية فى السماء وقت أن كانت جباهنا تنزف الدم والألم والمرارة. عاهدت الله وعاهدتكم على ألا أتأخر عن لحظة أجدها ملائمة ولا أتقدم عنها لا أغامر ولا أتلكأ، وكانت الحسابات مضنية والمسؤولية فادحة، لكننى أدركت كما قلت لكم وللأمة مرارا وتكرارا أن ذلك قدري، وأنى حملته على كتفي، عاهدت الله وعاهدتكم وحاولت مخلصا أن أفى بالوعد ملتمسا عون الله وطالبا ثقتكم وثقة الأمة، وإني لأحمد الله.
ثانيا: لقد كان كل شيء منوط بإرادة هذه الأمة، حجم هذه الإرادة وعمق هذه الإرادة، وما كنا نستطيع شيئا، وما كان أحد ليستطيع شيئا لو لم يكن هذا الشعب، ولو لم تكن هذه الأمة، لقد كان الليل طويلا وثقيلا ولكن الأمة لم تفقد إيمانها أبدا بطلوع الفجر وإني لأقول بغير ادعاء إن التاريخ سوف يسجل لهذه الأمة أن نكستها لم تكن سقوطا، وإنما كانت كبوة عارضة وأن حركتها لم تكن فورانا وإنما كانت ارتفاعا شاهقا لقد أعطى شعبنا جهدا غير محدود وقدم شعبنا تضحيات غير محددة وأظهر شعبنا وعيا غير محدود وأهم من ذلك كله أهم من الجهد والتضحيات والوعي، فإن الشعب احتفظ بإيمان غير محدود، وكان ذلك هو الخط الفاصل بين النكسة والهزيمة، ولقد كنت أحس بذلك من أول يوم تحملت فيه مسؤوليتي وقبلت راضيا بما شاء الله أن يضعه على كاهلي، كنت أعرف أن إيمان الشعب هو القاعدة، وإذا كانت القاعدة، سليمة فإن كل ما ضاع يمكن تعويضه، وكل ما تراجعنا عنه نستطيع الانطلاق إليه مرة أخرى.
وبرغم ظواهر عديدة بعضها طبيعى وبعضها مصطنع من تأثير حرب نفسية وجهت إلينا، فقد كان سؤالى لنفسى ولغيرى فى كل يوم يمر: هل القاعدة سليمة؟ وكنت واثقاً أنه ليس فى قدرة أية حرب نفسية مهما كانت ضراوتها أن تمس صلابة هذه القاعدة، ومادامت القاعدة بخير فإن كل شيء بخير، وغير ذلك لن يكون إلا زوبعة فى فنجان كما يقولون. لست أنكر إننا وُجهنا بمصاعب جمة، مصاعب حقيقية مصاعب فى الخدمات، مصاعب فى التموين مصاعب فى الإنتاج، مصاعب فى العمل السياسى أيضا. وكنت أعرف الحقيقة، ولكننى لم أكن فى موقف يسمح لى بشرحها كنت أعرف إننا نحاول نجعل الحياة مقبولة للناس وفى نفس الوقت فإن علينا أن نحتاط لما هو منتظر وكنت واثقا إنه سوف يجيء يوم تظهر فيه الحقيقة لغيرى كما كانت ظاهرة لي، وحين تظهر الحقيقة فإن الناس سوف يعرفون وسوف يقدرون وأحمد الله.
ثالثا: لقد كانت هناك إشارة واضحة إلى وجود تمزق فى ضمير الأمة العربية كلها، وكنت أرى ذلك طبيعيا لأسباب اجتماعية وفكرية وزادت عليها مرارة النكسة، كان هناك من يسألوننى ويسألون أنفسهم هل تستطيع الأمة أن تواجه امتحانها الرهيب وهى على هذه الحالة من التمزق فى ضميرها. كنت أقول أن هذا التمزق فضلا عن أسبابه الطبيعية يعكس تناقضا بين الواقع والأمل وليس فى ذلك ما يخيف بل كنت أعتقد أنه ليس هناك شفاء لضمير الأمة ولا راحة له إلا عندما تواجه الأمة لحظة التحدى ولم أكن فى نفس الأوقات على استعداد للدخول فى مناقشات عقيمة، هل تعالج التمزق قبل مواجهة التحدي؟
وكان رأيى أن الأمم لا تستطيع أن تكشف نفسها أو جوهرها إلا من خلال ممارسة الصراع وبمقدار ما يكون التحدى كبيرا بمقدار ما تكون يقظة الأمة واكتشافها لقدراتها كبيرة، لست أنكر وجود خلافات اجتماعية وفكرية فذلك مسار حركة التاريخ، لكننى فى نفس الوقت كنت أعرف أن الأمم العظيمة عندما تواجه تحدياتها الكبرى فإنها قادرة على أن تحدد لنفسها أولوياتها بوضوح لا يقبل الشك، كنت مؤمنا بسلامة وصلابة دعوة القومية العربية وكنت مدركا للتفاعلات المختلفة التى تحرك مسيرة أمة واحدة.
لكننى كنت واثقا أن وحدة العمل سوف تفرض نفسها على كل القوى وعلى كل الأطراف وعلى كل التيارات، لأننا جميعا سوف نعى أن هذا الظرف ليس مساواة بين الاجتهادات وإنما هو الصراع بين الفناء والبقاء لأمة بأسرها وأحمد الله. رابعا: ولقد كنت أعرف قواتنا المسلحة ولم يكن حديثى عنها رجما بالغيب ولا تكهنا، لقد خرجت من صفوف هذه القوات المسلحة وعشت بنفسى تقاليدها وتشرفت بالخدمة فى صفوفها وكنت فى ألويتها.
إن سجل هذه القوات كان باهرا، لكن أعداءنا الاستعمار القديم والجديد والصهيونية العالمية، ركزت ضد هذا السجل تركيزا مخيفا لأنها أرادت أن تشكك الأمة فى درعها وفى سيفها، ولم يكن يخامرنا الشك فى أن هذه القوات المسلحة، كانت من ضحايا نكسة سنة 1967 ولم تكن أبدا من أسبابها. كان فى استطاعة هذه القوات سنة 1967 أن تحارب بنفس البسالة والصلابة التى تحارب بها اليوم لو أن قيادتها العسكرية فى ذلك الوقت لم تفقد أعصابها بعد ضربة الطيران التى حذر منها عبد الناصر أو لو أن تلك القيادة لم تصدر قرارا بالانسحاب العام من سيناء بدون علم عبد الناصر.
إن قواتنا لم تعط الفرصة لتقاتل عام 1967 أن هذه القوات لم تعط الفرصة لتحارب دفاعا عن الوطن وعن شرفه وعن ترابه، لم يهزمها عدوها ولكن أرهقتها الظروف التى لم تعطها الفرصة لتقاتل. إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكري، ولقد شاركت مع جمال عبد الناصر فى عملية إعادة بناء القوات المسلحة ثم شاءت الأقدار أن أتحمل مسؤولية استكمال البناء ومسؤولية القيادة العليا لها أن القوات المسلحة قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكرى استوعبت العصر كله تدريبا وسلاحا بل وعلما واقتدارا حين أصدرت لها الأمر أن ترد على استفزاز العدو وان تكبح جماح غروره فإنها أثبتت نفسها أن هذه القوات أخذت فى يدها بعد صدور الأمر لها زمام المبادرة وحققت مفاجأة العدو وأفقدته توازنه بحركاتها السريعة إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً أمام عملية يوم 6 أكتوبر 1973.
ولست أتجاوز إذا قلت أن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم 6 أكتوبر 73 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياز خط بارليف المنيع وعبور الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه لقد كانت المخاطرة كبيرة والتضحيات عظيمة لمعركة 6 أكتوبر خلال الساعات الست الأولى من حربنا كانت هائلة فقد العدو توازنه إلى هذه اللحظة وإذا كنا نقول ذلك اعتزازاً وبعض الاعتزاز إيمان فان الواجب يقتضينا أن نسجل من هنا وبإسم هذا الشعب وبإسم هذه الأمة ثقتنا المطلقة فى قواتنا المسلحة ثقتنا فى قياداتها التى خططت وثقتنا فى شبابها وجنودها الذين نفذوا بالنار والدم .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حدث فى مثل هذا اليوم 20 رمضان وقف الرئيس السادات القوات المسلحة هذه القوات هذه الأمة کنت أعرف لقد کان على أن لم تکن
إقرأ أيضاً:
مصر.. درع غزة وضمير الأمة في وجه آلة الاحتلال | وسياسي: التحرك المصري يشمل أبعادا متعددة
في خضم المأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب الفلسطيني، لا سيما في قطاع غزة، تبرز الدولة المصرية بدورها التاريخي والإنساني كركيزة دعم رئيسية، تؤكد على مواقفها الثابتة في مساندة القضية الفلسطينية العادلة.
وتقف مصر بحزم في وجه سياسات العدوان والتجويع التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تكثف مصر جهودها السياسية والإنسانية والدبلوماسية في سبيل نصرة الفلسطينيين، والدفاع عن حقوقهم في وجه آلة القتل والتدمير المستمرة.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطيني، أن يعبر الشعب الفلسطيني عن تقديره العميق للجهود المخلصة والمكثفة التي تبذلها جمهورية مصر العربية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في دعمه المتواصل، لا سيما لأهلنا في قطاع غزة الذين يعانون أوضاعا كارثية نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر.
وأضاف أبو لحية- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، على أنه ليس هذا الموقف المصري النبيل بالجديد، فمصر كانت وما زالت داعمة للقضية الفلسطينية، وتبنيها ينبع من مواقف أصيلة وثابتة، قائمة على مبادئ قومية وإنسانية راسخة، لا تحركها مصالح ضيقة أو حسابات سياسية عابرة.
وأشار أبو لحية، إلى أنه من هذا المنطلق، تواصل مصر رفضها القاطع لسياسات الإبادة الجماعية والتجويع التي تنتهجها إسرائيل ضد سكان القطاع، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته والتحرك العاجل لوقف هذه الجرائم البشعة.
وتابع: "يتخذ التحرك المصري أبعادا متعددة. فعلى الصعيد السياسي، يقود الرئيس السيسي تحركات دبلوماسية نشطة واتصالات دولية مكثفة مع قادة الدول والمنظمات الإقليمية والدولية، في سبيل وقف العدوان وإحياء المسار السياسي القائم على حل الدولتين، بما يكفل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".
وأكمل: "أما على المستوى الدبلوماسي، فتلعب وزارة الخارجية المصرية دورا محوريا في حشد الدعم الإقليمي والدولي من خلال زيارات رسمية واجتماعات رفيعة المستوى، تسعى فيها إلى تعزيز الضغط الدولي لوقف الحرب، كما تبادر بالإعداد لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة، تستضيفه القاهرة بعد وقف إطلاق النار، في خطوة تعكس الرؤية الاستراتيجية المصرية لإعادة بناء القطاع وتثبيت صمود سكانه".
وأدرف: "في الجانب الإنساني، تتحرك الدولة المصرية بكامل أجهزتها ومؤسساتها، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، وعلى رأسها الأزهر الشريف، لإيصال المساعدات العاجلة من غذاء ودواء ومستلزمات طبية إلى سكان القطاع، ولم تقتصر المساعدة على إرسال الإمدادات، بل امتدت إلى استقبال الجرحى الفلسطينيين في المستشفيات المصرية وتقديم الرعاية الطبية لهم على نفقة الدولة، في تجسيد حي للتضامن المصري الرسمي والشعبي مع الشعب الفلسطيني".
والجدير بالذكر، أن تثبت مصر يوما بعد يوم أنها حاملة للراية القومية والإنسانية تجاه القضية الفلسطينية، وتؤكد أن دعمها لغزة.
وهذا الدعم هو امتداد طبيعي لدور تاريخي لطالما تميز بالمروءة والوفاء، ومع استمرار العدوان، تواصل مصر جهودها على كافة الأصعدة، لتبقى صوتا قويا للحق، وسندا حقيقيا لصمود الشعب الفلسطيني في وجه الظلم والعدوان.