لبنان ٢٤:
2025-07-31@17:23:51 GMT

التيار علىموجتين.. أزمةُ خطاب أم توزيع أدوار؟

تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT

التيار علىموجتين.. أزمةُ خطاب أم توزيع أدوار؟

ليس من الصّعب على أيّ متابعٍ للشأن اللبناني أن يلحظَ تعدّد الخطابات السياسية داخل "التيار الوطني الحر" بدءاً من الرئيس مروراً بنائبه وصولاً إلى جزء من القاعدة الشّعبية التي تتّخذ من وسائل التواصل الإجتماعي منبراً للتّعبير عن تأييدها لهذا الخطاب أو ذاك.

أولى إرهاصات هذا التعدّد الخطابي لدى "التيار" بدأت معالِمهُ بالظهور إلى العلن في الخامس من كانون الأول من العام 2022 عقب الجلسة الشهيرة التي دعا اليها رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي والتي اعتبرها "التيار" آنذاك مسّاً بالشراكة الوطنية، حيث قاطعها الوزراء المحسوبون عليه ببيانٍ شديد اللهجة اعتبروا من خلاله بأنّ جدول الأعمال "فضفاض ومُتخبّط فيما الحكومة حكومة تصريف أعمال بالمعنى الضيق للكلمة" وأضافوا بأنّ الجلسة غير ميثاقية وغير دستورية.

  وبقي رهان "التيار" في تلك الفترة على عدم مُشاركة وزيري "حزب الله" لإسقاط نصاب الجلسة، لكن هذا ما لم يحدث. ومنذ ذلك الحين استمرّ "الحزب" بالمشاركة بجلسات الحكومة لتسيير الشّؤون العامة وأمور الناس، ما ولّدَ شعوراً لدى "التيّاريّين" بأنّ "الحزب" قد خذلهم في أكثر الملفّات حساسيّة وهو "الشّراكة"، الأمر الذي جعل الأصوات المناوئة لحزب الله والمُتشدّدة داخل "التيار" ترتفع اعتراضاً وتحصد الكثير من التعاطف.

يرفض نائب رئيس "التيار الوطني الحر" للشؤون الخارجية الدكتور ناجي حايك وصفه بالمُعادي لحزب الله أو حتى اعتبار أنه ممن يُغرّدون خارج السّرب، مُؤكّداً في حديثٍ لـ"لبنان ٢٤" بأنّ تصريحاته وحتى تغريداته عبر حسابه الشخصي على مواقع التّواصل الإجتماعي تُعبّر عن "الهَوى" و"النّفَس" داخل المجلس السياسي ل"التيار"، رافضاً القول بأنّ ل"التيار" خطابين، لافتاً الى أنه حين يُعبّر عن رفضه لما يُسمّى "وحدة الساحات" فهو يلتزم بكلام رئيس "التيار" جبران باسيل اضافة الى أنه يؤيده، وعندما يشدّد على ضرورة إيجاد استراتيجية دفاعية فهو لا يحيد أيضاً عن موقف باسيل.

وعن الموقف العام من "الحزب" يُشدّد حايك بأنّ موقفه كموقف "التيار" قائلاً: "نحن مع الحزب في حال تم الاعتداء عليه من الخارج وهذا الموقف مبدئي لا يتغيّر، لا يُمكن إلا أن نكون مع إبن بلدنا اللبناني وسنُقدّم له كل الدعم الذي نقدر عليه، لكننا ضد "ربط الجبهات" واستجلاب الدمار لوطننا واقتصادنا وهذا ببساطة كل ما في الأمر". ويضيف حايك: "عليهم أن يَعوا بكل وضوح وصراحة بأنّ هناك جزءا من اللبنانيين لا يعتبر فلسطين قضية مركزية، "اسرائيل" عدوتنا بلا شكّ، لأنها بلطجيّة وتقصف أرضنا وتقتل أهلنا وتسرق مياهنا هي عدوّ للبنانيين لأجل لبنان وليس لأجل "القدس". ويتابع، "باختصار نحن مع الفلسطينيين ومُتضامنون معهم حتى النهاية رغم التاريخ السيء بيننا والذي طويناه ونَسيناه، لكننا لا نستطيع أن نأخذ قضيتهم على عاتقنا ونحن شعب (ما معو ياكل)، لماذا نحن؟ فلتُساعدهم الدول العربية بالسلاح والجيوش". أما عن سبب التصويب المُستمر عليه من قبل بيئة المقاومة يقول حايك، "يُصوّبون عليّ لأنّ مواقفي قاطعة ولا أُدوّر الزوايا، الرئيس جبران باسيل لطيف وتعابيرهُ مُنمّقة ودبلوماسية وانا لستُ كذلك، لكننا لسنا مُختلفان وعلى نفس الموجة.

ويختم حايك: "الهوّة اتّسعت والثقة تقلّصت مع "حزب الله" لكن هذا لا يعني أننا أضحينا أعداء، القيادات في "الحزب" يعلمون ذلك بل وأكثر، فهُم يعرفون أنني من أشدّ المُدافعين عنه في المحافل الخارجية ولا يُمكن أن أطعن بلبناني أو أن أُحرّض عليه لا سيّما "حزب الله"، لكنّ خلافنا معه في الملفات الداخلية ومسألة معركة الإسناد على الجبهة الجنوبية أمر مختلف.

في مُقابل الخطاب اليميني، كما يحلو للبعض تسميته، والذي يُمثله في هذه المرحلة "ناجي حايك"، تبرز أصوات لا تزال حتى اليوم ممن يُطلق عليهم "مُمانعو التيّار" أو "مُؤيّدو المقاومة" وهم كُثُر، هؤلاء يُدافعون عن العلاقة والتحالف مع "حزب الله" وهُم من دُعاة تطوير اتفاق "مار مخايل". والحديث هنا ليس عن مناصرين وحسب بل عن وجوهٍ معروفة، بعضها فنّيّ وآخرون كانوا حتى الأمس القريب في مواقعَ قيادية ومسؤولة في "التيار الوطني الحر"، وقد ازدادت وتيرة الأخذ والرّد بين المعسكريْن بشكلٍ علني على وسائل التواصل الإجتماعي في الآونة الأخيرة حتى وصلت الأمور حد التهكّم والتجريح والإتهام بالتبعية في البيت الواحد.

وأكّدت مصادر سياسية مُقرّبة من " الوطني الحرّ" على انقسام "التيار" على نفسه حول المقاومة المتمثلة بـ "حزب الله"، مشيرة الى عدّة عوامل أدّت تدريجياً الى هذا الخطاب الفاقع من قِبل فريق يميل الى الخطاب المسيحي داخل "التيار"، لذلك تجده اليوم أقرب الى خطاب نائب رئيس "التيار" ناجي حايك منه الى الخطاب المعتدل. ورفضت المصادر تشبيه خطاب "التيار" بخطاب "القوات اللبنانية"، لافتةً الى أن الخلاف مع "الحزب" مبدئي وليس كيديا.

من جهة أخرى، اعتبرت مصادر متابعة للخلاف الحاصل بين "حزب الله" و"الوطني الحرّ" بأنّ الاستنفار بين الطرفين أتى نتيجة تراكم "التخلي" من قِبل "الحزب" في العديد من الملفات، والتي بحسب المصادر تتمثّل بإفشال عهد رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ودعم حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ،وملفّ رئاسة الجمهورية ومرشّح "الحزب" سليمان فرنجية. ولفتت المصادر إلى أنّ هذه العناوين العريضة كانت كافية لتوتير العلاقة مع "حزب الله" وتشنّج الخطاب سواء على مستوى قيادات "التيار" او على مستوى القاعدة الجماهيرية. 

وعبّرت المصادر عن وجهة نظر مختلفة حول الخلاف القائم، إذ اعتبرت أنّ هذا التضارب السياسي الحاصل اليوم حول الملفات الداخلية لا يجب أن ينعكس على موقف "التيار" من المقاومة، بل كان من الأفضل الركون الى موقف الجنرال ميشال عون خلال حرب 2006، حين قام آنذاك بدعم المقاومة دون قيد أو شرط وهذا ما كان من الطبيعي أن يكون الأمر عليه اليوم في ظلّ مواجهة "حزب الله" لعدوان اسرائيلي مُحتمل على لبنان، لافتةً الى أن "الحزب" لم يكن أمام العديد من الخيارات، وما يقوم به اليوم سيُترجم سياسياً بعد انتهاء المعركة وسيدرك الجميع أنه كان مُلزماً بهذه المعركة للحفاظ على حقوق لبنان وقوّته. وأضافت المصادر: "تنتهي الحرب أولاً بانتصار المقاومة على العدوّ، الامر الذي لا يمكن تحقيقه الا بالتفاف جميع اللبنانيين حولها، ثم نقاوم أي محاولة لحزب الله بالانتصار على أي فريق في الداخل" أو محاولة الاستئثار بالبلد.

ترفض المصادر ما وصفته بالابتزاز السياسي الذي يمارسه رئيس "التيار" جبران باسيل في علاقته مع "حزب الله"، مشيرة إلى أن خطابات باسيل ليست "قطش" إنّما "فكّ وربط" على حدّ تعبيرها، مؤكدة أن أسلوب البازار السياسي "ما بيمشي" مع "الحزب"، وهو لا يعكس أي وجه من وجوه الفكر الوطني الذي لطالما تغنّى به "التيار". وفي سؤال عما إذا كان باسيل يختار شخصية نائبيه بما يتماشى مع طبيعة المرحلة لجهة نوع الخطاب وشكله، تؤكّد المصادر أن هذا الأمر لا شكّ فيه، وتضيف "ها نحن اليوم نقرأ ونسمع خطاب الدكتور ناجي حايك (نائب الرئيس) والذي مهما بلغ من الاستقلالية فهو حتماً لا يتعارض مع الجو الموجود في الهيئة السياسية وعلى ما يبدو يناسب القيادة التي لم تُبد أي انزعاج من سقف خطابه". 

وعن موقف رئيس "التيار" جبران باسيل إزاء كل ما يحدث وعمّا إذا كان باستطاعته لجم الخلافات الحاصلة، تُشير المصادر الى أنّ "باسيل" يترك الأمور تأخذ مجراها ولا يضغط على أي طرف بهدف إحداث توازن ما داخل "التيار" يمكّنه من حفظ "خط رجعة" متى لزم الأمر، وهو لا يتدخل إلا في حالات قليلة تستدعي ذلك، وإذا تدخّل فقد يتدخّل، وفقاً للمصادر، لضبط سقف الخطاب الداعم للمقاومة وليس العكس.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: جبران باسیل الوطنی الحر حزب الله الى أن

إقرأ أيضاً:

أزمة خور عبد الله: سيادة وطنية تُباع بالرشاوى

آخر تحديث: 30 يوليوز 2025 - 10:40 صبقلم : سعد الكناني تعود أزمة خور عبد الله بين العراق والكويت إلى ما بعد حرب الخليج الثانية، عندما تم ترسيم الحدود بموجب القرار الأممي 833 لسنة 1993. وقد فرض هذا القرار على العراق، في ظروف الاحتلال الأمريكي والضعف السياسي الكامل، تنازلات حدودية اعتُبرت مهينة، منها اعتبار جزء من خور عبد الله ضمن المياه الكويتية، رغم أن العراق تاريخياً ووثائقيا كان المتحكم الفعلي في الممر المائي لكونه عراقي 100%. في عام 2013، صادق البرلمان العراقي على اتفاقية “تنظيم الملاحة” في قناة خور عبد الله، وهي الاتفاقية التي تم استخدامها كذريعة لاحقة لبناء ميناء مبارك الكبير الكويتي، الذي يعرقل الملاحة العراقية ويخنق منفذنا البحري الحيوي. لكن ما لم يُكشف علنًا إلا لاحقًا هو أن هذه المصادقة لم تكن نزيهة ولا وطنية. إذ تؤكد مصادر موثوقة وتقارير إعلامية أن الوفد العراقي الذي فاوض على الاتفاقية وقام بالتوقيع عليها قد تلقى رشى من الجانب الكويتي، شملت امتيازات مالية وسفريات ومنافع شخصية، بهدف تمرير الاتفاقية على حساب السيادة العراقية. إننا هنا لا نتحدث عن دبلوماسية، بل عن بيع للوطن مقابل المال، وهي جريمة مزدوجة: خيانة وطنية وفساد موثق. هذا ما دفع المحكمة الاتحادية العليا في العراق، عام 2023، إلى إصدار حكم ببطلان الاتفاقية، مستندة إلى خلل دستوري في آلية التصويت البرلماني، لكنه في الجوهر، يعكس الرفض الشعبي والسياسي العميق لأي اتفاقية وقّعت في ظروف غامضة ومشبوهة، خارج إرادة الشعب. في المقابل، رأت الكويت في الحكم العراقي انقلابًا على اتفاق دولي، وطالبت بتدويل القضية، مستندة إلى دعم من مجلس التعاون الخليجي وبعض الأطراف في الجامعة العربية، التي أثبتت مجددًا أنها لا تنظر لقضايا السيادة العراقية إلا من زاوية المصالح الخليجية، وليس من مبدأ العدالة. السؤال الجوهري هنا: هل ما زالت السيادة العراقية قابلة للبيع؟ وهل يمكن الوثوق بأي اتفاق دولي يتم التوقيع عليه في ظل حكومات تابعة وضعيفة ومخترقة من الخارج؟ إن هذه الأزمة تكشف مجددًا حقيقة أن جزءاً من النخب السياسية العراقية ليست فقط غير مؤهلة للدفاع عن الوطن، بل مستعدة للمساومة عليه مقابل منافع تافهة. وهي أزمة ليست مع الكويت فحسب، بل مع الذات السياسية العراقية، التي لم تعد تعرف معنى الكرامة الوطنية. لذلك لا يمكن لأي تسوية دبلوماسية أن تصمد إذا لم تكن مبنية على شرعية وطنية نابعة من الإرادة الشعبية، وليس على مصالح شخصية وولاءات خارجية. يجب إعادة فتح ملف خور عبد الله ضمن إطار وطني شامل وإيداع قرار المحكمة الاتحادية إلى الأمم المتحدة ولدى المنظمة البحرية الدولية مع ايداع خارطة المجالات البحرية العراقية لدى الامم المتحدة أيضاً، ومراجعة كل الاتفاقيات الموقعة سواء كانت تحت الضغط أو الرشوة، وإخضاع المسؤولين عنها للمحاسبة القضائية والشعبية. خور عبد الله ليس مجرد ممر مائي، بل رمز لكرامة العراق البحرية والسيادية. والتنازل عنه، بأي شكل، هو خيانة تاريخية لن تُنسى.

مقالات مشابهة

  • باسيل عن موضوع اعادة هيكلة المصارف: هناك كارثة
  • بين خطاب رئيس الجمهورية وتمسّك حزب الله بالسلاح.. هل دخل لبنان مسار المواجهة الداخلية؟
  • رسائل مبطّنة في خطاب قاسم تحت سقف الثوابت!
  • وزير الإسكان: وفرنا أكثر من 55 ألف بنك للمياه في أزمة انقطاع التيار الكهربائي والمياه عن الجيزة
  • فيديو ينتشر لميشال حايك.. هذا ما قاله عن زياد الرحباني
  • أزمة خور عبد الله: سيادة وطنية تُباع بالرشاوى
  • جيش الاحتلال يتحدث عن خروقاته في لبنان بعد وقف إطلاق النار
  • لبنان يحكم بإعدام عنصر في حزب الله بقضية مقتل جندي بـحفظ السلام
  • حزب الله يقترب من كارثة كبيرة!
  • في ساعات الليل | إعلان عاجل من الكهرباء بشأن أزمة التيار بالجيزة