مفتي الجمهورية: الشريعة الإسلامية نبراس مضيء يهدي إلى الحق في كل العصور
تاريخ النشر: 4th, April 2024 GMT
قال الدكتور شوقي علَّام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الشريعة الإسلامية تمتاز بكونها نبراسًا مضيئًا يهدي إلى الحق والعدل في كل العصور والأزمان. فهي ليست هي جامدة على وتيرة واحدة أو محصورة في زمن مضى، وهي بحكمتها تتعامل مع هذه المستجدات بمرونة وعمق. وقادرة على كيفية التكيف مع التطورات المتلاحقة والظروف المتغيرة دون أن تفقد جوهرها أو تتزعزع قيمها.
جاء ذلك خلال لقائه الرمضاني اليومي في برنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، مضيفًا فضيلته أن العلماء عرَّفوا البدعة على أنها كلُّ أمر مستحدث لم يكن موجودًا في عهد النبي وليس له أصل في الدين، مشيرًا إلى أن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رَدٌّ» معناه أن يكون قد أتى بشيء ليس مما أمر به رسول الله، أو يتعارض مع شيء أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وشدَّد مفتي الجمهورية على أن هناك أمورًا محدثة لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكنها موافقة للشرع ولأوامر النبي، وهي أمور مقبولة؛ وعندما نقرأ النصوص الشرعية مجموعة نخرج بأن البدعة المحرمة هي تلك البدعة التي تبطل أحكام الإسلام، أما ما تتوافق معها فتدخل في دائرة السُّنة الحسنة، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من سَنَّ في الإسلام سٌنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة".
صيغة تكبيرات المصريين في صلاة العيدوأشار المفتي إلى أن صيغة تكبيرات المصريين في صلاة العيد، صيغة شرعية صحيحة؛ لا وجه مطلقًا لاعتراض البعض عليها أو وصفها بالبدعة، قال عنها الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "وإن كبَّر على ما يُكبِّر عليه الناس اليوم فحسن، وإن زاد تكبيرًا فحسن، وما زاد مع هذا من ذكر الله أحببتُه". كما أنه لم ترد صيغة مخصوصة للتكبير في العيد بالسنة المطهرة،
وردًّا على من يزعم أن كعك العيد بدعة قال فضيلته: صنع الكعك أو غيره من الحلويات في العيد يعتبر من العادات الطيبة والمحببة. إنها بدعة حسنة، ما دام أنها لا تصل إلى حد الإسراف والتبذير. فهي تندرج تحت مفهوم إطعام الطعام وإدخال السرور على الأسرة، ومن يدعي بدعيته فهو كلام باطل يدل على جهل قائليه بالشرع الشريف، وضحالة فهمهم لمقاصده وأحكامه؛ فإنها أقوال مبتدعة مرذولة لم يَقُلْ بها أحدٌ من علماء المسلمين في قديم الدهر ولا حديثه، ولم يُسبَق أصحابُها إليها، ولا يجوز العملُ بها ولا التعويل عليها.
فضل تحري ليلة القدرواختتم حواره بالرد على سؤال عن فضل تحري ليلة القدر قائلًا: إن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا إلى تحري ليلة القدر في هذه الأيام المباركة خاصة في الليالي ذات الأعداد الفردية، وهي ليلة مشهودة يحصل فيها مزيد اتصال بين العباد وربهم سبحانه، وهي ليلة بدء نزول القرآن الكريم على قلب النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي ليلة سلام تنزَّل الملائكة فيها بالبركة والرحمة؛ وهي ليلة جليلة القدر، عظيمة الأجر، يعدل ثوابها ثواب العمل الصالح في ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر؛ كما في قولِه تعالى: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: 3]، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، أخبرنا عن ليلة القدر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هِيَ فِي رَمَضَانَ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ؛ فَإِنَّهَا وِتْرٌ: فِي إِحْدَى وَعِشْرِينَ، أَوْ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ، أَوْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ، فَمَنْ قَامَهَا إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية هيئات الإفتاء الحق والعدل صلاة العيد صلى الله علیه وسلم مفتی الجمهوریة لیلة القدر رسول الله ع ش ر ین وهی لیلة
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية: صون الماء والغذاء والطاقة فريضة شرعية ومسؤولية وطنية
قال الدكتور نظير محمد عياد، مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن أعظم مقومات الحياة التي تقوم عليها الحضارة الإنسانية تتمثل في الماء، والغذاء، والطاقة، فهي الركائز الثلاث التي من دونها لا يمكن أن تستمر الحياة ولا أن يبنى عمران.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها في الملتقى البيئي الثاني للتنمية المستدامة بجامعة بنها تحت عنوان: «من الندرة إلى الاستدامة: تحديات وحلول»، والتي جاءت ضمن جلسة حوارية أدارها كل من المهندس أيمن عطية محافظ القليوبية، الدكتور ناصر الجيزاوى رئيس جامعة بنها.
وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الحديث عن الطاقة المتجددة والموارد الطبيعية يعيد إلى الأذهان واقعًا مؤلمًا تعاني فيه بعض الشعوب من الفقر المائي والجفاف، نتيجة اعتداءات صارخة على الأرض والبيئة، ما يتطلب وعيًا حقيقيًا بقيمة ما نملك من نعم، موضحًا أن البيئة ليست مجرد إطار نعيش فيه، بل هي أساس وجود الإنسان، وقد خلق الله الإنسان وكرمه وسخر له ما في السماوات والأرض، لكنه - للأسف - بات في كثير من الأحيان يتعامل بجحود مع هذه النعمة، مخالفًا مقتضى قانون التسخير الإلهي، وهذا ما يستدعي فهما سليما لهذا القانون، يقوم على الحفاظ على البيئة، وانتقال الموارد من جيل إلى جيل دون إسراف أو تبذير، واستشهد بقول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31]، وبحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسرف في الماء ولو كنت على نهر جارٍ».
وشدد المفتي على أن مسؤولية الحفاظ على البيئة ليست قاصرة على أتباع دين معين، بل هي تكليف إنساني شامل، لقوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}، مضيفًا أن الأزمة البيئية الراهنة تعكس فجوة عميقة بين ما أراده الله للإنسان من عمارة الأرض، وما آل إليه سلوكه من تدمير واستهلاك مفرط، فالإنسان اليوم أمام تحديين كبيرين: دوام العمل، وحسن العمل، إذ لا ينفصل الإيمان عن العمل، ولا تنفصل العبادة عن حماية الموارد الطبيعية والوفاء بحقوق الأجيال القادمة.
وفي هذا الإطار، استعرض المفتي جهود دار الإفتاء المصرية في دعم قضايا البيئة والتنمية المستدامة، مؤكدًا أن المؤسسة الدينية لعبت دورًا رياديًا في تعزيز الوعي الديني البيئي، من خلال إصدار فتاوى متنوعة شملت قضايا مثل حكم تلويث المياه، والإسراف في الماء أثناء الوضوء، وإعادة تدوير المخلفات، والتعدي على شبكات المياه، والأغذية المعدلة وراثيا، وقد سعت الدار إلى ترجمة هذه الفتاوى إلى مبادرات مجتمعية وتعاونات مؤسسية ملموسة، حيث تم مناقشة سبل إطلاق حملات توعوية وطنية مستمرة لترشيد استهلاك المياه، كما أشار فضيلة المفتي إلى مشاركة دار الإفتاء في فعاليات بيئية متعددة، من أبرزها مؤتمر جامعة النيل بالتعاون مع مؤسسة «مهندسون من أجل مصر المستدامة» في يونيو 2025، حيث أكد في كلمته أن قضايا البيئة لم تعد ترفا فكريا ولا اهتمامًا نخبويا، بل باتت من صميم قضايا الأمن الإنساني والوجود الكوني، داعيًا إلى الاعتدال في الاستهلاك والحفاظ على الموارد، بما يحقق مبدأ الاستدامة القائم على العدل والمسؤولية.
وعلى المستوى الدولي، أوضح المفتي الدور الذى تقوم به الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، التابعة لدار الإفتاء المصرية، في دعم مسار التنمية المستدامة، فقد أصدرت خلال عام 2021 عددًا من أعداد نشرتها «جسور» تحت عنوان: «الشريعة والتنمية المستدامة»، كما عقدت مؤتمرها العالمي السابع في عام 2022 تحت عنوان: «الفتوى وأهداف التنمية المستدامة»، بمشاركة علماء ومفتين من 91 دولة، وحضور ممثلين عن الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، في خطوة تؤكد التزام المؤسسة الدينية بالربط بين القيم الدينية والأهداف البيئية العالمية.
وفي ختام أعمال الملتقى، أوصى المفتي بمجموعة من التوصيات العملية التي تدعم دمج البعد الديني في السياسات البيئية، ومن أبرزها: تعزيز الوعي الديني والوطني بترشيد استهلاك الموارد، وإطلاق برامج توعية مجتمعية بالشراكة بين المؤسسات الدينية والتعليمية والإعلامية، ودعم المبادرات الوطنية والدولية الهادفة إلى تحقيق التنمية المستدامة، وخاصة ما يرتبط بالأمن المائي والغذائي والطاقة النظيفة، مع الدعوة إلى إدماج مفاهيم الاستدامة البيئية في المناهج الدراسية والخطب الدينية لبناء جيل واعٍ يقدر النعمة ويحافظ عليها، كما أكد فضيلته على أهمية تفعيل الفتاوى الشرعية الصادرة عن دار الإفتاء المصرية بشأن قضايا البيئة، وتحويلها إلى مبادرات ميدانية وحملات عملية تخدم المجتمع وتدعم جهود التنمية، مع دعم الابتكار في مجالات الطاقة النظيفة وإعادة التدوير، والتوسع في استخدام الطاقة الشمسية في المؤسسات العامة والخاصة، وتبني سياسات للحوكمة البيئية تعزز الشراكة بين المؤسسات الدينية والعلمية.
وفي لفتة تقدير وعرفان قام الدكتور ناصر الجيزاوي، رئيس جامعة بنها، بإهداء درع الجامعة إلى مفتي الجمهورية، تقديرًا لجهوده المشهودة في تنمية الوعي الديني والثقافي والمجتمعي لدى طلاب الجامعات، ودوره في ترسيخ التكامل بين العلم والدين في معالجة القضايا المعاصرة.
شهد الملتقى حضور عدد من الشخصيات البارزة من بينهم الدكتور ناصر الجيزاوي رئيس جامعة بنها والدكتور السيد فودة نائب رئيس الجامعة لشؤون البيئة وخدمة المجتمع والمهندس أيمن عطية محافظ القليوبية والدكتور سلامة داود رئيس جامعة الأزهر الشريف والدكتور أيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة الأسبق والدكتور علي شمس الدين رئيس جامعة بنها السابق ولفيف من نواب رؤساء الجامعات وعمداء ووكلاء وأعضاء هيئة التدريس بجامعة بنها وعدد من الطلاب إضافة إلى جمع من القيادات الأكاديمية والباحثين والمهتمين بالشأن البيئي.
اقرأ أيضاًمحافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها والمفتي يفتتحون الملتقى البيئي للتنمية المستدامة
مفتي الجمهورية يدين الهجوم الإرهابي على كنيسة بالكونغو الديمقراطية
كيف تواكب المؤسسات الدينية الذكاء الاصطناعي دون تفريط في الفتوى؟ مفتي الجمهورية يُجيب