احتجاز وإفراج ثم حزام ناسف.. ملابسات مقتل الرجل الثاني في النصرة
تاريخ النشر: 5th, April 2024 GMT
بمقتل "أبو ماريا القحطاني" في شمال غرب سوريا تكون "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا) خسرت أحد أبرز قادتها، وشخصية لطالما دار الحديث عنها من منطلق "التوازن" الذي تفرضه ضمن البيت الداخلي للجماعة، المصنفة على قوائم الإرهاب.
اسمه ميسر بن علي الجبوري وهو عراقي الجنسية، وجاء مقتله بعد شهر واحد فقط من الإفراج عنه من سجون "تحرير الشام"، بعدما تم اعتقاله قبل 6 أشهر بتهمة "العمالة للخارج وإساءة التواصلات".
وتفيد المعلومات المتقاطعة وحديث مراقبين وخبراء تحدث إليهم موقع "الحرة" بأن القيادي قتل داخل إحدى المضافات في مدينة سرمدا بريف محافظة إدلب، وتوضح أن شخصا كان يرتدي حزاما ناسفا اقترب منه وفجّر نفسه وأرداه قتيلا.
إلى جانب القحطاني أصيب عدد من قادة وشخصيات من "هتش" أو "هيئة تحرير الشام"، التي تسيطر على عموم محافظة إدلب شمال غرب البلاد.
وبينما لم تتكشف جميع ملابسات الحادثة حتى الآن زاد التوقيت الذي حلّت فيه من التعقيدات المتعلقة بالجهة المسؤولة والمستفيدة.
"عمالة وتبرئة"عندما اعتقل "القحطاني" حمّل أنصاره المسؤولية لقائد "الهيئة"، أبو محمد الجولاني، واعتبروا أن الأخير أقدم على الخطوة، خشية أو استباقا لانقلاب كان يجهز له القيادي العراقي.
وحتى أن كثيرا من أنصاره ذهبوا إلى حد اعتبار الاعتقال لجهة مخاوف "الجولاني" من دائرة النفوذ الذي كانت تتوسع في محيط القيادي العراقي، رغم أن الشخصين "رفاق درب منذ أن كانا في العراق".
وبعد ضغوط رضخ "الجولاني" لمطالب أنصار "القحطاني" ولأنصار قادة عسكريين وأمنيين آخرين تم إلقاء القبض عليهم بذات التهم، وأفرج عنهم بالتدريج.
خرج "القحطاني" قبل شهر بالتحديد ومن خلفه بندقية من نوع "كلاشينكوف".
وأوصلت الاحتفالات التي نظمها أنصاره في الشوارع وبالقرب من معبر "باب الهوى" صورة قوية لقيادي كبير بات ينافس "الجولاني" داخل البيت الداخلي لـ"النصرة".
لكن لم تدم هذه الصورة طويلا.
وبعد تلقي "تهاني التبرئة من العمالة" هنا وهناك كانت مضافة عشيرة "العساسنة" في سرمدا شمالي إدلب محطته الأخيرة، قبل أن يرديه حزام ناسف قتيلا.
محطة بدأت من الشرقبعد ساعات من مقتل "القحطاني" ليلة الخميس-الجمعة سارعت وسائل الإعلام التابعة لـ"تحرير الشام" والمقربة منها لتحميل مسؤولية القتل لتنظيم داعش.
ومع ذلك بقيت الكثير من الأصابع موجه باتجاه "الجولاني"، بناء على ما أقدم عليه الأخير بحق القيادي العراقي قبل ستة أشهر.
قبل وصوله إلى شمال غرب سوريا كان "القحطاني" في محافظة درعا.
وحتى الآن ما تزال ظروف انتقاله من الجنوب إلى الشمال غامضة، كون العملية قطّعت مناطق سيطرة نظام الأسد.
في درعا قاد "القحطاني عمليات "النصرة" لعدة سنوات، وخاض عدة معارك ضد "جيش اليرموك" (فرع داعش في الجنوب السوري) لكن جميعها باءت بالفشل.
وعندما كان في المنطقة الشرقية لسوريا في بدايات الحرب كان يتولى منصب "أمير النصرة".
ونظرا لعلاقاته وطبيعة تواصلاته هناك وجذوره العشائرية أسس هناك نواة كتلة دانت بالولاء ولقبته بـ"الخال"، وتعرف محليا بـ"كتلة أبناء الشرقية".
أول من استقبل "الجولاني""القحطاني له نفوذ يحسب له وهو الشخصية الأقوى ضمن ما يعرف بالكتلة الشرقية داخل تحرير الشام"، كما يوضح عروة عجوب وهو باحث أول في مؤسسة "كور غلوبال" والمختص في الشأن السوري.
وكانت الكتلة المذكورة مع القيادي العراقي منذ أن كان في شرق سوريا في عام 2012، وانتقلت معه إلى درعا ومن ثم إلى إدلب.
وعلى مدى السنوات الماضية لعب القيادي العراقي دورا في تماسكها داخل "الهيئة"، وعمل على دمجها في البيت الداخلي الخاص بالأخيرة.
ويشير عجوب إلى أن "الهيئة مبنية على المناطقية بشكل أو بآخر".
ويضيف لموقع "الحرة" أنها "جماعة غير متجانسة"، ولذلك قد يشكل مقتل القحطاني وغياب دوره السابق في زعزعة البيت الداخلي للجماعة المصنفة على قوائم الإرهاب.
ويوضح الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، حسن أبو هنية أن "النصرة بالفعل غير متجانسة على الصعيد الإيديولوجي والمناطقي وحتى الشخصي".
وعلى أساس ذلك يمكن النظر إلى ما يمكن أن تشهده في المرحلة المقبلة بعد مقتل القحطاني وغيابه عن زعامه "الكتلة الشرقية" التي تتمتع بمكانة وثقل كبير داخل "تحرير الشام".
في بدايات الثورة السورية دخل "القحطاني" إلى سوريا وكون علاقات مع بعض قادة "حركة أحرار الشام" وبعض فصائل "الجيش الحر".
وبعد وصول قائد "تحرير الشام" حاليا "الجولاني" إلى سوريا مكلفا من تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" (داعش) لتشكيل تنظيم موازي في البلاد، كان القحطاني من استقبله. عمل القحطاني شرعيا" في "النصرة"، وأميرا للمنطقة الشرقية من سوريا مع بداية العمل المسلّح عام 2012.
ولم يظهر بصورته الكاملة في ذلك الوقت، وبقيت مجهولة، إلى أن تبدد الضباب عن هويته بعدما نشر "داعش" إصدارا ظهر فيه وجهه، وفي أثناء تحدثه عن تشكيل "المجلس الثوري العسكري" عام 2014.
الثأر القديم مع "داعش"للقيادي العراقي "القحطاني" ثأر كبير مع تنظيم داعش، وهو ما يشير إليه خبراء الجماعات الجهادية والمحطات التي سلكها بين العراق وسوريا.
ولذلك لا يستبعد الخبراء أن يكون "داعش" هو من يقف وراء عملية تصفيته بالفعل.
ويقول الباحث أبو هنية إنه يمكن "تناول مقتل القحطاني من عدة جوانب"، وأن "أسرار مقتله قد تكشف لاحقا وربما تظل حبيسة".
ويوضح أن القيادي العراقي "كان عراب الانفصال عن تنظيم داعش وصولا إلى الانفصال عن القاعدة".
كما كان "عراب عمليات قتل قادة وعناصر حراس الدين (فرع تنظيم القاعدة في سوريا)"، وفق أبو هنية.
منذ أن دخلا سوريا وقبل ذلك في العراق سار "القحطاني" و"الجولاني" سوية، وكلاهما اتضح أن لديه نزعة براغماتية.
وعلاوة على ذلك يضيف الباحث أن "القحطاني كان كاتم أسرار وصندوق أسود ويعرف تفاصيل ما حصل منذ بداية الحرب في سوريا وحتى مقتله".
ويمتلك أيضا "كل أسرار الحقبة بما فيها التواصل مع أطراف دولية وحتى دول إقليمية"، حسب حديث أبو هنية.
ويرجح الباحث في شؤون الجماعات الجهادية، عرابي عرابي أن يكون داعش هو من نفذ عملية التصفية بحق "القحطاني" في إدلب، وذلك لأنه توعده أكثر من مرة خلال السنوات الماضية.
"القحطاني كان له دور في مقتل خلفية داعش في عفرين وجمع الفصائل ضد تنظيم داعش في جنوب سوريا، والمعلومات التي كانت لديه ذهبت دون عودة وكذلك علاقات الجماعة بالمحيط"، حسب حديث عرابي.
ويرى في حديث لموقع "الحرة" أن "تحرير الشام لن تتأثر بمقتله".
ويعتقد أن الحادثة قد تكون بتسهيل من أجهزتها الأمنية (هيئة تحرير الشام) وقد تذهب الملابسات بغير ذلك، خاصة أن المضافة التي كان يتواجد فيها يرتادها الكثيرون.
"عوامل محرضة"ينظر الباحث عجوب إلى حادثة مقتل "القحطاني" أنها جاءت في توقيت مفاجئ، وفي ظل استمرار الاحتجاجات الشعبية ضد "الجولاني" في إدلب.
وأتت بينما كانت "تحرير الشام" تشهد حالة من التخبط على قضية "العملاء" التي اعتقل "القحطاني" إثرها قبل 6 أشهر.
وما يزال السياق الحالي في شمال غرب سوريا يشير حتى الآن إلى "وجود اضطراب"، حسب عجوب.
ويربط الباحث أبو هنية ما تعيشه مناطق شمال غرب سوريا و"تحرير الشام" على الخصوص بوصول "الديناميات الخارجية" إلى أضعف حالاتها بسبب انشغال العالم بملفات أخرى غير سوريا.
وفي مقابل ذلك هناك صعود وتنام للديناميات الداخلية من فساد وضعف إدارة وحكومة.
ويشير أبو هنية إلى أن غياب الحروب الخارجية (بين الهيئة والفصائل الأخرى مع المحيط) يجعلها تتضارب فيما بينها.
ويوضح أن الجماعة المصنفة على قوائم الإرهاب "ستسوء أمورها ليس فيما يتعلق بمقتل القحطاني فحسب بل بالخلافات التي ستبرز على أسس مناطقية وشخصية وحتى مالية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القیادی العراقی شمال غرب سوریا مقتل القحطانی تحریر الشام تنظیم داعش أبو هنیة
إقرأ أيضاً:
يدرس “خطط تحرير” مع نتنياهو.. ترمب يريد إنهاء حرب غزة
البلاد (واشنطن)
أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن رغبته في إنهاء الحرب المستمرة في قطاع غزة، كاشفًا عن تواصله مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لبحث “خطط مختلفة” لتحرير الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس.
وأعلن ترمب خلال مؤتمر صحفي مشترك أمس (الاثنين) مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في منتجع غولف باسكتلندا، عزمه إقامة مراكز لتوزيع الغذاء داخل قطاع غزة، قائلاً:”سنقيم مراكز طعام يمكن للناس الدخول إليها دون حواجز أو أسوار”، في إشارة إلى نيته تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية بعيدًا عن التعقيدات الأمنية والقيود.
وأكد ترمب أن بلاده ستنسق مع عدد من الدول للمساهمة في إيصال الإغاثة لسكان القطاع، معترفًا بأن “الأطفال في غزة جوعى للغاية”. كما أشار إلى أن حماس”لم تعد راغبة في التفاوض” وأنها”دفعت ثمن ما فعلته”، في إشارة إلى هجوم 7 أكتوبر، معتبرًا أن التعامل معها بات أكثر صعوبة في الآونة الأخيرة.
واتهم ترمب حماس بإفشال جهود إطلاق سراح الرهائن، واعتبر أن وجوده في الساحة السياسية كان كفيلًا بمنع اندلاع ست حروب كبرى في العالم.
من جانبه، وصف رئيس الوزراء البريطاني الوضع في غزة بأنه “مروع”، مؤكدًا أن بلاده تعمل مع الأردن على إسقاط المساعدات جوًا إلى داخل القطاع، وسط تفاقم الأزمة الإنسانية.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، تسجيل 14 وفاة جديدة جراء المجاعة وسوء التغذية خلال الساعات الـ24 الماضية، ليرتفع إجمالي الضحايا إلى 147 حالة، بينهم 88 طفلًا، وسط تحذيرات أممية من تدهور الأوضاع الصحية في القطاع، خاصة بين الأطفال دون سن الخامسة.
من جانبها، كشفت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية عن دخول أكثر من 300 شاحنة محملة بالمساعدات إلى غزة خلال اليوم ذاته، دون تقديم تفاصيل بشأن وجهتها أو آلية توزيعها.