تحليل إخباري: إدريس لشكر يمشي وحيدا في الطريق الموحش لملتمس الرقابة
تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT
لم يبق أحد تقريبا مع إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في سعيه إلى تقديم ملتمس رقابة ضد الحكومة.
فقذ تبين بأن لشكر لم يستطع في نهاية المطاف، إقناع أي من أطراف المعارضة بالتقدم خطوة إلى الأمام في المناقشات التي كانت سائدة حول ملتمس رقابة ضد الحكومة التي يرأسها عزيز أخنوش.
ومع إعلان حزب العدالة والتنمية، الأحد، « عدم مشاركته » في تقديم ملتمس الرقابة المذكور، فإن الاتحاد الاشتراكي يبقى الحزب الوحيد، من الوجهة العملية، الذي يحاول المضي قدما في خطوته.
فالحركة الشعبية، إحدى أبرز كتل المعارضة في البرلمان، لا تذكر تسمية « ملتمس الرقابة » البتة. فأمينها العام، محمد وازين، لا يتحدث عن المبادرة، بينما قياديوه يشيرون إلى وقوف الحزب »مع جميع آليات الرقابة » جوابا على أي إقحام لاسمه في المشاورات التي جرت حول ملتمس الرقابة.
وقد حدث هذا الإقحام، مطلع هذا الأسبوع، عندما تحدث الاتحاد الاشتراكي في بيان أصدره بشكل منفصل عقب اجتماع مع كتل المعارضة، عن « أن هذه المبادرة لقيت تجاوبا عمليا » من أحزاب المعارضة. تسببت هذه العبارة في سلسلة تصريحات من ممثلين عن باقي الكتل التي شاركت في هذا الاجتماع، تفنذ بشكل كامل إحراز أي تقدم في هذا الصدد.
يشمل ذلك أقرب حلفائه: حزب التقدم والاشتراكية. ليس هناك موقف واضح من قادته الذين يبدون مترددين نحو رغبة لشكر في تحويل المبادرة الرقابية، إلى شأن خاص به. في فبراير، سيشدد لشكر في تصريح لموقع «كيفاش»، على « مبادرة حزبه » إلى هذا الأمر.
فالمناقشات المستمرة حول ملتمس القرابة بين الحزبين، لم تخلص إلى أي خطوات عملية. ومن الصعب، وفقا لأكثر من مصدر في حزب « الكتاب »، أن تفضي هذه العملية إلى نتيجة عملية. لا تعكس قيادة التقدم والاشتراكية أهمية ملتمس الرقابة في جدول أعمالها هذا العام، رغم « تمسكها بالتنسيق » مع الاتحاد الاشتراكي « في مختلف المبادرات ».
كان التقدم والاشتراكية آخر الحلفاء الذين قد يذهبون إلى نهاية الطريق مع الاتحاد الاشتراكي، لكنه لا يريد فعل ذلك وحده دون باقي أطراف المعارضة. الحركة الشعبية، والعدالة والتنمية ثم النواب اليساريين القلائل في البرلمان.
في لقاء مع منسقي حزبه في الأقاليم، الجمعة الماضي، أثنى لشكر على التنسيق الحاصل مع التقدم والاشتراكية. في تغطية منشورة بموقع « أنوار بريس » التابع للاتحاد الاشتراكي، ومدير نشره هو لشكر نفسه، يدعو إلى « تشكيل قوة ضاغطة » من اليسار الموجود في المعارضة. وقد فهم الكثيرون في التقدم والاشتراكية أن لشكر يحاول إحياء مشروع قديم لتشكيل جبهة وطنية، أو يسارية، يكون هو قائدها. كانت هذه الطريقة هي مصدر كافة الإخفاقات التي أضعفت مشروع وحدة اليسار، ولشكر يحاول الآن إيقاظه مجددا، على أنقاض خراب ملتمش الرقابة.
يعاني الاتحاد الاشتراكي من أزمة مصداقية بعدما كشف المجلس الأعلى للحسابات في أحدث تقاريره، عن فضيحة كبيرة داخل هذا الحزب بسبب الأموال العمومية المخصصة لدعم الأبحاث والدراسات الخاصة بالأحزاب. فقد تبين أن لشكر منح ابنه، لحسن، وزميله في المكتب السياسي، المهدي مزراوي (عضو هيئة ضبط الكهرباء)، نحو 190 مليون سنتيم، مقابل إنجاز دراسات لفائدة الحزب. الاثنان أسسا مكتب دراسات قبيل تلقي مبالغ الدعم العمومي، وسجلا عنوانه بشقة هامشية في بلدة عين عودة، بعيدا بحوالي 30 كيلومترا جنوب شرق الرباط. تسببت هذه المعلومات في بلبلة داخل هذا الحزب، مع تنديد جماعة من قيادييه البارزين في الماضي، بهذه التحويلات.
كان مزواري، على سبيل المثال، متحمسا لملتمس الرقابة، بل وواثقا من جديته. في فبراير الفائت، قال إن المبادرة «تحظى بدعم أحزاب المعارضة»، قبل أن « ننفتح على بعض النواب اليساريين »، مشيرا بذلك إلى النائبتين البرلمانيتين، نبيلة منيب (الاشتراكي الموحد)، وفاطمة التامني (تحالف فدرالية اليسار). نفت التامني لنا أن تكون قد أحيطت علما بأي شيء يتعلق بملتمس الرقابة، من طرف آخر في المعارضة.
رغم ذلك، يواصل لشكر الدفاع عن نفسه في مواجهة الانتقادات المتعلقة بهذه الصفقات. وقد كال هجوما لاذعا على المجلس الأعلى للحسابات ردا على ذلك. ليس ذلك فقط، بل إن لشكر وباستمرار، في أنشطته بعد ذلك التقرير، يصر على وضع المهدي مزواري بجانبه حيثما كان يتحدث في موقف يسند فيه زميله بسبب الفضيحة.
لا تشعر الحكومة بتهديد كبير من تحركات الاتحاد الاشتراكي واليساريين الذي يمكن أن ينضموا إليه، فهي تتحوز على « أغلبية مطلقة، وصلبة وغير قابلة للاختراق »، كما يقول مصدر بالتجمع الوطني للأحرار.
يتوفر للتحالف الحكومي 270 مقعدا في مجلس النواب، من مجموع 395 مقعدا، دون احتساب التغيرات الطفيفة حول هذا العدد جراء الانتخابات الجزئية التي تكررت طيلة السنتين الماضيتين، لكنها لم تسفر عن تدهور مقاعد الأغلبية.
وبالرغم من تحوز التحالف الحكومي على أغلبيته، إلا أن تقديم ملتمس للرقابة، وحصوله على النصاب القانوني لعرضه ومناقشته في البرلمان، يشكل ضربة موجعة للحكومة ورئيسها اللذين لا يرغبان في التعرض لمساءلة صعبة ودقيقة مثل تلك التي تنتج عن ملتمس الرقابة. وحاولت حكومات في السابق، منع تقديم هذا الملتمس، ومن ثم، فقد كان آخر ملتمس رقابة في مجلس النواب عام 1990، أي قبل 34 عاما، وهو الثاني بعد أول كان عام 1964، وكلاهما لم يؤديا إلى سقوط الحكومتين اللتين كانتا هدفا لتلك الملتمسات.
وفقا للدستور، يحق لمجلس النواب أن يعارض مواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها بالتصويت على ملتمس للرقابة، لكن لا يقبل هذا الملتمس إلا إذا وقعه على الأقل خُمس الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس. تملك المعارضة، 125 نائبا، ويشكل أكثر من الخمس المطلوب لتقديم ملتمس رقابة، إلا أن التناقضات بين أطراف هذه المعارضة تضعف هذه الأعداد.
من الوجهة التقنية، تتشكل المعارضة في مجلس النواب من سبع حساسيات سياسية، لكن الاتحاد الدستوري، رابع أكبر كتل المعارضة بـ18 مقعدا، يدعم التحالف الحكومي. ومثله في ذلك، النواب الخمسة عن الحركة الديمقراطية الاجتماعية. لكن يمكن للمعارضة أن تمضي قدما في الحصول على النصاب القانوني بالرغم من عدم دعم الكتلتين المذكورتين.
كلمات دلالية أحزاب الاتحاد الاشتراكي المغرب حكومة معارضة
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: أحزاب الاتحاد الاشتراكي المغرب حكومة معارضة التقدم والاشتراکیة الاتحاد الاشتراکی ملتمس الرقابة تقدیم ملتمس
إقرأ أيضاً:
غضب شعبي بتوغو بعد تعديلات دستورية ترسخ سلطة الرئيس
تتواصل الاحتجاجات الشعبية في توغو ضد الإصلاحات الدستورية الأخيرة، التي يعتبرها معارضو النظام أداة جديدة لترسيخ سلطة الرئيس فور غناسينغبي، الذي يتولى الحكم منذ عام 2005.
وقد شهدت العاصمة لومي الأسبوع الماضي مظاهرات فرقتها قوات الأمن باستخدام الغاز المسيل للدموع، في مشهد يعكس تصاعد التوتر السياسي في البلاد.
وفي تطور لافت، دعت جهات من المعارضة والمجتمع المدني إلى استقالة الرئيس غناسينغبي، واصفة التعديلات الدستورية الأخيرة بـ"الخيانة العظمى" بحق الشعب والديمقراطية.
خلال مؤتمر صحفي مشترك، طالبت أحزاب "التحالف الوطني من أجل التغيير" و"القوى الديمقراطية من أجل الجمهورية"، إلى جانب شخصيات من المجتمع المدني، باستقالة الرئيس فورًا، مؤكدين أن "السيادة الوطنية ملك للشعب، لا لحاكم مفروض".
وانتقدت هذه الأطراف بشدة اعتماد دستور جديد دون استفتاء شعبي أو توافق وطني، معتبرة أن فرض "دستور الجمهورية الخامسة" يمثل انتهاكًا خطيرًا لإرادة الشعب.
كما دعت المعارضة إلى تظاهرات جديدة أيام 26 و27 و28 يونيو/حزيران الحالي، وإلى "العصيان المدني" اعتبارًا من 23 من نفس الشهر، في محاولة للضغط على النظام.
إعلانوقال ديفيد دوسيه، المتحدث باسم جبهة توغو الوطنية، إن "ما نشهده هو بداية غضب شعبي واسع". وأضاف أن جدار الخوف بدأ يتصدع، والشباب بدأ يستفيق.
تعود جذور الأزمة إلى أبريل/نيسان 2024، حين تم اعتماد دستور جديد ينقل البلاد إلى نظام برلماني، مما أتاح للبرلمان تعيين غناسينغبي رئيسًا للمجلس، وهو المنصب الأعلى في الدولة.
وقد حصل حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم على أغلبية مريحة في الانتخابات التشريعية، ما مكنه من تمرير التعديلات بسهولة.
وترى المعارضة أن هذه الخطوة تهدف إلى تمديد حكم غناسينغبي بوسائل قانونية، بعد نحو عقدين في السلطة، خلفًا لوالده الذي حكم البلاد لأكثر من 38 عامًا.
من جهتها، دافعت السلطات عن الإصلاحات، معتبرة أنها تهدف إلى "إضفاء الطابع المؤسساتي على الحكم" و"تعزيز الوحدة الوطنية".
وقال وزير إصلاح الخدمة العامة، غيلبير باوارا، إن "الدستور الجديد هو نتيجة لمسار إصلاحي طويل"، مشيرًا إلى أن النظام الجديد يمنع الأحزاب غير الوطنية من الوصول إلى السلطة.
وأضاف باوارا أن "المعارضة تكرر أساليب قديمة ولا تعمل على الأرض"، في إشارة إلى ضعف حضورها الشعبي مقارنة بالحزب الحاكم.