كيف استُخدم القمح سلاحا في حرب روسيا على أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 29th, July 2023 GMT
سلط الفيلم الوثائقي -الذي بثته الجزيرة اليوم الجمعة (2023/7/28)- الضوء على موضوع استخدام القمح سلاحا في الحرب الروسية على أوكرانيا التي بدأت في 24 فبراير/شباط 2022، وتداعيات هذا الاستخدام على طعام وحياة الناس في العالم.
وكشف الفيلم أن النتيجة الأكثر مأساوية لهذه الحرب كانت نقص الغذاء الذي طال الفقراء والأغنياء على السواء بعد أن تراجع الإنتاج الأوكراني من الحبوب، وواجه المزارعون في هذا البلد مشاكل حقيقية، سواء في الإنتاج أو في التصدير، وذلك بعد أن كانوا يوفرون أكثر من 5 ملايين طن من القمح شهريا.
وتعد أوكرانيا من أهم الدول المنتجة والمصدرة للقمح في العالم، وتتمثل ثروتها في تربتها السوداء التي تعد الأفضل في العالم، وهي خصبة للغاية ويطلق عليها "تربة الذهب الأسود" كما تقول لورا رايلي المراسلة المتخصصة في تغطية أخبار الغذاء في صحيفة "واشنطن بوست".
ووفق ماركو أنسالدو -وهو خبير جيوسياسي ومراسل أجنبي في تركيا- فقد استُخدم الطعام سلاحا جيوسياسيا في حرب روسيا على أوكرانيا.
بدوره، حذر المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ديفيد مولدرو بيزلي من أسوأ أزمة غذائية يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية، معتبرا استخدام القمح سلاحا بأنه "إعلان حرب على الأمن الغذائي العالمي".
وطالت أزمة الغذاء التي نتجت عن حرب روسيا على أوكرانيا دولا عربية مثل لبنان واليمن، وهو ما أشارت إليه المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في برنامج الغذاء العالمي كورين فلايشر بقولها إن اليمن يستورد 90% من احتياجاته الغذائية، قرابة 30% منها تأتي من البحر الأسود، وإن 16 مليون يمني لا يستطيعون الحصول على كفايتهم من الطعام.
وبعدما كان برنامج الغذاء العالمي يشتري الحبوب الأوكرانية من أجل إطعام العالم الثالث بات يعمل من أجل إنقاذ أوكرانيا وتوزيع المواد الغذائية على سكانها، ويقول البرنامج إن 20% من الأوكرانيين معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي.
دور تركيا في حل أزمة الحبوبوجاءت أزمة الغذاء بعد أن تضررت المنظومة الحيوية للزراعة الأوكرانية والمتمثلة في صوامع الغلال الضخمة التي يخزن فيها الحصاد الجاهز للتصدير من أوكرانيا إلى جميع أنحاء العالم.
وأكد دميتراسيفيتش ماركيان نائب وزير السياسة الزراعية والأغذية في أوكرانيا أنه قبل 24 فبراير/شباط 2022 كانت السعة التخزينية تقدر بحوالي 75 مليون طن من الحبوب، وتم تدمير حوالي 5 ملايين طن بسبب الأعمال العسكرية.
وأضاف أنه خلال الأسابيع الأولى من الحرب ضُربت سلاسل لوجستيات التوريد داخل أوكرانيا، مثل تسليم الطحين وتسليم المواد الخام لصنع الخبز.
وتفاقمت الأزمة بعد إغلاق موانئ البحر الأسود والقصف الروسي لميناء أوديسا الذي كان أحد أهم الموانئ البحرية في العالم، إذ ظل متوقفا عن العمل لعدة أشهر.
وبحسب الإحصائيات، فقد خسر الاقتصاد الأوكراني 6 مليارات دولار شهريا بسبب حصار الموانئ.
وركز الفيلم الوثائقي على دور تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان في حل أزمة الحبوب الأوكرانية، وهو ما أشار إليه الخبير الجيوسياسي ماركو أنسالدو بقوله "يجب الاعتراف بأن الرئيس التركي قد لعب دورا لم يلعبه الآخرون، فهو يستغل الموقع الجيوسياسي لبلاده بشكل جيد ويضعها في قلب صورة تثير الاهتمام"، مؤكدا أن تركيا لطالما حافظت على موقعها بين الجانبين، فهي تتواصل مع موسكو وكييف.
واستعادت سفن الشحن نشاطها لتصدير الحبوب الأوكرانية بعد توقيع اتفاقية الحبوب في 22 يوليو/تموز 2022 بإسطنبول.
واعتبارا من 30 أكتوبر/تشرين الأول الماضي خرجت أكثر من 400 سفينة من الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود بحمولة إجمالية قدرت بـ9 ملايين و700 ألف طن من المنتجات الزراعية.
وبدءا من 14 سبتمبر/أيلول الماضي توجهت 27% من السفن نحو دول العالم الثالث و47% نحو الدول الغنية، فيما بلغت الصادرات إلى لبنان والصومال 1% فقط.
يذكر أنه في 17 يوليو/تموز 2023 أبلغت روسيا رسميا كلا من تركيا وأوكرانيا والأمانة العامة للأمم المتحدة اعتراضها على تمديد "صفقة الحبوب"، مما يطرح تساؤلات بشأن تداعيات هذا القرار على أسعار الحبوب -خاصة القمح- وعلى الأمن الغذائي العالمي بشكل عام.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: على أوکرانیا فی العالم
إقرأ أيضاً:
روسيا تنتظر رد أوكرانيا بشأن حضور محادثات جديدة في إسطنبول
أعلنت روسيا اليوم الخميس أنها لا تزال بانتظار رد أوكرانيا على جولة مقترحة من المحادثات يرتقب عقدها في إسطنبول الإثنين المقبل على أمل التوصل إلى تسوية سلمية تنهي النزاع، فيما تتهم كييف موسكو بكسب الوقت مطالبة بمعرفة شروطها قبل أي اجتماع.
وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية (الكرملين) دميتري بيسكوف "بحسب علمي، لم نحصل على رد بعد.. علينا انتظار رد من الجانب الأوكراني"، بخصوص اقتراح عقد لقاء جديد في إسطنبول بعد اجتماع للطرفين في 16 مايو/أيار أسفر فقط عن اتفاق لتبادل للأسرى.
وكانت أوكرانيا قي أبدت أمس استعدادها لإجراء جولة جديدة من المفاوضات المباشرة مع روسيا، لكنها طالبت بأن تقدّم موسكو شروطها للسلام مسبقا لضمان أن يفضي الاجتماع إلى نتائج.
واعتبر بيسكوف اليوم مطلب كييف من روسيا تسليمها شروط السلام قبل المحادثات "غير بنّاء".
ورد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية جورجي تيخي، على تصريحات الكرملين على منصة "اكس" قائلا "إن خوف الروس من إرسال وثيقتهم إلى أوكرانيا يُشير إلى أنها على الأرجح تتضمن إنذارات نهائية غير واقعية، ويخشون الكشف عن عرقلتهم لعملية السلام".
وأضاف "إن لم يكن الأمر كذلك، فعليهم إرسال هذه الوثيقة فورا.. والتوقف عن هذه الألاعيب، التي تُظهر فقط أنهم على الأرجح يريدون أن يكون الاجتماع المقبل فارغا".
إعلان لعب بالنارواقترحت موسكو إجراء هذه المحادثات بعدما اتهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين بـ"اللعب بالنار".
ورغم الجهود الدبلوماسية التي قادتها الولايات المتحدة على مدى أشهر، لا يبدو الطرفان أقرب للتوصل إلى اتفاق يضع حدا للحرب المستمرة منذ فبراير/شباط 2022.
وفي 16 أيار/مايو، عقد الوفدان الروسي والأوكراني أول لقاء مباشر بينهما منذ ثلاث سنوات في اسطنبول، من دون إحراز تقدّم.
ولم تسفر مناقشات إسطنبول عن أي تقدم فيما اتهمت أوكرانيا روسيا بتقديم مطالب إقليمية "غير مقبولة"، لكن تعهّد الجانبان خلال تلك المفاوضات، القيام بعملية تبادل غير مسبوقة للأسرى، شملت ألف اسير من كل جانب وأُنجزت نهاية الأسبوع الفائت.
ويبدو أنه من الصعب التوفيق بين المواقف الرسمية للجانبين. ففي حين تطالب روسيا بأن تتخلى أوكرانيا عن فكرة الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وأن تتنازل عن المناطق الخمس التي ضمّتها، تعتبر كييف ذلك أمرا لا يمكن القبول به.