تحريض وشيطنة للفلسطينيين ودعم مطلق للاحتلال.. هكذا تعاطى الإعلام الإسرائيلي مع حرب غزة
تاريخ النشر: 9th, April 2024 GMT
منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يخوض إعلام الاحتلال حربا مختلفة عن تلك التي يشاهد العالم فصولها، ليس في أسلوب وشكل الانحياز فحسب، بل في تخليه عن أي معايير مهنية.
فمنذ اليوم الأول للحرب على القطاع، تطوع الإعلام الإسرائيلي بخدمة السلطة والجيش، ولم يخل الأمر من تجرد صحفيين عن أبسط معايير المهنية والحيادية.
وتمثل ذلك في أشكال مختلفة وصلت حد التحريض على قتل الفلسطينيين والبحث عن ثقة إجماع إسرائيلي كان يتوق للانتقام بعدما اعتبرت "هزيمة نكراء" منيت بها إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ورصد مراسل الجزيرة إلياس كرام في تقرير كيفية تعاطي الإعلام الإسرائيلي مع الحرب على قطاع غزة، والذي لم يكن أسوأ ما فيه شيطنة الفلسطينيين ووصفهم بالحيوانات كما قال وزير الدفاع يوآف غالانت، بل ذهب الأمر إلى أبعد من ذلك بكثير.
وظهر تجرد الإعلام الإسرائيلي من أي معايير مهنية في محاولة إرضاء دافع الانتقام باعتباره الهم الأول لجمهور مواطنيه، عبر دعوات علنية للقتل الجماعي وتجويع الفلسطينيين.
نماذج وأمثلةوضمن ما رصده التقرير من تلك التصريحات، ما قاله روعي شارون، المراسل العسكري للقناة الـ11 "إذا أردنا الانتصار في هذه الحرب فالطريقة تقويض سلطة حماس حتى لو كان الثمن مليون جثة في قطاع غزة".
ومن ذلك أيضا، تحريض تسفيكا يحزقيلي محرر الشؤون العربية للقناة الـ13، على ضرورة أن تبدأ أول ضربة بقتل 100 ألف فلسطيني في غزة.
فيما قال إعلامي آخر، إن إسرائيل إذا اختارت الحياة فعليها ضرب "العدو" وأن يكون عقابا أعمى وشيطانيا ووحشيا لا حدود له، مضيفا "على إسرائيل أن تنزل على غزة وعلى أي عدو يرفع رأسه نيرانا دون تمييز أو حدود أو أخلاق أو إذعان للقانون بل خراب مطلق".
ومعلقا، اعتبر حاييم كلاين أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان، أن ذلك يمثل إفلاسا لدى الإعلام الإسرائيلي الذي توقف عن توجيه الأسئلة المهمة على شاكلة لماذا خرجنا للحرب؟ وهل هنالك هدف حقيقي لها أم هو الانتقام فقط؟ كما لم يوجه الإعلام أي انتقاد للسلطة بل انجر وراءها، وهو ما يعد خطأ فادحا، على حد تقديره.
ورغم أنه لم يكن متوقعا من الإعلام الإسرائيلي التعاطف مع معاناة الفلسطينيين لاعتبارات سياسية وأيديولوجية إضافة لأخرى تجارية تتعلق بنسب مشاهدة ومردود الإعلانات، فقد كان من المثير تقمص بعض الصحفيين دور الناصحين السياسيين والعسكريين في إسرائيل حول أنسب الطرق للتنكيل بالفلسطينيين.
أداة صراعوفي هذا يقول الكاتب والصحفي الإسرائيلي، داني روبينشطاين، إن الإعلام الإسرائيلي تحول إلى أداة في الصراع السياسي والعسكري، حيث يقوم بدور الدعاية من أجل رفع المعنويات ودعم الجيش، لذلك فرض على نفسه رقابة ذاتية في إخفاء كل ما ليس جيدا.
واستحضر في هذا السياق مثالا، عندما قالت إحدى الأسيرات المحررات إن حماس عاملتها بالحسنى، وهو ما كان أشبه بعملية إرهابية على مستوى الدعاية الإسرائيلية، لافتا إلى أن كل من يحيد عن هذا الخط المعتمد يصبح شاذا أو معاديا للسامية، وعارا على الصحافة الإسرائيلية.
وإضافة للتحريض والعظات السياسية، ذهب بعض الصحفيين لأداء الطقوس الدينية على أنقاض بيوت الفلسطينيين وكتابة الأمنيات على القذائف الصاروخية التي كانت المدفعية الإسرائيلية تدك بها غزة بلا هوادة.
وتخلى الإعلام الإسرائيلي عن جزء كبير من استقلاليته وفرض على نفسه رقابة ذاتية علاوة على الرقابة الصارمة التي قيد بها الرقيب العسكري العمل الصحفي خلال الحرب، وبدت الجولات التي نظمها الجيش للصحفيين جزءا من الدعاية والترويج لسردية الجيش السياسية والميدانية حصرا.
وحجب الإعلام الإسرائيلي بقدر ما استطاع صور الدمار الذي حل بغزة، إلا ما كان يخدم السردية الإسرائيلية، فلم يكن هناك مكان للحديث عن فلسطينيين أبرياء يعانون الجوع والدمار، بل كان التشفي بحالهم هو الأساس.
بينما كان مصير من خالف من الصحفيين الإسرائيليين -على قلتهم- الرواية المعتمدة التوقيف عن العمل، والإجبار على الاعتذار كما حدث مع الصحفي غيل تماري، الذي أعلن تراجعه عن تصريحات اتهم فيها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنه يريد موت الأسرى في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الإعلام الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
الإبادة الإسرائيلية تتفاقم بغزة عبر سلاح التجويع وعسكرة المساعدات
وأدخلت إسرائيل مزيدا من أنواع الأسلحة، وبات القتل عن طريق الذخائر الحارقة مشهدا جديدا في حرب عنوانها الترويع والتجويع والقتل بلا هوادة، إذ لا شيء يقف أمام آلة الاحتلال الإسرائيلي التي استفردت بالقطاع، دون رادع.
كذلك تستخدم إسرائيل سلاح التجويع وعسكرة المساعدات، بعد أكثر من 600 يوم من المجازر والتدمير في غزة، في حين تنتظر قرارات المحكمة الجنائية الدولية التنفيذ.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الطعام فخ للقتل.. شهادات مروعة عن مجازر إسرائيل بغزةlist 2 of 4مجزرة جديدة بحق طالبي المساعدات وحماس تطالب بإيقاف "مصايد الموت"list 3 of 4قصص من فواجع الحرب في السودانlist 4 of 4أطباء بلا حدود: الحرب في السودان دمرت القطاع الصحيend of listوأمام هول ما يجري، عادت المظاهرات تحرك الشوارع في أوروبا، حيث لوّح عدد من المسؤولين بعزلة محتملة لدولة ترفض أن توقف المجزرة.
ورصد برنامج "المرصد" -في حلقته بتاريخ (2025/6/2)- جزءا من آخر تطورات الحرب الإسرائيلية، وتوقف عند تعطل تفعيل القانون الدولي أمام جريمة اكتملت أركانها.
ولا تزال ملاحقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت تنتظر التنفيذ، كما لا يزال الموقعون على قانون المحكمة يحجمون عن اعتقال المطلوبين للعدالة الدولية.
وفي مشاهد لم تعد استثنائية، تقف الطفلة "ورد" حارقة القلوب بنجاتها الوحيدة من محرقة التهمت عائلتها، في حين فقدت الطبيبة آلاء النجار أبناءها التسعة في قصف حولهم إلى جثث بلا ملامح، ثم لحق بهم زوجها متأثرا بجروحه، وهم الذين اعتادت إسعاف أمثالهم في أقسام الطوارئ.
إعلانوتتوالى القصص من كل مدينة وشارع في غزة عن عائلات بأكملها مُحيَت من السجلات، وعن مشاهد أجساد محترقة ملقاة على الأرض أو بين الركام، دون أن تثير الإدانات المتكررة أي تحرك ملموس على الأرض.
معسكرات فرز وإذلالوفي الوقت الذي كانت فيه غزة تواجه القصف، كانت معسكرات جديدة تُبنى فوق أنقاض المنازل، تحت مسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، وتدار من قبل شركات أمنية أميركية وفق خطط أمنية مشددة.
لكن هذه المنشآت لم تكن سوى أدوات لفرز السكان وإذلالهم في طوابير مذلة من أجل فتات المساعدات، بينما تزداد صور العظام البارزة وصراخ الجوعى في المخيمات والخيام.
وسرعان ما تحولت تلك المراكز إلى ساحات موت جماعي، حيث ارتكبت القوات الإسرائيلية مجزرة دامية في محيط المعسكر الرئيسي، أوقعت عشرات الشهداء ومئات الجرحى، في أثناء انتظارهم المساعدة.
وعلى وقع تلك المجازر، بدأت وسائل إعلام غربية تطرح تساؤلات عن الغرض الحقيقي من عسكرة المساعدات، خاصة بعد تصريحات لوزراء إسرائيليين اعتبروا "تحديد كمية الغذاء" ضرورة لتجنب المساءلة الدولية.
وفي تصريح يعكس الانكشاف الأخلاقي الكامل، تباهى رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمشاهد الفلسطينيين، نافيا وجود المجاعة، بينما أظهرت الصور أجسادا أنهكها الجوع وأرواحا تنهشها الحرب بصمت.
وتحولت أكياس الطحين الفارغة إلى أكفان مؤقتة، في حين تنهمر شهادات الناجين والنازحين عن تعذيب الأسرى، واستخدامهم دروعا بشرية، وتوثيق تعريهم أمام الكاميرات ضمن سياسة التنكيل الممنهج.
وباتت المجاعة في غزة جريمة موثقة، شهدت بها منظمات الأمم المتحدة، وكشفت أبعادها في تقارير رسمية، أكدت أن ما يجري هو استخدام الطعام سلاحا ضد المدنيين.
وفي حين تتراكم الأدلة وتتكشف المخططات، تتردد بعض العواصم الغربية في الوفاء بالتزاماتها أمام محكمة الجنايات الدولية، مما دفع منظمات المجتمع المدني إلى الدعوة لتفعيل الضغط الشعبي.
إعلان خطر يتربص بسكان الخرطوموتناول "المرصد" في قصته الثانية عودة الآلاف من سكان العاصمة السودانية الخرطوم إلى منازلهم، بعد استعادة الجيش السيطرة على العاصمة وأجزاء واسعة من البلاد بعد سنتين من القتال مع قوات "الدعم السريع".
وأفردت الحلقة مساحة للحديث عما يواجهه السكان من تحديات بسبب الكميات الهائلة من الذخائر غير المنفجرة، المنتشرة في مختلف أرجاء الخرطوم.
وبلغة الأرقام، تمكن أكثر من 100 ألف سوداني من العودة إلى بيوتهم، لكن الذخائر والصواريخ غير المنفجرة تنتشر في جميع أنحاء المدينة.
وأفادت تقارير بمقتل 16 مدنيا على الأقل وإصابة العشرات في انفجار ذخائر خلال الأسابيع الأخيرة، في وقت يُخشى فيه أن يكون العدد الحقيقي للقتلى أعلى من ذلك.
بدورها، تجري فرق التطهير السودانية وخبراء الأمم المتحدة التفتيش عن هذه الذخائر غير المنفجرة، في محاولة لتأمين الخرطوم، لكنهم يقولون إنهم بحاجة إلى مزيد من الموظفين والأموال، لا سيما إثر خفض المساعدات الأميركية.
وسجلت المبادرة عودة أكثر من 50 ألف مواطن من مصر فقط، في رحلات شاقة يمولها رجال أعمال ومتطوعون، لمساعدة المتضررين على لمّ شمل العائلات.
وروت سلمى، إحدى العائدات، كيف غادرت مصر برفقة طفلي شقيقتها لتأمين مستقبلهما الدراسي، مؤكدة أن الظروف الأمنية تحسنت، رغم غياب الخدمات الأساسية في الحي الذي عادت إليه.
لكن التحدي الأكبر يبقى في نزع القنابل والذخائر التي خلفتها المعارك، فكل يوم يحمل خطرا جديدا، كما حدث مع المراهق مزنر الذي فقد ذراعه في انفجار مفاجئ خلال تنظيف المنزل.
3/6/2025