لم تنتهِ جريمة خطف وقتل منسّق حزب "القوات اللبنانية" في قضاء جبيل باسكال سليمان فصولاً بعد، لا على المستويين القضائي والأمني، في ضوء استمرار التحقيقات لكشف كلّ الملابسات المرتبطة بها وتوقيف كلّ المتورّطين ومحاكمتهم، ولا على المستوى السياسي، على خلفية التشنّج الذي فرضته الجريمة منذ اللحظة الأولى، والتوتر الذي تصاعد بعد إعلان النهاية "الحزينة"، وما أفرزه من "احتقان" في النفوس.



وإذا كانت كلّ الأنظار اتّجهت تحديدًا إلى طريقة تعامل حزب "القوات اللبنانية" مع الجريمة، بوصفه "أم الصبي" إنّ صح التعبير، فإنّ الموقف الرسمي للأخير بدا كمن يحاول إيجاد "توازن"، فهو من جهة دعا إلى "ترك الساحات وفتح الطرقات"، لكنّه من جهة ثانية، شكّك في الروايات المسرّبة حول دوافع الجريمة، معتبرًا أنّها "غير منسجمة مع حقيقة الأمر"، متمسّكًا بالقول إنّ الجريمة هي "عملية اغتيال سياسية"، وذلك "حتى إثبات العكس".

إلا أنّ موقف "القوات" هذا يثير في جانب منه العديد من علامات الاستفهام، فلماذا الإصرار على وضع الأمر في الخانة السياسية مع كلّ ما قد يترتّب على ذلك من تبعات محسوبة أو غير محسوبة، في وقت تشير التحقيقات التي اكتملت خيوطها في وقت قياسي إلى خلاف ذلك؟ هل تمتلك "القوات" معطيات محدّدة تجعلها تتبنّى هذا الرأي، وهل تقرأ في الجريمة "رسالة" إلى قيادتها مثلاً؟ وكيف يقارب خصومها الأمر، وهل يخشون من الأسوأ؟!

"ليثبتوا العكس"

بالنسبة إلى "القوات اللبنانية"، فإنّ البيان الرسمي الذي صدر عن الدائرة الإعلامية فيها بعيد إعلان مقتل منسّقها باسكال سليمان يعبّر خير تعبير عن الموقف الرسمي، فما سُرّب ليس كافيًا للاقتناع برواية "السرقة"، بل إنّ الرواية المتداولة تبدو "غير متينة" في الشكل والمضمون، وتعتريها "ثغرات عدّة" لا تزال بحاجة لمن يفكّكها، ولذلك فالمطلوب تحقيق "جدّي وعميق" يكشف بالأدلة الملموسة الخلفيّات الحقيقية للجريمة، وغير القابلة للطعن.

يقول المقرّبون من "القوات" والمتعاطفون معها إنّ الأخيرة لم تجزم بأنّ الجريمة هي "اغتيال سياسي"، وإن كانت ميّالة إلى هذا الاعتقاد، لكنّها اعتبرت أنّها كذلك "حتى إشعار آخر"، وما قصدته بالإشعار الآخر هو "إثبات العكس"، علمًا أنّ هؤلاء يرون في هذه المقاربة السبيل الأمثل لـ"وأد الفتنة" وليس "إشعالها"، كما حاول بعض الخصوم اتهامها، لأنّ "تسطيح" الجريمة وحده كان يمكن أن يفضي رأسًا وتلقائيًا إلى الفتنة، التي يسعى إليها الطابور الخامس.

أهمّ ما في الأمر بالنسبة إلى هؤلاء، أن من حقّ "القوات" أن تشكّك، ليس فقط لأنّ الرواية المتداولة غير مقنعة برأيها، فلا معنى لتصفية الرجل إذا كان المقصود سرقته فقط، ولكن أيضًا لأنّ ما يصفه "القواتيون" بفريق "الممانعة" لديه سجلّ حافِل بتوجيه "الرسائل النارية" إلى خصومه، وهو لا يتردّد في استخدام أسلوب "الاغتيالات"، التي تبقى دائمًا للمفارقة بلا إدانة، أو يتمّ أخذها باتجاهات يدرك القاصي والداني أنها لا تعبّر عن الحقيقة بأيّ شكل من الأشكال.

"توظيف سياسي"

وإذا كان هناك من يسجّل لـ"القوات"، حتى بين الخصوم، عدم انجرارها لمخطط "الفتنة العمياء" في بادئ الأمر، ولا سيما أنّها دعت إلى انتظار التحقيقات، قبل توجيه أي اتهامات، إلا أنّ هناك من يشير إلى أنّ الأداء العمليّ والتصاعدي على الأرض لم يعكس ذلك، وهو ما ظهر بوضوح سواء في تصريحات بعض المسؤولين "القواتيين" الذين رفعوا السقف عاليًا، أو في بعض التصرفات "الانفعالية" بعض الجمهور "المندفع"، إن صحّ القول.

في هذا السياق، يتحدّث البعض من خصوم "القوات" عن "توظيف سياسي" للجريمة، لتحقيق غايات سياسية قد تكون آنية، ظهر بشكل واضح وجليّ في البيانات اللاحقة للحزب، خصوصًا حين رمى بكرة الاتهام في ملعب "حزب الله"، بغضّ النظر عن كلّ شيء، باعتبار أنّ وجوده عطّل الدولة بكلّ بساطة، ويعتبر هؤلاء أنّ مشكلة هذا الخطاب الذي قد يصنَّف "تحريضيًا"، أنه يزيد من عنصر "التوتير"، في لحظات تتطلب خطابًا من نوع آخر.

وهنا، يستغرب هؤلاء مجاهرة "القوات" تارةً بتشكيكها بالرواية الرسمية، وهي الرواية التي قدّمها الجيش وسائر الأجهزة الأمنية، التي حقّقت الكثير في وقت وجيز، بتوقيفات وملاحقات، وطورًا باتهامها السياسي لـ"حزب الله"، في حين أنّ الواقع أنّ نواب "القوات" أنفسهم كانوا يشتكون ومنذ أشهر طويلة، من "عصابات السرقة" التي تنتشر في جبيل تحديدًا، حيث وقعت الكثير من الحوادث سابقًا، وإن لم تكن نهاياتها "مأساوية" بالضرورة.

صحيح أنّ الخلاف بين "حزب الله" و"القوات اللبنانية" عميق جدًا، وهو يختصر في مكان ما الانقسام العمودي اللبناني بين معسكرين "يتناقضان" في كلّ شيء تقريبًا، من دون أن يتقاطعا على أيّ "مساحة مشتركة" فعليّة. لكنّ الصحيح أنّ المطلوب في اللحظات الدقيقة والحسّاسة، التعالي على كلّ الخلافات، لمنع العبث بالأمن، والتسبّب بصدام طائفي أو أهلي، ليس خافيًا على أحد أنه "أخطر" من كل الجرائم، وحتى الاغتيالات! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: القوات اللبنانیة

إقرأ أيضاً:

تسلم البطن الجابتك

تسلم البطن الجابتك

كتبت- يسرية محمد الحسن

ما من منطقة تأذت من هذه الحرب مثلما تأذت به ولاية الخرطوم ! دمار ما بعده دمار تفكيك وتدمير ممنهج بل ومدروس للبنى التحتية بالعاصمة كلها. كل شبر.. كل متر كل مربع كل شارع.. حارة.. حي.. سوق.. مشفى مدرسة.. جامعة دور العبادة.. تخيلوا حين يهدمون مسجدا.. أو كنيسة تتعالى أصواتهم النكرة بالتكبير !!! حتى الأشجار والطيور والحيوانات لم تسلم من بطش هؤلاء (الذين يعدنا
قادتهم بجلب الديمقراطية والعدالة وحقوق المواطنين) قبلا توعد وهدد قائدهم بأن عمارات الخرطوم (ستسكنها الكدايس).. خربوها نعم. دمروها نعم.. جعلوا عاليها واطيها.. نعميين !!. اضطهدوا مواطنيها وأذلوهم أيما اضطهاد وإذلال ! وهل من بعد سرقة (شقى العمر ) للمواطنين المسالمين العزل الأبرياء سيكون لهؤلاء نصيب من قبول لدى مواطنىدي ولاية الخرطوم. التي وبعد رحيلهم المذل عنها أصبحت كما تمنى قائدهم في مقولته تلك … ولاية لا تصلح حقا الا (لسكنة الكدايس)!!..عامان كانهما دهر بأكمله ! ذاق فيها الناس ( الويل وسهر الليل)! والظلم والقهر والاضطهاد، والاذلال والعنف والقتل والسبي للنساء والبنات والاختفاء القسري للرجال والنساء على حد سواء.. والتخويف والرعب والإرهاب. كانوا يقفون على كل باب ! كان مواطنو الخرطوم أسرى في أيدي هؤلاء.. نعم أسرى بكل مافي الكلمة من معان ومدلولات ! أسرى داخل الأحياء.. لا يستطيعون التحرك إلى أي جهة بالولاية أو خارجها. إلا بعد تفتيش دقيق وتمحيص أدق ولك أن تتخيل عزيزنا القارئ. كيف كان الحال في عاصمتنا الجميلة قبل وقوعها في أيدي هؤلاء القتلة وكيف كان حال مواطنيها الذين لم تسعفهم ظروفهم المادية للهرب من هذا الجحيم.. خرج هؤلاء الذين ( لا يشبهون البشر) ولا أي علاقة لهم البتة بالجنس البشري ! او حتى بجنس الحيوان. نعم. فبعض الحيوانات رؤوفة ببني جلدتها وأجناسها..! دمار بهذا الحجم للبنى التحتية وللمباني. سكنية او حكومية ونهب ممتلكات المواطنين وتدمير بيوتهم بهذا العنف والإصرار والترصد لا يمكن بأي حال. أن يكون وليد اللحظة ! هي خطط مدروسة وبعناية فائقة لـ( مسح كل شيء. اي شيء) له علاقة بعاصمة اسمها الخرطوم !..

خرج الجنجويد. نعم. بعد أن نفذوا تعليمات قياداتهم العليا. كما طلب منهم بالملي والسنتمتر والشولة والنقطة لم يخرج أحمد عثمان حمزة..! لم يبارح ولايته قط عاش لحظة بلحظة هذا (التسونامي) الغريب والمتوحش والشرس واللا دين له ولا وطنية ولا إنسانية ورأى رأي العين كل ما حدث وهو صابر صامد في في مكانه يمارس نشاطه في كرري التي لم يستطع هؤلاء (الغجر) أن يطؤوها ! ولكن دانات مدافعهم ومسيراتهم كانت تفشل دوما في أن تصيب المنطقة بأذى ! فترتد إليهم بالخزي والخيبة والحسرة والانهزام.

خليت الخرطوم تماما من مغول العصر وكان أول من انتقل للعمل فيها من مقر أمانة الحكومة الذي دمر ونهب وسرق كل شيء بداخله والي الولاية ووزراء حكومته المكلفين ما من أي معينات أو اموال. ليبدأ هؤلاء الرجال تطويع المستحيل ليصبح واقعا ولكن المستحيل أصبح واقعا بالفعل ! كيف ذلك وبأي أموال أو معينات. أو… أو… لا ندري ولا نعلم.. فقط نعلم أن مجهودات جبارة بذلت ولا زالت تبذل لإعادة عاصمة البلاد إلى ألقها وجمالها وماضيها الجميل..
بالأمس ساقتني قدماي إلى (سوق ستة) وسوق ستة سادتي واحد من الأسواق الشعبية المنتشرة بعاصمة الجمال.. لبرهة حسبتها دهرا تحسست رأسي هل ضللت طريقي؟ (فقد اعتدت أن أمشي بأرجلي كثيرا) نعم هو سوق ستة أو سوق الوحدة كما يسمونه ولكني لم أصدق عيناي وأنا أرى (جبال نفايات السوق والجنجويد ) وقد اختفت !!

الطرقات التي كانت مرتعا خصبا لأولئك الأوباش. يدخنون الحشيش داخل الرواكيب ويحتسون القهوه والشاي ويأكلون ويشربون ويذلون المواطنين ! بل يعتدون عليهم ضربا بسياط العنج. دون أي مبررات..! هذه الرواكيب والفوضى والعشوائية التي كان سائدة ولمدة العامين الماضيين قد اختفت !! لم أصدق أنه سوق الوحدة لماذا.. لأن هذا السوق حوله هؤلاء الأوباش إلى مكب نفايات كل الموبقات والخارج عن القانون هو سيد الموقف.. عاد كل شيء إلى وضعه.

قبل السنتين الماضيتين لأول مرة أرى أنه كانت هناك شوارع أسفلت داخل هذا السوق.. كان لابد أن استفسر عن الأمر فقد كنت قبل يومين بالسوق. وكان على حاله المتسخ والـ (مقرف) والعشوائية والفوضى تملأ كل مكان فيه ما الذي حدث بالضبط وأي معجزة تلك التي وفي يومين فقط غيرت ملامح السوق تماما تماما ليعود كما عرفناه قبل أن تطأه الأقدام النجسة جاءتني الإجابة من فورها.. من وجوه المواطنين والفرح يغمر الوجوه… (الوالي كان هنا يوم السبت الفات، وطاف على كل السوق، أي مكان، أي راكوبة، أي زقاق، وكان زعلان شديد. لما شاف الحاصل) وركب عربة، ما فخمة زي عربات المسؤولين البنشوفها في التلفزيون… يرد بائع ليمون كان جوارنا.. الكلام ده أول أمس، أمس جات حملة كبيرة ماليها عد، وعربات للشرطة والأمن، وضباط كبار وصغار، وعساكر، وآليات كبيرة.. السوق ده في ست ساعات بس، أهو زي ما إنتو ونحن شايفنو رجع كيف؟؟!!!

 

القائد الذي سيخلد اسمه في تاريخ السودان الحديث كأعظم قائد انتصر على أكبر مؤامرة تحاك ضد دولة بالعالم قديمًا وحديثًا، فخامة الرئيس البرهان، أخاطب سيادتكم. لأنكم أنتم من اخترتم الاستاذ أحمد عثمان حمزة واليًا على ولاية الخرطوم. أخاطبكم وبكل الأدب أقول: كيف سيكون الجزاء لهذا الرجل الذي طوع المستحيل في زمن قياسي، وبفضل جهوده عاد مواطنو الخرطوم إلى الديار التي نعمت بالأمن والأمان والخدمات من بعد طول غياب.

 

هذا الوالي، النموذج لرجل الدولة المتفاني في خدمة مواطنيه، يستحق منكم، أخي القائد، التكريم ومنحه أرفع الأوسمة التي تقلد عادةً لأعظم القادة في ميادين القتال. فمثله لم تلده أمّه بعد!! وأخي سعادة الأستاذ الفخيم أحمد عثمان حمزة، والي ولاية الخرطوم، يوم شكرك ما يجي!! وتسلم البطن الجابتك.

بسرية محمد الحسن

صحيفة أخبار اليوم

الخرطوم.

 

البرهانوالي الخرطوميسرية محمد الحسن

مقالات مشابهة

  • مصر تعتبر المظاهرات أمام سفاراتها لا تدعم القضية الفلسطينية
  • بوتين يستقبل وزير الخارجية السوري في الكرملين.. ودمشق تعتبر اللقاء تاريخيًا
  • وزارة المالية: باشرنا إجراءات تحويل الرواتب لأهلنا والأخوة العاملين بالقطاع العام في محافظة السويداء، إلا أننا تفاجأنا بتعرض بعض هذه الأموال للسطو المسلح من قبل مجموعات خارجة عن القانون، ومنها السطو على فرع المصرف التجاري السوري في مدينة شهبا، الأمر الذي
  • العمامي: العثور على مخزن الأسلحة في سبها كان نتيجة عملية استخباراتية ناجحة
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القمة التي جمعت السيدين الرئيسين أحمد الشرع وإلهام علييف في العاصمة باكو في الـ 12 من تموز الجاري خلال الزيارة الرسمية للرئيس الشرع إلى أذربيجان، أثمرت عن هذا الحدث التاريخي الذي سيسهم في تعزيز التعاون ا
  • القائم بأعمال سفارة جمهورية أذربيجان بدمشق لـ سانا: القيادة الأذربيجانية تولي أهمية خاصة للعلاقات مع سوريا الجديدة، وقد لقي ذلك ترحيباً وتجاوباً من الجانب السوري، الأمر الذي أدى إلى إقامة علاقات الصداقة والتعاون المتبادل بما يتماشى مع مصالح البلدين والشعب
  • بوعياش تعتبر العفو عن 23 محكوما بالإعدام بمناسبة عيد العرش تحولا نوعيا
  • تسلم البطن الجابتك
  • إسرائيل ترتبك بعد وقوف بريطانيا في مواجهتها وتل ابيب تعتبر تحرك لندن مكافأة لحماس
  • توكل كرمان: الزايدي قيل يماني كبير والافراج عنه ضرورة سياسية وأخلاقية وإنسانية