بقلم : سمير عبيد

‏تقول:
‏وصلتُ إلى بيروت في بداية التسعينات، في توقيت وصول الشاب الجزائري( خالد ) إلى النجوميّة العالميّة.
‏أُغنية واحدة قذفت به إلى المجد كانت أغنية “دي دي واه” شاغلة الناس ليلاً ونهاراً.
‏على موسيقاها تُقام الأعراس، وتُقدَّم عروض الأزياء، وعلى إيقاعها ترقص بيروت ليلاً، وتذهب إلى مشاغلها صباحاً.


‏كنت قادمة لتوِّي من باريس، وفي حوزتي كتاب “الجسد”، أربعمائة صفحة، قضيت أربع سنوات من عمري في كتابته جملة جملة، محاوِلة ما استطعت تضمينه نصف قرن من التاريخ النضالي للجزائر، إنقاذاً لماضينا، ورغبة في تعريف العالم العربي إلى أمجادنا وأوجاعنا.
‏لكنني ما كنت أُعلن عن هويتي إلاّ ويُجاملني أحدهم قائلاً: “آه.. أنتِ من بلاد الشاب خالد!”،
‏هذا الرجل الذي يضع قرطاً في أذنه، ويظهر في التلفزيون الفرنسي برفقة كلبه، ولا جواب له عن أي سؤال سوى الضحك الغبيّ؟
‏أصبح هو رمزا للجزائر
‏العجيب أن كل من يقابلني ويعرف أنني من بلد الشاب خالد فوراً يصبح السؤال، ما معنى عِبَارة “دي دي واه” ؟ ، وعندما أعترف بعدم فهمي أنا أيضاً معناها، يتحسَّر سائلي على قَدَر الجزائر، التي بسبب الاستعمار، لا تفهم اللغة العربية!
‏وبعد أن أتعبني الجواب عن “فزّورة” (دي دي واه)، وقضيت زمناً طويلاً أعتذر للأصدقاء والغرباء وسائقي التاكسي، وعامل محطة البنزين المصري، عن جهلي وأُميتي، قررت ألاّ أفصح عن هويتي الجزائرية، كي أرتاح.
‏الحقيقة أنني لم أحزن أن مطرباً بكلمتين، أو بأغنية من حرفين، حقق مجداً ومكاسب، لا يحققها أي كاتب عربي نذر عمره للكلمات، بقدر ما أحزنني أنني جئت المشرق في الزمن الخطأ.
‏ففي الخمسينات، كان الجزائري يُنسبُ إلى بلد الأمير عبد القادر، وفي الستينات إلى بلد أحمد بن بلّة وجميلة بو حيرد، وبن باديس،
‏وفي السبعينات إلى بلد هواري بومدين والمليون شهيد …
‏واليوم يُنسب العربي إلى مطربيه، إلى الْمُغنِّي الذي يمثله في “ستار أكاديمي”.
‏وقلت لنفسي مازحة، لو عاودت إسرائيل اليوم اجتياح لبنان أو غزو مصر، لَمَا وجدنا أمامنا من سبيل لتعبئة الشباب واستنفار مشاعرهم الوطنية، سوى بث نداءات ورسائل على الفضائيات الغنائية، أن دافعوا عن وطن هيفاء وهبي وإليسا ونانسي عجرم أو مروى وروبي وأخواتهن …. فلا أرى أسماء غير هذه لشحذ الهمم ولمّ الحشود.
‏وليس واللّه في الأمر نكتة. فمنذ أربع سنوات خرج الأسير المصري محمود السواركة من المعتقلات الإسرائيلية، التي قضى فيها اثنتين وعشرين سنة، حتى استحق لقب أقدم أسير مصري، ولم يجد الرجل أحداً في انتظاره من “الجماهير” التي ناضل من أجلها، ولا استحق خبر إطلاق سراحه أكثر من مربّع في جريدة، بينما اضطر مسئولو الأمن في مطار القاهرة إلى تهريب نجم “ستار أكاديمي” محمد عطيّة بعد وقوع جرحى جرّاء تَدَافُع مئات الشبّان والشابّات، الذين ظلُّوا يترددون على المطار مع كل موعد لوصول طائرة من بيروت.
‏في أوطان كانت تُنسب إلى الأبطال، وغَدَت تُنسب إلى الصبيان، قرأنا أنّ محمد خلاوي، الطالب السابق في “ستار أكاديمي”، ظلَّ لأسابيع لا يمشي إلاّ محاطاً بخمسة حراس لا يفارقونه أبداً .. ربما أخذ الولد مأخذ الجد لقب “الزعيم” الذي أطلقه زملاؤه عليه!
‏ولقد تعرّفت إلى الغالية المناضلة الكبيرة جميلة بوحيرد في رحلة بين الجزائر وفرنسا، وكانت تسافر على الدرجة الاقتصادية، مُحمَّلة بما تحمله أُمٌّ من مؤونة غذائية لابنها الوحيد، وشعرت بالخجل، لأن مثلها لا يسافر على الدرجة الأُولى، بينما يفاخر فرخ وُلد لتوّه على بلاتوهات “ستار أكاديمي”، بأنه لا يتنقّل إلاّ بطائرة حكوميّة خاصة، وُضِعَت تحت تصرّفه، لأنه رفع اسم بلده عالياً!
‏هنيئا للأمة العربية
‏هنيئا لأمة رسول الله
‏إنا لله وإنا إليه راجعون..”.
‏فهمت الان ياولدي لماذا قلت لاتكبر؟!
‏فمصرٌ لم تعٌد مصراَ
‏ وتونس لم تعد خضرا
‏وبغدادٌ هي الأٌخرى
‏ تذوق خيانة العسكر.
‏وإن تسأل عن الاقصى
‏ فإن جراحهم اقسى
‏بني صهيون تقتلهم
‏ ومصرٌ تغلق المعبر..
‏وحتى الشام ياولدي
‏ تموت بحسرةٍ اكبر
‏هنالك لوترى حلبا
‏ فحق الطفل قد سٌلِبا
‏وعرِض فتاةُ يٌغتصبا
‏ ونصف الشعب في المهجر.
‏صغيري انني ارجوك
‏ نعم أرجوك لاتكبر
‏—-⁧‫ منقول‬⁩ ——-

سمير عبيد

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات ستار أکادیمی

إقرأ أيضاً:

مخرج فيلم "مين يحضن البحر": مقال الناقد العالمي فيرنود شهادة فنية وإنسانية

أعرب المخرج محمود محمود عن سعادته الكبيرة بتقييم الناقد العالمي كيرك إس. فيرنود لفيلمه المصري “مين يحضن البحر”.

غلاف مجلة تايم الأمريكية يغضب ترامب.. "الأسوأ على الإطلاق"| شاهد فيلم فلسطين 36 ضمن أفلام القائمة القصيرة لجوائز الفيلم الأوروبي ترامب يعلنها بصراحة: لم أفعل شيئا يدخلني الجنة لكنني جعلت حياة الكثيرين أفضل ماجدة زكي تدعم نجلها المخرج أحمد أبو رية في عرض مسرحيته "أسير" “الجونة X زاوية”.. الجونة السينمائي يجدد شراكته مع سينما زاوية للعام الثالث ترامب يحرج رئيس وزراء باكستان.. ما القصة؟ إيناس عز الدين: لا أؤذي نفسي وأعاقبها أحيانًا والإخلاص عندي مقترن بالرحمة موجودة في مصر.. مفاجآت جديدة عن شيرين عبد الوهاب بعد اختفائها بالخارج سوء فهم.. سر شهرة حمدي الوزير بلقب "أشهر متحرش في السينما" حمدي الوزير عن علاقاته العاطفية: حبيت واحدة وطلعت خرساء من ذوي الهمم المخرج محمود محمود: ما كتبه فيرنود ليس نقدًا بل شهادة فنية عالمية وإنسانية 

وقال المخرج محمود محمود: “كلمات كيرك ليست مجرد نقد، بل بحث فلسفي وإنساني عن معنى الفن، وعن الإنسان في مواجهة الغياب"، مضيفًا: “هي شهادة فنية أعتز بها وأعتبرها جزءًا من رحلتي في الدفاع عن السينما المستقلة”.

صناع فيلم مين يحضن البحر

 

تأليف وإخراج: محمود محمود

بطولة: حسين نخلة، شريف صالح، رولا، أحمد إيهاب، يوسف العبيد، أحمد ناصر سيف، مصطفى المليجي، نور العسيلي

مدير التصوير: د. تامر رضوان

تأليف موسيقي ومهندس صوت: مصطفى جويدة

الأغاني: يسرى العسيلي، الشاب ضياء، نور العسيلي، يحيي بيهقي

الأشعار: يسرى العسيلي، محمود عبد السيد العجيب، وأشعار من التراث العربي

الترجمة: أفلام أنيس عبيد

الأفيش: محمد نور

المونتاج: عمرو نبيه (Miro)

المكياج والاستايلست: منه خورشيد

الكاميرا مان: زيد أبو عره

التريلر والشكر الخاص: محمد مبروك

الفوتوغرافيا: يوسف رضوان

الميديا: كلير توفيق

المنتج المنفذ: غادة قطاطه

إنتاج: محمود محمود

من هو المخرج محمود محمود؟

 

محمود محمود هو مخرج وكاتب مصري مستقل، يُعد من أبرز الأصوات الجديدة في السينما العربية المعاصرة.

 

عضو نقابة المهن السينمائية المصرية والأكاديمية الأسترالية للسينما والتلفزيون ومتحف جوائز الأوسكار.

 

شارك في مهرجانات سينمائية دولية في أوروبا وآسيا والعالم العربي كعضو لجنة تحكيم وكصاحب أعمال مستقلة.

 

ويُعرف بأسلوبه البصري الفلسفي الذي يمزج بين الصمت، الذاكرة، والهوية الإنسانية، مركّزًا على العلاقة بين الإنسان والزمن والبحر والغياب.

 

حقق نجاحات وجوائز عالمية من خلال أعمال سابقة منها:

 

"ماجدة" (تأليفًا وإخراجًا) من إنتاج الكاتب سمير النيل

 

“كاستنج فيلم يوسف شاهين” من إنتاج المنتج سامح حلمي

 

يجدر بالذكر أن المخرج محمود محمود يفكر حاليًا في تحويل فيلم “مين يحضن البحر” إلى عمل روائي طويل بعد النجاح النقدي الكبير الذي حققه عالميًا، كما يعمل على مشروعات كوميدية جديدة للسينما والتلفزيون، مؤمنًا بأن الفن الهادف لا ينفصل عن البهجة، وأن الضحك الصادق هو طريق لفهم الإنسان والحياة.

مقالات مشابهة

  • "مترونوم”.. حين يُعيد الزمن عزف الحلم المؤجل
  • وزيرة قطرية في مقال لافت عن غزة: هذا ما فعله الاحتلال بغبائه وعنجهيته
  • كيف ينظر العماني للقراءة؟
  • مخرج فيلم "مين يحضن البحر": مقال الناقد العالمي فيرنود شهادة فنية وإنسانية
  • مقال بمجلة تايم: مارجوري غرين شوكة في خاصرة الحزب الجمهوري
  • الإصلاح الزراعي.. يغتال أحلام الفلاحين؟
  • بحثٌ أكاديمي: خارطة طريق جينومية «من الشعب ولأجل الشعب» لتجاوز هشاشة ما بعد الصراع
  • العلوم والتكنولوجيا تطلق مبادرات تعاون أكاديمي مع وزارة التعليم العالي السورية
  • هكذا يتفوق ستارشيب على أكبر الصواريخ على الإطلاق
  • وفق تصنيف التايمز الدولي لعام 2026.. جامعة حائل تحقق إنجازًا أكاديميًا