حاورتها - مريم البلوشية

تواصل المرأة العمانية تحقيق إنجازات ملحوظة في مختلف المجالات، وتجسد حضورها وتميزها في شتى ميادين العمل، سواء التعليمية أو الصحية أو الرياضية، بما يعكس الدور الفاعل للمرأة في المجتمع العُماني وقدرتها على المساهمة في تطوير القطاعات المختلفة، وقد أصبحت المرأة العُمانية نموذجًا يحتذى به في التفاني والاجتهاد، حيث أثبتت أن حضورها في المجالات المتخصصة والمعقدة، مثل الطب والصحة الرياضية، تحتاج إلى معرفة دقيقة ومهارات متقدمة لمواكبة التطورات الحديثة في هذا المجال.

وفي هذا الإطار، أصبحت الطبيبة أفرح الجابرية، أول طبيبة تنضم إلى دائرة الطب وعلوم الرياضة بوزارة الثقافة والرياضة والشباب مثالاً واضحاً على نجاح المرأة العُمانية في كسر الحواجز المهنية والمساهمة في تطوير المنظومة الصحية والرياضية على حد سواء، منذ انضمامها إلى الدائرة، تبذل الجابرية جهودًا مستمرة لتطوير الخدمات الطبية المقدمة لجميع اللاعبين واللاعبات، مع التركيز على تقديم رعاية شاملة ومتخصصة تواكب احتياجات الرياضيين والرياضيات بمختلف أعمارهم ومستوياتهم، وتسعى من خلال عملها إلى جمع جميع الخدمات تحت سقف واحد. وتجسد تجربة الطبيبة أفرح الجابرية كيف يمكن للمرأة العمانية أن تكون رائدة في مجالات لم تتوفر فيها سابقًا فرص كبيرة للنساء، كما أنها تسلط الضوء على الدور الحيوي للمرأة في تطوير المنظومة الصحية والرياضية، وتفتح المجال أمام شابات أخريات لدخول هذا المجال والمساهمة في تعزيز الرعاية الصحية والرياضية في سلطنة عُمان.

تطوير العمل في الطب الرياضي

وفي هذا الجانب أكدت الطبيبة أفرح الجابرية، أول طبيبة في دائرة الطب وعلوم الرياضة بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، أنها فخورة وسعيدة بتبوئها هذا الموقع المميز، ووصفت المجال بأنه واسع ومتعدد التفرعات، مشيرة إلى أن التحديات التي تواجهها تعتبر محفزات تدفعها لتقديم أفضل ما لديها.

وأوضحت الجابرية أن وجودها في الدائرة ألهمها للبحث عن سبل تطوير العمل في الطب الرياضي، حيث إن هذا التخصص في عُمان كان يركز سابقاً على العلاج الطبيعي والتأهيل، دون تغطية كافة فروعه وتخصصاته، وأضافت أن المركز الحالي بسيط من حيث الإمكانيات، رغم ما يتميز به من خدمات، مؤكدة أن التحدي يكمن في تقديم أفضل الخدمات الممكنة في ظل الإمكانيات المتاحة.

وأضافت أن الدائرة كانت تعتمد سابقاً على أخصائية واحدة للعلاج الطبيعي على مدى السنوات السبع الماضية، وكانت تقدم الخدمات الطبية المتعلقة بالعلاج الطبيعي فقط، وتعمل الدائرة حاليًا على تعزيز الرعاية الصحية للرياضة النسائية، مع زيادة عدد المشاركات النسائية وازدياد البطولات والمنتخبات، وأكدت أن الحاجة لتقديم الرعاية الصحية لهذه البطولات والمنافسات ازدادت بشكل واضح خلال السنوات الماضية، مما ساهم في تطوير الخدمات الصحية للرياضة النسائية في سلطنة عُمان.

الإصابات الرياضية

وحول أنواع الإصابات الشائعة لدى اللاعبين واللاعبات، أوضحت الجابرية أن الإصابات الرياضية تتفاوت من بسيطة إلى متوسطة وشديدة، مشيرة إلى أن أكثر الإصابات شيوعا تشمل تمزق العضلات والتهابات المفاصل والأوتار، وأضافت أن الإصابات الأكثر خطورة، والملاحظة أيضا على مستوى العالم، هي إصابات الركبة خصوصا الرباط الصليبي والتي تتطلب فترة تأهيل طويلة تصل إلى ثمانية أشهر، وأكدت أن عملية التأهيل تتضمن برنامجا محددا يمر به اللاعب عبر مراحل متتابعة، ويجب استكمال جميع المراحل لضمان أن يكون اللاعب مؤهلاً لممارسة الرياضة بأمان.

وبينت الجابرية أن الإصابات تختلف بين اللاعبين حسب الجنس، حيث إن حالات إصابة الرباط الصليبي بين اللاعبات ليست كثيرة، لكنها توجد بعض الإصابات المتعددة مثل الشد وتمزق بسيط والتواء خاصة في منطقة الكاحل، وأكدت أن العديد من اللاعبات يعانين من إصابات في الكاحل، بينما يعاني كثير من اللاعبين من إصابات في الركبة.

خدمات طبية متنوعة

وأشارت الجابرية إلى أن دائرة الطب وعلوم الرياضة تقدم مجموعة متنوعة من الخدمات الطبية المميزة للرياضيين والرياضيات، حيث تضم الدائرة أربعة أقسام رئيسية: العلاج الطبيعي والتأهيل، الرعاية النفسية، مكافحة المنشطات، وقسم الاختبارات والمقاييس، وقسم مكافحة المنشطات يقوم بدور كبير خاصة أثناء الفعاليات والبطولات، مثل البطولات العربية والآسيوية والدولية، حيث يزداد الطلب على فحص المنشطات، أما الرعاية النفسية، فذكرت أن تفعيلها ما زال محدودا، مشيرة إلى أن السبب قد يكون عدم معرفة اللاعبين بوجود هذه الخدمة، أو شعور بعضهم بالخجل من طلب الدعم النفسي، رغم أهميته الكبيرة في تعزيز الصحة النفسية للرياضيين، خصوصا أثناء الإصابات أو بعد التعافي منها، لدعم عودتهم إلى الملاعب. وأضافت الجابرية أن قسم الاختبارات والمقاييس يعتبر من الأقسام المتميزة في الدائرة، حيث يجري تجهيز مختبر حديث يضم أجهزة متطورة لقياس الكفاءة والمرونة وقوة العضلات، بالإضافة إلى اختبارات متعددة لقياس قدرات اللاعبين، خاصة لاعبي النخبة، أما القسم الرابع والأهم، فهو قسم العلاج الطبيعي والتأهيل، الذي يمثل العمود الفقري للخدمات الطبية المقدمة في الدائرة.

مراحل العلاج

أكدت الجابرية أن دور الطبيب في دائرة الطب وعلوم الرياضة يتركز على متابعة اللاعب منذ اللحظة الأولى للإصابة، وأوضحت أن الطبيب يقوم بالتقييم الأولي للإصابة، ويعاين اللاعب بعناية لتحديد طبيعة الإصابة، وفي حال لم يتمكن من الوصول إلى التشخيص النهائي، يتم طلب فحوصات إضافية مثل الأشعة العادية أو الأشعة المغناطيسية أو المقطعية، حسب حاجة الحالة، وأضافت أن بعد الاطلاع على نتائج الفحوصات يتم تقييم الحالة ووضع خطة العلاج المناسبة، سواء كانت علاجات طبيعية، أو برامج تأهيل، أو إذا استدعت الحالة تدخلات جراحية، يتم تحويل اللاعب للطبيب المختص لمتابعة العلاج اللازم.

وأشارت الجابرية إلى أنها لم تكتفِ بالإجراءات التقليدية، بل شعرت بضرورة تطوير الخدمات الطبية المقدمة في الدائرة، بالتعاون مع هشام السناني المدير العام للرعاية والتطوير الرياضي بوزارة الثقافة والرياضة والشباب وتم إنشاء مختبر متكامل لإجراء فحوصات للرياضيين، بما في ذلك الفحوصات السنوية أو فحوصات التقييم قبل المنافسات، وأوضحت أن هذه الفحوصات كانت تُجرى سابقاً في المراكز الصحية الأولية، الأمر الذي كان يسبب ضغطا كبيرا على تلك المراكز، وأحيانا كان يتم تحويل اللاعبين إلى القطاع الخاص، ما يزيد التكاليف ويؤخر الخدمة، ولهذا السبب، تم العمل على توفير جميع الفحوصات والخدمات الطبية في دائرة الطب وعلوم الرياضة، لتقديم خدمة متكاملة وسريعة للاعبين.

وأضافت الجابرية أن الدائرة بدأت أيضا بتقديم خدمة العلاج بالإبر، التي تشمل أنواعا متعددة من العلاجات مثل إبر الكورتيزون، التي تعمل كمسكن مؤقت ومضاد للالتهاب، لكنها لا تعالج المشكلة بشكل دائم، وإبر الزيت الطبي مثل حمض الهيالورونيك، وكذلك إبر البلازما الغنية بعوامل النمو الطبيعية المستخلصة من جسم الإنسان، والتي توفر تعافيًا طبيًا ونفسيًا للاعبين، وأكدت أن هذه المبادرة تأتي ضمن الخطوات الأولى لتطوير خدمات العلاج، مع الحرص على تقديم أفضل رعاية ممكنة ضمن الإمكانيات المحدودة المتاحة في الدائرة.

توسيع الخدمات

أكدت الجابرية أن الهدف من عملها في دائرة الطب وعلوم الرياضة لا يقتصر عليها وحدها، بل يشمل جميع العاملين في هذا المجال، مشيرة إلى ضرورة تطوير منظومة الطب الرياضي بشكل عام في سلطنة عُمان، وأوضحت أنها تتطلع لتوسيع نطاق الخدمات المقدمة، وتشجيع المزيد من الشابات على الانخراط في هذا المجال، رغم قلة عدد الفتيات العاملات في الرعاية الصحية الرياضية حاليا.

وأشارت الجابرية إلى أن بعض العوامل قد تحد من مشاركة الفتيات، مثل طبيعة العمل التي قد تشمل أوقات المنافسات أو الدوام غير الرسمي، مثل الدوام المسائي أو إجازات نهاية الأسبوع، لافتة إلى أن هذا لا يمنع من العمل مع المنتخبات والرياضات النسائية، وأضافت أنها تشجع الطواقم الصحية على أخذ تخصصات رياضية، مؤكدة وجود نقص واضح في مجالات مثل التمريض الرياضي، الصحة النفسية الرياضية، والتغذية الرياضية، وأن هذه التخصصات غير متوفرة بالشكل الكافي في سلطنة عُمان

وأوضحت الجابرية أن الدراسة والتخصصات الرياضية أصبحت أكثر سهولة مع توفر برامج دبلوم وماجستير عن بعد، حيث يمكن حضور الامتحانات فقط أو الدراسة بشكل جزئي حضوري حسب الجامعة والشهادة المطلوبة، كما أشارت إلى أن التخصصات المتاحة حاليا في العلاج الطبيعي محدودة، حيث توجد أخصائية واحدة فقط في هذا المجال، ومع زيادة المنافسات النسائية ووجود المرأة في جميع الألعاب الرياضية، سواء في الاتحادات، اللجان، أو المنتخبات، فإن الحاجة لمقدمي الرعاية الصحية من مختلف التخصصات مثل العلاج الطبيعي، التمريض، الأطباء، الصحة النفسية، والتغذية الرياضية ستزداد بشكل كبير في المستقبل، وأكدت الجابرية أن الهدف النهائي هو توسيع الدائرة لتشمل جميع الخدمات الصحية التي يحتاجها اللاعب تحت سقف واحد، بما يضمن تقديم رعاية متكاملة وفعّالة لكل الرياضيين والرياضيات في سلطنة عُمان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الرعایة الصحیة الخدمات الطبیة العلاج الطبیعی فی هذا المجال فی الدائرة مشیرة إلى وأضافت أن وأکدت أن فی تطویر إلى أن

إقرأ أيضاً:

الهلال الأحمر يحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية تحت شعار «الصحة النفسية في الكوارث والطوارئ»

 احتفل الهلال الأحمر المصري، باليوم العالمي للصحة النفسية، وذلك بحضور نخبة من أساتذة واستشاريي الطب النفسي، وجاء الاحتفال هذا العام تحت شعار "الصحة النفسية في الكوارث والطوارئ"، حيث تم تسليط الضوء على دور الهلال الأحمر في تعزيز الصحة النفسية وتقديم خدمات الإسعاف النفسي الأولي في أوقات الكوارث والأزمات.

قالت الدكتورة آمال إمام، المديرة التنفيذية للهلال الأحمر المصري، إن الهلال الأحمر حاضر دائمًا في الصفوف الأولى للاستجابة للكوارث والأزمات، وترافق فرق الاستجابة أثناء الطوارئ فرق الدعم النفسي، والتي تلعب دورًا بالغ الأهمية في الميدان، إذ تعنى بتضميد "الجراح غير المرئية"، أي الألم النفسي الناتج عن الأزمات من خلال خدمات الإسعاف  النفسي الاولى .

وتطرقت الدكتورة آمال إلى الدور البارز الذي قام به المتطوعون في أزمتي السودان وغزة، مشيرة إلى أن فرق الدعم النفسي كان لها دور كبير ليس فقط للمتضررين من الأزمات و لكنه امتد أيضا إلى دعم المتطوعين والتخفيف من وطأة المواقف الصعبة وقصص الأشخاص الذين قدموا لهم المساعدة. مشيرة إلى أن الحفاظ على الصحة النفسية لم يعد خيارًا، بل أصبح استثمارًا في إنسان متوازن نفسيًا، قادر على العطاء والتعافي، وذلك من خلال منظومة متكاملة من الدعم النفسي الاجتماعي وخدمات الصحة النفسية.

من جانبها، أكدت الدكتورة آية يسري، استشاري الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي بالهلال الأحمر المصري ومديرة إدارة الحالة، أن مهمة الهلال الأحمر خلال الطوارئ تتركز على تقديم خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي كخط دفاع أول، ثم تعزيز المرونة النفسية لتحويل الأفراد المتضررين من مجرد ناجين إلى أفراد قادرين على التكيف، التعافي. وأشارت إلى أن عافية الإنسان لا تكتمل إلا بتوازن نفسي قبل الجسدي.

وفي سياق متصل، صرّح الدكتور أيمن عباس، رئيس الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، بأن الصحة  النفسية تمثل ركيزة أساسية لتحقيق  التنمية المستدامة، وهي أحد سبل تنفيذ رؤية مصر 2023، حيث إن استقرار الفرد نفسيًا يؤدي إلى استقرار الأسرة والمجتمع.

وفي جلسة نقاشية بعنوان "كيفية الحفاظ على الصحة النفسية في أوقات الكوارث والأزمات"، قال الدكتور عبد الناصر عمر، أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس ورئيس مجلس إدارة مستشفى المشفى، إن رفع الوعي بأهمية الصحة النفسية، والتمييز بين العرض والمرض النفسي، ضرورة للحفاظ على صحة الإنسان النفسية، مؤكدًا على أهمية أن يتعلم مقدم الخدمة النفسية مهارات التعاطف وليس العطف .

من جانبها، أشارت الدكتورة منى الرخاوي، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة ورئيسة مؤسسة الرخاوي للتدريب والبحث، إلى أن وعي الإنسان بقوته الذاتية والجماعية يُعد ضروريًا للحفاظ على صحته النفسية.

وأكدت الدكتورة إيمان جابر، نائب رئيس الأمانة العامة للصحة النفسية، على ضرورة التدريب المستمر لتعزيز أهمية الصحة النفسية كجزء أساسي من جودة الحياة.

وفي هذا الصدد، أوضحت الدكتورة دينا علي، مستشارة الصحة النفسية بمنظمة اليونيسف، أن الصحة النفسية لا تعني فقط غياب الاضطرابات، بل تتجلى في قدرة الإنسان على تجاوز التحديات النفسية وطلب الدعم للحفاظ على توازنه، مشيرة إلى أنه لا صحة جسدية سليمة دون صحة نفسية جيدة.

وأشار الدكتور أوسم وصفي، استشاري الطب النفسي، إلى أهمية أن يتعلم الإنسان المهارات الحياتية، وألا يشعر بأنه مضطر لحرق ذاته من أجل إسعاد الآخرين، بل يجب عليه أن يسأل نفسه عن أسباب شعوره بمشاعر معينة ليتمكن من فهم ذاته.

وفي السياق ذاته، أكد الدكتور أحمد سواحل، استشاري الطب النفسي، أن تعزيز الصحة النفسية يبدأ من خلال طرح الموضوع بطرق متنوعة، ونشر الوعي عبر وسائل الإعلام، المدارس، والجامعات، بالإضافة إلى استثمار الحوادث الناتجة عن الاضطرابات النفسية لتوضيح طبيعة المرض النفسي وطرق علاجه. وشدد على أهمية تثقيف الذات، ومراجعة الطبيب عند الشعور بأي أعراض نفسية، حفاظًا على الصحة النفسية العامة.

طباعة شارك الهلال الأحمر الطب النفسي الصحة النفسية الكوارث والطوارئ

مقالات مشابهة

  • «صحة أبوظبي» توحّد خدماتها الصحية الرقمية
  • أفراح الجابرية.. نموذج للتميز النسائي في الصحة الرياضية
  • الصحة العالمية تكثف عمليات تسليم الإمدادات الطبية للمرافق الصحية في غزة
  • برلمانية: مراكز الجراحة الروبوتية خطوة متقدمة نحو مستقبل الطب الذكي في مصر
  • «كنوز الصحة ويواقيت المنحة»: رؤية طبية سبقت عصرها في عهد محمد علي باشا
  • الهلال الأحمر المصري يحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية
  • الهلال الأحمر يحتفل باليوم العالمي للصحة النفسية تحت شعار «الصحة النفسية في الكوارث والطوارئ»
  • بعد وضع خطة شاملة.. إنشاء ملجأ للحيوانات الضالة بقنا
  • مصر تتصدر المشهد الإقليمي كمركز للتميز في جودة الرعاية الصحية