اوعى ترميها.. كيف تساهم قشور الحمضيات في خفض الكوليسترول الضار بالدم؟
تاريخ النشر: 15th, April 2024 GMT
كشفت دراسة حديثة نشرتها مجلة الكيمياء الزراعية والغذائية الأمريكية، الفوائد غير المتوقعة لقشور الحمضيات، أبرزها البرتقال واليوسفي والليمون، إذ أكدت أن تلك القشور تحتوي على مركبات مفيدة في خفض الكوليسترول الضار بالدم، بنسبة تصل إلى 40%.
أبرزت أبحاث علمية منشورة في موقع «Science Daily» عدد من المركبات الموجودة في البرتقال واليوسفي، التي أثبتت فعاليتها في ضبط مستوى الكوليسترول في الدم، منها مركبات الفلافونات متعددة الميثوكسيل PMFs التي تتسم بخصائص مضادة للأكسدة، إذ أكد الباحثون أن الفلافونات يلعب دورًا كبيرًا في تثبيط إنتاج الدهون الثلاثية بالكبد والكولسترول، ما يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ومن المركبات الأخرى التي أثبتت قدرتها على خفض الكوليسترول الضار بالدم وتعزيز صحة القلب، مركب الليمونين الموجود في قشور اليوسفي والبرتقال، إذ أثبتت الدراسات أن الليمونين يلعب دورًا كبيرًا في خفض نسبة الدهون الثلاثية بالدم.
تقول الدكتورة نهلة عبد الوهاب، استشاري التغذية والبكتيريا والمناعة بجامعة القاهرة، إن قشور البرتقال واليوسفي أثبتت فعاليتها بالفعل في التخلص من الكوليسترول الضار في الدم، والمقصود بقشور الحمضيات ليست القشرة الخارجية لها، بل القشرة الداخلية التي تظهر في صورة ألياف بيضاء.
قشور الحمضيات تدعم صحة القلب والشرايينتضيف نهلة، في تصريح لـ«الوطن»، أن الألياف البيضاء الموجود في البرتقال واليوسفي تلعب دورًا كبيرًا في تقليل امتصاص الدهون ما يدعم صحة القلب والشرايين، فضلا عن الحفاظ على نسبة الكوليسترول في الدم، وتابعت: «رغم تلك الفوائد العديدة لقشور الحمضيات، ينبغي على مريض الكوليسترول الالتزام بعلاجه الذي وصفه له الطبيب، حتى لا يُعرض نفسه للخطر».
ونصحت استشاري التغذية والمناعة في نهاية حديثها، بأهمية احتواء النظام الغذائي اليومي على قشور الحمضيات، من خلال إضافتها إلى السلطة أو بشرها على الشوربة أثناء الطبخ.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: أمراض القلب الكوليسترول قشر البرتقال البرتقال الحمضيات الکولیسترول الضار
إقرأ أيضاً:
الإدارة التي تقيس كل شيء.. ولا تُدرك شيئًا
خالد بن حمد الرواحي
حين يصبح القياس هدفًا لا وسيلة أمام لوحةٍ إلكترونية مزدحمة بالأرقام والألوان، يقف مديرٌ يراقب مؤشرات خضراء ونسب إنجاز مرتفعة وتقارير أسبوعية محكمة. كل شيء يبدو متقنًا على الشاشة، فتعلو ابتسامة اطمئنان على وجهه. لكن حين يغادر مكتبه إلى الميدان، يكتشف صورةً أخرى: معاملات متأخرة، موظفين مرهقين، ومراجعين ينتظرون أكثر مما ينبغي. هناك فجوة صامتة بين ما تعرضه المؤشرات وما يعيشه الواقع؛ فجوة تختبئ خلف الأرقام وتُخفي الحقيقة بدلًا من أن تكشفها.
لم تكن المشكلة في الأرقام، بل في الطريقة التي صارت تُستخدم بها. فالمؤشرات التي صُمِّمت لتكون بوصلةً للتطوير تحوّلت تدريجيًا إلى غايةٍ في ذاتها. صار همُّ بعض المؤسسات أن ترفع النسب وتُحسّن الرسوم البيانية، لا أن تُصلح المسار أو تُشخِّص الخلل. وهكذا، تزداد الأشرطة الخضراء بينما تتراكم الشكاوى، وتُكتب تقارير النجاح في الوقت الذي يشعر فيه الناس أن شيئًا لم يتغيّر.
وفي أحد الاجتماعات، عُرض تقريرٌ يوضح أن المؤسسة عقدت خلال شهرٍ واحد 42 اجتماعًا مقارنةً بـ18 في الشهر الذي سبقه، فصفّق الحاضرون. لكن السؤال الذي لم يُطرح كان: ماذا تغيّر بعد كل تلك الاجتماعات؟ فزيادة اللقاءات لا تعني زيادة الفهم، وكثرة المؤشرات لا تعني تحسّن الأداء. ما يُقاس غالبًا ليس النتائج، بل النشاط؛ لا الأثر، بل الجهد المبذول.
السبب في هذا الانفصال بين الصورة الرقمية والواقع العملي أننا نقيس ما هو سهل لا ما هو مهم. فعدد الاجتماعات أسهل من قياس جودة القرار، وعدد المعاملات أسهل من فهم تجربة المستفيد. ولأن الأسهل يتغلب على الأهم، تمتلئ التقارير بالأرقام التي يمكن جمعها بسرعة، لكنها لا تشرح شيئًا عمّا يجري حقًا. إنها أرقام بلا روح؛ تصف النشاط بحماس، لكنها تصمت حين يُسأل عن المعنى والغاية.
ومع مرور الوقت، تنشأ حالة من الرضا الزائف، فيظن المسؤول أن الإنجاز متحقق لأن المؤشرات خضراء، بينما يشعر الموظف والمستفيد أن الواقع لا يتحرك. وهنا تكمن أخطر مشكلة: فالفجوة بين الشعور بالنجاح وتحقيقه فعليًا قد تبتلع أعوامًا من الجهد دون نتيجة، لأننا اكتفينا بقراءة الأرقام دون قراءة الحياة داخلها.
الحل لا يحتاج إلى ثورة في الأنظمة، بل إلى مراجعة في الفهم. فالمؤشرات ليست خصمًا، بل أداة حين تُستخدم بحكمة. المطلوب العودة إلى السؤال الجوهري: ماذا نريد أن نفهم؟ هل نبحث عن زيادة الأرقام أم عن تحسين الواقع؟ حين يكون الهدف واضحًا، يصبح القياس تابعًا له لا متقدمًا عليه.
ولعل الخطوة الأولى تبدأ بتقليل الأرقام لا زيادتها. فبدل عشرات المؤشرات التي تشتت الانتباه، يكفي اختيار خمسة مؤشرات تمسّ جوهر الأداء، مثل رضا المستفيد، ووقت إنجاز الخدمة، وجودة القرار، ومستوى التعاون بين فرق العمل. ومع الوقت، يتحوّل القياس من سباقٍ لملء الجداول إلى ممارسةٍ للتعلّم والتحسين، تُحرّر المؤسسة من عبء الشكل وتعيدها إلى روح العمل.
وفي سياق التحول الرقمي الذي تتبناه «رؤية عُمان 2040»، لا تكفي الشاشات الذكية ما لم تُترجم بياناتها إلى قرارات تُحسّن تجربة المواطن وترفع كفاءة الجهاز الإداري. فالرؤية لا تدعو إلى مزيدٍ من المؤشرات بقدر ما تدعو إلى حوكمةٍ أفضل للبيانات وربطها بما يعيشه الناس، حتى يصبح كل رقم خطوةً ملموسة على طريق التغيير، لا مجرد قيمة تُضاف إلى ملف العرض.
في نهاية المطاف، لا تُقاس المؤسسات بعدد الشرائح في العروض، ولا بكثرة المؤشرات التي تتلوّن بالأخضر، بل بما يتغيّر في حياة الناس. فالأرقام قد تمنح شعورًا بالنجاح، لكنها لا تصنع النجاح ذاته إلا إذا رافقها فهمٌ لما وراءها. وحين نضع الواقع قبل الرسم البياني، ونبحث عن الأثر قبل النسبة، يصبح القياس أداةً للتطوير لا غايةً للتزيين. وعندها فقط، تصبح المؤشرات شاهدةً على التقدم لا ستارًا يخفي هشاشة الإنجاز.