ساحل العاج| سكان في محنة بعد تدمير منازلهم
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
هدمت السلطات في أكبر مدن ساحل العاج، منازل في مناطق منخفضة الدخل بسبب ما تقول إنها مخاوف تتعلق بالصحة العامة تاركة الآلاف دون مأوى ودون مكان يذهبون إليه.
ساحل العاجوسحقت مئات المنازل في فبراير/شباط في موجة من عمليات الهدم استهدفت مناطق متخلفة في أبيدجان، المركز الاقتصادي السريع النمو في البلاد.
وتقول الحكومة إن ذلك بسبب مخاوف تتعلق بالصحة العامة حيث تعاني المناطق الفقيرة ، التي بنيت على طول بحيرة في هذه المدينة الساحلية التي يبلغ عدد سكانها 6.
وقتل أكثر من 300 شخص منذ عام 2005 ويقول مسؤولون إن الوديان أصبحت أرضا خصبة للأمراض التي تنقلها المياه وغيرها.
إن عمليات الهدم في الأحياء ذات الدخل المنخفض ليست بالأمر الجديد في أبيدجان، حيث أدى التوسع الحضري السريع إلى طفرة سكانية ونقص في المساكن، حيث يقيم واحد من كل خمسة إيفواريين تقريبا في المدينة.
إنه تحد في أجزاء كثيرة من إفريقيا حيث دفعت المشاكل الاقتصادية المزيد من الناس إلى المدن بحثا عن فرص أفضل ، مما أدى إلى إجهاد البنية التحتية المنهكة بالفعل.
ومع ذلك، فإن عملية الهدم الأخيرة في أبيدجان - وخاصة في الضواحي الفقيرة في مقاطعتي غيسكو وسيبروكو - هي واحدة من أكبر عمليات الهدم منذ سنوات، حيث تضرر ما يقدر بمئات الآلاف من السكان منذ أن بدأت في أواخر يناير.
وتقول العائلات التي تم إخلاؤها وجماعات حقوق الإنسان إن ذلك يتم هذه المرة دون إشعار مسبق أو تعويض.
ودافعت السلطات المحلية عن عمليات الهدم، وتقول إن عمليات نقل العائلات التي تركت بلا مأوى إلى مناطق أكثر أمانا قد بدأت.
حوالي 35٪ من الإيفواريين فقراء. ويشكل نقص المياه لعنة يومية، حيث يضطر الكثيرون إلى جلب المياه من الجداول لتلبية احتياجاتهم اليومية.
كما اضطرت البلاد إلى مواجهة تحديات أخرى، مثل الهجمات الجهادية التي امتدت إلى الدول الساحلية في غرب أفريقيا، بما في ذلك ساحل العاج.
قال وزير الاتصالات في ساحل العاج، أمادو كوليبالي:"رؤية الحكومة واضحة، هذه الأحياء بحاجة إلى تنظيف".
وادعى في فبراير/شباط أن بعض الذين تم إجلاؤهم في أحياء مثل بوريبانا يتم إعادة توطينهم في ما لا يقل عن 1,000 منزل بنتها الحكومة.
ومع ذلك ، لا تزال العديد من العائلات بلا مأوى ، وتقطعت بهم السبل في عدة أجزاء من المدينة.
قالت الرابطة الإيفوارية لحقوق الإنسان في بيان:" وتنفذ عمليات الهدم "بطريقة وحشية، مما تسبب في عواقب وخيمة على العديد من العائلات الضعيفة بالفعل»، وحثت السلطات على وقف الحملة.
قال يوسف كوليبالي، أحد قادة شباب بوريبانا"إنه تاريخنا كله. لقد ولدت هنا، والداي هنا منذ 40 عاما، لذا فإن بوريبانا مثل قريتنا تخيل للحظة أنه عندما ذهب أطفالنا إلى المدرسة، عندما غادروا (المنزل) لم يكن هناك رجال شرطة، يقولون لأنفسهم إنه في منتصف النهار ، سنعود إلى المنزل لتناول الطعام ، ونأتي لنجد أن أبي ليس هناك ، وأمي ليست هناك ، والمنزل ليس هناك ".
وسط الغضب والاحتجاج من الأشخاص الذين تم إخلاؤهم، طلب رئيس ساحل العاج الحسن واتارا من السلطات المحلية في أبيدجان "إظهار التضامن، للحفاظ على التماسك والسلام الاجتماعي".
ومع ذلك، يقول مسؤولو المدينة إن عمليات الهدم هي جزء من مشروع أوسع لإعادة الإعمار وتوفير المرافق الأساسية في المناطق. ويقولون إنه سيتم تأجير قطع الأراضي لأولئك الذين تم إخلاؤهم لمدة تصل إلى 25 عاما ، مقابل حوالي 16 دولارا في الشهر.
في 8 أبريل/نيسان، أعلنت الحكومة أنها بدأت في تعويض الأسر المتضررة وأن كل منها سيحصل على حوالي 405 دولارات لدعم عملية النقل.
في بلد يبلغ فيه الحد الأدنى للأجور حوالي 121 دولارا في الشهر ، يعتقد البعض أنه لا يكفي لتحمل التكلفة المتزايدة للسكن.
كما أفاد بلموند دوغو، الوزير المسؤول عن الجهود الرامية إلى التخفيف من حدة الفقر"سيتلقى جميع النازحين الدعم اللازم لنقلهم،".
كما أعلنت بلدية يوبوغون، ومعظمها من سكان الطبقة العاملة، عن خطط لمساعدة المتضررين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ساحل العاج عملیات الهدم ساحل العاج فی أبیدجان
إقرأ أيضاً:
كيف تُثقل الضرائب الجديدة كاهل العائلات في أفغانستان؟
كابل- منذ عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في أغسطس/آب 2021، تواجه العائلات الأفغانية تحديات معيشية غير مسبوقة، وتفاقمت التحديات بسبب توقف المساعدات الدولية وتجميد الأصول الأفغانية في البنوك الخارجية.
وفي محاولة لتعويض العجز المالي الذي يواجهه الاقتصاد المحلي، لجأت الحكومة الأفغانية إلى فرض ضرائب جديدة على التجارة الداخلية والخدمات، وزيادة الرسوم الجمركية على السلع المستوردة.
بيد أن هذه السياسات التي تهدف إلى تعزيز الإيرادات المحلية ألقت بظلالها على حياة العائلات الأفغانية، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية وتراجعت القدرة الشرائية للمواطنين الأفغان.
فما مدى تأثير هذه الضرائب على معيشة العائلات الأفغانية؟ وما مقدار الدخل الذي تحتاجه الأسر لتلبية احتياجاتها الأساسية في ظل هذه الظروف؟تعتمد غالبية الأسر الأفغانية في المناطق الحضرية والريفية على دخل محدود يأتي من أعمال يومية مثل التجارة الصغيرة، والعمل الحر، أو وظائف في القطاع الخاص.
وقبل فرض الضرائب الجديدة في عام 2023، كان متوسط دخل الأسرة في مدن مثل كابل وهرات يتراوح بين 10 آلاف و15 ألف أفغاني -وهو اسم العملة المحلية- شهريًا (ما يعادل 100 إلى 150 دولارًا أميركيا بسعر الصرف الحالي). وهذا الدخل كان يكفي بالكاد لتغطية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء، الإيجار، وفواتير الكهرباء في ظل اقتصاد متعثر أصلًا.
ومع تطبيق الضرائب الجديدة التي شملت رسومًا على التجارة الداخلية والخدمات ورفع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة، شهدت الأسواق ارتفاعًا في أسعار السلع الأساسية بنسبة تتراوح بين 20 و30%.
وعلى سبيل المثال:
إعلان ارتفع سعر كيس الطحين (50 كلغم) من 2500 أفغاني في أوائل 2023 إلى3200 أفغاني بنهاية 2024. زاد سعر لتر زيت الطهي من 120 إلى 160 أفغانيا. سجّل الأرز ارتفاعًا من 80 إلى 105 أفغانيات للكيلوغرام الواحد.هذه الزيادات جعلت النفقات الشهرية لعائلة مكونة من 6 أفراد، وهو الحجم المتوسط للأسر الأفغانية، تتراوح بين 18 ألفا و20 ألف أفغاني لتغطية احتياجاتها الأساسية.
وهذا المستوى من النفقات يفوق دخل معظم الأسر، مما دفعها إلى اتخاذ خيارات صعبة مثل تقليص الوجبات الغذائية، بيع الممتلكات، أو الاستدانة.
وفي سوق "مندوي"، أكبر الأسواق التجارية في العاصمة الأفغانية كابل، يروي التاجر نور أحمد معاناته للجزيرة نت: "كنت أحقق مبيعات شهرية بقيمة 50 ألف أفغاني من بيع المواد الغذائية مثل الطحين والأرز، لكن الضرائب الجديدة على الاستيراد زادت تكاليفي بنسبة 25%، فاضطررت لرفع الأسعار. النتيجة؟ انخفض عدد الزبائن إلى النصف، وأصبحت أنا نفسي أواجه صعوبات في تغطية نفقات عائلتي المكونة من 7 أفراد. أحيانًا أضطر للاقتراض لدفع فواتير الكهرباء".
قصة نور أحمد تعكس واقع مئات التجار الذين يعانون من تراجع الطلب في الأسواق. وعلى صعيد المواطنين العاديين، تروي أم زهرة شريف زاده، أرملة تعيل 4 أطفال في حي فقير بكابل، قصتها المؤلمة: "أعمل في خياطة الملابس من المنزل، ودخلي لا يتجاوز 8 آلاف أفغاني شهريًا. مع ارتفاع أسعار الطحين والزيت، لم أعد أستطيع شراء ما يكفي من الطعام. اضطررت إلى إيقاف أطفالي عن المدرسة لأنني لم أعد قادرة على دفع رسوم النقل، وأحيانًا ننام دون عشاء".
في حديثه للجزيرة نت، يوضح أحمد ولي حقمل، المتحدث باسم وزارة المالية الأفغانية، موقف الحكومة الأفغانية: "في ظل توقف المساعدات الدولية وتجميد أصول أفغانستان في الخارج، أصبحت الضرائب الجديدة ضرورة وطنية لتمويل الخدمات العامة، مثل المستشفيات، المدارس، ورواتب الموظفين. نحن ملتزمون بتطبيق هذه الضرائب بطريقة عادلة، حيث أعفينا الشرائح الفقيرة والشركات الصغيرة التي لا تتجاوز إيراداتها 500 ألف أفغاني سنويًا من بعض الرسوم.
إعلانويضيف "نعمل على تطوير نظام ضريبي رقمي لتحسين الشفافية ومنع الفساد، بحيث تذهب الإيرادات مباشرة لخدمة الشعب. هدفنا هو بناء اقتصاد مستدام يقلل من الاعتماد على الخارج، مع ضمان عدم إثقال كاهل المواطنين الأكثر احتياجًا".
ويؤكد حقمل أن الحكومة الأفغانية بدأت مشاريع لتحسين البنية التحتية، مثل إصلاح الطرق في ولايات مثل قندهار وهرات، بهدف تحفيز التجارة وتخفيف الضغط على المواطنين.
ومع ذلك، يرى مواطنون أن هذه المشاريع لا تزال محدودة ولا تعكس تحسنًا ملموسًا في حياتهم اليومية.
خبراء: ضرائب في توقيت غير مناسبيحذر الباحث الاقتصادي الأفغاني عبدالرؤوف حيدري من تبعات الضرائب الجديدة في ظل الوضع الاقتصادي الهش، ويقول في حديثه للجزيرة نت "الضرائب ليست مشكلة في حد ذاتها، لكن توقيتها وطريقة تطبيقها يثيران قلقًا كبيرًا. الاقتصاد الأفغاني يعاني من ركود حاد، حيث انخفض الطلب في الأسواق بنسبة 40% في مدن مثل هرات ومزار شريف، وتراجعت الحوالات الخارجية بنسبة 60% منذ عام 2021 بسبب العقوبات الدولية وتجميد الأصول".
ويضيف "العائلة الأفغانية، التي يبلغ متوسط أفرادها 6 أشخاص، تحتاج إلى دخل شهري يتراوح بين 20 ألفا و25 ألف أفغاني لتغطية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء، الإيجار، والرعاية الصحية، لكن التقديرات تشير إلى أن 70% من الأسر لا تصل إلى هذا المستوى"
ويؤكد أن "فرض ضرائب جديدة في مثل هذه الظروف، دون تقديم خدمات ملموسة مثل تحسين إمدادات الكهرباء أو إعادة تأهيل الطرق، يزيد من الضغط على المواطنين ويُضعف ثقتهم في الحكومة".
ويتابع حيدري "الحل لا يكمن في زيادة الضرائب فقط، بل في ربطها بمشاريع تنموية واضحة. على سبيل المثال، إعادة إعمار القطاع الزراعي، الذي يشكل العمود الفقري للاقتصاد الأفغاني، يمكن أن يوفر فرص عمل ويخفف من ارتفاع أسعار الغذاء. كذلك، تحسين البنية التحتية، مثل الطرق والكهرباء، سيسهل التجارة ويقلل من تكاليف النقل التي تنعكس على الأسعار. بدون هذه الإصلاحات، ستظل الضرائب عبئًا على المواطنين بدلًا من أن تكون أداة لبناء الاقتصاد".
تعكس قصص المواطنين الأفغان حجم المعاناة التي خلفتها الضرائب الجديدة. ويقول فؤاد عزيزي، موظف في شركة خاصة بكابل "راتبي الشهري 12 ألف أفغاني، لكن نفقات عائلتي المكونة من 5 أفراد ارتفعت إلى 16 ألف أفغاني بسبب زيادة أسعار الطعام والوقود. اضطررت إلى الاقتراض من أقاربي لشراء الأدوية لابني المريض، وأحيانًا نضطر إلى تقليص وجباتنا إلى وجبة واحدة يوميًا".
إعلانوتقول أم زهرة شريف زاده هي الأخرى: "كنت أحلم بأن يصبح أطفالي أطباء أو مهندسين، لكن الآن أفكر فقط في كيفية تأمين الطعام. الحياة أصبحت أصعب مما كانت عليه قبل الضرائب".
وتُظهر تقارير الأمم المتحدة أن 42% من الأفغان يعيشون تحت خط الفقر، وأن تراجع المساعدات الإنسانية منذ 2021 زاد من الضغوط على الأسر.
واضطرت العديد من العائلات إلى بيع ممتلكاتها، مثل الأثاث أو الماشية، لتغطية النفقات اليومية، كما أن انخفاض الحوالات الخارجية، التي كانت تشكل مصدر دخل رئيسيًا للأسر، جعل الوضع أكثر تعقيدًا، وفق مراقبين.
ضرورة استعادة الثقةفي ظل شح الموارد وغياب الاعتراف الدولي بحكومة طالبان، تسعى الحكومة الأفغانية إلى تعزيز الإيرادات المحلية من خلال توسيع القاعدة الضريبية. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه السياسات مرهونًا بقدرتها على تحقيق توازن بين جمع الضرائب وتقديم خدمات ملموسة للمواطنين.
وبدون تحسينات في البنية التحتية، مثل توفير الكهرباء المستقرة، إصلاح الطرق، أو دعم القطاعات المنتجة كالزراعة، قد تؤدي الضرائب إلى نتائج عكسية، مثل تعميق الركود الاقتصادي، زيادة معدلات الفقر، وفقدان ثقة المواطنين بالدولة، بحسب مراقبين.