حكم الصوم نيابة عن شخص مات وعليه صيام؟.. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 18th, April 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك مضمونة: "ما حكم الصوم نيابة عمَّن مات وعليه صيام؟".
لترد دار الافتاء موضحة: أنه من المتَّفق عليه بين الفقهاء أنَّ الصوم ركيزة أساسية من ركائز الإسلام؛ حيث وعد الله الصائمين بالأجر العظيم، إلا أنَّه قد يحدث للإنسان عذرٌ شرعيٌّ يمنعه من الصوم، كالمرض والسفر والحيض والنفاس والإغماء، فإذا أفطر الصائم بسبب وجود عذر يغلب على الظن زواله، واستمرَّ هذا العذر حتى مات، فقد اتَّفق الفقهاء على أنَّه لا يصوم عنه أحد، ولا فدية عليه، ولا يلحقه إثم؛ لعدم تقصيره.
وأوضحت دار الإفتاء أنه أمَّا إذا زال العُذر عنه وتمكَّن من صيام ما فاته ولكنه قصَّرَ في ذلك ولم يَصُم حتَّى مات؛ فإنَّ على ورثته أن يُطعموا عنه من ثُلُث الوصايا في تَرِكته عن كل يوم أفطره مسكينًا، إذا كان قد أوصى بذلك، وإلا تكون تبرعًا ممَّن يخرجها عنه.
سؤال أجابته عنه دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الرسمي، حيث يقول سائل: توفيت أمي ولم تكن قد قضت أيام فطرها في رمضان بسبب حيضها في سائر عمرها، وكل أولادها يعلمون هذا، وقد تركت مالًا، فهل نكفر عنها من هذا المال؟ وتكون قراءة الفاتحة أو غيرها من سور القرآن الكريم لكل متوفًى على حدة، أم يمكن إهداؤها للجميع دفعة واحدة؟
ما حكم قضاء الصوم عن المتوفى؟وقالت الإفتاء في بيانها ما حكم قضاء الصوم عن المتوفى؟ : إذا أفطر الصائم بعذر واستمر العذر إلى الموت فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يصام عنه ولا فدية عليه؛ لعدم تقصيره، ولا يلحقه إثم؛ لأنَّه فرض لم يتمكَّن من فعله إلى الموت فسقط حكمه، كالحجِّ.
أمَّا إذا زال العذر وتمكَّن من القضاء ولكنه لم يقضِ حتَّى مات فللفقهاء فيه قولان: فالجمهور من الحنفية والمالكية والجديد من مذهب الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة يرون أنه لا يُصام عنه بعد مماته بل يُطعَم عنه عن كل يوم مدٌّ؛ لأن الصوم لا تدخله النيابة في الحياة، فكذلك بعد الوفاة؛ كالصلاة.
وذهب أصحاب الحديث وجماعة من السلف كطاوس والحسن البصري والزهري وقتادة وأبو ثور، والإمام الشَّافعي في القديم، -وهو معتمد المذهب الشافعي والمختار عند الإمام النَّووي، وقول أبي الخطَّاب من الحنابلة-: إلى أنَّه يجوز لوليِّه أن يصوم عنه، زاد الشَّافعيَّة: ويجزئه ذلك عن الإطعام، وتبرأ به ذمَّة الميِّت، ولا يلزم الوليَّ الصَّومُ بل هو إلى اختياره وإن كان أَولَى من الإطعام؛ لِمَا رواه البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها عن النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ»، ورويا أيضًا من حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ، أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: «لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَدَيْنُ اللهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى».
أما الإمام أحمد والليث وإسحاق وأبو عبيد فقالوا: لا يُصام عن الميت إلا النذر فقط؛ حملًا للعموم في حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها على خصوص حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما الذي بيَّنت رواياتُه أنه صوم نذر.
وأوضحت أن المراد بالولي الذي له أن يصوم عن الميت: القريب مطلَقًا، ويجوز للأجنبي عن الميت أن يصوم عنه بإذن وَلِيِّه.
ما حكم قضاء الصوم عن المتوفى؟قال الإمام النووي في "شرح مسلم": [وهذا القول -يعني جواز قضاء الصوم الواجب عن الميت مطلَقًا- هو الصحيح المختار الذي نعْتَقِدُهُ، وهو الذي صَحَّحَه مُحَقِّقُو أصحَابنا الجامِعون بَين الفقه والحَدِيث؛ لِهذه الأحَادِيث الصَّحِيحَة الصَّرِيحة.
وأمَّا الحَدِيث الوَارِد: «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ أُطْعِمَ عَنْهُ» فَلَيْسَ بِثَابِتٍ، وَلَوْ ثَبَتَ أَمْكَنَ الجَمْعُ بَيْنَهُ وبَينَ هَذِهِ الأحَادِيث بِأَن يُحْمَلَ عَلَى جَوَاز الأمْرَينِ؛ فإِنَّ مَنْ يَقُول بِالصِّيَامِ يَجُوز عِنْده الإِطْعَام، فَثَبَتَ أَنَّ الصَّوَابَ المُتَعَيِّنَ تَجْوِيزُ الصِّيَامِ وتَجْوِيزُ الإِطعام، والوَلِيُّ مُخَيَّرٌ بَيْنهمَا، وَالمُرَاد بِالْوَلِيِّ: الْقَرِيب، سَوَاء كَانَ عَصَبَةً أو وَارِثًا أو غَيْرَهُمَا، وقِيلَ: المُرَاد الوَارِث، وقِيلَ: العَصَبَة، والصَّحِيح الأوَّل، ولو صام عنه أَجْنَبِيٌّ إِنْ كَانَ بِإِذْنِ الوَلِيِّ صَحَّ وإِلَّا فَلا في الأَصَحِّ، وَلا يَجِب عَلَى الوَلِيِّ الصَّوْم عَنْهُ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ] اهـ.
وشددت الإفتاء بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فأنتم مخيرون بين الصيام عن أمكم وبين أن تطعموا عن كل يوم أفطرته ولم تقضِه مسكينًا، ومقداره مدٌّ عند الشافعية، وهو نحو نصف كيلو جرام من بر أو قمح أو تمر أو غير ذلك من قوت أهل البلد، فيمكنكم حساب عدد الأيام وتقسيمها عليكم صومًا أو إطعامًا، ولا مانع من إخراج القيمة في الإطعام.
أما قراءة الفاتحة وهبة ثوابها للميت فلا مانع من كون ذلك لكل ميت واحد على حِدَة أو لعدة أموات مرة واحدة؛ فكل ذلك جائز إن شاء الله تعالى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: عن المیت رضی الله الله عن یصوم عن الله ع کل یوم
إقرأ أيضاً:
آخر وقت للأضحية.. بعد غروب شمس اليوم الثالث عشر من ذي الحجة
اقترب آخر وقت للأضحية في عيد الأضحى المبارك، حيث أن الأضحية مؤقتةٌ بثلاثةِ أيامٍ، هي: يوم النحر، ومعه يومان مِن أيام التشريق الثلاثة، بحيث ينتهي وقتها بغروب شمس اليوم الثاني عشر مِن شهر ذي الحجَّة، وهو مذهب جمهور الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والحنابلة.
وهناك قول آخر لوقت الأضحية، والذي يقول بأن قت الأضحية أربعة أيام، فيستمر مِن يوم النَّحر ويكون آخر وقت للأضحية في آخر أيام التشريق الثلاثة، بحيث ينتهي وقتها بغروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجَّة، وهو ما ذهب إليه الشافعية، واختاره بعض فقهاء الحنابلة، منهم الإمامان أبو الفَرَج الشِّيرَازِي، وابن عَبْدُوس.
ودليلهم على ذلك: ما رواه جُبَيْر بن مُطْعِم رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كُلُّ فِجَاجِ مِنًى مَنْحَرٌ، وَكُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ.. الحديث» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند" واللفظ له، وابن حِبَّان في "الصحيح"، والبَيْهَقِي في "السنن الكبرى".
هل تجزئ الأضحية بعد انتهاء وقتها؟أما إذا انتهى الوقت المشروع للأضحيةِ المسنونةِ قبل نحرها، فجمهور الفقهاء مِن المالكية والشافعية والحنابلة على أنَّها تسقط عنه وتفوته بفوات وقتها؛ إذ الذبح بعد فوات أيام النحر لا يُعد أُضحية، كما أنها لا تُقضَى عندهم؛ لأنها سُنَّةٌ تَعَلَّقَت بوقتٍ محدَّدٍ لا يمكن أداؤها إلا فيه، ولا يمكن قضاؤها إلا في مثله من العام المقبل، ولو انتظر ليقضيها في وقتها التالي مِن العام المقبل فلن تصادف وقتًا خاليًا يسمح بالقضاء؛ لأنها تقع منه حينئذٍ أداءً عن العام الجديد، كمن اعتاد صيام التطوع في أيام مخصوصة كالإثنين والخميس، فلو فاته يومٌ لم يستطع قضاءه دون أن يترك للقضاء أداءَ يومٍ آخَر مثله، فلما تزاحم القضاءُ مع الأداء سَقط قضاء السُّنن التي تفوت مواقيتها كالأضحية؛ لتحقُّقِ الفوات فيها وانقطاع المستدرك.
بينما ذهب الحنفية -تبعًا لوجوب الأضحيةِ عندهم على الموسِر وهو الذي يملك نصابًا من المال تجب فيه الزكاة- إلى أنَّها إن فات وقتها فإنه يجب على المكلَّف إن كان موسرًا أن يتصدَّق بثمنها، سواءٌ أكان قد اشتراها أم لم يشتَرِهَا، أما إذا اشتراها مَن لا تجب عليه ثم فات وقتها من غير أن يضحي بها، فإن عليه أن يتصدق بها حيَّةً إلى الفقراء والمحتاجين دون أن يذبحها؛ لفوات وقت الذبح وقد عيَّنها قُربةً لله، فيتصدق بعينها، وفي كلِّ ذلك لا تكون أضحية، وإنما هي خروجٌ عن عهدة الوجوب، كالجمعة تقضى عند فواتها ظهرًا، والفدية لمن عجز عن الصوم.
أحكام الأضحيةوقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إنه من المقرر شرعًا أن الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام، قال تعالى: ﴿وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ﴾ [الحج: 36]، وهي سُنة مؤكدة في أيام النحر على المختار للفتوى.
فقد ورد عن السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا عَمِلَ آدَمِيٌّ مِنْ عَمَلٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ إِهْرَاقِ الدَّمِ، إِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَشْعَارِهَا وَأَظْلَافِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ مِنَ الْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا» أخرجه الأئمة: الترمذي -واللفظ له- وابن ماجه والبيهقي في "السنن". وفي رواية: «وَإنَّهَا لَتَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أخرجها الإمام الحاكم في "المستدرك" وقال: "حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه".
وأوضحت دار الإفتاء، أن نحر الأضحية مقدَّرٌ ومحدَّدٌ بوقت إجزاءٍ شرعي بحيث لا تقع الأضحيةُ صحيحةً مجزئةً عن صاحبها بالخروج عن هذا الوقت، ولَمَّا كان ابتداءُ وقتها يومَ النحر -على تفصيلٍ في ذلك بين الفقهاء- فقد أجمع الفقهاء على أنه لا يجزئ في الأضاحي ما كان قبل طلوع فجر يوم النحر.