خطيب الجامع الأزهر: لا يمكننا هزيمة أعدائنا دون العودة إلى كتاب الله
تاريخ النشر: 19th, April 2024 GMT
ألقي خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، ودار موضوعها حول "حديث القرآن عن الأمة الإسلامية".
وقال الدكتور الغفير إن الله عزّ وجلَّ فضل الأمة الإسلامية علي جميع الأمم فأرسل إليها خير رسله، وأنزل فيها خير كتبه، وجعلها خاتمة الأمم، قال النبي ﷺ: (نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ، فَاخْتَلَفُوا، فَهَدَانَا اللهُ لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ، فَهَذَا يَوْمُهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ، هَدَانَا اللهُ لَهُ - قَالَ: يَوْمُ الْجُمُعَةِ - فَالْيَوْمَ لَنَا، وَغَدًا لِلْيَهُودِ، وَبَعْدَ غَدٍ لِلنَّصَارَى)، كما ميز الله عزّ وجلَّ هذه الأمة بوسطية الفكر والعقل والمنهج والسلوك، قال تعالي{وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾، أي خياراً عُدولاً، لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول ﷺ شهيداً عليكم.
وأضاف خطيب الجامع الأزهر، أن الله سبحانه وتعالي أعطى لهذه الأمة من المنح والمزايا ما كان يمنح للأنبياء قبل ذلك، كان الله إذا بعث نبياً قال له: "وما جعل عليك في الدين من حرج"، وقال لهذه الأمة: "وما جُعِلَ عليكم في الدين من حرج". كان الله إذا بعث نبياً قال له: "ادعني أستجب لك"، وقال لهذه الأمة: "ادعوني أستجب لكم"، وكان الله إذا بعث نبياً جعله شهيداً علي قومه، وجعل هذه الأمة شهيدة علي جميع الأمم، فأمة الإسلام أكرمها الله عزّ وجلَّ بمزايا ومنح وعطايا إلهية؛ فهي الأمة الوحيدة التي تحفظ كتابها المعظم عن ظهر قلب، وهي الأمة الوحيدة التي أكرمها الله سبحانه وتعالي بصحة الإسناد ومتانة الأنساب، فمن يحفظ القرآن الكريم علي شيخ له سند، فسنده يتصل إلي الله عزّ وجلَّ. ونسبه في كتاب الله يصل إلي صاحب الكتاب نفسه وهذه مزية لا توجد في غيرها من الأمم.
الأمة الإسلامية قد عصمها الله عزّ وجلَّ من عذاب الإستئصال الذي كانت تعذب به الأمم السابقةوبين الدكتور ربيع الغفير، أن الأمة الإسلامية قد عصمها الله عزّ وجلَّ من عذاب الإستئصال الذي كانت تعذب به الأمم السابقة، قال تعالي: ﴿فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾، ورغم أن صدر هذه الأمة قد كفروا بشرع الله، وحاربوا رسولهم وكذبوه؛ بل وآذووه، وما تركوا مسلكاً من مسالك العذاب إلا وسلكوه، وأمعنوا في الجهالة فقالوا: إِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَٰذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. لكن الجواب جاء: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. لا تعذب أمة أرسل إليها رسول الله. فهي أمة مفضلة جعلها الله خير الأمم. قال تعالي: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه﴾ وكان هنا تدل علي الإستمرارية والأبدية، أي أنتم خير أمة أخرجت للناس. فكونوا علي مقدار هذا الإجتباء والإصطفاء الإلهي.
وأوضح الغفير أن الأمة الإسلامية قد تضعف لكنها لا تموت لأنها أمة الحق، والحق هو ميزان الله في الأرض، ويجب علينا أن نقيمه بالعدل والقسط، لأن من مقامات الخيرية التي اتصفت بها هذه الأمة، الإعتصام بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، ونبذ الفرقة والإختلاف، والحفاظ علي شرع الله عزّ وجلَّ، هذه هي مقومات الخيرية قال تعالي: ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس﴾.
وشدد خطيب الجامع الأزهر على ضرورة أن تعود الأمةلمنابع قوتها، الموجودة في كتاب الله وسنة رسوله ﷺ حتي يرفع الله شأنها وقدرها وتسطيع التغلب على عدوها، كما أن عليها العمل على نبذ الفرقة الداخلية والإختلاف، التي فككتها، وجعلتها أمة متناحرة، قال تعالي: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾، وقال ﷺ: (والذي نفسي بيدِه لا تدخلوا الجنَّةَ حتَّى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتَّى تحابُّوا أولا أدلُّكم علَى شيءٍ إذا فعلتُموهُ تحاببتُم أفشوا السَّلامَ بينَكم).
وحث أستاذ اللغويات المسلمين علي الصبر علي الإبتلاءات والفتن فهذه أقدار الله عزّ وجلَّ لهذه الأمة أن تكون مبتلاة بالفتن، وتسلط الصغار والضعاف وذلك حين تنخذل الأمة وتتخلي عن مواطن قوتها الحقيقية وريادتها التاريخية. وظهور الفتن من علامات الساعة. والذي يعصم الأمة الإسلامية من الفتن عند نزولها داخلياً أو خارجياً هو الإعتصام بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، والتآلف والتحاب، والتراحم فيما بينا، والتعوذ من الفتن صباح مساء كما كان النبي ﷺ يتعوذ منها صباح مساء ما ظهر منها وما بطن.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الجامع الأزهر ربيع الغفير خطبة الجمعة جامعة الأزهر الأمة الإسلامية خطیب الجامع الأزهر الأمة الإسلامیة لهذه الأمة قال تعالی هذه الأمة الله عز ان الل ا الله
إقرأ أيضاً:
وكيل الأزهر يفتتح أسبوع الدعوة الإسلامية بجامعة بنها بندوة بعنوان: «لماذا الإيمان أولًا؟»
افتتح الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، اليوم الأحد، فعاليات أسبوع الدعوة الإسلامية بجامعة بنها، تحت عنوان: «لماذا الإيمان أولًا؟»، وذلك في إطار برنامج «الأسابيع الدعوية» بالجامعات المصرية، الذي ينفذه مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر في الجامعات الحكومية والخاصة على مستوى الجمهورية، بحضور كلٍّ من أ.د/ محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، و أ.د/ ناصر الجيزاوي، رئيس جامعة بنها، ود. الدكتور حسن يحيى، الأمين المساعد للجنة العليا لشؤون الدعوة.
في بداية كلمته، قدم وكيل الأزهر التهنئة إلى مصر؛ قيادةً وشعبًا بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، مؤكدًا أن هذه الذكرى ستظل رمزًا للفداء والعزيمة والإرادة الوطنية الصلبة، ومصدرَ إلهامٍ للأجيال المتعاقبة، داعيًا شباب الجامعات إلى استلهام الدروس والعِبَر من هذا الحدث العظيم، والاقتداء بجيل أكتوبر في روح الانتماء والتضحية والعمل الجاد من أجل رفعة الوطن وصون كرامته.
الإيمان هو الأساس الذي يقوم عليه بناء الإنسان والمجتمعوأوضح وكيل الأزهر أن الإيمان هو الأساس الذي يقوم عليه بناء الإنسان والمجتمع، ومنه تنبثق القيم، وتستقيم السلوكيات، وتُبنى الحضارات، مضيفا أن الإيمان ليس مجرد عقيدة تُحفَظ، بل هو طاقةُ حياةٍ تُنير الطريق، وتدفع الإنسان نحو العمل والإصلاح والبذل، كما أنه ليس مجرد اعتقادٍ قلبي، بل هو سلوكٌ عمليٌّ يظهر في أفعال الإنسان وأخلاقه ومعاملاته، فالمؤمن الحق هو الذي يترجم إيمانه إلى عملٍ وإصلاحٍ وبناء، ويسعى إلى الخير لنفسه ولوطنه ولمجتمعه، مجسِّدًا بذلك صورة المسلم الإيجابي الذي يعمّر الحياة بقيمه.
وتابع فضيلته، أن الإيمان الحقيقي يُورِّث في صاحبه الطمأنينة والثقة والاتزان النفسي، لأنه يستمد قوته من اتصال القلب بالله، فيواجه الأزمات بثبات، ويتعامل مع الابتلاءات بحكمةٍ وصبر، ويرى في كل موقفٍ فرصةً للتقرب إلى الله، لا مجالًا للضعف أو الانكسار، مبينا أن من ثمار الإيمان أنه يصنع مجتمعاتٍ متماسكةً قائمةً على المحبة والتكافل والعدل، لأن المؤمن لا يعيش لنفسه وحدها، بل يشعر بمسؤوليته تجاه الآخرين، فينصر المظلوم، ويغيث المحتاج، ويحرص على سلامة مجتمعه واستقراره، مؤكدًا أن الإيمان هو الضمان الحقيقي لتماسك الأوطان ورقيّها.
ودعا وكيل الأزهر الشباب إلى أن يجعلوا إيمانهم زادًا في مواجهة ضغوط الحياة، وأن يستمدوا منه القوة والطمأنينة والثبات، موضحًا أن المؤمن الحق لا تهزّه الأزمات، لأنه متصل بخالقه، مطمئنٌّ بقدره، يرى في كل ابتلاءٍ فرصةً للارتقاء لا موضعًا للانكسار، كما وجه عدة رسائل مباشرة لشباب الجامعة قائلاً: «كونوا دعاةً للخير بأخلاقكم، واصنعوا من إيمانكم طاقةً تبني لا تهدم، وتذكّروا أن الإيمان هو سرّ التوازن في زمنٍ مضطربٍ بالمتغيرات، فبه يصفو القلب، ويستقيم العمل».
وتتواصل فعاليات أسبوع الدعوة الإسلامية بجامعة بنها بعددٍ من الندوات النوعية التي تتناول موضوعات: «الإيمان والهوية»، و«تحديات الإيمان في العصر الرقمي»، و«الإيمان والحياة»، و«الإيمان وتحقيق الأهداف»، وذلك بمشاركة نخبةٍ من علماء الأزهر الشريف وأساتذة الجامعة، ويأتي تنفيذ هذه الأسابيع الدعوية في إطار حرص الأزهر الشريف على مدّ جسور التواصل مع شباب الجامعات، وتحصينهم من الأفكار المنحرفة، وتعميق وعيهم بالقيم الدينية والوطنية، بما يسهم في بناء جيلٍ واعٍ مستنيرٍ يحمل رسالة الوسطية والاعتدال.