مادورو تعليقاً على العقوبات الأمريكية: واشنطن لا تجيد سوى الابتزاز ولن يوقفنا أحد
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
الجديد برس:
أكد الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، أن الحصار والعقوبات لن ينجحا في وقف نمو قطاع النفط والغاز الفنزويلي، وأن فنزويلا ستصبح في غضون 7 سنوات أكبر منتج للطاقة في العالم.
يأتي كلام مادورو على خلفية إعلان وزارة الخارجية الأمريكية، يوم الأربعاء الماضي، أن صلاحية الترخيص العام الذي يسمح لفنزويلا بتصدير النفط أو الغاز ينتهي الخميس (انتهى أمس الأول الموافق 18 أبريل)، بزعم عدم تطبيق فنزويلا الإلتزامات المتعلقة بالانتخابات، والتي نصت عليها اتفاقية خارطة الطريق الانتخابية التي وقعها ممثلو مادورو والمعارضة في أكتوبر 2023.
ودان مادورو المافيا التي تسعى إلى “التحالف مع الأعداء التاريخيين للوطن لضرب فنزويلا اقتصادياً وإعادتها إلى أسوأ الأوقات في بداية الحرب الاقتصادية”.
وقال مادورو إن صناعة النفط في فنزويلا اليوم تنمو بجهودها الخاصة وبشجاعتها بطريقة مستدامة ومكتفية ذاتياً، مضيفاً: “نحن نعمل على زيادة القدرة على التخطيط والقدرة التشغيلية والتكنولوجية والقدرة المالية”.
وأكد مادورو أنه “لن يكون هناك حصار أو عقوبات أو تراخيص من شأنها أن توقف نمو قطاع النفط والغاز والبتروكيماويات الفنزويلية”، معتبراً أن الولايات المتحدة نفذت تهديدها، وأن الابتزاز هو الشيء الوحيد الذي يعرفون كيف ينفذون من خلاله أكاذيبهم”.
وأعلن مادورو أنه في إطار مكافحة الحصار، سيتم في أبريل الجاري توقيع 20 عقد تحالف استراتيجي مع 20 مستثمراً جديداً جميعهم دوليون، سيعملون على إنتاج النفط والغاز في فنزويلا، موضحاً: “لسنا بحاجة إلى ترخيص استعماري من الأمريكيين. سوف ننمو بالاعتماد على أنفسنا”.
وقال مادورو متوجهاً إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن: “إنكم تلحقون بأنفسكم ضرراً مضاعفاً، لأن فنزويلا ستستمر في طريقها، ولن يوقفنا أحد في الاستقرار الاقتصادي، وفي النمو الاقتصادي، وفي انتعاش دولة الرفاهية، وفي تنمية بلدنا.. بجهودنا الخاصة، لن يتمكن أحد من إيقافنا”.
وأكد الرئيس الفنزويلي أن “الشيء الوحيد الذي فعلته الولايات المتحدة هو إصدار الترخيص رقم 44 لأنشطة النفط والغاز. وقد قاموا بإيقافه بعد 24 ساعة لأنه كان عديم الفائدة، وأصبح قمامة للبلاد. هذه هي الحقيقة”.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت حظراً نفطياً على فنزويلا في العام 2019، وتزامن هذا الإجراء، وهو جزء من مجموعة من العقوبات، مع اللحظة الأكثر حدة في الأزمة الاقتصادية في البلاد.
ومنذ ذلك الحين، منح البيت الأبيض تراخيص محددة لبعض الشركات للعمل في البلاد، ومنها شركة “شيفرون” العملاقة. وفي أكتوبر 2023، رفع الحظر جزئياً.
وقال رئيس شركة النفط الفنزويلية ووزير النفط بيدرو تيليشيا: “نحن جاهزون ومستعدون لمواصلة التقدم مع جميع الشركات متعددة الجنسيات التي ترغب في القدوم”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: النفط والغاز
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: لجنة وطنية لمواجهة الضغوط الأمريكية
عادت العلاقات السودانية الأمريكية إلى واجهة التوتر، بعد إعلان واشنطن فرض عقوبات جديدة على السودان، استنادًا إلى اتهامات باستخدام الجيش السوداني أسلحة كيميائية خلال الحرب ضد مليشيا الدعم السريع. غير أن التوقيت والسياق السياسي يفرضان قراءة مغايرة، تكشف عن تحوّل نوعي في طريقة تعامل السودان مع الضغوط الأمريكية، بالنظر لتجارب سابقة.
في خطوة وصفها مراقبون بـ”الذكية”، أصدر رئيس مجلس السيادة السوداني قرارًا بتشكيل لجنة وطنية للتحقيق في المزاعم الأمريكية، تضم وزارات الخارجية والدفاع، وجهاز المخابرات العامة. هذه الخطوة تعكس جدية الدولة في تناول الملف، وتحمل أبعادًا قانونية ودبلوماسية مهمة، حيث تؤكد التزام السودان بالاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية. كما أنها تبعث برسالة واضحة: السودان دولة مؤسسات، ترفض الإملاءات والتجريم المسبق.
كانت الولايات المتحدة قد أعلنت أن العقوبات ستدخل حيّز التنفيذ في يونيو المقبل، وتشمل قيودًا على الصادرات وخطوط الائتمان الحكومية. ورغم أن الأثر الاقتصادي لهذه العقوبات يبدو محدودًا بسبب ضعف العلاقات التجارية بين البلدين، إلا أن توقيتها السياسي يثير التساؤلات. فقد تزامن إعلان العقوبات مع تقدم ميداني كبير أحرزه الجيش السوداني، ما دفع بعض المراقبين إلى الربط بين القرار الأمريكي والواقع العسكري، واعتبار العقوبات محاولة لإعادة ترتيب موازين القوى وفرض بيئة تفاوضية لا تعكس الوقائع على الأرض، بل تعبر عن رغبات خارجية تمثل مصالح داعمي المليشيا الإقليميين.
في هذا السياق، تبدو السياسة الأمريكية تجاه السودان وكأنها لا تزال رهينة لكتاب قديم يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، تُعيد قرأته كلما تعثرت رهاناتها على التحولات المحلية. فمنذ سقوط نظام البشير عام 2019، انخرطت واشنطن في محاولات متعددة لإعادة تشكيل المشهد السياسي السوداني، بدءً بدعم البعثة الأممية بقيادة فولكر بيرتس، ومرورًا بمحاولات فرض “دستور المحامين” بصيغته المستوردة، وانتهاءً بالاتفاق الإطاري الذي وُلد ميتًا بعد أن اصطدم بواقع سوداني معقد ومتشابك. ومع فشل هذه الأدوات “الناعمة”، انتقلت الإدارة الأمريكية إلى أدوات أكثر خشونة، من خلال دعم غير مباشر لتحركات مليشيا الدعم السريع التي انقلبت على السلطة في أبريل 2023 وأدخلت البلاد في أتون الحرب.
هذه القراءة تكشف عن محاولة لإعادة هندسة موازين القوى، وفرض مناخ تفاوضي جديد يستند إلى ضغوط خارجية تُستخدم فيها قضايا الحقوق كسلاح سياسي. تدرك الولايات المتحدة أن انتصار الجيش سيُضعف من نفوذها في البلاد، ويوسّع هامش مناورة الخرطوم، ما قد يدفع السودان نحو تقارب أكبر مع شركاء دوليين كروسيا أو الصين، وهو ما لا يخدم مشروع الهيمنة الغربية في المنطقة.
وفي هذا السياق، أعلنت الخارجية الأمريكية فرض قيود على الصادرات وخطوط الائتمان الحكومية، تدخل حيز التنفيذ في يونيو 2025، في محاولة لضبط المسار السياسي مجددًا، بعد فشل الرهان على المليشيا. اللافت أن هذا الدعم غير المباشر للمليشيا ينسجم أيضًا مع أجندات بعض الحلفاء الإقليميين، خصوصًا الإمارات، التي ترى في هذه القوات أداة تخدم مشروعها في السودان و القرن الإفريقي، وهي سياسات أثارت انتقادات حتى داخل الولايات المتحدة نفسها، كما عبّرت عن ذلك السيناتور سارة جاكوبس التي حذّرت من تواطؤ واشنطن مع أبوظبي، مؤكدة أن السياسات الأمريكية تُضلّل الرأي العام ولا تعكس قيمًا أخلاقية حقيقية (رويترز).
العقوبات الأمريكية على السودان ليست جديدة، بل امتداد لسلسلة بدأت منذ عام 1993، وأدت إلى عزله اقتصاديًا وتكنولوجيًا، دون أن تحقق أهدافها السياسية. بل إنها أضرت بالمواطن ودفعته للتعامل مع دول بديلة كالصين. وفي هذا الإطار، وصفت الحكومة السودانية عبر الناطق الرسمي خالد الإعيسر الاتهامات الأمريكية بحسب “سونا” بأنها “ابتزاز سياسي” و”تزييف للحقائق”، مشيرة إلى تشابه هذه المزاعم مع سيناريوهات قديمة، كقصف مصنع الشفاء في عام 1998.
وفي سياق تعزيز موقفها الأخلاقي والقانوني ، عمدت الحكومة إلى تقديم نفسها كقوة منضبطة في سلوكها العسكري، إذ قامت الفرقة الثالثة شندي، قبل يومين، بتسليم 66 طفلًا جندتهم مليشيا الدعم السريع إلى أسرهم، عبر المجلس القومي لرعاية الطفولة، بحضور ممثلين من مؤسسات حكومية وعدلية. وقد مثّل هذا الحدث ردًّا عمليًا على الاتهامات، وفارقًا جوهريًا في طبيعة السلوك القتالي بين الجيش و المليشيا المتمردة.
ومن منظور # وجه_ الحقيقة ، فإن تعامل السودان مع الأزمة الراهنة يُظهر تحوّلًا تدريجيًا من الاستجابة الانفعالية إلى إدارة متأنية للأزمات، في توازن بين الدفاع السياسي والاحتواء الدبلوماسي، دون التفريط في السيادة أو السقوط في فخ العزلة. ومع أن الولايات المتحدة ما تزال تملك أوراق ضغط، فإن السودان اليوم أكثر وعيًا بتاريخ هذه الضغوط، وأكثر استعدادًا لصياغة مسارات بديلة تحترم قراره الوطني. ويبقى السؤال المفتوح: هل تنجح الخرطوم في تجاوز هذه العقوبات؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ملامح المرحلة القادمة في السودان.
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
السبت 31 مايو 2025م Shglawi55@gmail.com