خطّة 2030 الروسية: المُسيّرات قِبلة الحروب الحديثة
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
دخلت الحرب الروسية- الأوكرانية مع بداية العام الجديد مرحلة أخرى على مستوى التسليح، وبالأخص في مجال صناعة المسيرات، حيث وضعت روسيا خطّة من أجل إنتاج أكثر من 32 ألف مسيرة سنويا بحلول عام 2030، باعتبار هذا السلاح "حصانا رابحا" في كل الحروب المستقبلية الحديثة حول العالم.
الغرب يتحسّس خطرَ المسيرات
فقد أعربت صحيفة "نيويورك تايمز" قبل أيام، عن اعتقادها بأنّ الدبابات والمدرعات الغربية "باهظة الثمن"، تبدو ضعيفة ولا تُظهر فعالية بمواجهة المسيرات الروسية "رخيصة التكلفة".
أمّا المتخصص في الشؤون الدفاعية بمعهد هدسون الأمريكي للدراسات، كان كاسابوغلو، فاعتبر أنّ تدمير واحدة من أقوى الدبابات في العالم (Abrams) بواسطة تفجير مسيّرة بات أمرا ممكنا، بل أكثر سهولة مما كان يفترض بعض الخبراء العسكريين الأمريكيين. وهذا بدوره يشير، بحسب كاسابوغلو، إلى "حدوث تغيّر جوهريّ في طبيعة الحرب الحديثة".
وفي السابق، غالبا ما كانت الألغام والعبوات الناسفة والصواريخ والقذائف الموجهة تستخدم ضد الدبابات، وذلك بنسبة 90 في المئة، ولكن الواقع الحالي يشير إلى أنّ المسيرات باتت أكثر دقة! ويمكن أن تكلف المسيّرة ما يصل إلى نحو ألف دولار أمريكي، وهو مبلغ بخس جدا مقارنة بثمن دبابة أمريكية من نوع "أبرامز" التي تبلغ قيمتها 10 ملايين دولار.
خطّة 2030 الروسية
وبدأت الطائرات الروسية تثير اهتمام المراقبين الغربيينيأتي التوجه الروسي الجديد، ضمن استراتيجية ضمان السيطرة على مهمات الاستطلاع والتجسس والرصد والاستهداف، كما تخطط موسكو من خلال ذلك، ليحتلّ إنتاجها المحلي لتلك المسيّرات بنسبة 70 في المئة، وهو ما هذا يزيد عن حجم الإنتاج الحالي بنحو 3 أضعاف تقريبا، خصوصا مع إعلان روسيا عن خطة 2030 للتحوّل إلى المصدر الأول لهذا النوع من المسيرات في العالم.
وقال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، إنّ المسيرات الروسية "لانسيت"، قد أحدثت "ثورة" خلال الصراع في أوكرانيا، مؤكدا أنّ موسكو لم تسلم حتى الآن مثل هذه الطائرات المسيرة لأيّ أحد، بينما أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أنّه سيتم إنشاء مركزَ أبحاث وإنتاج للمسيرات والأنظمة الروبوتية الحديثة، يتّبع مباشرة لوزارة الدفاع الروسية.
وعشية هذا التصريح، قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان قبل أيام، إنّ الوزير شويغو تفقد خطّ إنتاج المسيرات في منطقة موسكو العسكرية، وأنّ هذا المركز سيكون بمنزلة "رابط موحد" لمختلف المؤسسات والمختبرات ومكاتب التصميم المشاركة في تطوير وإنتاج المسيرات والأسلحة المتقدمة، كاشفة أنّ كل المسيرات التي عُرضت على شويغو خلال زيارته المركز، منتجة من مواد وقطع روسية محلية.. وهو ما سيسمح لموسكو بـ"الانتقال إلى الإنتاج التجاري لهذه المسيرات في أقصر وقت ممكن".
ونوهت الشركة المنتجة التي زارها شويغو، باستعدادها لإنتاج أكثر من 30 قطعة من المسيرات المروحية شهريا، وكذلك مسيّرات أخرى تتراوح حمولتها بين 10 و200 كلغم من المتفجرات، وتتمتع بقدرة عالية في مجال مكافحة التشويش لقنوات التحكم ونقل البيانات.
استراتيجية السيطرة والتحكم
ويأتي التوجه الروسي الجديد، ضمن استراتيجية ضمان السيطرة على مهمات الاستطلاع والتجسس والرصد والاستهداف، كما تخطط موسكو من خلال ذلك، ليحتلّ إنتاجها المحلي لتلك المسيّرات بنسبة 70 في المئة، وهو ما هذا يزيد عن حجم الإنتاج الحالي بنحو 3 أضعاف تقريبا.
ويشمل المشروع الروسي تمويل إنتاج المسيرات بميزانية، يقدّرها الخبراء بنحو 8 مليارات دولار، بحلول العام 2030. وهذا ما يزيد من قدرة روسيا على مراقبة وحماية كل حدودها الشاسعة مع جيرانها، لا سيما دول حلف شمالي الأطلسي (الناتو)، التي يصل طولها إلى 2600 كيلومتر، من دون نفقات عسكرية ودوريات جوية واسعة.
بذلك، سوف يضمن الجيش الروسي الفوز بكل الجولات التي خاضها أو يستعد لها من أجل مواجهة الهجمات الغربية. أي أنّ الاهتمام الروسي سيكون في الفترة المقبلة منصبا على التصدي للمخاطر المقبلة في ظل وجود العديد من بؤر التوتر والعداء الواسع مع دول حلف "الناتو"، وحتى مع الدول التي كانت تنتهج الحياد في صراع موسكو والغرب مثل السويد وفنلندا.
روسيا: الأكثر استعدادا لريادة هذه الصناعة
أمّا أسباب لجوء روسيا إلى إنتاج هذا العدد الضخم من المسيرات فيعود إلى العوامل التالية:
- اعتماد روسيا على المسيّرات الخفيفة، وحاملات الذخائر الجوالة لأنّها تمنح الجيش المزيد من الحرية والسهولة في الاستهداف، بتكلفة تراوح بين 20 و50 ألف دولار للمسيّرة الواحدة.
- التوسع في "توطين" صناعة المسيرات، هو ردّ روسي منطقيّ وطبيعيّ على فرض الولايات المتحدة عقوبات على نحو 10 شركات روسية تمدّ القوات المسلحة الروسية بالمسيرات، وعلى 120 كيانا في كلّ الصين وتركيا ودول أخرى، بتهمة توريد مكونات تدخل في صناعة المسيّرات الروسية، وهو ما يحفز موسكو على الاعتماد على ذاتها في امتلاك زمام إنتاج هذا السلاح الرابح زهيد التكلفة، مقارنة بفعاليته.
- القوة التي أظهرتها المسيرات الروسية، ودورها في التصدي للدبابات الغربية المتطورة، مثل "تشالنجر" و"ليوبارد" و"أبرامز"، جعلت تدمير كل الأسلحة الغربية التي يقاتل بها الجيش الأوكراني على خطوط المواجهة أمرا سهلا.
- الطبيعة الجغرافية والجوية لدول الشمال في العالم (روسيا ضمنا)، حيث الشتاء قارس البرودة، تفرض أهمية المسيرات في ظل حالة الجمود على خطوط القتال بأوقات كثيرة، وذلك لصعوبة تحرك الآليات العسكرية الثقيلة، من دبابات ومجنزرات وناقلات جند.
إذا، على مدى ما يزيد على سنتين، استطاعت روسيا أن تحقق نجاحات كبيرة بفضل هذا السلاح الفتاك، الذي أصبح الجيش الروسي يستخدمه بشكل كثيف في العمليات القتالية في أوكرانيا، وذلك في سابقة جديدة حول العالم، خصوصا ضدّ الخنادق والتمركزات المخفية للجيش الأوكراني وأرتال الدبابات.. ما جعل سلاح المسيرات سلاحا واعدا قد ينقل روسيا إلى مصاف "الريادة" في صناعة وتصدير هذا السلاح، الذي سيزيد الطلب عليه في ظلّ عالم متعدّد النزاعات ومتفجّر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المسيرات روسيا الطائرات الأسلحة روسيا أسلحة طائرات مسيرات صحافة من هنا وهناك سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المسیرات فی رات الروسیة هذا السلاح المسی رات وهو ما
إقرأ أيضاً:
فورين بوليسي: الطائرات المسيرة تغير شكل الحروب في جنوب آسيا
قال تقرير نشرته مجلة فورين بوليسي الأميركية إن المواجهة العسكرية الأخيرة بين الهند وباكستان شهدت استخدام الطائرات المسيرة لأول مرة في صراع مباشر بين الدولتين، مما يمثل تحولا خطيرا في طبيعة الحرب وآلياتها.
وذكر كاتب التقرير المراسل جون هالتيوانغر أنه من المتوقع أن يكون للمسيّرات دور كبير في أي صراعات مستقبلية بجنوب آسيا، في حين اقتصر دورها سابقا على الاستطلاع وغيره من المهام العسكرية المحدودة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2باحثة سياسية: هناك محاولة لدمج الحوثيين سياسيا وإضفاء الشرعية عليهمlist 2 of 2صحف عالمية: جولة ترامب الإقليمية لم تقدم جديدا لحل أزمة غزةend of listويعود استخدام المسيّرات في الصراع الحالي -وفق التقرير- إلى تكلفتها المنخفضة نسبيا وقدرتها على ضرب الأهداف بدقة، وإلحاق ضرر نسبي بالأهداف يكفي لإيصال رسائل سياسية أوقات التوتر دون تصعيد القتال إلى حرب شاملة.
ويأتي التقرير -وفق المراسل- في وقت يزداد فيه استخدام المسيّرات عالميا بعد أن كانت الولايات المتحدة أكبر مستخدم لها في حربها على ما يسمى الإرهاب.
واستخدمت الهند مسيّرات إسرائيلية، في حين استخدمت باكستان مسيّرات تركية وصينية، وفق التقرير.
كثرة الاستخداموقالت رابعة أختر، الزميلة الزائرة في مشروع إدارة الذرة في مركز بلفر التابع لكلية كينيدي بجامعة هارفارد، للمجلة إن استخدام المسيّرات يعد تطورا نوعيا في طبيعة الحروب جنوبي آسيا، ويجعل طائرات الكاميكازي بالتحديد سلاحا أساسيا في النزاع.
إعلانوذكر التقرير أن التفاصيل بشأن أنواع الأسلحة المستخدمة لا تزال غير واضحة، لكن كلا الجانبين استخدم بالفعل طائرات انتحارية، وهو نوع شائع حاليا في الحرب الروسية الأوكرانية.
وأضاف التقرير أن الهند ركزت على ضرب البنية التحتية للمليشيات باستخدام ضربات دقيقة، في حين اعتمدت باكستان على أنظمة أرخص وأكثر مرونة لمعادلة التفوق العسكري الهندي.
وأوضح التقرير أن النزاع القصير بين الهند وباكستان أثبت أن الطائرات المسيّرة باتت أداة رئيسية في الحروب المعاصرة، وقد زادت دقة قوة البلاد الدفاعية وأربكت الدفاعات الجوية.
وذكر أن الاعتماد الكثيف على الطائرات المسيّرة ساعد في منع تحول النزاع إلى حرب شاملة، كونها أداة انتقام سريعة ومنخفضة التكلفة مقارنة بالأسلحة التقليدية.
فعالة ولكن خطيرةبدورها، قالت الباحثة البارزة والمحللة العسكرية من مركز الأمن الأميركي الجديد ستايسي بيتيجون إن تدمير المسيّرات لن يؤدي إلى نفس ردة الفعل التي قد تنتج عن إسقاط طائرة حربية، مما يرجح استخدام المسيّرات في النزاعات محدودة النطاق.
لكن التقرير حذر من أن النظر إلى الطائرات المسيّرة باعتبارها وسيلة رد ذات تهديد منخفض قد يكون سلاحا ذا حدين، وقد يؤدي إلى حسابات خاطئة وتصعيد غير مقصود.
وفي هذا الصدد، أكدت أختر أن الطائرات المسيّرة تقلل عتبة استخدام القوة ولكن تزيد خطر النزاع، خاصة في غياب قنوات اتصال دبلوماسية فعالة لمنع التصعيد في جنوب آسيا.
وذكر التقرير أن تحول المسيّرات من أدوات تكتيكية إلى أدوات إستراتيجية يشير إلى أن مستقبل النزاعات في جنوب آسيا سيعتمد أكثر على التكنولوجيا.
وحذر التقرير من أن الاستهانة بتداعيات استخدام الطائرات المسيّرة قد يزيد هشاشة الوضع الأمني بين قوتين نوويتين متنافرتين.