لماذا لا يتحدث العالم عن مجاعة غزة بدلا من مواجهة إيران للاحتلال الإسرائيلي؟
تاريخ النشر: 24th, April 2024 GMT
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا، للأستاذ في كلية الدراسات العليا للصحافة بجامعة كولومبيا، هوارد فرينتش، قال فيه إن النزاع بين إيران ودولة الاحتلال الإسرائيلي يجب ألا تصرف أنظارنا عن المجاعة في غزة.
وأوضح فرينتش، أن "الأكثر إثارة للدهشة، هو عدد الصور القليلة للمواطنين الفلسطينيين الذي يعانون وتم حصارهم في هذه القطعة الصغيرة من الأرض.
واستفسر: "أين هي صورة الأطفال الجياع، والصور التي تظهر أثار الجوع أو "كواشيوركور"، والأشكال الأخرى لتدمير أشكال الطعام؟".
وتابع فرينتش، المقال نفسه، متذكّرا طفولته وتشكّل وعيه السياسي من الرحلات خارج حدود الولايات المتحدة، أولا إلى مونتريال المتحدثة بالفرنسية ثم رحلته إلى أوروبا وقراءته حول جنوب أفريقيا والتمييز العنصري بها.
واسترسل أنه في عام 1968 قرأ عناوين الأخبار في الصحف التي تباع في كشك السجائر عن موت 3,000 طفل في نيجيريا، ليس بسبب الحرب بل الجوع. وعرف النزاع في حينه بحرف بيافارا على اسم الإقليم الذي طالب بالانفصال عن نيجيريا.
ويتذكر الكاتب، كيف قدّم الإعلام الغربي صورة حية عن المعاناة والأطفال الذي حولهم الجوع إلى هياكل عظمية وعظام بارزة وبطون منتفخة. وعرف الجميع المصطلح لهذه الحالة الطبية: كواشيوركور. مؤكدا: "كانت هذه هي النتيجة البشعة لحرب بيافارا وسكان الإقليم الذين كانوا يحاول النجاة على أي شيء يحتوي على البروتين".
"بالنسبة للمحظوظين عاشوا على حفنة من الأرز أو طبخ الآباء أوراق الشجر من أجل توفير ما يقيهم من الجوع حتى الموت" يضيف الكاتب، مشيرا إلى أنه فهم لاحقا أن الجوع ليس نتيجة عرضية لهذه الحرب. بل تم خبزه في كل ملامح النزاع بين طرفي حرب يتسمان بالقسوة. وأكثر من هذا، فقد كشفت حصيلة القتلى في جنوب- غرب نيجيريا بسبب المجاعة في ذلك الصيف عن سياسة لاعبين خارجيين، وأكثرهم من الدول الغربية، والتي عادة ما نختصرها بمصطلح مزيج سيء "المجتمع الدولي".
وأردف بأن ساسة نيجيريا حاولوا آنذاك التبرير بطريقة بشعة للدور الذي لعبه الجوع في ذلك الصيف بإقليم بيافارا. وقال نائب رئيس المجلس الفدرالي النيجيري، سعيدي أوبافيمي أولو: "كل شيء كان حربا عادلة، والتجويع هو سلاح من أسلحة الحرب، ولا أجد سببا في إطعام أعدائنا حتى السمنة، لكي يقاتلونا من جديد".
وأبرز الكاتب، أن قواعد الحرب تعود إلى ميثاق جنيف في عام 1949، وكلها منعت أو ضيقت استخدام التجويع كسلاح في الحرب. وعقد الوضع أكثر هو رفض أودميغون أوجوكوا، زعيم الانفصاليين فتح ممر لنقل المساعدات الإنسانية إلى الإقليم المنفصل.
وأكد أن السبب كان هو أنه لم يكن هناك مجالا لانتصار أعدائه حالة انتشر الجوع وزاد الضغط الدولي، حيث سيقبلون بتسوية سياسية لا يستطيع الحصول عليها في ساحة المعركة. وكان دور المجتمع الدولي في أزمة نيجيريا عام 1968 غامضا ومثيرا للاشمئزاز. وجاء هذا في عنوان لصحيفة "لوس أنجليس تايمز" "أسلحة لنيجيريا وطعام لبيافارا"، في إشارة للدعم العسكري البريطاني الذي لم يتوقف إلى نيجيريا.
وتابع: "ذلك أن بريطانيا، الدولة المستعمرة السابقة حافظت في نيجيريا وهي أكبر دولة أفريقية من ناحية عدد السكان على مصالح اقتصادية وسياسية. أما بقية الدول الأوروبية الأخرى، وبالتحديد فرنسا فقد كانت راغبة في تقوية حضورها بأفريقيا من خلال مساعدة تفكيك أكبر دولة ناطقة بالإنجليزية في القارة الأفريقية؛ وكذا البرتغال التي كانت لا تزال متمسكة باستعمارها في وقت دعمت فيه نيجيريا حركات مقاومة الاستعمار، ولهذا دعمت البرتغال انفصال بيافارا".
وأضاف: "في الوقت الذي قوت فيه بريطانيا من الحكومة الفدرالية عبر شحنات الأسلحة إلا أنها أرضت ضميرها عبر شحنات قليلة من المساعدات الإنسانية. وفي مقال رأي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" في تموز/ يوليو ذلك العام قدم فيه أنطوني لويس صورة عن التناقض هذا: "في عالم متحجر على لاإنسانية الإنسانية، يجب النظر إلى ما يجري في نيجيريا على أنه بدون معنى وقاس. وهو شهادة واحدة على شراسة المشاعر العنصرية والقبلية، هنا أفارقة وفي حالات أخرى أوروبيون لا يعنون شيئا لمن هم في الخارج".
ويقول فرينتش، إن "ذكريات بيافارا التي نسيها العالم خارج غرب أفريقيا شغلته في الأسابيع الماضية، وهذا بسبب الكارثة البشرية والإنسانية التي تعرضت لها غزة؛ ولم يشعر العالم بالمجاعة التي يعاني منها سكان القطاع البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة إلا أمس، على ما يبدو"، متابعا: "أقول أخيرا، لأن تحذيرات عديدة كانت موجودة حول كارثة المجاعة، على الأقل من نهاية العام الماضي، حيث لم يفعل الإعلام الدولي إلا القليل لكي يشرح كيف عاش الفلسطينيون ووفروا الطعام لأنفسهم. وبخاصة في ظل القيود التي وضعتها دولة الاحتلال الإسرائيلي على قوافل الإغاثة الإنسانية ومنذ المراحل الأولى".
وأوضح بأن غضب العالم للحظة على مقتل سبعة من عمال المطبخ المركزي العالمي بغارة للاحتلال الإسرائيلي، وهم جزء صغير من 200 عامل إغاثة قتلوا منذ بداية الحرب. وقد نجحت دولة الاحتلال الإسرائيلي بالحد من وصول الصحافة المستقلة لغزة كتلك التي لفتت انتباه العالم لرعب بيافارا قبل 55 عاما، حتى في ظل الفضائيات التي تبث على مدار الساعة والصور المحدثة المحملة على منصات التواصل الاجتماعي.
ويرى الكاتب أن مجاعة غزة ظللت بحكاية أخرى وطغت عليها قصة أخرى، ليس زيادة في عمليات الإغاثة، لكن أزمة الصواريخ الإيرانية- الإسرائيلية. وبالنسبة للكاتب، فإن البيانات والتقارير الصارخة عن المسيرات الإيرانية التي جاءت ردا على تدمير قنصليتها في دمشق، حولت الغزيين، الذين يدفعون ثمن الحرب، إلى بيدق في نزاع طويل يدور بين الطرفين.
وأبرز أنه رغم صعوبة فهم الدوافع أثناء الحرب، إلا أن توقيت رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي للضربة على القنصلية كان هدفه حرف النظر عن الكارثة في غزة. وهناك كل الإشارات أن دولة الاحتلال الإسرائيلي خسرت معركة الرأي العام وأن نتنياهو يطيل أمد الحرب حتى لا يخسر منصبه بانتخابات جديدة. وهو ما يفسر توقيت نتنياهو للضربة على دمشق وبدون إعلام واشنطن بالضربة على أمل توريط الولايات المتحدة في حرب مباشرة مع طهران.
وأشار إلى أن هناك الكثير من التقارير والأعمدة التي ستكتب في الصحف عن مثلث العداء الأمريكي- الإسرائيلي- الإيراني، وإذا كان الناس يموتون جوعا في غزة، فهذه هي القصة الأهم ولا عذر للإعلام ووسائل الإعلام العالمية حرف النظر عنها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية إيران غزة إيران امريكا غزة المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة دولة الاحتلال الإسرائیلی
إقرأ أيضاً:
لماذا تعدُّ مواجهة «سان جيرمان» وتوتنهام على السوبر الأوروبي تاريخية؟!
معتز الشامي (أبوظبي)
رغم أن باريس سان جيرمان وتوتنهام هوتسبير يشاركان بانتظام في دوري أبطال أوروبا، إلا أنهما لم يلتقيا قط في أي بطولة رسمية حتى الآن، حيث ستُمثل مباراة الفريقين القادمة مواجهة قارية تاريخية ومرتقبة بين العملاقين الأوروبيين.
وستُقام بطولة كأس السوبر الأوروبي 2025 مساء اليوم الأربعاء، على ملعب فريولي بمدينة أوديني الإيطالية، وفي هذه النسخة، يتنافس باريس سان جيرمان، بطل دوري أبطال أوروبا، وتوتنهام، بطل الدوري الأوروبي، على اللقب القاري في مباراة افتتاح الموسم الأوروبي.
وكان اللقاء الوحيد بينهما في مباراة ودية ضمن كأس الأبطال الدولية عام 2017، حيث حقق توتنهام فوزاً بنتيجة 4-2. ورغم أن هذا الفوز رمزي، فإنه لا يؤثر على المنافسة الرسمية، ما يجعل مواجهة كأس السوبر الأوروبي الكبرى أول لقاء تنافسي بينهما على الإطلاق.
لكن ماذا تعني هذه المباراة لكلا المدربين؟ بالنسبة لتوماس فرانك، مدرب توتنهام، ستكون هذه أول نهائي أوروبي كبير للمدرب الدنماركي منذ وصوله قادماً من برينتفورد.
ويعد توتنهام ثامن فريق إنجليزي يشارك في كأس السوبر الأوروبي، ستة من الفرق السبعة السابقة فازت بأول ظهور لها في النهائي، باستثناء أرسنال، الذي خسر بنتيجة 2-0 في مجموع المباراتين أمام ميلان عام 1995، وفي المقابل، يسعى لويس إنريكي إلى لقبه الثاني في كأس السوبر كمدرب، بعد أن فاز به سابقاً مع برشلونة عام 2015، وفي الوقت نفسه، يسعى باريس سان جيرمان إلى تعويض خسارته في هذه البطولة، حيث لم يفز بها منذ خسارته أمام يوفنتوس عام 1996، وفاز أبطال دوري أبطال أوروبا في الموسم السابق بـ 11 من آخر 12 نسخة من كأس السوبر الأوروبي، باستثناء فوز أتلتيكو مدريد 4-2 على ريال مدريد في عام 2018.