ليبيا – أعتقد مؤسس سوق المال الليبية وأستاذ التمويل بجامعة نوتنغهام ترنت ببريطانيا سليمان الشحومي،أن الإنفاق الحكومي في ليبيا منفلت وفي حاجة إلى رقابة.

الشحومي وفي حديث خاص لموقع “اندبندنت عربية”، قال إن تعديل سعر الصرف حالياً ليس من صلاحيات المصرف المركزي،وتبعاته صعبة جداً على المواطنين.

ورأى أن الاقتصاد الليبي ضعيف البنية والهيكل على نحو واسع، حتى مع تحسن الإيرادات وانتظامها إلى حد كبير من خلال مبيعات النفط والغاز، يبقى الإنفاق منفلتاً عند حكومتي الشرق والغرب، وهو إنفاق بلا موازنة أو مستهدفات خاضعة للرقابة.

وأضاف:” أن مصرف ليبيا المركزي واقع تحت ضغوط واسعة لتلبية الطلب على الإنفاق، سواء من جانب حكومة طرابلس المعترف بها دولياً وصاحبة الحق في الإنفاق من الإيرادات النفطية أو حتى حكومة الشرق التي ترتب للإنفاق عبر الاستدانة التي تجرى عبر آليات المصرف المركزي”.

وأشار الشحومي إلى أن المصرف يعاني في الأساس مشكلة بنيوية وهيكلية، وهو فاقد للقدرة على العمل وفق القانون بسبب عدم وجود مجلس إدارة فاعل بسلطاته وصلاحياته مسندة إلى مجلس الإدارة، وعلى رأس هذه الصلاحيات تعديل سعر صرف الدينار الليبي.

ووقف الشحومي موقفاً مناهضاً من القرار الأخير المتعلق بفرض ضريبة على مبيعات النقد الأجنبي في ليبيا،قائلا:” إن هذه المسألة جاءت بناء على اقتراح من مصرف ليبيا المركزي الذي وضع جملة من المقترحات التي تمكنه من تسييل الإنفاق الذي يعتقد أنه سيكون هذا العام أكثر تضخماً من السنوات السابقة، وأن الإيرادات لن تكفي كل طلبات الإنفاق، ولكن يبدو أن المصرف المركزي يسير في طريق يغرد فيه منفرداً، إذ كان يتعين عليه أن يلتفت إلى أن مثل هذه الضريبة تصطدم بمسألة قانونية رصينة للغاية، ألا وهي عدم أحقيته في فرض ضريبة أو رسوم على مبيعات النقد الأجنبي إلا من خلال قرار حكومي، والحكومة في المقابل ترفض هذا التصرف”

وأكد أن مصرف ليبيا المركزي واقع تحت ضغوط واسعة لتلبية الطلب على الإنفاق.

وأعتقد الشحومي، أن المصرف المركزي في ليبيا فاقد في الأساس للقدرة على تعديل سعر الصرف لأنه بلا مجلس إدارة ولا يمتلك لجاناً للسياسات النقدية والاستثمار حتى يتمكن من دراسة الأمر وإصدار قراره وفقاً للقانون، بالتالي لجأ إلى خيار استثنائي من طريق مجلس النواب ورئيس المجلس عقيلة صالح، الذي يعتقد أنه نجح في إقناعه بأن هذا الأمر سيمكن مصرف ليبيا المركزي من توفير التمويل المناسب والملائم للإنفاق على الحكومتين، وربما أكثر تحديداً في الإنفاق على الحكومة في المنطقة الشرقية باعتبارها حكومة بلا موارد.

وأقر المتخصص الاقتصادي، بالانعكاسات الصعبة لقرار فرض ضريبة الـ27 في المئة على مبيعات النقد الدولي، بخاصة على المستوى المعيشي وارتفاعات في معدلات التضخم ومستويات الأسعار، وانخفاض المقدرة الشرائية لدى المواطنين، الذين هم يعانون بالأساس مع وجود الوضع السابق،مضيفاً  “بينما كان مصرف ليبيا المركزي يستهدف عبر هذا القرار توفير العملة الأجنبية لطالبيها، إلا أنه لا يزال يفرض قيوداً كبيرة على مبيعات الدولار، بالتالي ربما هو نقل سعر الصرف في السوق الموازية التي تدار عبر كثير من المتعاملين في النقد الأجنبي إلى مستويات أعلى، ولم يتمكن حتى من الحفاظ على سعر الصرف الذي رفعه عبر هذه الضريبة، وأصبحنا نرى ارتفاعات متتابعة في سعر الصرف، ومستويات جديدة، ولم يتمكن أيضاً من توفير العرض الملائم للطلب المتزايد على الدولار، بخاصة مع شراهة الإنفاق والاستيراد الضخم في ليبيا”.

وصرح بوجود شبكة عالمية لتهريب الوقود في ليبيا ،منوها إلى أن ملف الدعم في حاجة إلى معالجة عميقة.

وعرج الشحومي في حديثه إلى قضية رفع الدعم عن المحروقات،ورأى أنه ملف قديم في ليبيا ويجرى طرحه من حين لآخر لما يسببه من إشكالية كبيرة تتعلق بارتفاع مخصصات الدعم والتسرب غير المنضبط في توزيع المحروقات، لافتاً إلى أن فروق أسعار الوقود في ليبيا ودول الجوار شاسعة للغاية، وهي فروق تغري أي شخص أو مجموعة لديهم القدرات الإدارية أو التنفيذية أو بقوة السلاح المنفلت على تهريبه، والاستفادة من الوفورات الهائلة من فارق الأسعار.

كما أكد الشحومي، وجود شبكة عالمية كبيرة جداً تدير بيع المحروقات في ليبيا،معتبرا أن ملف دعم المحروقات في حاجة إلى معالجة جذرية، ووضع إطار مناسب وسياسات واحدة على مدى معين، موضحاً وجود كثير من الخيارات المطروحة وعلى رأسها الاستبدال الكمي أو تخصيص كميات لاستهلاك الأفراد، لدعم قدرتهم على شراء الوقود، إضافة أيضاً إلى الدعم النقدي، ولكن هذا الأمر لم يحسم فيه الجدل حتى الآن، ولم تستطع أي حكومة المضي في هذا الملف، باعتبار أنه لا توجد في البلاد حكومة موحدة قادرة على اتخاذ مثل هذه القرارات،مردفا:”في تقديري الأمر في حاجة إلى معالجة شاملة في إطار من الموازنة العامة، وقوانين تصدر من البرلمان تضمن العدالة والشفافية في هذه المعالجة العميقة التي قد تسبب كثيراً من التصدعات في المستقبل، لكنها في حاجة إلى إدارة فاعلة وربما وجود جهة تشرف على مشروع التحويل أو الانتقال من الدعم بصورته الحالية إلى الدعم الأكثر انضباطاً وتنظيماً في البلاد”.

وتناول مؤسس سوق المال الليبية، في حديثه ملف الخصخصة للشركات العامة في ليبيا، ويرى أن هذا المشروع في حاجة أولاً إلى مقومات ومؤسسات تعمل بكفاءة ونظام رقابي منظم، وسوق مال نشطة وفعالة.

وأردف:””في ليبيا، لا تزال سوق المال متعثرة وغير فعالة، وإن عادت، أخيراً، للتداول عودة رمزية، ولا يوجد مشروع للخصخصة واضح المعالم ولا يمكن ذلك الآن في ظل هذا الانقسام والتخبط الإداري وتخبط المشروع الاقتصادي في ليبيا، وعدم وضوح الاستراتيجيات على مستوى الدولة، بالتالي أي مشروع حالي للخصخصة هو انتهاز للفرص، فلا يمكن القيام به في الوقت الحالي”.

وعن تراجع سعر الدينار الليبي أمام الدولار الأميركي، واستشراء نشاط السوق الموازية في البلاد، أعتقد أستاذ التمويل بجامعة نوتنغهام ترنت ببريطانيا أن وجود السوق السوداء في ليبيا أمر طبيعي، في وجود عارض واحد للنقد الأجنبي هو مصرف ليبيا المركزي، إذ ليس هناك عوائد دولارية أخرى بديلة لعوائد النقط، سواء كانت من الصادرات الزراعية أو تحويلات من العاملين بالخارج، وأمام العرض المحدود للدولار هناك طلب واسع بسبب الأوضاع الهشة وعدم الثقة في النظام الاقتصادي الليبي.

وختم الشحومي قائلاً: “كثير من الليبيين يبحثون عن تخزين القيمة عبر استبدالها بالدولار الأكثر استقراراً وضماناً وتخوفاً من انهيار الدينار الليبي أو تعرضه لأي تبعات سلبية، بالتالي يجرى التحوط بالذهب أو بالعملة الأجنبية، وعليه فإن السوق السوداء للدولار ستستمر في ليبيا طالما ظلت الأوضاع بهذه الصورة، بخاصة في ظل غياب سياسات متسقة على المستوى التجاري أو النقدي أو حتى المستوى المالي، بحيث يجرى ضبط الاستيراد والتصدير وإدارة النقد الأجنبي بصورة مناسبة عبر المصارف والمؤسسات النقدية في ليبيا، والاقتصاد الليبي في حاجة إلى عملية تنظيم شاملة، يكون لها انعكاساتها على المواطن أو النظام النقدي أو النظام المالي”.

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: مصرف لیبیا المرکزی المصرف المرکزی النقد الأجنبی فی حاجة إلى على مبیعات سعر الصرف فی لیبیا إلى أن

إقرأ أيضاً:

استقرار مؤشر التضخم المفضل لدى البنك الفيدرالي خلال أبريل

استقر مقياس التضخم المفضل لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، دون تغيير على الصعيد السنوي في أبريل الماضي، لكنه تباطأ على الصعيد الشهري خلافًا للتوقعات، مما يدعم احتمالات بدء التيسير النقدي خلال العام الجاري.

وأظهرت بيانات مكتب التحليلات الاقتصادية التابع لوزارة التجارة، التي صدرت اليوم الجمعة، استقرار المعدل السنوي لتضخم أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي عن نمو بنسبة 2.7% في أبريل، لكنه يعد مرتفعًا مقارنة بقراءتي يناير وفبراير عند 2.5% لكل منهما، وفقًا لرويترز.

كما استقر نظيره الأساسي الذي يستبعد عناصر الغذاء والطاقة المتقلبة، عند 2.8% للشهر الثالث على التوالي.

وعلى صعيد التغيرات الشهرية، ارتفع المؤشر العام للأسعار بنسبة 0.3%، بعد زيادته بنفس الوتيرة في مارس وفبراير، في حين تباطأ نظيره الأساسي الذي يتابعه الفيدرالي عن كثب، إلى زيادة نسبتها 0.2% بدلًا من 0.3% في الشهرين السابقين، ومقابل توقعات استقراره عند نفس الوتيرة.

وأدى انخفاض الإنفاق على السلع بنسبة 0.4% في أبريل، مقابل زيادة الإنفاق على الخدمات 0.1%، إلى تراجع وتيرة الزيادة الشهرية في الأسعار الحقيقية للإنفاق الشخصي.

وأوضحت البيانات، ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي الشخصي المقوم بالأسعار الجارية بنسبة 0.2%، أو ما يعادل 39.1 مليار دولار على أساس شهري في أبريل، وكان هذا الارتفاع مدفوعًا بزيادة التعويضات، ومتحصلات الدخل الشخصي من الأصول، والمزايا الاجتماعية المقدمة من الحكومة للأفراد.

كما ساهمت الزيادة في الإنفاق على الخدمات، التي بلغت 49.1 مليار دولار الشهر الماضي، في رفع الإنفاق الاستهلاكي الشخصي، ورغم تقلّص أثرها بشكل جزئي؛ نتيجة تراجع الإنفاق على السلع بمقدار 10 مليارات دولار.

مقالات مشابهة

  • استقرار معدل البطالة في الأردن عند 21.4% في الربع الأول
  • أكثر من 7 مليارات دولار.. مؤسسة النفط تكشف عن تحويلاتها إلى المصرف المركزي خلال 2024
  • أمانة عمان: حوافز تشجيعية للحصول على التقاعد
  • الشحومي: سحب إصدارَيِ الـ50 ديناراً بشكل كامل من السوق سيتطلب بعض الوقت وقد تُمدد فترة تداولها
  • 25 % ارتفاعا في الإيرادات العامة للدولة.. والدين العام ينخفض 2.3 مليار ريال
  • "خطة النواب": 62% من الإنفاق العام يذهب لسداد الديون
  • عزة مصطفى بعد غلاء سعر العيش المدعم: "لازم يكون في رقابة صارمة"
  • الشحومي: القطاع المصرفي يعاني من اهتزازات عنيفة ومتلاحقة تهدد استقرار النظام المصرفيّ
  • استقرار مؤشر التضخم المفضل لدى البنك الفيدرالي خلال أبريل
  • ورشة عمل لـ«الطيران» لمناقشة آليات ترشيد الإنفاق الحكومي